شرطة الجزائر تتمرد على القانون

أحد الشرطيين الجزائريين الغاضبين يقول للإعلاميين: “غالبيتنا نشعر بالإحباط من ضغط العمل في ظل ظروف قاسية في منطقة مضطربة مثل غرداية والتي تميزت بتعرض زملائنا للرشق بالزجاجات الحارقة من قبل مرتكبي أعمال الشغب، وبالمقابل يمنع أعوان الشرطة بموجب تعليمات فوقية صارمة بعدم استخدام القوة من أجل الدفاع عن أنفسنا”.
ووصل الشرطيون المحتجون اليوم، الأربعاء، للمرة الأولى إلى ساحة قصر رئاسة الجمهورية بعد أن نظموا أمس، الثلاثاء، وقفة احتجاجية أولى أمام قصر الحكومة تعبيرًا عن تضامنهم مع مظاهرة لمئات من زملائهم قرب بلدة غرداية الصحراوية الواقعة على بعد 600 كلم جنوب الجزائر، طالبوا خلالها بتحسين ظروف العمل.
وكان مراسلو وكالة الأنباء الألمانية في الجزائر قد أشاروا إلى أن المحتجين الذين نظموا الوقفة الصامتة أمام قصر الحكومة رفضوا الحديث إلى محافظ العاصمة “عبد القادر زوخ” وطالبوا بمقابلة وزير الداخلية “الطيب بلعيز” أو رئيس الوزراء “عبد المالك سلال”، كما طلبوا الترخيص لهم بإنشاء نقابة تدافع عن حقوقهم، وبرحيل المدير العام للأمن الوطني اللواء “عبد الغني هامل”.
وفي جنوب الجزائر، حيث يستاء الشرطيون من ظروف العمل الصعبة والخطرة، قالت وكالة الأنباء الجزائرية ووسائل إعلام محلية إن أعمال شغب اندلعت يوم الإثنين بين عرب وأمازيغ في منطقة بريان شمال محافظة غرداية، حيث تراشق شبان من الطرفين بالحجارة والزجاجات الحارقة، وأشعلوا النيران في عدد من المتاجر؛ مما أدى إلى مقتل شابين وإصابة آخرين وجرح سبعة شرطيين تدخلوا لوقف هذه المواجهات.
واندلعت أعمال العنف بين الأمازيغ والعرب في غرادية يوم الإثنين، عقب وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن موقوفين في أعمال عنف سابقة، وقالت الجزيرة نت إن وزير الداخلية والمدير العام للأمن انتقلوا إلى محافظة غرداية للحوار مع المحتجين وإقناعهم بالتهدئة قبل أن تتطور الاحتجاجات وتصبح أكثر عنفًا وتصعب السيطرة عليها.
وفي أول تعليق رسمي، قال مدير الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني العميد أول “جيلالي بودالية” إن المحتجين في العاصمة يمثلون أفراد وحدتين من عناصر التدخل المقرر نشرها بولاية غرداية لتخلف الوحدات الموجودة حاليًا بعين المكان، مضيفًا في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية: “عناصر الشرطة عبروا من خلال مسيرة عن تضامنهم ودعمهم لزملائهم بغرداية حتى توقف الاعتداءات ضد عناصر الأمن بهذه الولاية التي تشهد اشتباكات متكررة”.
وهذه أول مرة تشهد فيها الجزائر حركة احتجاجية لرجال الشرطة منذ الاستقلال، إذ يحظر القانون على “رجال الأسلاك النظامية” القيام بحركات احتجاجية أو إضرابات، وقبل سنوات، طالب رجال الشرطة بإنشاء نقابة خاصة بهم تتيح لهم رفع مطالبهم وتنظيم حراكهم الاجتماعي، لكن السلطات رفضت هذا المطلب بشكل قطعي، وقامت في المقابل برفع أجورهم لترضيتهم، ومنحتهم تسهيلات للحصول على السكن.