ترجمة وتحرير: نون بوست
أكد قادة عسكريون وسياسيون ومسؤولون عراقيون لموقع “ميدل إيست آي” أن التنافس بين أجهزة المخابرات الإيرانية في العراق يلقي بظلاله على المشهد الأمني في البلاد ويؤدي إلى تعميق الخلافات بين حلفاء طهران.
منذ الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، أضحى العراق ساحة معركة رئيسية تتناحر فيها القوى العالمية والإقليمية، وعلى وجه الخصوص إيران والولايات المتحدة. كخطوة أولى ضمن هذا الصراع، عمدت إيران إلى بناء شبكة قوية تضمّ جماعات سياسية ودينية ومجموعات مسلحة لتعزيز نفوذها في العراق والحضور بقوة على الساحة.
اُستخدمت تلك الشبكة طيلة 15 سنة لخدمة مصالح إيران. لكن ما الذي يمكن أن يحدث عندما تتلقى تلك المجموعات تعليمات متناقضة من طهران؟ في الواقع، حدث هذا الأمر فعليا خلال الأيام الماضية.
تنتقل التعليمات من إيران إلى شبكة الحلفاء في العراق عبر 4 أجهزة استخبارات. أولها وزارة الاستخبارات والأمن القومي، الجهاز الثاني يُعرف بـ”بيت رهبري”، وهو قسم يتولى الملفات الحساسة المتعلقة بالمرشد الأعلى علي خامنئي. ويرتبط الجهاز الاستخباراتي الثالث بالحرس الثوري، أما الجهاز الرابع فهو يتبع مكتب المرشد الأعلى.
وتعمل الأجهزة المخابراتية الثلاث الأخيرة بأوامر مباشرة من المرشد الأعلى علي خامنئي وأقرب مساعديه، حسب ما قاله سياسيون عراقيون ومسؤولون مطلعون على الشأن الإيراني لموقع “ميدل إيست آي”.
يسيطر كل جهاز استخباراتي على عشرات الفصائل المسلحة العراقية والقادة السياسيين والأمنيين والمؤسسات الإعلامية والدينية. وعلى الرغم من أن عمل هذه الأجهزة يعتمد بشكل أساسي على الميليشيات الشيعية، إلا أنها عملت أيضًا على تجنيد عراقيين سنة وأكراد ومسيحيين وإيزيديين.
خلال الأسبوعين الماضيين، زادت أنشطة هذه الأجهزة، وظهر الاختلاف بينها في التوجهات والرؤى والأهداف بشكل صارخ.
يقول خبير في الشؤون الإيرانية لموقع “ميدل إيست آي”، طالبا عدم الكشف عن هويته: “كان هناك تصعيد على مستويات مختلفة في العراق، من بينها المستويات الأمنية والسياسية والإعلامية”.
وبينما يحث عملاء وزارة الاستخبارات على التحلي بالهدوء، فإن الأجهزة المرتبطة بخامنئي هي التي تثير البلبلة حاليا. ورغم أن الموالين للمرشد الأعلى يسعون جميعًا لإرضائه، فإن خططهم وأساليبهم متباينة بشدة.
يريدون إظهار قرار رفع العقوبات الاقتصادية على أنه انتصار، لذلك فقد مارسوا مزيدا من الضغوط على الأمريكيين ليعلنوا رسميا رفع العقوبات قبل بدء أي مفاوضات
يمثل هذا التضارب خطرًا على العراق، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن بشأن المفاوضات المحتملة لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
يضيف الخبير العراقي: “يعتقد الإيرانيون أن الإدارة الأمريكية الجديدة ضعيفة ولذلك يمارسون ضغوطا [بضرب القوات الأمريكية والحكومة العراقية] لإجبار الأمريكيين على العودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران قبل بدء أي مفاوضات”.
ويتابع قائلا: “يريدون إظهار قرار رفع العقوبات الاقتصادية على أنه انتصار، لذلك فقد مارسوا مزيدا من الضغوط على الأمريكيين ليعلنوا رسميا رفع العقوبات قبل بدء أي مفاوضات”.
تحت سيطرة سليماني
تهدف عمليات الاستخبارات الخارجية في المقام الأول إلى تشكيل بنك معلومات تستند إليه وزارة الاستخبارات والأمن القومي، لكن الحرس الثوري الإيراني، ولا فيلق القدس، يبقى الذراع الإيرانية الأكثر نفوذاً على الصعيد الخارجي، بسبب ارتباطه المباشر بمكتب المرشد الأعلى.
عزّز الحرس الثوري قبضته على الشؤون الخارجية بفضل قائده السابق قاسم الذي قُتل ببغداد في غارة جوية أمريكية بطائرة دون طيار في يناير/ كانون الثاني 2020. وقالت مصادر إن الجنرال سليماني مارس ذلك النفوذ على حساب جميع أجهزة المخابرات الأخرى، لذلك كانت جميع الفصائل السياسية والمسلحة المدعومة من إيران تعمل وفقا لأوامره، لكن الوضع تغير بشكل كبير منذ اغتياله.
مثّل تنظيم الدولة الإسلامية تحديًا كبيرًا لسليماني وفرصة كبيرة في الآن ذاته. انهار الجيش العراقي بشكل مفاجئ في حزيران/ يونيو 2014 عندما اجتاحت التنظيم المتشدد مناطق عدّة في شمال العراق وغربه.
كانت النتيجة كارثية، حيث أدى ذلك إلى نشوب صراع استغرق 4 سنوات وترك العراق في حالة يرثى لها. لكن انهيار الجيش مثّل أيضًا فرصة حقيقية وتاريخية لتشكيل قوة ضاربة ذات ولاء وأهداف وقيادة محددة لتحقيق التوازن المطلوب بين القوى الكبرى في العراق، حسب ما قاله سياسيون عراقيون للموقع.
عندما دعا آية الله علي السيستاني العراقيين إلى حمل السلاح لمواجهة تنظيم الدولة، أعطى بشكل غير مباشر مظلة أيديولوجية لتشكيل هذه القوة. انتهز سليماني، القائد الميداني الإيراني الأكثر ذكاءً وخبرة في المنطقة، هذه الفرصة بالتعاون مع شركائه العراقيين، وكانت النتيجة تشكيل وحدات الحشد الشعبي شبه العسكرية، والتي مثّلت الفصائل الشيعية المدعومة من إيران العمود عمودها الفقري.
في عهد سليماني، لعبت قوات الحشد الشعبي دورًا رئيسيًا في دحر تنظيم الدولة من معاقله في العراق. بعد هزيمة التنظيم سنة 2017، بدأت الخلافات تطفو على السطح بين الفصائل شبه العسكرية، حيث حاولت بعض الفصائل المدعومة من إيران استغلال نجاحاتها والتصرف فوق الدولة والقانون. مع ذلك، بقيت هذه الفصائل تحت سيطرة سليماني حتى الثالث من شهر كانون الثاني/ يناير 2020، عندما قُتل مع أبو مهدي المهندس، الأب الروحي لمعظم الفصائل العراقية المسلحة.
فوضى كبيرة
يؤكد عدد من المراقبين أن مقتل سليماني والمهندس خلّف حالة فوضى كبيرة انعكست بشكل مباشر وواضح على عمل أجهزة المخابرات الإيرانية الأربعة والفصائل المسلحة والقوى السياسية المرتبطة بها في العراق.
في هذا السياق، يقول الخبير بالشؤون الإيرانية إن “سليماني كان يشكل حلقة الربط بين الفصائل والقوى السياسية معا، لكن الأمريكيين قتلوه، وقتلوا أيضا المهندس الذي كان بإمكانه تخفيف حدة الانقسامات”. وأضاف المصدر لـ”ميدل إيست آي”: “لقد فشل الإيرانيون في تعويض الاثنين حتى الآن، وهو ما نتج عنه فوضى كبيرة لا يمكن السيطرة عليها”.
المرشد الأعلى يحاول استعادة السيطرة على الأجهزة العاملة في العراق والقوات المحلية المرتبطة بها لتوحيد القرارات والحد من الأضرار الناجمة عن هذه الفوضى
وحسب المراقبين الذين حاورتهم “ميدل إيست آي”، فقد ارتبط عدد من الميليشيات المسلحة والفصائل السياسية لاحقًا بأجهزة إيرانية مختلفة. في هذا الصدد، يقول الخبير الذي طلب عدم ذكر اسمه: “لهذا السبب، انعكست الخلافات داخل إيران على أداء هذه الفصائل والميليشيات في العراق”.
بسبب ضعف الجنرال إسماعيل قاآني الذي خلف سليماني في قيادة فيلق القدس، وافتقاره إلى علاقات قوية مع القادة العراقيين، ومحدودية صلاحياته، فُتح الباب على مصراعيه لعودة وزارة الاستخبارات الإيرانية وغيرها من الأجهزة لممارسة نفوذها في العراق.
وأكدت بعض المصادر أن “عدم قدرة قاآني على السيطرة على الفصائل المسلحة خلال الأشهر الأخيرة دفع خامنئي إلى تشجيع بيت رهبري على التدخل”. أصبح علي أصغر حجازي، مستشار خامنئي للشؤون الأمنية والمسؤول عن بيت رهبري، مسؤولاً بشكل مباشر عن أبرز الفصائل العراقية المسلحة، بما في ذلك كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق.
في شأن ذي صلة، صرح زعيم سياسي عراقي مقرب من إيران لموقع “ميدل إيست آي” أن “قاآني هو الحلقة الأضعف، حيث أن قادة الفصائل العراقية المسلحة لا يحترمونه ولا يخشون رفض أوامره”. وأضاف أن “الزعيم الفعلي للفصائل في الوقت الحالي هو حجازي. عندما يريد منهم تنفيذ أي مهمة، يطلب منهم الذهاب للقائه في مكتب خامنئي في طهران”. وفقًا للمصدر ذاته، فإن إيران تكافح من أجل العثور على شخص قادر على أن يحل محل سليماني.
وأوضح المسؤول السياسي العراقي أن “المرشد الأعلى يحاول استعادة السيطرة على الأجهزة العاملة في العراق والقوات المحلية المرتبطة بها لتوحيد القرارات والحد من الأضرار الناجمة عن هذه الفوضى”.
المزيد من الانقسامات
في الحقيقة، بدت هذه الانقسامات جلية وواضحة في أعقاب الضربة الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في 26 شباط/ فبراير على مقاتلي كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء في سوريا بالقرب من الحدود العراقية. رغم مقتل أحد المسلحين وإصابة ثلاثة آخرين، التزمت معظم الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران الصمت، بينما دعت قيادة الحشد الشعبي الحكومة إلى إجراء تحقيق فيما إذا كانت الغارة قد استهدفت الأراضي السورية أو العراقية.
أرسلت قيادة العمليات العسكرية العراقية لجنة إلى الحدود للتحقيق في الحادث، فيما وجّه حجازي الدعوة لرئيس أركان هيئة الحشد الشعبي، أبو فدك المحمدواي، وعدد من قادة الفصائل العراقية البارزة إلى اجتماع “عاجل” في طهران. في الوقت نفسه، دعا زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله قادة عدد من الفصائل الصغيرة إلى اجتماع آخر في بيروت.
وقد أكد عدد من المسؤولين المطلعين على مخرجات الاجتماعين لموقع “ميدل إيست آي”، أن نتائجهما كانت متباينة رغم أنهما عُقدا في الوقت نفسه تقريبا. بينما أوصى نصر الله بالتزام الهدوء وتجنب التصعيد ضد القوات الأمريكية والحكومة العراقية، حث اجتماع طهران على العكس تماما.
بما أن صوت الأجهزة المرتبطة بمكتب خامنئي هو الأعلى والأكثر نفوذا، انتصرت أوامر طهران واجتمع قادة الفصائل الممثلة في “الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية” في اليوم الموالي في بغداد من أجل التخطيط للخطوات التالية.
سرعان ما تُرجم قرار التصعيد إلى هجوم صاروخي في الثالث من آذار/ مارس استهدف قاعدة عين الأسد العسكرية في محافظة الأنبار، والتي تستضيف أكبر وجود عسكري أمريكي في العراق. أكد الجيش العراقي أن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات، لكن وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت في اليوم التالي عن وفاة متعاقد مدني بعد إصابته بنوبة قلبية أثناء الغارة.
من جهتها، شنت وسائل الإعلام التابعة للميليشيات الموالية لإيران حملة إعلامية مكثفة ضد الحكومة العراقية، زاعمة أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يسعى إلى زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق لتأمين الحماية من خلال تمديد الوجود العسكري الأمريكي ضمن مهمة حلف شمال الأطلسي.
كان على الكاظمي تهدئة الوضع قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وقد عقد مستشاره للأمن القومي سلسلة من الاجتماعات مع قادة سياسيين بارزين وقادة فصائل مسلحة. وأوضح مصدر مقرب من الأعرجي لموقع “ميدل إيست آي” أن تلك الاجتماعات كانت تهدف “لتوضيح الأمر وطبيعة الاتفاق الذي تسعى الحكومة العراقية لتوقيعه مع الناتو”.
وأصدر الأعرجي الأسبوع الماضي بيانا قال فيه: “تتكون بعثة الناتو من 320 فردا، وهم خبراء ومستشارون ومدربون وموظفون، ولا تتضمن مهام البعثة تنفيذ أي عمليات قتالية أو أمنية في العراق. تقتصر مهام بعثة الناتو في العراق على التدريب والاستشارات فقط، وليس هناك قرار أو توجيه صادر من قبل الحكومة العراقية يطلب زيادة عددهم أو تغيير مهامهم الاستشارية”.
وقال المصدر المقرب من الأعرجي إنه على الرغم من أن البيان يشير إلى عدم رغبة الحكومة العراقية في زيادة أعداد أفراد بعثة الناتو، إلا أن بغداد كانت تتفاوض بالفعل مع قيادة الحلف لتوسيع أهدافها، خاصة فيما يتعلق بالتدريب وإصلاح الأجهزة الأمنية.
تم وضع العديد من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية في حالة تأهب لتدارك العواقب وتهدئة الأوضاع
وأكد المصدر ذاته أن “مهمة الناتو تقتصر حاليا على تدريب قوات وزارة الدفاع، لكننا طلبنا منهم تدريب قوات وزارة الداخلية وبقية الأجهزة الأمنية. توسيع مهمتهم يتطلب زيادة عدد الأفراد وتوقيع اتفاقية جديدة معهم، لكن وجودهم يقتصر على التدريب وتقديم المشورة وليس لهم علاقة بأي مهام قتالية”.
الكاظمي في وضع حرج
في الثامن من آذار/ مارس حلّت كارثة جديدة بالبلاد قبل أن تهدأ زوبعة الناتو ومستقبله في العراق، حيث انفجرت قنبلة يدوية في مكب نفايات بالقرب من جسر الأئمة ببغداد، والذي يربط منطقة الأعظمية التي يهيمن عليها السنة ومنطقة الكاظمية المجاورة ذات الأغلبية الشيعية.
استهدفت القنبلة حجاجا شيعة في ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم، مما أسفر عن مقتل شخص وجرح ثمانية آخرين.
في الحقيقة، اعتاد العراق على مثل هذه الحوادث، لكن هذا الهجوم دفع عشرات من أنصار الميليشيات الموالية لإيران إلى نشر تعليقات طائفية على فيسبوك وتويتر تتهم أهالي الأعظمية باستهداف الحجاج الشيعة.
وأعاد المعلقون للأذهان الحادثة المأساوية التي وقعت في المكان والتوقيت ذاته سنة 2005، عندما أدى حادث تدافع على جسر الأئمة إلى وفاة نحو ألفين من الحجاج الشيعة بعد انتشار أنباء عن وجود انتحاري بين الحشود.
بعد ساعات من الهجوم، توجه الكاظمي إلى مقر قيادة العمليات المشتركة في بغداد، وعقد اجتماعا أمنيا مع وزير الداخلية ونائب قائد العمليات المشتركة وقائد عمليات بغداد وعدد من الضباط العسكريين والأمنيين. وفي يوم الثلاثاء الذي تلى الحادث، جاء في بيان أصدره مكتب الكاظمي أنه وجّه قواته إلى “بذل أقصى درجات الانتباه والاستعداد لضمان انسيابية مراسم الزيارة”.
وفي حديثه مع موقع “ميدل إيست آي”، قال زعيم سياسي شيعي بارز مقرب من الكاظمي أنه “كان من الواضح أن الجبهات [المعادية للحكومة] تُفتح واحدة تلو الأخرى. أصبح الكاظمي بمثابة رجل إطفاء، كلما أخمد مصدرًا للنيران، فُتح باب آخر”.
وتابع: “تم وضع العديد من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية في حالة تأهب لتدارك العواقب وتهدئة الأوضاع”.
بينما تفاوض الأعرجي بشكل مباشر مع قادة الفصائل المسلحة في بغداد، كان الكاظمي وفريقه وبعض القادة السياسيين على اتصال دائم مع بيروت وطهران وبعثة الأمم المتحدة وجهات مؤثرة أخرى، حسب ما أفادت به مصادر مطّلعة على المفاوضات لموقع “ميدل إيست آي”.
يوم الأربعاء، أسفرت تلك الجهود عن موافقة الفصائل المسلحة الكبرى على التهدئة وإيقاف عملياتها ضد القوات الأمريكية وحلفائها داخل العراق، مقابل تقديم الكاظمي – بصفته القائد العام للقوات المسلحة – طلبًا خطيًا إلى مجلس الأمن الدولي لوقف مهام بعثة قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، وضمان انسحابها خلال مدة أقصاها 12 شهرًا.
لن تكون الأزمة الأخيرة
رغم أهميته، إلا أن اتفاق التهدئة لن يضع حداً للصراع بين الولايات المتحدة وإيران، وبين الفصائل المسلحة والحكومة العراقية. وأكد مسؤولون عراقيون لموقع “ميدل إيست آي” أن أزمة الأسبوعين الماضيين لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة.
الأجهزة الإيرانية تجيد لعبة المناورة. بينما تنفي إحدى الجهات علاقتها بهذا الهجوم، هناك جهة أخرى تتبنى المسؤولية عنه
خلال الأسابيع الماضية، قامت فصائل مسلحة صغيرة تحمل أسماء غير معروفة، مثل “سرايا أولياء الدم” و”أصحاب الكهف”، بإعلان مسؤوليتها عن الهجمات على أهداف أمريكية في العراق، وهو ما وصفه مسؤولون بتكتيك جديد تتبناه الفصائل المعروفة لشن هجماتها دون تحمل العواقب.
ورغم أن هذه الهجمات محدودة التأثير، إلا أنها مزعجة ومحرجة للحكومتين العراقية والأمريكية، وتسفر عن إصابات بين الحين والآخر.
في هذا الصدد، قال الخبير بالشؤون الإيرانية إن “كل هذه الجماعات [الجديدة] مزيفة وليس لها وجود. تلك الهجمات نفذتها الفصائل المعروفة لكنها لا تريد تحمل العواقب، لذلك تُنسب إلى مجموعات خيالية. اختلاق هذه الجماعات يوفر للفصائل المسلحة والإيرانيين الهامش المطلوب للمناورة والتحرك في الخفاء، والتنصل من المسؤولية عن هذا الهجوم أو ذاك”.
وأشار الخبير إلى أن الرسائل التي تصدر من إيران لحلفائها في العراق، والتي تبدو متضاربة أحيانا، يمكن أن تخدم الأهداف الإيرانية على أرض الواقع وأن تشكل جزءا من استراتيجية أوسع. واعتبر الخبير أن “الأجهزة الإيرانية تجيد لعبة المناورة. بينما تنفي إحدى الجهات علاقتها بهذا الهجوم، هناك جهة أخرى تتبنى المسؤولية عنه. إنهم يلعبون لعبة الشرطي الجيد والشرطي السيء مع الأمريكيين والحكومة العراقية. وهذا التكتيك يؤتي ثماره دائمًا”.
المصدر: ميدل إيست آي