ثبت بالأدلة كذب الإشاعة التي روجتها قناة الميادين اللبنانية لصاحبها غسان بن جدو حول “جهاد النكاح” في سوريا، وإذ ظن البعض أن هكذا إشاعات حكر على بعض وسائل الإعلام العربية فإن ما حدث مؤخرًا في قرية ساراو الهندية أثبت أن الحقد الطائفي يؤدي بصاحبه – أحيانًا – إلى هكذا ادعاءات، حيث شهدت القرية في الشهور الأخيرة تجاذبات بين الهندوس والمسلمين بسبب زعم متطرفين هندوس وجود حالة لما يسمونه “جهاد الحب”، مدعين أن رجالاً مسلمين يتعمدون إغراء نساء هندوس وإيقاعهم في غرامهم ثم يتزوجونهن ويظلون يضغطون عليهن إلى أن يعتنقن الإسلام.
وحسب هذه التهمة الهندوسية فإن حملة “جهاد الحب”، أدت إلى تناقص عدد الهندوس في الهند، متجاهلين بذلك أن الهندوس يمثلون أغلبية واضحة في الهند حيث لا يزيد تعداد المسلمين في الهند عن 180 مليون نسمة من بين إجمالي 1250 مليون نسمة.
وكما حدث مع الفتاة التي قدمها إعلام النظام السوري وقناة الميادين على أنها كانت تمارس جهاد النكاح بين الثوار السوريين ثم ثبت بالأدلة أنها لا علاقة لها بالموضوع، قدم الهندوس فتاة هندوسية تقول: “تم اختطافي و نقلي إلى عدة مدارس إسلامية وتعرضت للاعتداء الجنسي هناك وعُذبت وأُجبرت على أن أصبح مسلمة”، وبعد بضعة أسابيع من انتشار القصة ذهبت الفتاة للشرطة وأوضحت أن شهادتها كانت خاطئة وأنها تحب الرجل الذي تزوجته وأن أسرتها أجبرتها على الإدلاء بهذه الشهادة لأن أسرتها لا تحبذ هذه العلاقة.
وفي تعليقها على إشاعة “جهاد الحب” وتبني بعض الأحزاب القومية لها، رأت “أتول شارما”، رئيسة منظمة سانكالب لحقوق الأطفال في ولاية أوتار براديش، أن التعامل بهذا الشكل مع هذه الحالة يمثل منهجًا متبعًا في الهند وأن “اليمينيين يلتقطون حالات فردية من الغش المحتمل والعداء للنساء ويلبسونها لباسًا دينية”، وأنهم “يفعلون ذلك من أجل حصد أكبر قدر ممكن من أصوات الهندوس في الانتخابات”.
وحسب شارما فإن الكثير من المراقبين السياسيين اكتشفوا أن المتشددين أصبحوا يحتلون المزيد من المساحات السياسية منذ أن أصبحت الحكومة المركزية في نيودلهي تحت قيادة رئيس الوزراء “ناريندرا مودي”، وذلك من أجل ترسيخ حكم الهندوس، حسبما يخشى “جاسم محمد” من منتدى الدراسات والبحوث الإسلامية.
وأما “ريهانا أديب” الناشطة في مجال حقوق النساء فترى أن ما يعرف بجهاد الحب هو جزء من حملة أكبر وأن اليمينيين في الهند يكافحون ضد الزواج بين أبناء الأديان المختلفة، مضيفة: مجموعات من أمثال مجموعة “جار فابسي” التي تعني “العودة” تحاول إعادة الهنود الذين يعتنقون دينًا مثل المسيحية أو الإسلام للهندوسية”.
وتقوم منظمات هندوسية كثيرة بتنظيم حملات “توعوية” يجوبن خلالها أنحاء الهند محذرين من زواج الهندوسيات من المسلمين، رافعين شعارت مسيئة للمسلمين وشعارات سياسية من قبيل “إذا أصبح المسلمون أغلبية فسيحكموننا”، وطالما تحول مثل هذا التأجيج إلى أعمال عنف يروح ضحيتها عشرات المسلمين الذين يُقتلون على أيدي مجموعة هندوسية متطرفة بالإضافة إلى اضطرار عشرات الآلاف إلى الفرار من منازلهم.