أثارت حالة التحرش بطفلة في مصر مطلع مارس/آذار الحاليّ سخطًا عارمًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي، حالة التحرش هذه التي رصدتها الكاميرا ليست الأولى، وحتمًا لن تكون الأخيرة.
مسألة التحرش الجنسي في العالم العربي قضية ليست جديدة وإنما تعود اليوم إلى الواجهة بعد تواتر أكثر من خبر عن المشكلة في الإعلام، فالأرقام صادمة والنسب مرتفعة والقضية تكبر.
وفقًا لاحصاءات موقع الباروميتر العربي تعد مصر والعراق والسودان والجزائر والمغرب في مقدمة الدول العربية التي تنتشر فيها ظاهرة التحرش بشكل كبير جدًا، إذ تصدرت مصر قائمة الدول العربية بنسبة 44%، ويأتي العراق في المرتبة الثانية بنسبة 39% والسودان 38% والمغرب 36%.
وأظهرت البيانات التي أصدرتها شبكة أبحاث مقرها جامعة برنستون الأمريكية أن تونس وليبيا والأردن أقل الدول العربية في انتشار التحرش، بينما جرى تصنيف القاهرة على أنها من أخطر المدن في العالم على النساء.
من بين كل 10 ضحايا، هناك ضحية واحدة تُقدم على تقديم شكوى، فغالبًا تكون خصوصية الفتاة المبلغة عن التحرش في تهديد
وفي استطلاع للآراء أجراه المعهد الفرنسي، فإن 8 من كل 10 نساء في فرنسا تعرضن لنوع من أنواع الانتهاكات أو الاعتداءات الجنسية، وفي بريطانيا بلغت نسبة التحرش الجنسي 65%، بينما في السويد بلغت نسبة التحرش 81% وهي أعلى نسبة في قارة أوروبا.
ضحايا التحرش
للتحرش أنواع عديدة لكن الهدف واحد وهو التقليل أو الانتقاص من الشخص المستهدف، وتتفاوت أنواع التحرش بين النكت غير اللائقة والكلام البذيء والتعليقات والإهانات والنظر والملاحقة والتتبع والتهديد والرسوم المتحركة والمضايقات في مكان العمل، لكن أكثر أنواع التحرش انتشارًا هو التحرش الجنسي.
ومن بين كل 10 ضحايا، هناك ضحية واحدة تُقدم على تقديم شكوى، فغالبًا تكون خصوصية الفتاة المبلغة عن التحرش في تهديد، إذ قد يصبح الضحايا هدفًا للمضايقات عبر الإنترنت أو التشهير أو يتعرضن للسخرية أو الفصل من وظائفهن أو ينتهي بهن الأمر في وظائف أقل درجة من وظيفتهن وصحة بدنية وعقلية أسوأ من النساء اللاتي يلتزمن الصمت.
لهذه الأسباب لا تقدم النساء على الإبلاغ عن الاعتداء، فلا توجد سرية في الحفاظ على معلومات المدعي بسبب عدم استخدام التكنولوجيا.
التحرش في أماكن العمل
تشير إحصاءات المراكز الدراسية المختلفة إلى أن أكثر من 50% من الموظفين تعرضوا لاعتداءات جنسية في العمل، فينتشر التحرش الجنسي في جميع أنحاء العالم ويؤثر سلبًا على عمل المرأة، بما في ذلك حضور المرأة في مكان العمل وإنتاجيتها والدخل والاحتفاظ بالوظيفة والتقدم والمسار الوظيفي، وله تكاليف كبيرة على الشركات والاقتصادات.
لذلك، بدأت العديد من الشركات في الاستعانة بالتكنولوجيا للحد من هذه الظاهرة لما تملكه من ميزات أهمها رصد حالة التحرش مُبكرًا والتكتم على هوية الضحية وسهولة استخدامها.
التكنولوجيا والتحرش الجنسي
خلال الأشهر الماضية شهدت الهند زيادة كبيرة في نسبة التحرش والاعتداءات ووصلت مراحل خطيرة بلغ بعضها حد الوفاة.
وبعد ضغوط عدة بسبب الإهمال المطلق وانعدام المسؤولية من الحكومة الهندية التي لم تصدر أي قوانين تضع حدًا لحالات الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، اتجهت الحكومة الهندية مؤخرًا لاستخدام التكنولوجيا للحد من التحرش، فاعتمدت نموذجًا من الذكاء الاصطناعي من خلال منصة تدعى safe city، تنشئ هذه المنصة خرائط وطرقًا آمنةً لمرور النساء في المدينة، باستخدام تقنيات تعتمد في الأساس على مشاركة المستخدمين.
للتكنولوجيا تطبيقات وتقنيات كثيرة للحد من التحرش والتصدي للعنف ضد المرأة، فيوجد أكثر من 171 تطبيقًا يستخدم الذكاء الاصطناعي لمكافحة الاعتداءات
تتعامل المنصة بسرية تامة مع بيانات المشاركين، وتوضح على الخريطة المناطق التي تكثر فيها حالات التحرش من عدمها، تعمل هذه المنصة عن طريق دمج التعلم الآلي وتحليل البيانات الواردة، فتظهر حالات التحرش الجنسي في الأماكن العامة بناءً على مكان ووقت ونوع التحرش.
منصة “safe city” هي إحدى نماذج استخدام التكنولوجيا في مكافحة التحرش، لكن لمعرفة أنواعها الأخرى، نتناولها بشيء من التفصيل. وللتكنولوجيا تطبيقات وتقنيات كثيرة للحد من التحرش والتصدي للعنف ضد المرأة، حيث يوجد أكثر من 171 تطبيقًا يستخدم الذكاء الاصطناعي لمكافحة الاعتداءات.
استخدام المساعدين الصوتيين
يعمل الخبراء على تطوير أجهزة المساعدة الصوتية مثل Alexa وGoogle Home واستخدامها لكشف حالات التحرش والمضايقات.
يمكن أن تتعرف هذه الأنواع من التكنولوجيا على كلمات وعبارات معينة، إذ يتم تعليمها الإهانات أو الملاحظات الجنسية أو أي شيء آخر يمكن اعتباره غير مناسب في مكان العمل، وبمجرد أن تلتقط وحدة الذكاء الاصطناعي الكلمة أو العبارة، يمكنها تنبيه صاحب العمل إلى أن شيئًا ما ليس صحيحًا قد يحدث.
تقنية الوعي
هي منصة تستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يمكنها تحديد الاتصالات الهجومية والتحقيق فيها والتعامل معها في مرحلة مبكرة، دون مطالبة الضحية بإبلاغ الحالة إلى رئيس العمل، فهي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد السلوك المخترق للموظفين داخل الشركات.
تقنية butler al
أسست رائدة الذكاء الاصطناعي Ritika Dutt شركة Butler AI، وتستخدم هذه التقنية لتحديد ما إذا كانت الحوادث تصنف على أنها تحرش جنسي أم جريمة أخرى.
تم تدريب المنصة عبر إدخال 300.000 حادثة وقعت في أمريكا وكندا، ولا تزال هذه التكنولوجيا في طور التكوين، لكنها تركز بشكل أساسي على استخلاص أوجه التشابه في الاعتداء الجنسي من شهادات الضحايا.
تقنية Nimb
هي تقنية تساعد في منع حالات الاعتداء الجنسي، تم تصميم البلوتوث على شكل حلقة على المعصم، وفي حالة الطوارئ يتم الضغط على الحلقة ثم يرسل البلوتوث تنبيهات إلى جهات الاتصال المدرجة مسبقًا في الهاتف.
روبوت التعلم الآلي
يساعد نموذج Nex AI على منع التحرش والاعتداء الجنسي في إطار تنظيمي، من خلال الاستفادة من خوارزميات التعلم الآلي لتحديد التنمر المحتمل والتحرش الجنسي في مستندات الشركة ورسائل البريد الإلكتروني والمحادثات.
يساعد الروبوت في تحليل وقراءة الحالات الشاذة في اللغة وتكرار وتوقيت الاتصال، وبالتالي رسم الأنماط على مدار أسابيع، وبمجرد تحليل النمط، يتم إرسال المعلومات إلى المحامي ومدير الموارد البشرية لإجراء مزيد من التحقيق، وقد تم نشر هذا الروبوت في 50 شركة عالمية بما في ذلك مكاتب المحاماة في جميع أنحاء لندن.
تطبيق SAVDHAAN
هذه التكنولوجيا هي أول تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي لمنع الاعتداءات الجنسية والاغتصاب، نشأ عام 2018، وهو متاح في متجر Play ويمكن تنشيطه باستخدام تطبيق الهاتف المحمول، وبمجرد أن يتم تنشيط التطبيق، فإنه يرسل رسالة استغاثة ويتصل بجهة الاتصال الأساسية كل خمس دقائق في حالة الطوارئ.
بمساعدة تقنية الذكاء الاصطناعي، يتم عمل تقرير موحد عن موقع الشخص والأصوات المحيطة به، وإرسالها إلى الأوصياء عبر الرسائل القصيرة.
تطبيق stop it
يفضل الموظفون استخدام هذا التطبيق للإبلاغ عن حالات التحرش والسلوك غير اللائق والأفعال السيئة غير المرغوب فيها في الوظيفة، فيتم إرسال تنبيهات للمديرين والمسؤولين بسرية تامة، ما يسمح لأصحاب العمل باتخاذ الإجراءات بسرعة وبشكل استباقي.
منصة Callisto
تكشف منصة Callisto الاعتداء الجنسي ومرتكبي جرائم الاغتصاب، من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، إذ يكتشف النظام مرتكبي الاعتداءات الجنسية المتكررة من خلال عملية تُعرف باسم المطابقة.
تم قبول هذه التكنولوجيا على نطاق واسع عبر الكليات الأمريكية وهي أيضًا تخترق الهيكل التنظيمي لوادي السيليكون.
حين يفشل القانون في الحد من خطر انتشار التحرش الجنسي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزدهر ويقدم حلولًا حقيقةً وسريعةً وبمنتهى السرية
قال خبير التكنولوجيا جيورجي كاخياني: “توفر التقنيات الجديدة حلولًا ممتعةً وبسيطةً للعديد من المشاكل، ومن المثير استخدام التكنولوجيا لحل مشكلة تتعلق بحياة الناس اليومية، هذا ما نحاول فعله اليوم، يشعر كل منا أننا نصنع شيئًا مفيدًا وذا قيمة”.
حين يفشل القانون في الحد من خطر انتشار التحرش الجنسي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزدهر ويقدم حلولًا حقيقةً وسريعةً وبمنتهى السرية، يتم تطوير الذكاء الاصطناعي (AI) بسرعة فائقة ويشكل ركيزةً جديدةً لبناء حلول أكثر دقة يمكن أن تقدم الخدمات للمجتمع وتحد من خطورة التحرش الجنسي.