ترجمة وتحرير: نون بوست
قدّم المشرعون الأمريكيون مقترح قانونين لمعاقبة المملكة العربية السعودية على مقتل جمال خاشقجي، مما يشير إلى دعم الحزبين لمحاسبة المملكة وولي عهدها محمد بن سلمان. ووافقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب على الإجراءات كجزء من حزمة تشريعية أوسع نطاقا من الحزبين يوم الخميس.
إن أول تشريع، الذي قدمه عضو الكونغرس الديمقراطي توم مالينوفسكي في وقت سابق من هذا الشهر، من شأنه أن يفرض حظر تأشيرات على المسؤولين السعوديين المتورطين في اغتيال خاشقجي، بما في ذلك ولي العهد. أما التشريع الثاني، فيقترح تعليق مبيعات الأسلحة إلى المملكة لمدة 120 يوما، ويتطلب مراجعة وحتى إغلاق المنشآت الدبلوماسية السعودية إذا ثبت تورطها في مضايقة المعارضين في الولايات المتحدة أو التجسس عليهم.
يقود جيري كونولي، وهو ديمقراطي يمثل منطقة شمال فيرجينيا حيث كان يقيم خاشقجي، مشروع القانون. ويُذكر أن مقترح كونولي حصل على دعم مايكل ماكول، أكبر الجمهوريين في اللجنة، بعد التأكد من أنه لن يمنع المملكة من شراء أسلحة دفاعية.
إن الموافقة من لجنة السياسة الخارجية تُمهّد الطريق لاعتماد مجلس النواب مشروع القانونين. وبعد ذلك، يجب تمرير التشريع في مجلس الشيوخ قبل عرضه على مكتب الرئيس.
“خطوة في الاتجاه الصحيح”
يأتي تقديم مشروع القانونين بعد أسابيع من إصدار إدارة بايدن تقريرًا لمدير المخابرات الوطنية يؤكد أن بن سلمان وافق على اغتيال خاشقجي. لكن الرئيس جو بايدن اختار عدم فرض عقوبات على ولي العهد، خوفًا من تدهور العلاقات بين واشنطن والرياض، مما أثار حفيظة دعاة حرية الصحافة وحقوق الإنسان.
مقتل خاشقجي لم يكن جريمة خطيرة فحسب، بل إهانة لواشنطن
يوم الخميس، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية غريغوري ميكس: “القتل الوحشي لجمال خاشقجي كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست والمقيم الدائم في الولايات المتحدة صدم الأمريكيين بمن فيهم أنا. كان إصدار إدارة بايدن لتقرير مدير المخابرات الوطنية بشأن القتل خطوة جيدة نحو المساءلة، لكن هناك حاجة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات”.
قُتل خاشقجي وقُطّعت أوصاله على أيدي عملاء الحكومة السعودية في قنصلية المملكة في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018. لقد كتب لصحيفتي واشنطن بوست وميدل إيست آي بصفته من المطلعين السابقين على شؤون الحكومة، وكان من أبرز منتقدي محمد بن سلمان. في المقابل، رفضت الرياض الإقرار بنتائج التقرير الأمريكي، ولا يزال المسؤولون السعوديون يصرّون على أن القتل كان عملية مارقة لم يوافق عليها كبار القادة في المملكة.
صرح توم مالينوفسكي يوم الخميس بأن مشروع القانون الخاص به يتطلب ببساطة تطبيق القوانين الحالية التي تفرض حظر التأشيرات على منتهكي حقوق الإنسان. وأضاف أن مقتل خاشقجي لم يكن جريمة خطيرة فحسب، بل إهانة لواشنطن أيضا. وصرح قائلا: “هذا ليس شيئا فعلته الحكومة السعودية لشخص ما داخل المملكة العربية السعودية. هذا قرار متعمد من قبل الحاكم الفعلي للبلاد للوصول إلى داخل الولايات المتحدة لتهديد ثم قتل أحد سكان بلدنا لأن هذا الشخص الذي يعيش في بلادنا كان ينتقد القيادة السعودية”.
من جانبه، أوضح كونولي أن مشروع القانون لا يتعلق فقط بخاشقجي، ولكنه يهدف أيضا إلى حماية جميع المعارضين السعوديين الذين يواجهون الترهيب. وقال: “لا يوجد تسامح مع هذا النوع من المعارضة والناس يتعرضون للقتل. إنهم يُحتجزون ويتعرضون للتعذيب ولمعاملة وحشية. نحن كأمريكيين، وبصفتنا لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي خلال هذا الوقت”.
أكد ماركوس مونتغمري، الزميل في المركز العربي بواشنطن العاصمة الذي يتابع شؤون الكونغرس، أن تقديم مشاريع القوانين هو “خطوة في الاتجاه الصحيح” لمساءلة المملكة العربية السعودية. وقال مونتغمري: “إنها أخبار جيدة لمشروع القانونين. فحقيقة أنهما حظيا بموافقة اللجنة تشير إلى أن لديهما دعما إداريا. لديهما على الأقل بعض الدعم من الحزبين. وأتصور أنه من المحتمل أن يتم تحديد موعد للتصويت الكامل في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين”.
أعرب بعض الجمهوريين في لجنة السياسة الخارجية يوم الخميس عن دعمهم للمملكة العربية السعودية، مسلطين الضوء على علاقاتها الودودة مع “إسرائيل”
بالإضافة إلى ذلك، أشار مونتغمري إلى أن مالينوفسكي، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والمنتقد الصريح للرياض، هو صوت رئيسي في الحزب الديمقراطي، حيث قال: “إنه يفهم نهج السلطة التنفيذية لهذه المشاريع، لذا أتخيل أنه حصل بالفعل على دعم إداري لها في المقام الأول”.
ثقافة الإلغاء
أعرب بعض الجمهوريين في لجنة السياسة الخارجية يوم الخميس عن دعمهم للمملكة العربية السعودية، مسلطين الضوء على علاقاتها الودودة مع إسرائيل ودورها الجيوسياسي في مواجهة إيران. ومن جهته، قاوم الرئيس السابق دونالد ترامب طلبات ملزمة قانونا من الكونغرس لإصدار التقرير في محاولة لحماية محمد بن سلمان من التداعيات.
في تعليق على مشروع قانون مالينوفسكي، تحدث عضو الكونغرس سكوت بيري، وهو جمهوري من ولاية بنسلفانيا، عن مواضيع غير متصلة، بما في ذلك توبيخ جماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية سياسية في الشرق الأوسط. وقال بيري: “أود أن أشير أيضا إلى المساءلة والمسؤولية فيما يتعلق بأعضاء الإخوان المسلمين – على الرغم من أنهم لا يديرون دولة قومية إذا جاز التعبير كحكومة، لكنهم موجودون داخل الحكومات، وموجودون لإنهاء حكومة الولايات المتحدة كما نعرفها والحضارة الغربية كما نعرفها والأميركيين”.
في بيان دافع عن العائلة المالكة السعودية في سنة 2018، وصف ترامب خاشقجي بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين. ومن غير الواضح ما إذا كان تعليق بيري مرتبطا بهذا التصريح. كما مضى عضو الكونغرس الجمهوري، يوم الخميس، في تشبيه اغتيال خاشقجي “بثقافة الإلغاء” في الولايات المتحدة. وقال بيري: “نحن نرى هذا الأمر يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية. نرى ثقافة الإلغاء هذه تحدث”. وأضاف: “لا أرغب في رسم مقارنة دقيقة مع ما حدث لخاشقجي، لكن الأمر لا يبدأ بوفاة الصحفيين غير المتوقعة. هذه ليست البداية، بل النهاية. يبدأ الأمر مع التخويف الذي يحدث في بلادنا”.
المصدر: ميدل إيست آي