ترجمة وتحرير: نون بوست
بإمكانك أن تعرف عندما يتم التخطيط للانتخابات في الضفة الغربية المحتلة.
هذه هي المرة الخامسة خلال الخمسة عشر عاما، التي تتم فيها محاولة إجراء الانتخابات في كل أنحاء فلسطين منذ أن أجريت في عام 2006 عندما فاجأت حماس الجميع، بما في ذلك نفسها، بتحقيق فوز ساحق. ولكن يبدو أن الرئيس محمود عباس جاد هذه المرة فعلا في إجراء الانتخابات.
كيف للمرء أن يعرف؟ لأن قوات الأمن الوقائي التابعة له والقوات الإسرائيلية تقوم معا بإلقاء القبض على كل من يعارض مرشحيهم. يقول نادي الأسير الفلسطيني إن 456 مدنيا ألقي القبض عليهم في شهر يناير/ كانون الثاني في الضفة الغربية، ويقول إنه في ليلة واحدة في شهر فبراير/ شباط ألقي القبض على واحد وثلاثين فلسطينيا.
تصعيد خطير
لا تميز الاعتقالات بين فئة وأخرى، فقد استهدفت جميع الفصائل – حتى تلك التي لم تنشأ بعد. لم تلبث القوات الإسرائيلية على مدى ما يزيد عن سنة تستهدف المئات من الشباب، نساء ورجالا، ممن ينتمون إلى شبكة يسارية تنشط في المجالين الاجتماعي والسياسي.
يواجه هؤلاء تهما مثل “النشاط الإرهابي” و “زيارة دولة عدو” أو حتى ما هو أكثر غموضا، مثل “التواصل مع عملاء أجانب”. إلا أن التحقيق معهم لا يدع مجالا للشك حول السبب الحقيقي الذي من أجله تم توقيفهم. تستخدم قوات الاحتلال الاعتقال والتعذيب أدوات لوقف الشبكة قبل أن تتمكن من النمو. وصدرت تهديدات لعناصر حماس في الضفة الغربية بأنهم سيلحقون بهم لو تجرؤوا على ترشيح أنفسهم للانتخابات.
في الأسبوع الماضي ألقي القبض على خالد الحاج، أحد قادة حماس في جنين، الذي كان قد أيد ما أصدره الرئيس محمود عباس من مراسيم انتخابية. وتعرض عضو آخر في حماس للضرب المبرح، رغم أنه خضع مؤخرا لعملية جراحية للعلاج من السرطان.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال وصفي قبها، الوزير السابق من حماس؛ “إننا نواجه تصعيدا خطيرا جدا، وليس فقط من قبل الاحتلال، ولكن أيضا من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. والهدف من حملة الاعتقالات هو ترهيب وتخويف وترويع أعضاء الحركة، وكذلك من يتعاطف مع حماس. إن الهدف من الاعتقالات هو التأثير على الانتخابات، وهناك آخرون كثيرون ممن تهددهم القوات الإسرائيلية بالاعتقال إذا ما رشحوا أنفسهم أو شاركوا في الانتخابات”.
وأضاف قبها: “انهالت أجهزة الأمن الفلسطينية بالضرب المبرح على عبد الناصر الرابي، بالرغم من أنه يعاني من السرطان وأجريت له عملية جراحية قبل وقت قصير. من المؤسف أن أجهزة الأمن الفلسطينية تقوم بإكمال المهمة مع من لا تتمكن إسرائيل من اعتقالهم”.
ليست الاعتقالات المسيسة بالأمر الجديد في الضفة الغربية، إلا أن ما يبعث على دهشة البعض أن قيادة حماس في غزة ما تزال ماضية في خطة إجراء الانتخابات بغض النظر عما يحدث في الضفة الغربية.
انقسام في حماس
والسؤال المثير للاهتمام هو: لماذا على مدى ثلاث جولات من المفاوضات مع فتح في بيروت وأنقرة، كانت قيادة حماس تصر على إجراء جميع الانتخابات الثلاثة بالتزامن للمجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ ذلك لأنهم لم يثقوا بأن محمود عباس سيفي بوعده بعد أن يكون قد أعيد انتخابه رئيسا.
كما أصرت حماس على أن تنهي السلطة الفلسطينية تعاونها الأمني مع إسرائيل، وأن توقف حملة الاعتقالات في الضفة الغربية. استجاب عباس لذلك فترة من الزمن، ثم ما لبث أن تخلى عن تلك الاستراتيجية عندما بدا واضحا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن دونالد ترامب سوف يغادر البيت الأبيض. فشلت حماس في جولة المفاوضات التالية التي عقدت في القاهرة في الحصول على أي من المطلبين.
سجل الفصيلان الآخران، الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تحفظاتهما، وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي أنها لن تشارك في الانتخابات، بينما ظلت حماس على موقفها.
يزعم مؤيدو الصفقة التي أبرمت مع فتح، بأن حماس حصلت على ضمانات بأن ثمانية وثلاثين ألف موظف في غزة لن يحصلوا فقط على رواتبهم من السلطة الفلسطينية، بل سيحصلون أيضا على وظائف دائمة. ويزعمون أن محكمة انتخابات جديدة سوف يتم تشكيلها لتجنب المحكمة الدستورية شديدة الانحياز التي كان عباس قد أنشأها. ويزعمون أيضاً بأن حماس سوف تضمن تعاون المجتمع الدولي، بما في ذلك تجديد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. ويزعمون أيضا أن لا أحد بإمكانه أن يجرم المقاومة.
أما معارضو الصفقة، فيقولون إن كل هذه الوعود مجرد تمنيات، ويشيرون إلى أن قضية الموظفين، التي تعود إلى ما لا يقل عن عقد من الزمن، وضعت على الرف إلى ما بعد إجراء الانتخابات، ولم يعلن عباس عن تشكيل محكمة انتخابات جديدة، وحتى فيما لو تم تشكيلها فلن تتمكن من تجاوز المحكمة الدستورية القائمة، التي تبقى أعلى سلطة قانونية في الضفة الغربية. وأخيرا، يقولون إن فتح لا تملك صلاحيات تؤهلها لأن تضمن الاعتراف الدولي بحركة حماس، التي ما تزال مصنفة منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
من الواضح أن قيادة حماس العليا منقسمة على نفسها؛ فحماس في غزة محاصرة، ولا يبدو أنها قادرة على الفكاك من معسكر الاعتقال الذي تحولت إليه غزة ما بعد انتخابات عام 2006، والمحاولة الانقلابية التي قام بها القيادي في حركة فتح محمد دحلان، والخلاف مع فتح. ويبدو أنهم سئموا من تحميلهم المسؤولية عن الحصار المستمر ويتحرقون لإيجاد مخرج من هذه المعضلة. كما أن المال يوشك على النفاد، إذ لم تعد إيران تمولهم كما كانت تفعل من قبل، وهناك مؤشرات على أن داعمين أجانب يدفعون بهم للارتماء في أحضان فتح.
إلا أن السخط يتنامى تجاه عمليات القمع التي تمارس ضد عناصر حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية في الضفة الغربية. ورغم وجود حالة من التعاطف مع الأوضاع التي يواجهونها داخل غزة، إلا أن قيادة حماس التي توجد حاليا بشكل كامل داخل القطاع، سوف تواجه ضغطا متزايدا لكي تنسحب من الانتخابات التي سوف تخسرها حماس لا محالة.
لا يتوقع أحد عودة نتائج انتخابات عام 2006.
من نماذج ردود الأفعال التي تواجهها القيادة في غزة، تلك الرسالة المسربة لواحد من أبرز قادة حماس في السجون الإسرائيلية، إبراهيم حامد، الذي كان واحدا من قادة الجناح العسكري للحركة في الضفة الغربية في أثناء الانتفاضة الثانية، وصدرت بحقه أقسى عقوبة حيث حكم عليه بالسجن أربعة وخمسين مؤبدا. وكان إبراهيم حامد قد وصف في رسالته قرار المكتب السياسي بالمشاركة في الانتخابات بالمتعجل.
وقال؛ إن قرار المشاركة في الانتخابات اتخذ بمعزل عن مجلس الشورى، الكيان المحافظ الذي ينتخب المكتب السياسي لحركة حماس، وبدون المعرفة الكاملة لحركة الأسرى بالأمر. وأضاف إبراهيم حامد أن المشاركة في الانتخابات تحقق لعباس غايته من تجديد شرعيته، بينما تنزع عن حماس شرعيتها.
ويرى إبراهيم حامد أن حماس تواجه سيناريو الخسارة المحتّمة في كل الأحوال: فهي لو كسبت الانتخابات ما الذي سيمنع تكرار سيناريو عام 2006، الذي تمخض عنه فرض حصار على غزة والخلاف مع فتح؟ وفيما لو خسرت الانتخابات، فهل ستسلم حماس الإدارة وصواريخها لفتح في غزة؟
وحتى لو حافظ عباس على عهوده وشكّل حكومة فلسطينية وطنية ممثلة للشعب، وسُمح لحماس بالعودة إلى المجلس التشريعي وبدخول منظمة التحرير، فما الذي سيمنع إسرائيل من اعتقال أعضاء البرلمان الممثلين للحركة كما تفعل الآن؟
ستعطي يد ما تأخذه الأخرى، ولكن النتيجة ستكون واحدة.
مشاكل فتح
ليس حال فتح بأفضل من حال حماس؛ فسعي عباس لتجديد ولايته واستعادة الشرعية التي فقدها بوصفه واحدا من مهندسي أوسلو، يواجه بتهديد من اثنين من القادة في حركة فتح. ما من شك في أن عباس على دراية منذ زمن طويل بالخطة التي أعدت لاستبداله بخصمه اللدود محمد دحلان، والتي كنت قد كشفت عنها لأول مرة في مقال لي في عام 2016.
وكانت خطة حقبة ما بعد عباس قد وضعت باتفاق بين الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر. فمنذ عام 2016 توقفت مصر والأردن عن الضغط على عباس لكي يتصالح مع دحلان، وتم تسليم عباس آخر رسالة بهذا الشأن، عندما التقى به في رام الله مؤخرا رئيسا مخابرات مصر والأردن.
وآخر ورقة في هذه العملية هي للرجل الذي كان قد ترشح ضد عباس ثم سحب ترشيحه في الانتخابات الرئاسية عام 2005، إنه القائد في حركة فتح مروان البرغوثي، العنصر القيادي في الانتفاضتين الأولى والثانية، الذي يقضي في السجن حاليا حكما بخمسة مؤبدات.
مازال البرغوثي يتمتع بشعبية كبيرة كواحد من رجال المقاومة، فقد حاز ذات مرة في استطلاع للرأي على عدد من الأصوات فاق ما حصل عليه عباس وإسماعيل هنية، زعيم حماس، كمرشح للرئاسة. وكان البرغوتي قد نظم في إبريل (نيسان) من عام 2017 إضرابا عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية.
أما هذه المرة، فقد أعلن البرغوثي عن نيته الترشح للرئاسة وذلك من خلال أحد أنصاره، رأفت عليان. وكان عليان قد نقل عن البرغوثي قوله؛ إن قائمة فتح الموحدة ينبغي أن تكون مفتوحة لتشمل جميع المتهمين بالانحياز إلى طرف ضد آخر، وتشمل جميع من طردوا من الحركة.
كانت تلك إشارة واضحة إلى دحلان الذي يعيش في المنفى وحكم عليه غيابيا بالسجن ثلاث سنين بتهم فساد وطرد على أثره من الحركة. وكان محامي دحلان حينها قد وصف حكم الإدانة الموجه ضده بأنه “عملية تطهير” لصالح عباس.
بعد عقدين قضاهما خلف القضبان، يريد البرغوثي أن يخرج من السجن، فهل يكون دحلان، الزعيم الفلسطيني المفضل لدى إسرائيل، هو ورقة البرغوثي للخروج من السجن؟ أثار إعلان البرغوثي اضطرابا داخل حركة فتح، لدرجة أن جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية في حركة فتح الذي قاد المفاوضات مع حماس، اتهم دولا أجنبية بالتدخل في الانتخابات الفلسطينية.
وقال الرجوب في مقابلة مع التلفزيون الفلسطيني: “تم تلقي بعض الرسائل من بعض الدول تحاول التدخل في مسار الحوار بما فيها بعض الدول المهرولة، إلا أن فتح موقفها واضح ولا تأخذ توجيهات من أية عاصمة”.
ضمن حملتهم لتنصيب دحلان في موقع الزعيم الفلسطيني القادم، تحرص مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة على استغلال انعدام الثقة بين فتح وحماس. ومن المؤشرات الأخيرة على ذلك وصول ما سوف يعدّ الأول من ضمن مجموعة كبيرة من رجال دحلان إلى غزة، بعد سنين عديدة قضوها في المنفى. ما كان لذلك أن يحصل دون موافقة قادة حماس في غزة.
ولذلك، لربما كان الرابح الحقيقي في الانتخابات هو الرجل الذي لن يكون اسمه على ورقة الاقتراع، فدحلان بطريقة أو بأخرى عازم على العودة إلى فلسطين على حساب عباس وحماس معا.
ما تشهده حركة فتح بكل وضوح هو تنافس على السلطة، ولكن بعيدا عن ذلك، يوجد لدى حركة فتح مشكلة حقيقية تتعلق بهويتها والغاية التي تنشدها. فهل تريد فتح تحرير فلسطين من الاحتلال؟ أم أنها ترغب في أن تحكم بالوكالة عن إسرائيل، بغض النظر عن الظروف التي توضع فيها؟
إن الرجوب ودحلان عدوان لدودان، وما ذلك إلا لأنهما يتنافسان على النفوذ، ولا توجد لدى أي منهما رؤية لفلسطين حرة. أما عباس، فللحظة وجد نفسه في موقع الزعيم الفلسطيني الذي يقف في وجه التطبيع مع إسرائيل وينعته بالخيانة. ولكن سرعان ما تبين أن ترامب كان على وشك المغادرة، وعندها رمى عباس مبادئه من النافذة وعاد إلى ممارسة ما كان عليه مع واشنطن وإسرائيل على حد سواء، وكأن شيئا لم يكن.
مازالت فتح تعيش أزمة شرعية على الرغم من أنها ترى في نفسها السلطة الطبيعية للحكم. وأما حماس، فتريد أن تتخلص من العبء الثقيل الذي يتمثل في تحمل المسؤولية عن مليونين من الفلسطينيين المعوزين في غزة، إلا أن الانتخابات في مثل هذه الظروف ستكون بمنزلة قفزة نحو المجهول، وقد تنتهي الأمور إلى ما هو أسوأ. ومع ذلك، فإن الأطراف عازمة على التوجه نحو الانتخابات دون رؤية متفق عليها لفلسطين، وبدون خطة مفصلة للتوصل إلى مثل هذه الرؤية.
الزعماء الحقيقيون
من هم إذن القادة الحقيقيون لهذا النضال؟ للإجابة عن هذا السؤال، لا ينبغي علينا البحث في الانتخابات، وإنما فيما يجري في الشارع؛ لأنه ههنا تولد حركات التحرر من جديد. وذلك ما حدث عندما أطلق الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حركة فتح، وكذلك عندما أصبحت حماس قوة رئيسية في الانتفاضة الأولى. لا أحد، لا في رام الله ولا في غزة، يقود أو يوجه الأحداث التي تجري حاليا في فلسطين.
مضى وقت طويل منذ أن نظمت مظاهرات كبيرة من قبل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل (فلسطين 1948). ولكن وفي وقت سابق من هذا الشهر، اندلعت الاحتجاجات في العديد من البلدات والقرى، وكانت الشرارة هذه المرة هي ارتفاع معدلات الجريمة وغياب الأمن. ولكن الأعلام الفلسطينية والشعارات تحكي قصة مختلفة، قصة لم تشاهد أو تسمع منذ الانتفاضة الأولى.
ثمة المزيد من المبادرات الشبابية التي تضرب جذورها في الضفة الغربية، بما في ذلك تلك المبادرة التي تحرص القوات الإسرائيلية على تفكيكها. هناك بوضوح جيل جديد من الاحتجاج يتم باستقلالية تامة عن فتح وعن حماس أو عن القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، التي باتت منقسمة على نفسها.
وفي الشتات، غدت بي دي إس (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) حركة دولية، وهذه أيضا مستقلة تماما عن القيادة الفلسطينية. ورغم أنها تبدو حائرة، إلا أن ثمة فرصة كبيرة أمام الحركة الفلسطينية الجديدة داخل وخارج فلسطين لأن تستلم الزمام.
في هذه الأثناء، تمارس إسرائيل لعبة التسويف، ومما يبعث على التعاسة أن زعماء فتح وحماس –الأولى مشلولة بسبب قرارها الاعتراف بإسرائيل والثانية سجينة بسببه – يشاركون في اللعب لصالحها. إذا ما استمر الحال على ذلك، فإن الزخم الذي سيشق الطريق المسدود سوف يأتي من الشارع، تماما كما كان يحصل في الماضي.
بلا رؤية
لكم يتناقض الزعماء الفلسطينيون مع زعماء حركات التحرر الأخرى. عندما خرج نيلسون مانديلا من السجن في الحادي عشر من فبراير (شباط 1990)، ألقى خطابا مازالت أصداؤه تنبعث حتى يومنا هذا. قال حينها؛ إن النضال المسلح سيستمر إلى أن ينهار الأبارتيد (نظام التمييز العنصري). ودعا المجتمع الدولي إلى الاستمرار في مقاطعة نظام الأبارتيد.
قال مانديلا: “مازالت العوامل التي استلزمت النضال المسلح قائمة اليوم، ولا خيار لدينا سوى الاستمرار. نعرب عن أملنا في أن يتشكل سريعا مناخ يسهم في التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، حتى لا يكون ثمة حاجة إلى المزيد من النضال المسلح … إن رفع العقوبات الآن من شأنه أن يجازف بإجهاض العملية التي تهدف إلى استئصال الأبارتيد بشكل كامل. مسيرتنا نحو العودة لا نكوص عنها، ولا ينبغي أن نسمح للخوف بأن يصبح حجر عثرة في طريقنا”.
قارن ذلك بما فعلته حركة فتح. لقد وقعت على اتفاقية أوسلو التي جرمت النضال المسلح وفتحت الطريق أمام إسرائيل لتطبع العلاقات مع الصين ومع الاتحاد السوفياتي في أواخر أيامه، ومع الهند ومع العديد من البلدان الأفريقية. بالمقابل، لم تمنح أوسلو الفلسطينيين شيئا، بل انتهى بها المطاف إلى أن منحت إسرائيل الكثير جدا، ولقد توج ذلك مؤخرا بفتح سفارات لها في كل من أبوظبي والمنامة.
لقد غدت السلطة الفلسطينية التي أوجدتها أوسلو أجيرة عند القوات الإسرائيلية، حتى عندما كانت إسرائيل تحرم رام الله من عوائد الضرائب التي تجبيها نيابة عنها. وكما قال عباس نفسه، لقد قدمت السلطة الفلسطينية لإسرائيل “أرخص احتلال في التاريخ”.
ما الذي حصل عليه عباس بالمقابل؟ ستمائة ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
لم تفارق العزيمة والرؤية مانديلا والمؤتمر الوطني الأفريقي، ومن المحزن أن العزيمة والرؤية مفقودان في فلسطين. فئران هذا النضال في رام الله، أما الأسود فهم في الشارع – حيث يوجدون على الدوام.
المصدر: ميدل إيست آي