بعد أقل من 48 ساعة على قرار زيادة أسعار الفائدة بـ200 نقطة أساس بما يفوق توقعات معظم المؤسسات المالية الدولية، أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، محافظ البنك المركزي ناجي أغبال، الذي عينه في نوفمبر/تشرين الثاني، وحل مكانه شهاب كافجي أوغلو المناصر الكبير لسياسة خفض الفائدة التي ينادي بها الرئيس التركي، وهي ثالث إقالة لمحافظ البنك المركزي في البلاد في أقل من عامين، فقد سبقه من قبل مراد أويصال ومراد تشين كايا.
منذ تولى أغبال المنصب، رفع سعر الفائدة بمقدار 875 نقطة أساس، ما عزز مصداقية البنك المركزي المتضررة بين المستثمرين، وكسبت الليرة 18% تقريبًا من قيمتها خلال فترة ولايته القصيرة، إذ زادت التوقعات بأنه سيعود إلى سياسات نقدية أكثر تقليدية ويقاوم الضغط السياسي لخفض تكاليف الاقتراض، لكن على الطرف الآخر، أردوغان، الذي يدعم نظرية غير تقليدية تقول إن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم، ولطالما اعترض على سياسة البنك المركزي لسنوات وطالبهم بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة للحفاظ على معدلات نمو مرتفعة.
من كافجي أوغلو؟
ولد شهاب كافجي أوغلو في 23 من مايو/أيار 1967 في بايبورت، وهو مصرفي تخرج في جامعة دوكوز إيلول، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، قسم إدارة الأعمال، وبعد تخرجه من معهد المحاسبة بجامعة إسطنبول كاختصاصي تدقيق، درس شهاب كافجي أوغلو إدارة الأعمال في كلية هاستينغز بإنجلترا ثم أكمل درجتي الماجستير والدكتوراة في معهد التأمين والمصارف بجامعة مرمرة.
عمل كافجي أوغلو مساعد مفتش ومفتش ومدير فرع ومساعد مدير عام في Esbank TAŞ، وشغل منصب المنسق الإقليمي في بنك Halk Bankası AŞ، وفي نفس البنك شغل منصب مساعد المدير العام المسؤول عن الخدمات المصرفية للأفراد والتجار – الخدمات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة وسياسات الائتمان والموارد البشرية والتنظيم -.
وهو رئيس مؤسسة بايبورت للثقافة والخدمات التعليمية، وتم انتخابه نائبًا لولاية بابيورت من حزب العدالة والتنمية.
يعمل كافجي أوغلو أستاذًا في العلوم المصرفية بجامعة مرمرة في إسطنبول، وكاتب عمود في صحيفة يني شفق الموالية للحكومة
وهو عضو في مجلس أمناء مؤسسة تطوير جامعة بايبورت، وعضو الكونغرس في نادي غلطة سراي الرياضي وعضو مؤسس في جمعية خريجي جامعة دوكوز إيلول، له كتابان والعديد من المقالات بعنوان “حل وتتبع مشاكل القروض في البنوك التجارية” و”تقييم المشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة”.
المواقف الاقتصادية
يعمل كافجي أوغلو أستاذًا في العلوم المصرفية بجامعة مرمرة في إسطنبول، وكاتب عمود في صحيفة يني شفق الموالية للحكومة التي انتقدت بشدة آخر زيادة في أسعار الفائدة من السلطة النقدية على صفحتها الأولى يوم الجمعة، قائلة إن القرار كان صادمًا وأن المركزي استقبل بآذان صماء مطالب الشارع التركي البالغ عددهم 83 مليون نسمة، وأن هكذا قرار لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالنمو الاقتصادي ويفيد في المقام الأول “أصحاب الأموال الساخنة في لندن”.
دافع كافجي أوغلو المحافظ الجديد والنائب السابق عن حزب العدالة والتنمية، عن سياسات الاحتياطي التي تم تنفيذها خلال فترة وزيرة المالية السابق برات البيرق من 2018 إلى 2020، وقال إن استخدام البنك المركزي للعملات الأجنبية في ذلك الوقت ساعد في كبح جماح التضخم وأسعار الفائدة وسعر الصرف.
وبحسب تقديرات غولدمان ساكس، تم إنفاق ما قدره 100 مليار دولار في العام الماضي وحده، كما اقترضت تركيا عشرات المليارات من الدولارات من خلال اتفاقيات مبادلة، ما أدى إلى انخفاض إجمالي احتياطيات تركيا من العملات الصعبة بشكل حاد بنسبة 20% العام الماضي حتى تاريخ تعيين أغبال إلى 85.2 مليار دولار، في حين انخفض صافي احتياطيات النقد الأجنبي بأكثر من النصف إلى 19.6 مليار دولار.
المحافظ الجديد كافجي أوغلو كتب في مقال سابق: “لا ينبغي للبنك المركزي أن يصر على ارتفاع أسعار الفائدة، عندما تقترب أسعار الفائدة في العالم من الصفر، فإن رفع أسعار الفائدة هنا لن يحل مشاكلنا الاقتصادية، على العكس من ذلك، سيعمقهم في الفترة المقبلة”.
المحافظ الجديد أيد نظرية أردوغان غير التقليدية بشأن العلاقة بين أسعار الفائدة والتضخم، قائلًا إن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن “يفتح الطريق بشكل غير مباشر لزيادة التضخم”
كما أيد نظرية أردوغان غير التقليدية بشأن العلاقة بين أسعار الفائدة والتضخم، قائلًا إن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن “يفتح الطريق بشكل غير مباشر لزيادة التضخم”، على الرغم من أن معظم المصرفيين المركزيين والاقتصاديين في جميع أنحاء العالم يعتقدون أن العكس هو الصحيح، وقد يجادلون برفع أسعار الفائدة لمحاولة السيطرة على التضخم المفرط.
المرحلة القادمة
يتولى كافجي أوغلو زمام الأمور بعد تسارع وتيرة التضخم في فبراير/شباط إلى ما يقرب من 16% على أساس سنوي، وتلقي الليرة واحدة من أسوأ الضربات بين أقرانها نتيجة صعود عوائد السندات الحكومية لـ10 سنوات في الولايات المتحدة، وهو ما زاد الضغوطات على أغبال لدعم السوق بمعدلات فائدة أعلى.
من الواضح أن المحافظ الجديد سوف يسير وفق الرؤية الاقتصادية للرئيس التركي، لكن بالنظر إلى الخلف قليلًا، سنجد أن مراد أويصال، المحافظ الأسبق، كان ينفذ مطالب أردوغان بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة، وعلى الرغم من ذلك أُقيل بعد الضغوطات الهائلة التي تعرضت لها العملة المحلية، فما الفارق الذي سيحدثه المحافظ الجديد؟