على مدار السنوات الخمسة الأخيرة توجه عدد كبير من الفتيات العربيات في تركيا نحو الحجاب التركي كنوع من التغيير واتباع الموضة والاندماج في المجتمع التركي أيضًا، ثم انتقلت لفة الحجاب التركي إلى البلاد العربية والأوروبية وأصبحت طرق لفه ظاهرة ملفتة بشكل كبير جدًا بين الفتيات.
فمع ظهور المسلسلات التركية أصبحت الفتيات العربيات تتابع عن كثب كل ما يتعلق بالماركات التركية وأحدث موديلات المدونات والناشطات التركيات المحجبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما زاد اهتمامهن وتعلقهن أكثر بالطراز التركي وتحديدًا لفة الحجاب الذي لا يشبه أي بلد نظرًا لتفرده وأناقة وضعه بطريقته العفوية.
وللتعريج على اعتماد شكل الحجاب التركي في العالم العربي، وعلى بعض الأسباب والتحديات التي تواجه الفتيات العربيات اللواتي اخترن شكل حجابهن بطراز تركي واعتمادهن في كل الأوقات، “نون بوست” التقى بفتيات عربيات من دول مختلفة ومنهن في تركيا، وتحدثن عن الأسباب التي دفعتهن لارتداء الحجاب على الطريقة التركية.
يزور تركيا سنويًا قرابة 50 مليون سائح، جزء مهم منهم من العرب والمسلمين حول العالم، ومنهم مسلمو أوروبا من أصول عربية وتركية
وبحسب الإحصاءات الرسمية التركية، يزور تركيا سنويًا قرابة 50 مليون سائح، جزء مهم منهم من العرب والمسلمين حول العالم، ومنهم مسلمو أوروبا من أصول عربية وتركية، تأثر جزء كبير منهم بالثقافة التركية سواء في اللبس أم الطعام وغيرها من الجوانب الثقافية.
الحجاب التركي للتعايش والاندماج
بداية الحديث مع السورية ياسمين أحمد التي تدرس الصيدلة في إحدى جامعات إسطنبول والتي كانت تضع في السابق لفة الحجاب السوري الذي يمتاز بلفه مرتين وغالبًا ما يكون أبيض اللون، ثم أجبرت على تغيير شكل حجابها بما يتناسب مع نمط المجتمع التركي لتكمل مشوارها التعليمي بشكل طبيعي.
تقول ياسمين: “اعتمدت شكل الحجاب التركي هربًا من نظرات الطالبات التي يمكن أن تتسبب في إحراجي بسبب شكل حجابي السابق، وبسرعة يعرفون أنني سورية دون الحديث معهم، وفي نفس الوقت أريد أن أتعايش مع الشعب التركي وأشبههم حتى يتقبلوني بشكل أسرع، ولا أريد أن أكون غريبة بينهم ويميزوني سورية من شكل حجابي السابق”.
وتدريجيًا أصبح أسلوب الاندماج وسيلة للتعايش والتكيف لياسمين ومراعاتها لعادات وتقاليد التركيات وتعلم اللغة فور مجيئها دون تردد، ومع مرور الوقت أيقنت ياسمين أن شكل حجابها التركي الجديد كان في محله، فقد أضاف لها طابعًا أنيقًا وعصريًا.
يسهل التعامل مع الأتراك
تتفق الفلسطينية إيمان – التي جاءت لتدرس أحد تخصصات الهندسة في إحدى جامعات إسطنبول – مع ياسمين، وعن سبب ارتدائها الحجاب التركي قالت إن الدافع الأساسي هو الاندماج مع بيئة العمل والدراسة مع الأتراك، رغم أن البعض يميزونها عربية من ملامحها وهذا لا يعد نقصًا على حد قولها.
يتميز الحجاب العربي بالنسبة لبلاد الشام بنقشاته الكثيرة والسادة وخامته المتعددة من القطن أو الحرير أو الصوف أو الشيفون
وتعتقد إيمان أن معاملة المواطنين الأتراك في الأماكن العامة مثل المواصلات والدوائر الحكومية قد تختلف أحيانًا مع العربيات عندما يضعن لفة الحجاب التركي، معربة بالقول: “عندما أعتمد لفة الحجاب التركي وأتكلم مع الأتراك قد لا يميزون أو ينبهرون من أنني أتحدث لغتهم بإتقان، وبأنني فتاة فلسطينية وأشبههم في لباسهم، لكن الأمر يختلف عندما أرتدي الحجاب العربي، لأن الأتراك يعتقدون أني لن أفهم عليهم ويحاولون الحديث ببعض الكلمات الإنجليزية أو العربية أو حتى يتجنبوا الحديث معي”.
يتميز الحجاب العربي بالنسبة لبلاد الشام بنقشاته الكثيرة والسادة وخامته المتعددة من القطن أو الحرير أو الصوف أو الشيفون، وتعتمد فكرته على لفة مرتين بـ”دبابيس”، بعكس الحجاب التركي الذي يكون لفة واحدة ونهاية أطرافه تكون منسدلة على الأكتاف أو الظهر ولونه سادة أو ألوان ونقشات هادئة وإما من الحرير وإما الشيفون الناعم.
إطلاله عصرية بسيطة تناسب كل الوجوه
لم يقتصر الحال على المغتربات والمقيمات في تركيا، بل أصبح الحجاب التركي موضةً أيضًا تتبع في البلاد العربية والغربية وأصبح ظاهرة ملفتة جدًا.
هديل العجارمة طالبة تحاليل مخبرية وتدرس في إحدى جامعات الأردن، تعرج على الموضوع قائلة: “تناسب هذه اللفة كل أشكال الوجوه الطويلة والدائرية والرفيعة والممتلئة، كونها لا تحتاج إلى مجهود كبير وسهلة جدًا عند التحكم بها، وهي التي تبرز جمال وجه وملامح أي فتاة، ببساطة فهي تمنح الفتاة إطلالة عصرية وكلاسيكية تتناسب مع جميع الملابس اليومية أو حتى الرسمية، وطالبات الجامعة أصبحن يفضلن لفة الحجاب التركي عن غيره”.
أكثر تقبلًا في الغرب
كنوع من التغيير والراحة وجدت الطبيبة لمى حمد التي تعمل في إحدى المستشفيات الأمريكية الحجاب التركي أجمل من أي لفة حجاب عربية، وقررت تغيير لفة حجابها عندما جاءت سياحة إلى إسطنبول وأحبت شكل المحجبات التركيات، كما تبين أنها اعتمدت شكل الربطة الجديدة لأنها تليق بوجهها كثيرًا ولا تحتاج إلى وقت وجهد عند وضعها.
وتقول: “الجميل بالحجاب التركي صغير الحجم عند تشكيله وهذا الأمر شجعني على ارتدائه كوني أعيش في بلد غير مسلم، ونوعًا ما هناك عنصريو ضد الحجاي لا سيما عندما يكون قطعةً طويلةً جدًا يعكس صورة نمطية غير صحيحة قد يربطها البعض بالتشدد، لذلك شعرت بأن الحجاب التركي عصري ومحتشم وغير منفر”.
كيفية عمل لفة حجاب تركي؟
من المعروف أيضًا فيما يخص الحجاب التركي وطرق لفه أنّه شكلان يمكن أن تختار منهما الفتاة حسب وجهها ولبساطته فينصح بارتدائه في جميع الأوقات خاصة إذا كنتِ على عجلة من أمرك، وهما:
أولًا: حجاب تركي على شكل مستطيل
هو الأكثر شهرة في تركيا والبلاد العربية وهو ما يطلق عليه اسم “شال” بالتركية و”شالة” بالعربية، شكله يشبه الحجاب العربي تمامًا ويكون عند شرائه مستطيلًا، لكن يختلف في قماشه وطريقة لفه، المميز في هذه الطريقة لا تحتاج إلى تكلف بل تعتمد طريقة ربطها بشكل عفوي، ولها خامات مختلفة بين القطنية الناعمة أو الستان أو الحرير أو الشيفون.
في هذا الشكل نحتاج إلى “البندانة” كبطانة “قمطة” حتى لا ينزلق الحجاب، ثم نحاول ضبط الحجاب على شكل مثلث من المقدمة مع وضع دبوس واحد لربط الطرفين ويكون طرفاه متساويين كي نربطه من الخلف أو نترك أطرافه منسدلة على الظهر، أو أن تكون جهة طويلة وجهة أقصر ونضع واحدة إلى الخلف وواحده على الصدر، وهذه اللفة تتناسب جميع الوجوه.
ثانيًا: حجاب تركي على شكل مربع
يسمى هذا النوع من الحجاب “الإيشارب” باللغتين التركية والعربية، وفي الأصل يعد من الطراز القديم حيث كانت الجدات والأمهات تلبسنه عبر الأجيال السابقة ثم تدرج اليوم وأصبح موضة منتشرة بين الفتيات وعند شرائه من الأسواق يكون شكله مربعًا، ثم نقوم بثنيه لنحصل على شكل مثلث بعد ثني الأطراف.
في هذا الشكل قد لا نحتاج إلى “بندانة” أو “قمطة” مثل الشكل السابق، بل نحرص على أن يكون الطرفان متساويين لربط النصفيين عند منطقة الرقبة، وعند وضعه على الرأس يجب الحرص على تساوي نصفيه المنسدلين وربط النصفين المتبقيين عند منطقة العنق، ولا يوجد له طرق أخرى لتشكيله ويفضل هذه اللفة صاحبات الوجه الممتلئ أو البيضاوي حتى تبرز خدودهن أنحف.