ترجمة وتحرير: نون بوست
أرسل عدد من المشرعين الأمريكيين من مجلسي النواب والشيوخ رسالتين إلى إدارة بايدن انتقدوا فيها الحكومة الإسرائيلية وحثّوها على الشروع في حملة تطعيم الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة.
في رسالتين منفصلتين وُجّهتا إلى وزير الخارجية أنطوني بلينكن يوم الجمعة، دعا أعضاء مجلس الشيوخ التقدميون وأعضاء مجلس النواب الإدارة الأمريكية إلى استئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والضغط لضمان حقوق الفلسطينيين.
تشير الرسالتان إلى تنامي الاستعداد لتوجيه انتقادات إلى “إسرائيل” بين صفوف الديمقراطيين في الكونغرس، الذي كان فيه الدعم المطلق لـ”إسرائيل” بمثابة القاعدة الأساسية. وجاء في مضمون رسالة مجلس النواب، التي وقّعها 12 نائبا بقيادة رشيدة طليب ومارك بوكان، أنه يتعين على وزارة الخارجية التحقيق في عمليات الهدم الأخيرة لمنازل الفلسطينيين في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية وإدانتها.
وقد ورد فيها ما يلي: “نحن مسرورون كثيرا لأن إدارة بايدن تعارض الضم الإسرائيلي؛ ومع ذلك لا يزال الاحتلال الإسرائيلي المستمر للضفة الغربية الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، إلى جانب الإقدام على هدم منازل الفلسطينيين، يعتبر شكلا من أشكال الضم المستمر بحكم الأمر الواقع، وهو ما يتعيّن على الولايات المتحدة أن تعارضه بشكل قاطع”.
تستشهد “إسرائيل”، التي تعد حملتها لتلقيح مواطنيها الأسرع في العالم، باتفاقية أوسلو لتجادل بأن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن الرعاية الصحية في الأراضي المحتلة
وأضاف أعضاء مجلس النواب: “ينبغي أن تكون رسالة إدارة بايدن واضحة: إن الاستيطان الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال – بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية – غير قانوني بموجب القانون الدولي ولن يتم التسامح معه”.
“ملزم قانونا”
ركزت رسالة مجلس الشيوخ التي وقّعها خمسة نواب – وهم بيرني ساندرز وإليزابيث وارن وتوم كاربر وشيرود براون وجيف ميركلي – في الغالب على ضرورة تطعيم الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. وقال أعضاء مجلس الشيوخ: “بصفتها القوة المحتلة بموجب القانون الدولي، فإن “إسرائيل” ملزمة قانونًا بضمان صحة ورفاهية جميع الأشخاص الخاضعين لسيطرتها”.
تستشهد “إسرائيل”، التي تعد حملتها لتلقيح مواطنيها الأسرع في العالم، باتفاقية أوسلو لتجادل بأن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن الرعاية الصحية في الأراضي المحتلة.
أشار أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن اتفاقية أوسلو “لا تلغي مسؤوليات “إسرائيل” بموجب اتفاقية جنيف الرابعة”. وينص القانون الدولي على أن سلطة الاحتلال مسؤولة عن صحة السكان المحتلين، بما في ذلك “اتباع وتطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة”.
يقول خبراء قانونيون إن “إسرائيل”، التي تنتهك باستمرار اتفاقيات أوسلو، تسيطر على جميع الهياكل الأساسية اللازمة لاستيراد اللقاحات وإدارتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أعرب أعضاء مجلس النواب في رسالتهم عن مخاوفهم إزاء مجموعة من السياسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان.
وقال أعضاء مجلس النواب “ما زلنا قلقين بشأن سياسة هدم “إسرائيل” لمنازل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. لهذا السبب، نطالب وزارة الخارجية بإجراء تحقيق في احتمال استخدام “إسرائيل” للمعدات الأمريكية في عمليات هدم المنازل وتحديد ما إذا كانت هذه المعدات قد استخدمت في انتهاك قانون مراقبة تصدير الأسلحة أو أي من اتفاقيات الاستخدام النهائي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. نعتقد أنه يتعين على وزارة الخارجية إدانة عمليات هدم “إسرائيل” للمنازل بشكل قاطع واتخاذ إجراءات دبلوماسية فعالة وفي الوقت المناسب لتقويض هذه السياسة”.
يشمل الموقعون على هذه الرسالة النائب ماري نيومان التي هزمت المترشح الموالي لـ”إسرائيل” دان ليبينسكي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي السنة الماضية؛ وجيم ماكغفرن، الرئيس المشارك في لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان؛ وبيتي ماكولوم، المدافعة الصريحة عن حقوق الفلسطينيين؛ وإلهان عمر وألكساندريا أوكاسيو كورتيز.
دعا أعضاء مجلس النواب الرئيس جو بايدن إلى إلغاء “صفقة القرن” التي أبرمها سلفه دونالد ترامب بشكل رسمي، وهي خطة وُضعت لإنهاء الصراع رفضها الفلسطينيون بشدة لاقتراحها أن تحتفظ “إسرائيل” بجميع مستوطناتها في الضفة الغربية ومدينة القدس بأكملها.
وجاء في رسالتهم “نعتقد أنه يتعيّن على إدارة بايدن أن تلغي هذه الخطة رسميا من على القائمة وأن توضح لـ”إسرائيل” والشعب الفلسطيني أن أي جزء منها لن يشكل الأساس لأي خطة مستقبلية تدعمها الولايات المتحدة”.
قرار عادل
دعا أعضاء مجلس الشيوخ من جانبهم الإدارة إلى إحياء آمال السلام وضمان أمن ورفاهية الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. وورد في رسالتهم أن “الاحتلال سيستمر في طرح مشاكل من قبيل المشاكل المذكورة أعلاه، لذلك نحث الإدارة على العمل من أجل التوصل إلى حل عادل لضمان حقوق الجميع. ولن يتم حل هذه القضايا بشكل كامل في نهاية المطاف حتى يتفق الطرفان على حل عادل يضمن حقوق المواطنة الكاملة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين”.
لم توجّه إدارة بايدن حتى الآن أي انتقادات لسياسات الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك قضايا المستوطنات وحملة التطعيم
قالت بيث ميلر، مديرة الشؤون الحكومية في حركة الصوت اليهودي من أجل السلام – وهي مجموعة سياسية مناصرة مرتبطة بمنظمة الصوت اليهودي من أجل السلام – إن الرسائل التي وردت يوم الجمعة “تشير إلى أن المواقف تتغير” إزاء الجدل الدائر حول “إسرائيل” وفلسطين في واشنطن، مما يؤكد أهمية كلتا الرسالتين. وأضافت أن “هذه الرسائل تُظهر أن الحركة التي كانت تضغط على الكونغرس بشأن حقوق الفلسطينيين قد نجحت في النهاية”.
مع ذلك، لم توجّه إدارة بايدن حتى الآن أي انتقادات لسياسات الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك قضايا المستوطنات وحملة التطعيم. ومن جهته، انتقد بلينكن قرار المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة المرتكبة في فلسطين، كما تدين الإدارة الأمريكية بانتظام حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي يقودها الفلسطينيون، التي تسعى للضغط على “إسرائيل” لوضع حد للانتهاكات التي ترتكبها في حق الفلسطينيين.
وأخبرت ميلر موقع “ميدل إيست آي” بأن “سياسة إدارة بايدن تجاه فلسطين وإسرائيل كانت مخيبة للآمال بشكل لا يُصدق حتى الآن. لقد عارضوا بشدة كل طريقة ممكنة لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، وهم يرسلون إشارة واضحة بالفعل تفيد بأنهم لا يعتزمون إحداث تغيير جذري في سياسات ترامب”.
أشارت ميلر إلى أن الرسائل التي أُرسلت يوم الجمعة تظهر الفرق بين التقدميين في الكونغرس والإدارة عندما يتعلق الأمر بالنهج المتبع إزاء حقوق الإنسان في فلسطين. كما صرّحت ميلر بأن “هذا الأمر مهم حقًا لأن هذه هي الطريقة التي نمارس من خلالها الضغط بمرور الوقت لإجبار البيت الأبيض على اتخاذ إجراء حقيقي”. وشددت على أهمية “استجابة المزيد من التقدميين في الكونغرس لضغوط القواعد الشعبية في مقاطعاتهم التي ترغب في رؤية الحكومة الإسرائيلية تُحاسب على انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين”.
المصدر: ميدل إيست آي