ترجمة وتحرير: نون بوست
لا يعتبر مفهوم العمل عن بعد ظاهرة جديدة. فقد كانت طبيعة مهن الكثير من الأشخاص تقوم على العمل من المنزل، على غرار الخياطات وصانعي الأحذية والخبازين والحدادين. وقبل الثورة الصناعية، كان هذا المعيار أساسيًا لدى المصانع عند انتداب العمال. ثم في أوائل القرن العشرين، أدى توفر الكهرباء والمواصلات العامة إلى جذب العمال إلى المكاتب. أما الآن، عاد بنا الوباء إلى الوراء. هذا يعني أن الوضع الحالي ليس “الوضع الطبيعي الجديد” كما يتم الترويج له، بل هو الطبيعة القديمة للعمل.
إن نزعة العمل عن بُعد ليست جديدة، حيث انطلقت شركة “آي بي أم” المعروفة بتركيب محطات طرفية، من منازل الموظفين في الثمانينيات، وبحلول سنة 2009 كان 40 بالمئة من موظفي “آي بي أم” يعملون من المنزل في جميع أنحاء العالم، مما يسلط الضوء مرة أخرى على الدور المؤثر للتكنولوجيا.
حتى قبل انتشار الوباء في سنة 2020، كان العمل عن بعد آخذا في الظهور شيئا فشيئا. قيّد الوباء أيدينا، وأخرج الكثيرين من أماكن عملهم وأجبرهم على المكوث في منازلهم. لا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، لكن من المرجح أن يكون لهذا النمو المفرط في العمل من المنزل تأثير طويل المدى.
في هذا الصدد، إليك خمس نصائح لوضع فريقك الافتراضي على طريق النجاح الحقيقي.
أحط نفسك بالأشخاص المناسبين
دعونا نواجه الأمر، لا يناسب العمل في فريق افتراضي جميع الأشخاص. مثلما يزدهر بعض الأفراد في بيئة مكتبية، سوف يتألق البعض الآخر من خلال العمل عن بُعد. من المهم إذن، إذا كنت تسعى لتكوين فريق افتراضي، أن تكلف مجموعة من الأشخاص الذين يرغبون حقا في العمل عن بعد، أو على الأقل الذين يمكنهم التكيف مع أسلوب العمل المختلف. يحتاج أعضاء الفريق الافتراضي إلى مهارات اتصال استثنائية والقدرة على العمل بشكل مستقل والتمتع بمهارات تقنية. وعلى غرار جميع الوظائف، قد تساعد روح الدعابة أيضا في إنجاح سير العمل.
إذا كان فريقك الافتراضي يكافح لاستخدام برنامج ما، فذلك يعني أنه ليس مناسبا للعمل
لم يلتقِ سكايلر شتاين، رئيس “غلادسكين”، وهي علامة تجارية للعناية بالبشرة تعتمد على التكنولوجيا الحيوية، بجميع الأشخاص الذين يعمل معهم وجها لوجه: “أطلقنا “غلادسكين” في السوق الأمريكية في كانون الثاني/ يناير، وبسبب كوفيد-19، قمنا بتكوين فريقنا دون القدرة على مقابلة العديد من أعضائه وجها لوجه. في غياب فرصة بناء العلاقات في محيط العمل من خلال مشاركة نفس مساحة المكتب كل يوم، أعطينا الأولوية لبناء ثقافة فريقنا في السنة الماضية من خلال عقد جلسات يتحدث فيها الأفراد عن شخصياتهم وكيفية العمل على تطوير ذواتهم. بهذه الطريقة، يكون لدى كل شخص “ورقة غش” حول كيفية التعاون بشكل أفضل مع أي شخص آخر في الفريق. لقد كانت طريقة رائعة لبناء فريقنا وسنستمر في تطبيقها حتى بعد انتهاء الوباء”.
اختر التكنولوجيا الخاصة بك بعناية
هناك عدد كبير من أدوات العمل عن بعد، من مجموعة أدوات غوغل ومايكروسوفت إلى سلاك وزوم وسكايب. توفر مؤسسة “فيربالا” حرما جامعيا افتراضيا بالكامل، مع صور رمزية مخصصة. يوفر برنامج “سمارت شيت” إدارة سير عمل مخصصة ولكنها تعاونية. وهناك تطبيقات لإدارة الوقت ومشاركة المستندات وإدارة المشاريع والموارد البشرية وجداول الاجتماعات، والقائمة تطول.
من المهم أن تتذكر أن هذه البرامج هي مجرد أدوات لتسهيل سير العمل. إذا كان فريقك الافتراضي يكافح لاستخدام برنامج ما، فذلك يعني أنه ليس مناسبا للعمل. بمجرد العثور على التوازن التكنولوجي، يجب الحرص على أن يكون التواصل وسير العمل لفريقك الافتراضي سلسًا ومنتجًا.
التدريب
لا يفقد التدريب أهميته بمجرد انتقال فريقك إلى العمل من المنزل. لا تزال هناك إجراءات عمل يجب تعلمها وتسهيلها، ناهيك عن كل تلك التكنولوجيا. ونظرا لأن بيئة الفريق الافتراضية تكسر أيضًا حواجز التوظيف حسب المنطقة الجغرافية، فقد يكون التدريب على ممارسات العمل عبر الثقافات ضروريًا أيضًا.
يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الطرق المختلفة التي يتعلم بها الناس، فمعظمهم يتعلم بشكل أفضل من خلال التفاعل والمشاركة. يجب أن يكون التدريب أكثر من مجموعة مؤثرات بصرية مسجلة مسبقا تنتهي باختبار متعدد الاختيارات. يجب تضمين التفاعل والتعلم الجماعي، كلما أمكن، لتسهيل إتقان المهمة وبدء عملية بناء الفريق.
يمكن أن يساهم إنشاء ساعات أساسية مع جدولة العمل الموجهة نحو المهام إلى زيادة الإنتاجية. تضمن ساعات العمل الأساسية إمكانية اتصال أعضاء الفريق ببعضهم البعض
“في غلادسكين، وضعنا معايير واضحة للفريق، حتى يفهم الجميع ما هو متوقع. ما نوع المعلومات التي يتم توصيلها عبر البريد الإلكتروني أو سلاك أو أسانا، وما أنواع أوقات الاستجابة المتوقعة لكل قناة؟ هذه هي جميع المعايير التي حددناها بوضوح لنتأكد من أن الجميع متفق على أسلوب العمل. فعلى سبيل المثال، في غلادسكين، إذا تلقيت بريدا إلكترونيا داخليا خلال عطلة نهاية الأسبوع، فليس هناك حاجة للرد إلى غاية يوم الإثنين”.
إرساء ثقافة الفريق الافتراضي
تحتاج الفرق الافتراضية إلى نفس الأشياء التي تقوم بها الفرق التقليدية لتقديم أداء جيد، بما في ذلك التشجيع والتقدير والمكافأة. قدمت شركة المرافق الألمانية “أي.أون” برنامج التعرف على منصة “باز” الذي شجّع التعرف الشخصي عبر ملاحظات الشكر الرقمية والمادية. رغم بساطته، حقق البرنامج نتائج ناجحة مما زاد من تحفيز الموظفين من خلال تعزيز شعورهم بالتقدير.
من الواضح أن الفريق الذي يبني الثقة ويخفف من حدة الخلافات ويشجع التواصل ويزيد التعاون لديه فرصة متزايدة للنجاح. كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ إلى جانب توفير آليات الاتصال، عليك تشجيع التعاون من خلال مشاريع العمل. قم بإضافة أنشطة بناء الفريق أيضا – في هذا الصدد تظهر يوميا المزيد والمزيد من الخيارات الافتراضية في ظل زيادة الطلب.
اختر الأنشطة التي ستجعل فريقك سعيدًا. أعرف فريقا لم يكن متحمسا للغاية بشأن لقاء عمل من خلال منصة “زوم” قبل عيد الميلاد، لكنه تفاجأ بعد ذلك عندما وصلت هدايا وسلة من المنتجات المحلية على أبواب منازلهم في يوم عيد الميلاد. إذا كان من الممكن الالتقاء وجها لوجه في بعض الأحيان، فافعل ذلك. لا شك أن الاجتماع أو الالتقاء بشكل مباشر يساهم في تعزيز بناء العلاقات.
في الواقع، يمكن أن يساهم إنشاء ساعات أساسية مع جدولة العمل الموجهة نحو المهام إلى زيادة الإنتاجية. تضمن ساعات العمل الأساسية إمكانية اتصال أعضاء الفريق ببعضهم البعض، حتى عبر مناطق زمنية مختلفة، بينما تسمح أهداف الإنتاجية الموجهة نحو المهام بالمرونة الفردية في إدارة الوقت.
المصدر: إنتروبرونيور