البداية كانت من السويد في الثالث من أكتوبر الجاري، حين أكد رئيس الوزراء السويدي “ستيفان لوفين” أن السويد ستعترف بـ “دولة فلسطين”.
البعض رأى ذلك بأنه يأتي من بعد تشكيل الحكومة الجديدة في السويد التي جاءت بعد الانتخابات الأخيرة التي تقدم فيها اليسار المساند للقضية الفلسطينية، لتضم الحكومة الجديدة الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر، وتكون أكثر تأييدًا لفلسطين من الحكومة السابقة التي كانت تطبق سياسة كبرى بلدان أوروبا الغربية حول القضية الفلسطينية.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند السويد، بل تقدم إلى البرلمان البريطاني الذي قام بما وصف بأنه “تصويت تاريخي” على الاعتراف بـ”دولة فلسطين”، والذي جاء بعد 66 عامًا من منح بريطانيا فلسطين وطنًا قوميًا لليهود.
الاعتراف هذا على الرغم من أنه يبدو رمزيًا بعض الشيء، إلا أنه جاء من مجلس العموم، والذي يوصف بمطبخ القرارات البريطانية التي تشكل السياسة الداخلية والخارجية للمملكة المتحدة، والتي بدورها لم تتراجع يومًا عن دعمها لإسرائيل، كان آخرها في حرب “الجرف الصامد” الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث قالت الحكومة بكل وضوح إنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.
رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون” الذي غاب عن الجلسة التي استمرت لمدة 6 ساعات قال بأن التصويت لن يغيّر من سياسة حكومته.
وعلى الرغم من أن البعض وصف القرار بأن غير ملزم، ومجرد تصويت “شكلي” في البرلمان، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: أين الأصوات المساندة لإسرائيل وبالمطلق؟ وكيف تسمح بهذا القرار أن يمر؟
شيء من الجواب يأتي من التحركات الدولية والتصريحات من هنا وهناك بحل الدولتين، والذي تسارعت وتيرته بشكل لافت بعد حكومة التوافق الفلسطينية ما بين فتح وحماس – هذه الأخيرة التي تعتبرها الدول الغربية منظمة إرهابية بمقاومتها المسلحة للاحتلال الإسرئيلي -، التوافق هذا بدا وكأنه عصا في عجلة المفاوضات والحلول الغربية الشكلية التي لم تتوقف منذ 60 عامًا.
وليست بريطانيا كذلك، بل البارحة انضمت فرنسا إلى ركب الدول المتجهة في هذا الاتجاه، حيث قال وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس” إن بلاده “ستعترف بدولة فلسطينية إذا كان ذلك سيساعد في تحقيق السلام وليس كمجرد بادرة رمزية”.
كما دعت وزيرة الخارجية الإيطالية “فيديريكا موغيريني” نظيرها الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان”، إلى “ضرورة الإسراع في قيام الدولة الفلسطينية” مع وجود ضمانات أمنية لإسرائيل، مبدية “استعداد إيطاليا لتحمّل مسؤولياتها”.
لم يعد الأمر يبدو وكأنه تصرّف فردي من دولة بعينها، وإنما سلسلة من الإعلانات والضمانات للسلطة الفلسطينية المتجهة للصلح مع حماس بعيدًا عن نهج المفاوضات وحلّ الدولتين، وهذا ما اعترفت به الدول السابقة أو لمحت له، دولة فلسطينية على حدود الـ 67، وأخرى إسرائيلية على جميع ما احتلته إسرائيل قبل ذلك.
وعلى أن هذا الحل ما زال مرفوضًا بشكل شعبي فلسطينيًا أو عربيًا، إلا أن حتى ذلك لم تحققه المفاوضات على مدى السنوات الماضية.
ردة الفعل الإسرائيلية التي من السهل التنبؤ بها عادة، خاصة في ما يخص الفلسطينيين وحقوقهم جاءت على شكل الرفض هذه المرة من سفارة إسرائيل في بريطانيا، والتي قالت بأن “السبيل لقيام دولة فلسطينية يأتي من خلال غرف المفاوضات وليس بطريقة التصويت خارج المفاوضات بين الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي)”، حيث أشار البيان إلى أن “الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن تكون النتيجة النهائية لمفاوضات السلام”.
وفي قراءة لما بين السطور، يبدو أن إسرائيل ليست مستاءة من القرار بحد ذاته قدر استياءها من التسارع الحاصل وجهات الاعتراف، ذلك أنها قالت بأن الاعتراف عليه أن يكون نتيجة المفاوضات وليست من أطراف أخرى (تقصد البرلمانات والحكومات).
ويبدو في ذلك أن إسرائيل “مطمئنة” للشكل الذي جرى عليه التفاوض خلال السنوات الماضية دون أي نتائج واضحة أو مرضية للطرف الفلسطيني، في الوقت الذي تتمدد إسرائيل في الضفة الغربية بمئات المستوطنات واحتلال مزيد من الأراضي والحروب المتعددة على قطاع غزة والاعتقالات والانتهاكات شبه اليومية في الضفة الغربية.
حماس بدورها قالت إن “تصويت مجلس العموم البريطاني على الاعتراف بدولة فلسطين، مؤشر مهم على تغير المزاج العالمي تجاه جرائم الاحتلال، والاعتراف بالحقوق الفلسطينية”، موضحة أن “التصويت البريطاني على الاعتراف بدولة فلسطين هو إدانة للخطأ التاريخي التي ارتكبته بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني”.
مؤكدة على لسان الناطق باسمها “سامي أبو زهري” أن هذه الخطوة تبقى رمزية ولا يبنى عليها شيء عملي.
وكأن الحرب الأخيرة الذي أظهرت فيها حماس قوة عسكرية، سياسية، وشعبية غير مسبوقة سرّعت من وتيرة إعادة السلطة الفلسطينية – ممثلة بحركة فتح – إلى الحضن الغربي في مسلسل المفاوضات بعيدًا عن مزيد من التصالح مع حماس، الأمر الذي يجعل ضمّها إلى جسم الدولة الفلسطينية توسعًا أكبر في المطالب الفلسطينية إلى حدود 48 ومقاومة مسلحة وانتهاء التنسيق الأمني وغيره.
من جهة أخرى، التصويتات المتتالية بدت وكأنها “استعراض” إعلامي، أراد القائمون عليه طمأنة الشعوب العربية إلى الاعتراف بفلسطين كدولة، في الوقت الذي دأبت عليه الدول إلى الاستمرار في دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا وعلى الملأ، فهل شعر الغرب بالعطف على الفلسطينين فجأة؟!
الرد الشعبي جاء مباشرة على تويتر، حيث قال المتابعون إن هذا الاعلان ليس سوى تصويت رمزي، وإجراء استعراضي ينطوي تحته دعم غير محدود لإسرائيل.
كبادرة ودّ وعرفان:
أنا أعترف رمزيًا ببريطانيا
— منى هداية (@Mona_Hedaya) October 15, 2014
المخرج اسرائيلي
والمنتج امريكي
والممثل مسؤول فلسطيني
الفلم مستوطنات اسرائيل بعمال فلسطينيين#اعتراف_دولي_بدولة_فلسطين
— قصيميه (@albt00L) October 14, 2014
#اعتراف_دولي_بدولة_فلسطين
100 سنة والآن قرّروا الاعتراف بنا!
وانتظر الآن 100 سنة ليعترفوا بأنّ اسرائيل محتلة فلسطِين.
— قُدس. (@i_qds) October 14, 2014
الدول المعترفة با الدولة الفلسطينية !!
اعتراف دولي وقصف يومي!!
مجلس الأمن عبارة عن كذبة pic.twitter.com/60dmfOKFNB
— عبدالعزيز AlShiekh (@AzizAlshiekh) October 14, 2014
ايش يفيد اﻻعتراف بدون خروج العدو منه
#اعتراف_دولي_بدولة_فلسطين
— #بطل_الكاس Aldoнri (@mf_665) October 14, 2014
حريتنا منقوصة ما دون حرية فلسطين ! نيلسون مانديلا #اعتراف_دولي_بدولة_فلسطين pic.twitter.com/WcFhGkguYg
— بَكّار (@Bakkar_74) October 15, 2014