نشرت منظمة العفو الدولية مؤخراً تقريراً تسلط الضوء فيه على قمع الأصوات المطالبة بحقوق الإنسان في السعودية، متخذة من جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) أنموذجاً. كما أطلقت المنظمة حملة تجمع فيها التواقيع للمطالبة بالإفراج عن أعضاء الجمعية، وقام نشطاء سعوديون بعدها بإطلاق هاشتاق على موقع التواصل الإجتماعي تويتر (#DetaineesInKSA) للتعريف بالجمعية وبقضايا أعضائها وبقية معتقلي الرأي في المملكة.
يرى العديد من المراقبين، أن المملكة قد رفعت “نسبياً” من سقف الحرية وأزالت “بعض” الخطوط الحمراء منذ تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في العام 2005، إلا أن هذه السياسة سرعان ما ارتدت إلى سابق عهدها (ان لم تكن الى أسوأ) بعد أحداث الربيع العربي وما شكله من تهديد على نظام الحكم الملكي المطلق المتبع في السعودية.
ولكن، لماذا حسم دون سواها؟ من المهم هنا التوضيح أن سياسة القمع قد طالت معظم النشطاء سواء من حسم أو غيرها، فقد ذكر التقرير في هامشه بعض الأحكام الجائرة التي تعرض لها نشطاء آخرون مثل وليد أبوالخير، فاضل المناسف ومخلف الشمري. إلا أن الأضواء سلطت على حسم لأسباب عدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: أن حسم كان لها الصوت الأعلى سواء في معارضة الدولة أو في عدد مؤيديها، فقد كانت حسم تنشر رسالتها بصورة منظمة حيث أوجدت لنفسها موقع على الإنترنت (تم إغلاقه لاحقا من قبل السلطات) وحسابات في مواقع التواصل الإجتماعي للجمعية ومؤسسيها. سبب آخر هو علنية المحاكمة التي تعرض لها بعض مؤسسيها مثل د. عبدالله الحامد ود.محمد القحطاني والمتابعة الإعلامية غير المسبولقة التي رافقتها. وسبب ثالث وقد يكون هو الأهم، أن الجمعية أستطاعت نشر ثقافة حقوق الإنسان والمجتمع المدني من منظور إسلامي مما ساعدها على خلق قاعدة جماهيرية ضخمة، وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها نشطاء بحقوق الإنسان انطلاقا من مبادئ إسلامية، مما صعب على الحكومة أن تتهمهم بتهم التغريب والأفكار الدخيلة التي أعتادت أن تقذف بها كل مطالب بهكذا حقوق.
و بالإضافة الى التعريف عن الجمعية وأسباب إستهداف مؤسسيها، يعرج التقرير على الإنتهاكات التي وقعت أعضائها، فيتطرق الى منع السفر الذي طال جميع المؤسسين الأحد عشر دون إشعارات مسبقة، ودون ذكر الأسباب أو إتاحة السبل للطعن في هذا المنع. كما يسرد التقرير إخفاء السلطات لبعض الأعضاء بعد إعتقالهم لفترات متفاوتة، حيث أحتجز محمد البجادي لمدة أسبوعين بعد اعتقاله قبل تمكينه من التواصل مع أهله وسمح لهم بزيارته بعد مضي سبعة أشهر من إعتقاله، كذلك عزل صالح العشوان شهرين عن العالم الخارجي والتحقيق معه دون محامي مع مزاعم بتعرضه للتعذيب الجسدي، أما الشيخ سليمان الرشودي فقد ظل حبيسا في زنزانة انفرادية لمدة شهرين قبل السماح له بالتواصل مع عائلته. يضاف الى هذه الإنتهاكات، التهم المبهمة والغير معرفة قانونيا، والتي وجهت لأعضاء الجمعية على غرار “نزع الولاية، الخروج على ولي الأمر، التشكيك في الذمم والإساءة الى المسؤولين، السعي لنشر الفوضى زعزعة الأمن”.
ويختتم التقرير بذكر سيرة مختصرة (بروفايل) عن مؤسسي الجمعية الأحد عشر وهم: 1- محمد البجادي 2- الشيخ سليمان الرشودي 3- د. عبدالله الحامد 4- د. محمد القحطاني 5- عيسى الحامد 6- صالح العشوان 7- عبدالعزيز الشبيلي 8- عمر السعيد 9- د. عبدالكريم الخضر 10- فوزان الحربي 11- د. عبدالرحمن الحامد.
نُشر هذا المقال لأول مرة على موقع هنا صوتك