ترجمة وتحرير نون بوست
يعتبر الاختيار بين الهرب أو الموت في المملكة العربية السعودية واقعا مرًا لا مفر منه بالنسبة للعديد من النساء السعوديات. وقد دفعت هذه الظاهرة الصحفية هيلين كوتار لإجراء مقابلة مع البعض منهن. يجمع تحقيقها تحت عنوان “الهاربات” أصوات هؤلاء النساء المجهولات اللواتي فررن من المجتمع الأبوي المحافظ أملا في حياة أفضل.
قررت كل من سهى وروبن وسلمى وسارة ومنيرة ترك كل شيء وراءهن بما في ذلك البيت والوطن والعائلة لعيش حياة جديدة أو بالأحرى ضمان بقائهن على قيد الحياة بعيدا عن النظام الأبوي القمعي. لكن في بلد مثل المملكة العربية السعودية الذي يفرض نظام الوصاية (للآباء، الإخوة، الأزواج) وتضييق الحكومة الخناق على الحريات فإن الفرار ليس سهلا، حيث عليهن التخلص من كل وسائل التعقب، وخداع السلطات، وكلهن أمل أن لا تعترض السفارة السعودية طريقهن في المطار، إلى جانب عوائق أخرى.
في ظل هذه الظروف، تصبح حياة هؤلاء النساء المجهولات اللواتي يقع تعقبهن أو تهديدهن بالموت (ليس من قبل الحكومة فحسب، وإنما أيضا من قبل أقاربهن أو عائلاتهن وحتى الآلاف من مستخدمي الإنترنت السعوديين المتنمرين) أشبه بقصة ملحمية.
قررت الصحفيّة هيلين كوتار تسليط الضوء على تفاصيل هذه القصص الملحمية المؤثرة في تحقيقها بعنوان “الهاربات” الذي فسحت فيه المجال لهؤلاء النساء اللوائي قررن بدء حياتهن من الصفر أو حتى “إعادة بناء أنفسهن بالكامل” المجال للتعبير عن أنفسهن.
ماذا يمكن للمرء أن يفعل عندما يطارده ماضيه أو حتى يضطهده؟ وكيف تؤسس حياةً جديدة عندما تضطر إلى إعادة تعلم كل شيء من الصفر؟ هذه عينة من الأسئلة العديدة التي سيتطرق لها هذا العمل الاستقصائي الشامل. وفي هذا السياق، تقول الكاتبة النسوية ليلى سليماني في مقدمة أحد كتبها: “يجب على النسويات في جميع أنحاء العالم سماع أصوات هؤلاء البطلات اللواتي يقاتلن ضد النظام الأبوي الأكثر تشددًا”.
في تحقيقك إشارة إلى أنه رغم القوانين التقدمية الجديدة المزعومة (مثل الحق في القيادة الممنوح في سنة 2018)، لا شيء تغيّر حقا بالنسبة للمرأة السعودية ووضعيتها.
هيلين كوتار: نعم، فهمت أن هناك تناقضًا بين الصورة الإيجابية التي يحاول الإعلام نشرها خاصة بشأن التقدم الذي أحرزته المملكة والعمل التدريجي على جعلها أكثر انفتاحا على العالم، وبين ما تعانيه هؤلاء المواطنات على أرض الواقع. وفيما يتعلق بهذه القوانين، أدركت من خلال القصص التي روتها النساء السعوديات اللواتي غادرن البلاد بالفعل أو الناشطات في الخارج أن الحقيقة مختلفة تمامًا عما يتم الترويج له.
من هنا جاءت رغبتي في التعمق أكثر في هذه المسألة. وكما هو الحال في كثير من الأحيان، ما يتم تقديمه إلينا في مثل هذه الحالات وما يعيشه الأشخاص المعنيون يشكلان قصتين تحمل كل واحدة منهما جانبًا من الحقيقة … لكن المشكلة تكمن في أن إحدى هذه القصص يمكن أن تطغى على الأخرى.
لقد ذهبت إلى أبعد من ذلك فيما يتعلق بتبني هذه القوانين، من خلال اعتبارها جزءًا من خطة واسعة لـ “التبييض النسوي”.
هيلين كوتار: بالتأكيد. استغل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حقيقة أن منح المرأة حقوقًا أمر يبدو “رائجا” بعض الشيء وذلك من أجل الاستفادة منها في سوق الشغل، خاصة أن المملكة العربية السعودية لطالما كانت بحاجة ماسة لليد العاملة. وبعيدًا عن الاقتصاد، يسمح ذلك أيضًا لمحمد بن سلمان بتقديم نفسه في المحافل الدولية كمدافع عظيم عن حقوق المرأة. وبذلك يضرب عصفورين بحجر واحد، بالنسبة للسعودية وصورته.
مع ذلك، كلما منح محمد بن سلمان حقوقًا أكثر للمرأة، زاد حبس الناشطات اللواتي ناضلن من أجل هذه الحقوق. فعلى سبيل المثال، بعد مرور شهر من إقرار قانون السماح بالقيادة، تم سجن أربع ناشطات نسويات ناضلن من أجل هذا الحق. وحتى اليوم، لا تزال هؤلاء الناشطات النسويات يقبعن في السجن. لكن هذا لا يمنع محمد بن سلمان من الادعاء بأن المرأة السعودية متساوية مع الرجل.
الهرب أو الموت في المملكة العربية السعودية: التحقيق الضروري للصحفية هيلين كوتارد.
في التحقيق الخاص بك، تتحدثين كثيرا عن الوصاية (سواء الزوجية أو الأسرية) وكيف تمكنت الشابات السعوديات من التملص من هذه القيود حتى يهربن أخيرًا من المملكة العربية السعودية.
هيلين كوتار: نعم، الشابات اللواتي أخبرنني بقصتهن لم يكن لديهن في البداية خيار آخر سوى تقبّل قوانين البلد. وقد كانت بعضهن “محظوظات” بوجود وصي يساندهن أو يمكن إقناعهم بسهولة (هناك أزواج أكثر تقدما … ولو بنسبة ضئيلة)، أو كان عليهن التحايل على هذه القيود. يشبه ذلك إلى حد ما المراهقين الذين يتسللون خارج المدرسة … ولكن مع احتمال حدوث عواقب مأساوية.
حتى أثناء سعيهن للتمتع بشكل من الحرية، غالبا ما تشعر هؤلاء المواطنات بالحاجة إلى العيش في المنفى لمعرفة كيف تبدو الحياة من “الخارج”، وذلك لسبب وجيه يتمثل في أنهن لا يستطعن ببساطة أن يقلن لأنفسهن: “سأبقى في منزلي، لكن سأفعل ما أريد”. نحن نتحدث هنا عن نساء لا يستطعن حتى الزواج من الرجل الذي يحببنه وما عليهن سوى قبول الزواج من شخص غريب توافق عليه العائلة عندما يبلغن من العمر 20 سنة أو الهرب، لأنهن إذا رفضن الزواج سيجدن أنفسهن محبوسات في غرفهن إلى غاية تزويجهن قسرًا من قبل أسرهن.
وحتى إذا كان الوصي “متفهمًا” وقبل مسألة تمكين المرأة من الدراسة، فإن هذا المسار الوسيط ليس منهجيًا، نظرا لأن الحصول على منحة دراسية يظل أمرا ضروريًا لمواصلة الدراسة في الخارج. باختصار، غالبا ما يعبر الهروب عن الحاجة إلى تغيير جذري في الحياة بعيدا عن مواجهة هذا المصير المشؤوم.
لقد جمعت قصص العديد من الهاربات المنحدرات من خلفيات متعددة. ما الذي يربط بين كل هؤلاء الشابات؟
هيلين كوتار: على ما أعتقد تجمع بينهن نفس القناعة، أي أن تقول لنفسك: “أستحق أفضل من ذلك، حياتي الحالية لا تكفيني”. وقبل كل شيء، الشجاعة لاتخاذ مثل هذا القرار، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة. تقول هؤلاء النساء لأنفسهن إنه ليس لديهن آفاق أخرى في حياتهن غير تلك المتعلقة بالرحيل، وهذا رغم التأثير المؤسسي للخطاب الديني المتعلق بالوصاية. يجب أن يكون لديك بالفعل القوة للتفكير في هذا الاحتمال، ومن ثم القوة للتصرف وفقا لذلك.
لدى بعض السعوديات خيار المغادرة ولكنهن لا يفعلن ذلك لأنهن يفكرن في العواقب. كما أنهن مواطنات لم يتم تربيتهن ليكن مستقلات على الإطلاق، وإنما للعيش داخل دائرة عائلية يُنظر إليها أكثر على أنها شكل من أشكال العشيرة، ومن هنا تأتي صعوبة الخروج، والهروب، والبدء من جديد؛ وفي حالة الحصول على اللجوء، سيتعين عليهن العيش بشكل مستقل وهو أمر ليس مألوفا بالنسبة لهن حتى الآن – على غرار الاستقلال المالي.
يتطلب قرار الهروب الشجاعة، ثم نضجا إضافيا لتحمل تأسيس حياة جديدة، خاصة أن السعوديات اللاتي تحدثت عنهن لا تنفك أشباح الماضي عن مطاردتهن. فهن يخشين أن يقع الإمساك بهن، وطرح الأسئلة عليهن، ويكن ضحية الأحكام المسبقة إذا تبين أنهن سعوديات. في الخارج، يمكنهن مقابلة أشخاص آخرين من الشرق الأوسط، وعندما يشرحن لهم أنهن ارتددن يواجهن أحكامهم العنيفة. للأسف، إن رحلة هؤلاء النساء مضنية.
تناول الكتاب موضوع المنفى، لكنه ظاهرة جديدة نسبيا في المملكة العربية السعودية.
هيلين كوتار: لم يكن تقليد النفي معروفًا في المملكة العربية السعودية على الإطلاق. لقد جلبت ثورات الربيع العربي هذه الفكرة، كما أخبرتني الناشطة والكاتبة هالة الدوسري. يجب أن يقال إن الشابات اللواتي يخترن العيش في المنفى اليوم قد تشجّعن أيضًا بشهادات النساء اللواتي تمكنّ من الهرب، ونجحن في إبلاغ أصواتهن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. لقد أهلمتهن تجارب النساء الأخريات، وبإمكانهن التواصل معهن أيضًا.
يعتبر النشاط الرقمي مهما جدا للتمكن من التعبير، ولكنه ليس الوسيلة الوحيدة لذلك. في القصص التي نقلتها، قد تكون مجرد تغريدة فقط شديدة الخطورة.
هيلين كوتار: نعم، يذكرنا هذا الأمر بقصة رهف محمد بشكل خاص. في كانون الثاني/ يناير 2019، كانت هذه الشابة البالغة من العمر 18 عامًا أول من نشرت خبر فرارها على مواقع التواصل الإجتماعي حين نشرت تغريدة لها في غرفة فندق بينما كانت عالقة في مطار بانكوك بناءً على أوامر سعودية. في المقابل، نجد قصة دينا علي السلوم. هذه المرأة السعودية البالغة من العمر 24 عامًا – والتي ذكرتها في الكتاب – مُنعت أيضًا من التنقل من قبل السفارة السعودية (في مطار مانيلا)، لكنها كانت خائفة جدًا من إظهار وجهها في مقاطع الفيديو وإشهار رحلتها، خوفا من أن يتم القبض عليها.
وبما أن مقاطع الفيديو أُرسلت بشكل عاجل، لم نتمكن من رؤية وجهها. ومع ذلك، عندما تخفي الهاربات الشابات وجوههن، يكون تأثير فرارهن أقل حدة، خاصة أن المنظمات غير الحكومية لا تستطيع مساعدتهن بسرعة. ولكن التغريد “بوجهه مكشوف”، كما فعلت رهف محمد وهي عالقة في غرفتها، يمكن أن يُحدث ضجة حقيقية.
لسوء الحظ، انتهى الأمر بخطف دينا علي السلوم في المطار، حسب ما أفاد به عدد من الشهود. ونستنتج من هذا الاستخدام للشبكات الاجتماعية أنه في مرحلة معينة من حياتهن، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسائل شديدة الأهمية، تصبح قصص وصور تلك الشابات السعوديات سلاحهن الوحيد.
الوصف: “الهاربات”، تحقيق مبهر ومؤثر حول هؤلاء الشابات الهاربات من المملكة العربية السعودية.
في إطار موضوع هذه التعبئة الرقمية، أنت تتحدثين عن “شبكة الأخوات” السعوديات. ما هي تحديدا؟
هيلين كوتار: إنها مجموعة تليغرام أنشئت في سنة 2017 من قبل إحدى الهاربات التي أخبرتني بقصتها – تُدعى سهى – بعد اختفاء دينا علي السلوم بالتحديد. في السابق، كانت هناك منتديات مع منفيين أو منشقين سعوديين. كانت سهى عضوة في أحد المنتديات الذي كان يضم 250 شخصًا على الأقل وتم إنشاؤه في ألمانيا. لكن المجموعة كانت واسعة جدا إلى درجة أن اختراقها لم يكن صعبا.
تسلل عملاء سعوديون إلى هذه المجموعة عدة مرات، متظاهرين بأنهم منشقون سعوديون من أجل جمع المعلومات … عندما علمت سهى باختفاء دينا، قالت لنفسها إنه من الآن فصاعدا، يجب عدم السماح باختفاء شابات بهذه الطريقة دون تقديم المساعدة والتوجيه. وهنا، ظهرت الحاجة لإنشاء مجموعة مصغّرة لا تضم سوى فتيات كن أعضاء موثوقا بهن.
في البداية، كان هناك 40 شابة، ثلثيهن ما زلن يُقمن في السعودية. منذ ذلك الحين، تمكنت أكثر من نصف الفتيات من المغادرة، وتعيش سهى الآن في كندا. في مجموعة “الأخوات” السعوديات يتعلق الأمر بالحياة “الخارجية”، لكننا نشارك أيضًا النصائح للقادمات حديثا. هناك نوع من المتابعة النفسية، التي يمكن أن تكون أيضًا لوجستية، وحتى مالية.
في هذا التحقيق، تطرقت إلى حقيقة أن الحكومة السعودية تحفز جيشًا من المتصيدين من أجل مضايقة جميع السعوديات اللاتي فررن من بلادهن إلكترونيًا أو حتى “استقاء معلوماتهن الشخصية” (أي الكشف علنًا عن العنوان الشخصي).
هيلين كوتار: نعم. هناك “جيش” من المتصيدين التابعين للحكومة يتلقون المال مقابل اكتشاف أو اختراق أو مضايقة أو تهديد أو التودد للمنشقين في الخارج. سعود القحطاني هو المسؤول رسميًا عن إدارة كل ما يتعلق بالإعلام والشبكات الاجتماعية في السعودية منذ تعيين “محمد بن سلمان”. حتى قبل أن يكون موقع تويتر معروفًا جيدًا في المملكة العربية السعودية، كان يُنشئ بالفعل دردشات على الإنترنت، مدعيا بأنها تضم “منشقين”، بحيث ينضم إليها الناس لمناقشة مختلف المواضيع بحرية… ثم يقع إيقافهم.
في سنة 2017، شارك علنًا قائمة سوداء تضم المواطنين المشتبه في كونهم معارضين، ثم أطلق هاشتاغ #القائمة السوداء، وهو وسم يستخدمه رواد الإنترنت الذين يرغبون في تقديم معلومات عن الأشخاص المستهدفين. سعود القحطاني، “رئيس المتصيدين”، هو الذي يحرض هؤلاء المتصيدين على مضايقة الهاربات وأيضًا إخفاء المحتوى النقدي للمملكة العربية السعودية على الشبكات الاجتماعية.
منذ ثورات الربيع العربي، زاد عدد السعوديات الهاربات من البلاد.
هذا المستوى العالي من التنظيم هو من أكثر العناصر التي أثارت دهشتي أثناء التحقيق. ففي الأساس، ليس تعقب الحكومة للمنشقين الأقل شهرة بالأمر المفاجئ، لكن ما يثير الاستغراب حقا هو انزعاج السلطات من هروب فتيات غير معروفات في سن 18 أو 20 عامًا. ومع ذلك، لا أحد يفلت من قبضة الحكومة، ويستمر هذا التعقب رقميًا.
بشكل منهجي، تغرق منشورات المتصيدين تلك التي تشاركها الشابات. يهدف هؤلاء إلى زعزعة قناعات القراء حول فرارهن، حتى يصعب عليهم معرفة الحقيقة. يتمثل الغرض من هذه المناورات في إعادة الهاربات إلى البلاد، وخاصة إخماد أصواتهن، ثم حبسهن في السجن أو إجبارهن على نشر دعاية مضادة، بمعنى آخر شيطنة المنفى، لتوضيح أنه ليس الخيار السليم.
يقع تعقب الهاربات اللاتي يعارضن قواعد الدولة من الخارج على الشبكات الاجتماعية، وغالبًا ما يتعين عليهن تغيير مقر سكنهن داخل بلد اللجوء، ومع ذلك يقع الكشف عن مكانهن بسهولة.
تحدثت عن لجوء السعوديات إلى الدول المضيفة مثل فرنسا وكندا، كيف يكون هذا اللجوء بشكل عام؟
هيلين كوتار: يعتمد هذا الأمر كثيرًا على البلدان المضيفة على وجه التحديد. في الدول الغربية العظمى، التي تُعرف تاريخيا باحترام حقوق الإنسان، وقع وضع نظام للترحيب باللاجئين، وإعداد ملف لهم وتوفير مكان إقامة لهم… تسافر العديد من هؤلاء النساء إلى كندا لأن الدولة تمنح الفرصة للدراسة والعمل عندما يكون هذا الملف قيد الإعداد إلى جانب الحصول على الوثائق اللازمة، وهو الأمر الذي لا ينطبق على فرنسا إلى الآن، على سبيل المثال. ترحب فرنسا وإنجلترا وألمانيا بالكثير من اللاجئات السعوديات دون الترويج لذلك كثيرا، مقارنة بكندا، الفائزة تقريبا بلقب “أفضل مستقبل” للاجئين.
في كتاب “الهاربات”، تتطرقين أيضًا إلى الحديث عن النساء اللاتي لا يملكن الجرأة للمغادرة، بما أنهن خاضعات لشكل من أشكال الرقابة الداخلية.
هيلين كوتار: أجل، لطالما وقع إخبارهن أنهن لسن عبيدًا لدى الرجال وإنما يعاملن مثل الأميرات، “يقع حمايتهن” ماليًا، وأنهن يعيشن في بلد ثري جدًا، والجميع يسعى لإرضائهن، وأن نظام الوصاية هو نظام “حماية” للمرأة، بحيث ينتهي بهن الأمر بتصديق كل ذلك … في ظل هذا النظام الأبوي، رُسخت فيهن أفكار منذ الطفولة جعلتهن لا يشعرن بالحاجة لحريتهن. ولهذا السبب أيضًا يستغرق تغيير العقليات وقتًا طويلاً في المملكة العربية السعودية.
على الرغم من أن بعض القصص مأساوية، إلا أن كتابك يبعث على بعض الأمل، تحديدا فيما يتعلق بسمات الذكور الأكثر تقدمية على سبيل المثال.
هيلين كوتار: في بداية أبحاثي، استمعت فقط إلى قصص مروعة كان لجميع الرجال صورة فظيعة فيها. اكتشفت أن هناك بالفعل بعض القصص الرائعة. يذهب جميع السعوديين إلى المدارس التي يديرها رجال دين متشددين يعلمونهم أن المرأة دونية وأن الرجل السعودي الصالح يجب أن يكون شديدا وعنيفا ومتسلطا. لحسن الحظ، يرغب البعض بل وينجحون في كتابة مصير مغاير.
لكن ما زال هناك عمل يتعين القيام به. في إحدى الشهادات التي تمكنت من جمعها، قيل إنه حتى الأمهات يعلمن أبناءهن أن يكونوا عنيفين مع أخواتهم! هذا النظام هو عملية غسيل دماغ كبيرة جدا، يروج فيها إلى أن الفتيات غير الخاضعات لن يقبل أحد الزواج منهن، الأمر الذي سيشوه سمعة الأسرة. وينطبق الأمر ذاته على الرجال إذا لم يكونوا مسيطرين بما فيه الكفاية. وهكذا، تكون النساء في مواجهة الضغط الاجتماعي والأسري.
من الواضح أن الرجال لا ينتفضون ضد النظام الأبوي علنًا. ومن المستحيل على الرجل والمرأة على حد سواء معارضة أي قرار تصدره العائلة المالكة بشكل مباشر. ولا وجود لناشطين مدافعين عن النسوية في المملكة العربية السعودية.
المصدر: تيرافيمينا