التحيز الجنسي وكراهية النساء، ليست مجرد مصطلحات وتعريفات نظرية وجدت لأهداف فكرية، بل هي عناوين لممارسات متكررة في حياتنا اليومية. في الحقيقة، عندما نبدأ بملاحظة هذه الممارسات وتتبعها، سنجدها في كل مكان، سواء كنا في العمل أم الأماكن العامة أم داخل المنزل ومع أسرنا أم حتى عند مشاهدتنا للبرامج والعروض التليفزيونية المليئة بهذه الأفكار السامة. في هذا التقرير نستعرض بعض الأمثلة على هذه الممارسات.
العمل
مهما كانت المهنة أو طبيعة العمل، من الممكن جدًا أن يجد التحيز الجنسي لنفسه مكانًا مريحًا بداخله، وفي حين قد تستشعر النساء السلوكيات التي تنم عن كراهية أو تحيز ضدها، لكن ليس من الضروري أن تشعر بالارتياح لفكرة المواجهة. هذه بعض الأمثلة:
1. الإهانات المغلفة بالمزاح
وهو الشكل الأكثر شيوعًا للتمييز الجنسي الذي يمر في حياتنا اليومية، ويتكون من ملاحظات أو نكات متحيزة جنسيًا وعبارات مهينة على أساس الجنس، مثل التعليقات التي تتناول اللباس أو المظهر الخارجي ومزجها بالعمل، مثل قول: “لا تنسي أن تكوني أنيقة قبل مقابلة هذا العميل”، أو النكات التي تذكرها بدورها النمطي كامرأة، وغيرها من الأساليب المسيئة بطريقة غير مباشرة التي تتعمد إهانة الموظفة أو التقليل منها فقط لأنها امرأة.
2. التقليل من قيمة آراء المرأة ودورها
هذا يشمل المقاطعة أو التحدث في أثناء حديث النساء أو المبالغة في شرح الأشياء للموظفات الإناث حتى دون الطلب، كما لو أن النساء بحاجة للشرح المفصل بطبيعتهن، كما تشعر الكثير من النساء بأن آرائهن لا تُسمع أو تؤخذ جديًا حتى يعيد أحد الموظفين الذكور ذكرها.
3. التعامل مع المعايير المزدوجة
اتباع سلوكيات متشابهة من الرجال والنساء لا يعني بالضرورة الحصول على نفس الانطباع من المجتمع، فالرجل الصارم في العمل يُثنى عليه، بينما المرأة الصارمة تواجه ألقابًا كثيرةً وعلى رأسها “المسترجلة” وهو لقب متحيز بحد ذاته، كأن الصرامة سمة تقتصر على الرجال.
من جهة أخرى الرجل المسن في العمل يُحترم لخبرته، بينما تتعرض المرأة المسنة للسخرية من مظهرها الخارجي، أما الرجل المدمن على العمل فيُقبل منه ذلك أيضًا، في حين يُنظر للمرأة التي تعطي عملها الأولوية على أنها أنانية ومهملة لأسرتها.
يفترض الكثير من الناس أن المرأة حساسة وعاطفية بطبعها، ومع أن هذه الصفات ليست بالضرورة خصائص سلبية، لكن يمكن لهذه الافتراضات أن يكون لها عواقب سيئة على النساء اللائي يعملن في مناصب عادة ما يشغلها الرجال
4. المهام النمطية
يتوقع بعض مديري العمل أن تؤدي المرأة واجبات وظيفية معينة مثل الرد على الهاتف أو ملء الاستمارات أو صنع القهوة أو ترتيب الاجتماعات. قد يطلب رئيس العمل من إحدى الموظفات أن تنجز مهام السكرتارية هذه حتى لو لم تكن ذات صلة بعملها.
5. الأحكام المسبقة
يفترض الكثير من الناس أن المرأة حساسة وعاطفية بطبعها، ومع أن هذه الصفات ليست بالضرورة خصائص سلبية، لكن يمكن لهذه الافتراضات أن يكون لها عواقب سيئة على النساء اللائي يعملن في مناصب عادة ما يشغلها الرجال.
فعلى سبيل المثال، قد يقول صاحب العمل إن المرأة لا تتناسب مع منصب معين، لأنه يفترض أنها ليست قوية بما يكفي لتولي دور قيادي يتطلب حزمًا وصرامةً.
الأسرة
كشفت إحدى الدراسات التي أجريت على 45 امرأةً عن حقيقة أن التحيز الجنسي الذي تتعرض له المرأة في أثناء طفولتها قد يكون مرتبطًا بالاكتئاب لدى النساء، بالإضافة إلى تدهور الثقة بالنفس ووجود مشاكل في العلاقات الحميمية أو المهنية.
ومن صور التمييز بناءً على الجنس في الأسرة إعطاء الوالدين للأخ قيمة أكبر من أخته، بما يعني احترامه والاهتمام برغباته وآرائه وكل ما يتعلق به أكثر من أخواته الإناث.
من الأمثلة أيضًا تعرض الأخت للإساءة من أخيها دون محاسبته أو تعويضها على ما حصل لها، بالإضافة إلى حرمانها من الموارد والامتيازات التي يحصل عليها الأخ الذكر فقط مقابل منعها عن الابنة.
كما أوضحت الدراسة وجود نتائج أخرى لهذه السلوكيات التي يتبعها بعض الأهالي، مثل ميول بعض الفتيات إلى التضحية برغباتهن وحاجاتهن في سبيل خدمة الوالدين وتعويضهم عن المصاعب التي يمرون بها بسبب الأخوة الذكور المثيرين للمشاكل.
العلاقات العاطفية
تتساءل بعض السيدات كيف من الممكن أن يتحول فجأة ذلك الشاب اللطيف قبل الزواج إلى شخص عدواني ومتسلط بعد الزواج؟ الأشخاص الكارهون للنساء في حال كانوا رجالًا، قد يدعون أنهم يحبون زوجاتهم، لكن تصرفاتهم تشير إلى عكس ذلك تمامًا، فهم يعيشون حياة مزدوجة، يبدون لطيفين وساحرين في الحياة العامة مع بقية المجتمع، لكن في المنزل يتصرفون بلطف ومحبة في بعض الأحيان، وبإساءة بقية الوقت.
وفي حال كنتم تتساءلون كيف من الممكن اكتشاف هذا النوع من الأشخاص مسبقًا، فهذه هي العلامات التي تظهر في أثناء العلاقة وبصورة يومية دون أن ينتبه لها أحد:
1. يقول الكثير من التعليقات التي تتعلق بكون المرأة غبيةً أو ضعيفةً أو غير قادرة على منافسة الرجل بتنفيذ المهام، أو من الممكن أن يؤيد هذا النوع من التفكير من دون قيامه هو شخصيًا بأي فعل، مثل إعجابه بالمنشورات أوالبرامج التي تتناول المرأة بصورة ساخرة أو مهينة.
2. يرى موضوع المساواة وقضية حقوق المرأة مجرد ترهات.
لطالما صورت الإعلانات التجارية المرأة في أدوار نمطية محددة، فهي بطلة جميع إعلانات التنظيف والغسيل والطبخ
3. يعبر عن نفوره أو غضبه الشديد تجاه النساء اللاتي يتولين مناصب سياسية أو قيادية، ويفترض أن وصولهن لهذا المنصب كان عن طريق الحظ أو الاحتيال والتلاعب وليس بمجهودهن ومؤهلاتهن.
4. يستخدم عبارات مثل “لا تكن مثل المرأة” بقصد التوبيخ، ويستخدم الإناث بشكل مستمر كإهانة، كأنه يعتقد أنه لا يوجد شيء مخجل في الحياة أكثر من كونك امرأةً!
5. يحاول استخدام النصوص الدينية وتطويعها لخدمة رغباته وميوله للسيطرة والتسلط.
الإعلام
إن موضوع مظاهر كراهية المرأة في الإعلام واسع جدًا، فهو يشمل الأفلام والعروض التليفزيونية والسينمائية وبرامج التسلية والإعلانات التجارية.
فعلى سبيل المثال، لطالما صورت الإعلانات التجارية في أدوار نمطية محددة، فهي بطلة جميع إعلانات التنظيف والغسيل والطبخ، في تأكيد غير مباشر على أن هذه المهمات محصورة في المرأة فقط، أما في أحيان أخرى تلعب المرأة دور الإغراء في الإعلانات، ويتم تشييئها إما بقصد الفكاهة أو بقصد جذب المشاهدين.
والأمر مماثل فيما يتعلق بالدراما التليفزيونية المليئة بالعنف ضد المرأة بجميع أشكاله، بدعوى محاولة تصوير حقيقة المجتمع، مع وجود أمثلة قليلة جدًا على الحالة المعاكسة، وهي المرأة القوية القادرة على حماية نفسها وإعالتها، وفي حال تمثيل المرأة القوية، غالبًا ما يتم تصويرها على أنها مزعجة أو قبيحة وغير محبوبة.
من الصعب حصر الأمثلة التي تتجلى بها كراهية المرأة في حياتنا اليومية على مختلف الأصعدة، فهي أسلوب حياة لدى شريحة واسعة من المجتمع تمثل الشريك أو زميل العمل أو الفنان أو أيًا يكن من صناع مظاهر الحياة من حولنا، وبالتالي الحل الوحيد هو محاولة ملاحظة هذه المظاهر والاعتراض عليها عند وقوعها، على أمل نشر الوعي من جهة ومقاومة كارهي النساء من جهة أخرى.