تعتبر مقولة مؤسس الجمهورية التركية “مصطفى كمال أتاتورك”: “سلام في البيت، سلام في العالم” من أهم المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية، غير أن مكونات المشهد السياسي التركي اليوم يختلفون حول قراءة هذه الجملة، فتقرأها المعارضة الأتاتوركية من اليسار إلى اليمين مفسرة إياها بأن إحلال السلام في البيت أو في الوطن يؤدي إلى إحلال السلام في العالم، في حين تقرأها الحكومة من اليمين إلى اليسار مفسرة إياها بأن إحلال السلام في العالم يؤدي إلى إحلال السلام في البيت والوطن.
وفي الساعات القليلة الماضية وقع تبادل للتصريحات بين أحد أبرز زعماء المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري “كمال كيلتشار أوغلو”، ورئيس الوزراء ورئيس الحزب الحاكم “أحمد داوود أوغلو”، حول نقطتان تكشفان بوضوح أوجه الاختلاف الحاد في الذهنية السياسية التي يحملها الطرفان، وصعوبة الوصول لتفاهم بين هاتين العقليتين.
تصريحات كيلتشار أوغلو:
في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي الشهير “أحمد هاكان” أطلق كيلتشار أوغلو تصريحات هي الأولى من نوعها من قيادي بحجمه في المعارضة التركية، فقال: “لأنني أقف ضد ما يحدث من إراقة للدماء في الشرق الأوسط اتهمت بأني أخون الوطن.. أنا أحب وطنب.. الخائن هو من أدخل 1.5 مليون سوري لتركيا.. الخائن هو من نهج سياسات أوصلت السوريين لهذا الحال”، مضيفا: “هذه الحكومة تنتهج سياسات خاطئة توقع بالسوريين في هذ المآزق ثم تفتح الباب للسوريين.. ثم تفتح الباب لأكراد كوباني.. هذه هي خيانة”.
وعند إجابته على سؤال “هل أنت ضد الانقلابي السيسي” أجاب كيلتشار أوغلو: “كلا، أنا لا أمارس السياسة الرخيصة ولا أعارض حاكم بلد يقبل به المجتمع الدولي”، مضيفا: “أمريكا وبريطانيا هل هم ضد السيسي؟ أنا أهتم بالشأن الداخلي لبلدي”.
تصريحات داوود أوغلو:
جاء رد داوود أوغلو على تصريحات كيلتشار أوغلو خلال ندوة ثقافية حول قطاع غزة، حيث قال: “خرج مؤخرا من يقول أن استقبلنا ل1.5 مليون لاجئ سوري خيانة للوطن، وكما قلنا لمن سبقوه بمطالبتنا بالسكوت عن ما يحدث في غزة بأننا سنتحدث عن غزة، نقول له اليوم.. عنادا فيك سنفتح أبوابنا لهؤلاء اللاجئين/ مهما كانت ديانتهم وهذاهبهم، من لا يرحم الناس لا يرحمه الله”.
ومضى داوود أوغلو قائلا: “عند وقع القتل في مدينة الشجاعية في غزة، قلت للفلسطينيين أن الشجاعية هي معنى للشجاعة والبطولة، هناك آخر أرض فلسطينية مات فيها آخر شهيد عثماني.. بيننا وبين غزة علاقات تاريخية وإنسانية وكونية”.
وعند شرحه للموقف الذي تتبناه تركيا من القضايا الدولية، استدل داوود اوغلو بقصة عاشها عند زيارته لقطاع غزة بعد حرب 2012، فقال: “في غزة التقيت بفلسطيني قال لي “لا تترك غزة بمفردها”.. تخيلوا أن غزاويا تمطر عليه القنابل من كل صوب واستشهد أقرب الناس إليه ولازال يعيش تحت تهديد الموت لا ينسى آراكان.. من هنا تأتي قوة المقاومة، عند مدافعتهم عن غزة يشعرون بأنهم يدافعون عن آراكان”، مضيفا: “إنهم يشعرون بأنهم يدافعون عن غزة وعن الشام وبغداد والصومال.. إنهم يدافعون عن الزمان والمكان الذان اختلطا بالإيمان، يدافعون عن المحبة والتحاب”.