ترجمة وتحرير: نون بوست
كان سعد الجبري أحد أقوى المسؤولين في الاستخبارات السعودية، مما جعله مقربا من القوى الغربية. وقد لعب دورا هاما في جهود مكافحة الإرهاب التي تقدر بمليارات الدولارات، وقدم المشورة لكبار أعضاء العائلة المالكة السعودية، قبل أن يختار المنفى بعد تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في سنة 2017. في وقت لاحق، اتهم الجبري الأمير بإرسال فرقة اغتيال إلى كندا لقتله، وهي مزاعم لقيت صدى واسع مع مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول سنة 2018.
في آخر تطورات هذا النزاع المرير في قلب السلطة السعودية، تحول الجبري من موقع الضحية إلى متهم. في كانون الثاني/ يناير، قامت عشر شركات مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة – صندوق الثروة السيادية الذي يرأسه الأمير محمد – برفع دعوى مدنية في كندا ضد مسؤول وزارة الداخلية السابق بتهمة تدبير عملية احتيال بقيمة 3.5 مليار دولار باستخدام شركات واجهة تم تأسيسها منذ أكثر من عقد من الزمن لتغطية عمليات السعودية السرية لمكافحة الإرهاب.
أصدرت محكمة أونتاريو قرارا يقضي بتجميد أصول الجبري عالميا، ورفضت طلبه لنقض الحكم في آذار/ مارس. وبينما يصر أنصار ولي العهد على أن القضية جزء من حملة أوسع لمكافحة الفساد تهدف إلى تحطيم أنظمة المحسوبية، يرى آخرون أنها محاولة صارخة لإسكات شخصية على دراية بالكثير من أسرار المملكة.
يمتد هذا الصراع إلى قلب نظام الحكم الاستبدادي والمتهور للأمير محمد. بالنسبة إلى الموالين له، فإن حملة مكافحة الفساد – التي يدعمها والده الملك سلمان – ضرورية لتطهير النظام من الفساد والوفاء بتعهدات ولي العهد بتحديث اقتصاد المملكة شديد الاعتماد على عائدات النفط والذي تنخره شبكات المحسوبية. في المقابل، يرى آخرون أن الخلاف مع الجبري يجسد المطاردة الشرسة للملك المستقبلي الشاب لخصومه ومنافسيه، إلى جانب اعتقال مئات السعوديين بمن فيهم أمراء ورجال أعمال وموظفون حكوميون.
تقول الأكاديمية السعودية في كلية لندن للاقتصاد مضاوي الرشيد إنه “كان ثمة فساد ولا يزال هناك فساد. إن هذا أشبه بالمافيا التي تقضي على المنافسين داخل النظام بأكمله. لقد اعتدنا على ذلك مع كل ملك عرفته السعودية في الماضي، ولكن ليس بهذه الطريقة العنيفة والواضحة والصريحة”.
أيا كانت حيثيات القضايا ضد الجبري، فإنها تقدم لمحة نادرة عن طريقة عمل نظام المحسوبية السعودي الذي أثرى أفراد العائلة المالكة ومساعديهم ورجال الأعمال المرتبطين بهم على مدى عقود. باتت المملكة المحافظة مجبرةً على الكشف عن أساليبها القذرة للجميع بشكل لم يسبق له مثيل، مما أثار قلق مسؤولي المخابرات الغربية بشأن طريقة معاملتهم لشخص كانوا يعتبرونه حليفًا موثوقًا ومحترمًا.
يؤكد مسؤول سعودي رفيع المستوى أنه لا بد من “تعزيز” حملة مكافحة الفساد، لأن الحملات السابقة لم تُؤخذ على محمل الجد: “كنا بحاجة إلى صدمة كبيرة جدًا للنظام لتحفيز تغييره، لأن الشخصيات فيه لم تكن تتغير، بل وفي بعض الحالات، كانت هناك مبالغ ضخمة من المال يتم إخراجها من النظام”.
تهديد وجودي للرياض
تعد قضية الجبري إحدى أهم القضايا وأشهرها في حملة القمع في المملكة. لقد كان الساعد الأيمن للأمير محمد بن نايف، الذي شغل منصب وزير الداخلية سابقا، وولي العهد الذي ما زال معتقلا في السعودية منذ العام المنصرم.
ينسب مسؤولو المخابرات الغربية الفضل إلى هذا الثنائي في النقلة النوعية التي شهدها الجهاز الأمني للمملكة، ليتحول إلى نظام حديث لعب دورا حاسمًا في مكافحة الإرهاب. في هذا الصدد، قال مسؤول استخبارات غربي كبير سابق إن “لدى وكالات الاستخبارات ذاكرة” وتعمل في عالم حيث “نعتني بالأشخاص الذين يعملون معنا. إن تلك الصداقات عميقة للغاية وتنطوي على قدر كبير من الثقة”.
يضيف المسؤول الغربي السابق أن السعودية تظل شريكًا أمنيًا مهمًا على الرغم من ذلك، مشيرا إلى أن “الكثير من الشخصيات التي نعمل معها في المستوى التالي أدناه مؤهلون للغاية، وما زالوا على رأس أعمالهم. لكن سعد الجبري لعب دورًا مهمًا ولن يُنسى. استنادا للطريقة التي تعمل بها أنظمة التعويضات في السعودية، قد يكون بالإمكان القبض على أي أحد”.
تزعم عائلة الجبري أنه أصبح مستهدفا بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد محل الأمير محمد بن نايف في حزيران/ يونيو 2017. ووصف أنصار محمد بن نايف التغيير على أنه انقلاب ملكي مصمم لتحييد أحد المنافسين لولي العهد في المنصب الأعلى.
في الدعوى القضائية التي رفعها في الولايات المتحدة ضد ولي العهد، يزعم الجبري أنه “في موقع فريد يجعله يمثل تهديدا وجوديا” للأمير محمد مع الحكومة الأمريكية. ويضيف أنه “كان مطلعاً على معلومات حساسة” تخص “مكيدة سياسية سرية لولي العهد داخل الديوان الملكي” و”صفقات تجارية فاسدة”.
يقال إن مؤامرة الاغتيال المزعومة ضد الجبري وقعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 – في نفس شهر تنفيذ عملية قتل خاشقجي التي أمر بها محمد بن سلمان، وذلك حسب وكالات المخابرات الأمريكية. ووفقًا لدعوى الجبري القضائية الأمريكية ضد محمد بن سلمان، فشلت محاولة الاغتيال المزعومة بعد أن تسبب عملاء سعوديون في “إثارة شكوك مسؤولي أمن الحدود الكندية”.
عندما تم خلع محمد بن نايف في حزيران/ يونيو 2017، كان الجبري خارج البلاد بالفعل وقرر أنه من الأفضل عدم العودة إلى موطنه. بدلاً من ذلك، انتقل إلى كندا، مدعياً أنه اتخذ هذه الخطوة لحماية نفسه وعائلته من قبضة ولي العهد. قالت الأسرة إن اثنين من أبنائه – سارة وعمر – كانا في المملكة آنذاك، ومُنعا من مغادرة البلاد.
بعد خمسة أشهر- تحديدا في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 – تم الإعلان عن حملة مكافحة الفساد للعالم بطريقة استعراضية. بعد ساعات من تعيين الأمير محمد رئيساً للجنة العليا لمكافحة الفساد المنشأة حديثاً، أغلقت السلطات مطار الرياض الخاص لمنع الأثرياء وذوي النفوذ من الهروب من حملة القمع التي كانت تجتاح المملكة. وفي عملية منسقة، اعتُقل أكثر من 300 أمير – بمن فيهم أبناء الملك الراحل عبد الله – ورجال أعمال ونُقلوا إلى فندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض.
في الوقت ذاته، تم تجميد حسابات الجبري السعودية، وفُتح تحقيق في أنشطته باسم هيئة مكافحة الفساد. التزمت العائلة الصمت لمدة ثلاث سنوات، ولكن بعد اعتقال سارة وعمر في آذار/ مارس 2020، بدأ أفراد الأسرة بالتكلم. في تشرين الثاني/ نوفمبر، أُدين الشابان، كلاهما في أوائل العشرينات من العمر، في محاكمة مغلقة بتهمة “محاولة الفرار” من السعودية “بشكل غير قانوني”، وجرائم غسل الأموال، وذلك وفقًا لوثائق المحكمة المرفوعة في أونتاريو.
في كانون الثاني/ يناير 2021، رفعت الشركات الواجهة – المملوكة الآن لصندوق الاستثمارات العامة – دعوى قضائية تزعم فيها أن الجبري استخدم منصبه في وزارة الداخلية لإنشاء كيانات “للقيام بأنشطة مكافحة الإرهاب”، لكنها استُخدمت بدلاً من ذلك في مخطط احتيالي بهدف “سرقة” مليارات الدولارات.
ويزعم المدعون أنه أشرف على مخطط شارك فيه ما لا يقل عن 21 متآمرًا عبر 13 ولاية قضائية لاختلاس ما لا يقل عن 3.5 مليار دولار، مع إخفاء الأموال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا.
من بين المتهمين الآخرين، زوجة الجبري وأبناؤه وأقاربه وأصدقاؤه وشركات تابعة له. وقال محاموه إنه إذا كان هناك تزوير، “وهو ما ينفيه الجبري ويعمل على دحضه، فإن المملكة العربية السعودية ستكون هي الضحية، وهي ليست طرفا في النزاع.
شريك مهم للولايات المتحدة
تأسست الشركات الواجهة بعد أن موّل الملك عبد الله مخطط الأمير محمد بن نايف، الذي كان آنذاك يشغل منصب مساعد في شؤون الأمن. أشرف الجبري على تأسيس 17 شركة حسب وثائق المحكمة. ولم يشغل محمد بن نايف أو الجبري مناصب رسمية في الشركات التي كانت في قطاعات من التكنولوجيا إلى الطيران والأمن السيبراني والعقارات والأمن.
لكن الجبري كان سيحصل على خمسة بالمئة من أرباح الشركات كتعويض، وذلك وفقا لوثائق المحكمة، الذي يقول المدعون العامون إن هذا غير قانوني بموجب القانون السعودي.
في إحدى الصفقات المذكورة في وثائق المحكمة، قال سكاب، وهو أحد المدعين العامين، إن الشركات وافقت على شراء أجهزة فاكس مشفرة بأسعار مبالغ فيها بشكل مصطنع، وتحويل 122 مليون دولار إلى حساب عبد الرحمن شقيق الجبري، بين سنتي 2008 و2011 مقابل منتجات “لم تكن موجودة أو لم تكن تعمل”.
على الرغم من أنه ليس متهما في القضية التي رفعتها الولايات المتحدة، إلا أن المدعين العامين يزعمون أن محمد بن نايف قد تلقى ما لا يقل عن 1.2 مليار دولار بفضل المخطط الاحتيالي. كما يزعمون أن الجبري وشركة “دريمز أنترناشيونال سيرفيزيس” – وهي هيئة خارجية أنشأها الجبري في سنة 2007 – قد حصلوا على مدفوعات مباشرة بقيمة 480 مليون دولار من الشركات الواجهة.
في صفقة واحدة فقط، قيل إن شركة “دريمز أنترناشيونال” تلقت 113.6 مليون دولار بعد شهرين من إقالة الجبري من منصب وزير الدولة في شهر أيلول/ سبتمبر 2015. كما يُزعم أن الجبري عيّن أصدقاءه وأقاربه كمساهمين معينين في الشركات الواجهة.
بلغ إجمالي التعويضات التي تلقاها الجبري من الدولة ما بين 2008 و2015 قيمة 4.2 مليون دولار، وذلك وفقا لوثائق المحكمة، لكن المدعين العامين يزعمون أنه يمتلك عقارات “فاخرة” في كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى بقيمة 83.2 مليون دولار.
قد تكون القضية محرجة لبنك “إتش إس بي سي”، الذي يبدو أنه كان البنك المفضل للجبري لكل من أعماله التجارية الشخصية – فتح حسابات متعددة – والهيئات التي يُزعم أنه استخدمها لتنفيذ عملية الاحتيال، وذلك وفقا لوثائق المحكمة. ولكن بنك “إتش إس بي سي” قال إنه لن يعلق على قضية قانونية جارية.
كان بنك “إتش إس بي سي” وصيا أيضا على صندوق الجبري الائتماني الذي تبلغ قيمته 55 مليون دولار الذي يطلق عليه اسم “الحصان الأسود” والذي أنشأه في جيرسي. ووفقا للوثائق، شارك الجبري في معاملات عقارية قامت بها الشركات الواجهة، بما في ذلك بيع مبنى في جنيف – المبنى الذي يستأجره البنك – في صفقة بقيمة 310 ملايين دولار.
وهب الجبري أصوله لابنه محمد في شهر حزيران/ يونيو سنة 2017. ولكن في تصريح لاحق للمحكمة، أدرج الجبري أصولا تزيد قيمتها عن 63 مليون دولار مودعة في حسابات مصرفية وصناديق ائتمانية خارج المملكة، بالإضافة إلى عقارات في كندا ومالطا والمغرب والمملكة العربية السعودية وتركيا، بما في ذلك مقر إقامة في تورنتو تم شراؤه مقابل 10.4 مليون دولار، وأسطولا يضم أكثر من 20 سيارة من طراز بورش وبنتلي.
يدعي محامو الجبري أن المدعي قلّ دخله خلال هذه الفترة لأنه استبعد “العلاوات” من كبار أعضاء العائلة الحاكمة، بحجة أنه في حين أن موظفي الخدمة المدنية السعوديين لديهم حدود قصوى للرواتب”، “من المعروف تماما أنهم، من الناحية العرفية، يتلقون هدايا سخية كعلامة على الاعتراف بالجميل ومكافأة على الولاء”.
بعد أن عين الملك سلمان الجبري وزيرا للدولة في شهر كانون الثاني/ يناير 2015، قدّم الملك للمسؤول شيكا بقيمة 20 مليون ريال سعودي (5.3 مليون دولار)، وذلك وفق ما صرّح به خالد الجبري نجل وزير الدولة السابق للمحكمة في أونتاريو. في سنة 2015، تلقى الجبري هدايا بقيمة 14.7 مليون دولار، وفقا لوثائق محكمة الدفاع.
برّر البعض إقالة الجبري لاحقا في عام 2015 بعقده اجتماعًا غير مصرح به مع وجون برينان، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية آنذاك، وبالمناورة السياسية من قبل محمد بن سلمان لإضعاف محمد بن نايف.
سُلّط الضوء على نفوذ الجبري بعد أن أعلنت الأسرة الحاكمة عن اعتقال ابنه وابنته السنة الماضية. وحث أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس آنذاك دونالد ترامب على تأمين الإفراج عنهم، مُدّعين أن المسؤول السعودي السابق “كان شريكا مهما للحكومة الأمريكية”.
نحن لا نسبح في المال
بدأ التحقيق في حقيقة الشركات الواجهة بعد أن تم دمجها ضمن شركة “تحكّم الاستثمارية”، وهي شركة فرعية تم إنشاؤها حديثا من قبل صندوق الاستثمارات العامة، بموجب أمر ملكي صدر في شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017.
تم التعاقد مع شركة “إرنست آند يونغ” للقيام بتحقيق واجب لبعض الكيانات. وبعد أن أبلغ المدقق عن وجود مخالفات، وقع تكليف شركة “ديلويت” بإجراء مراجعة شرعية، وهو جوهر القضية المرفوعة ضد الجبري. ولا يزال التحقيق مستمرا.
زعم اقتراح تم تقديمه في الولايات المتحدة في شهر كانون الأول/ ديسمبر، لرفض قضية الجبري المرفوعة ضد ولي العهد، أنه من إجمالي 19.7 مليار دولار الذي خصصته السلطات السعودية لمكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، فإن 11 مليار دولار تم “إهدارها أو سُرقت بشكل مباشر” من قبل الجبري وشركاؤه.
لم تشمل حملة ولي العهد قطاعي الدفاع والأمن فقط – اللذان لطالما اعتُبرا من أكثر القطاعات عرضة للفساد على نطاق واسع. بدأت “منظمة نزاهة”، هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية، في رفع دعاوى قضائية ضد العشرات من موظفي البنك المركزي ووزارة الصحة وهيئة الأرصاد الجوية وموظفي الحكومة المحلية وقاضٍ متقاعد وأفراد من الحرس الوطني ورجال شرطة منذ مطلع سنة 2021.
يقول مسؤول سعودي إن قانون عمليات الشراء الجديد يهدف إلى تحسين الشفافية في منح العقود الحكومية. ويضيف أن “مكافحة الفساد مهمة جدا لأننا لا نتصرف في الأموال بالطريقة التي اعتدنا عليها، لذا فإن كل ما ننفقه الآن مهم. ليس لدينا خيار سوى القيام بالأشياء بشكل مختلف”.
من ناحية أخرى، يرى بعض السعوديين أن حملة القمع كان لها تأثير كبير في الحد من الفساد، لا سيما فيما يتعلق بالمشتريات الحكومية. ويقول أحد الصناعيين السعوديين: “يتم إنجاز الأمور بشكل عام بشكل أسرع في المكاتب الحكومية حيث لا يوجد تأخير بسبب دفع الرشاوى”.
مع ذلك، تشكو شركات أخرى من إصابة المسؤولين بالعجز خوفا من اتهامهم بالفساد. ويقول أحدهم: “أصبحت عبارة “من المحتمل أن ينتهي بي المطاف مثل مسؤولي فندق الريتز”، شائعة بين البيروقراطيين السعوديين.
أُطلق سراح معظم مسؤولي فندق “ريتز” المعتقلين، ولكن فقط بعد أن اشترى العديد منهم حريتهم عن طريق تحويل الأصول والأموال إلى الدولة. ورافق ذلك تقارير عن سوء المعاملة – التي نفتها الحكومة – التي قالت الرياض إنها ستجمع بفضلها ما لا يقل عن 100 مليار دولار لصالح خزينة الدولة.
حسب أحد المحللين السعوديين، فإن حملة مكافحة الفساد تحظى بشعبية في صفوف العديد من السعوديين، مضيفا أنها “لا تحظى في المقابل بشعبية كبيرة بين نخبة رجال الأعمال”.
أوضح محلل سعودي أن “رجال الأعمال مترددون بشأن الاستثمار في المشاريع السعودية المستقبلية، وكانت ثقافتهم تقوم على حقيقة أن لديهم صلات بأفراد العائلة الحاكمة أو الإدارات الحكومية، وهكذا يحصلون على صفقات المشاريع الكبرى. ولكن هناك الآن نوع من الاحتكار الذي يتركز أو يرتبط بمحمد بن سلمان”.
حسب الأكاديمية مضاوي الرشيد، فإن الافتقار إلى الشفافية قوّض رسالة مكافحة الكسب غير المشروع، حيث أنه “لو كان القضاء مستقلا في المملكة العربية السعودية، لكانت محاكمة الأشخاص الذين تم اعتقالهم أو احتجازهم كرهائن ممكنةً. ولكن لا يمكننا اعتبار ما يفعله محمد بن سلمان (أمرا إيجابيا)، في الوقت الذي تجري فيه جميع المفاوضات مع المحتجزين سرًا. ثم لدينا رقم صريح مفاده أنه تلقى 100 مليار دولار من ذلك. على أي أساس؟”.
لا يوافق ديفيد رونديل، رئيس البعثة الأمريكية السابق في الرياض ومؤلف كتاب “رؤية أم سراب: المملكة العربية السعودية على مفترق الطرق”، على أن الحملة قد استخدمت كجزء من “الاستيلاء على السلطة”، مجادلا بأن الفساد كان على أجندة الملك سلمان منذ وقت طويل جدا”.
مع ذلك، يتساءل رونديل عما إذا كان يتم استبدال مجموعة فاسدة بأخرى ببساطة، مشيرا إلى أنه “ليس من الواضح ما إذا كان محمد بن سلمان يقوم بتنظيف الفوضى القائمة أو ما إذا كان يقوم فقط بإنشاء طاقم جديد من القراصنة. ربما كلا الاحتمالين واردين. وسنكون ساذجين إذا لم نعتقد أنه كان يكافئ المقربين منه”.
المصدر: فاينانشال تايمز