تواصل الأخبار المتعلقة بالأمير حمزة تصدر منصات التواصل الاجتماعي والمحطات الإخبارية المحلية والعالمية، وفي آخر تسجيل صوتي له وهو يتحدث عبر الهاتف، أكد الأمير الأردني عدم التزامه بالأوامر، وسبق أن أكد أنه قيد الإقامة الجبرية بعد أن انتقد انهيار منظومة الحوكمة والفساد وعدم الكفاءة في إدارة البلاد، لكن من يكون الأمير حمزة؟
تجريده من ولاية العهد
يبلغ الأمير حمزة بن الحسين بن طلال بن عبد الله 41 عامًا، وهو الابن الأكبر للملك حسين وزوجته الرابعة الأمريكية ليزا حلبي، التي صارت لاحقًا الملكة نور الحسين، فهو الأخ الأصغر غير الشقيق للملك عبد الله الثاني (ملك الأردن الحاليّ).
أنهى تعليمه الابتدائي في عمان، ومن ثم درس بمدرسة هارو بالمملكة المتحدة، بعدها التحق بكلية ساندهيرست العسكرية، حيث حقق مسيرة رائعة وحاز سيف الشرف (أرفع تقدير يتسلمه ضابط من خارج بريطانيا) كما فعل قبله أخوه عبد الله الذي يكبره بثمانية عشر سنة.
تقلد الأمير حمزة مناصب عسكرية وخدم في يوغوسلافيا السابقة في وحدة أردنية إماراتية، قبل تخرجه في جامعة هارفارد الأمريكية مطلع 2006، وتقاعد الأمير من الخدمة في القوات المسلحة الأردنية (سلاح الجو) العام الماضي.
في كثير من الأحيان يتحدث حمزة ضد سياسات الحكومة
سمى الملك عبد الله الأمير حمزة وليًا للعهد، احترامًا للملك الراحل الحسين، الذي حكم لما يقرب من 50 عامًا، وكان معروفًا أنه يفضل حمزة أكثر من بقية أطفاله الـ11 من أربع زيجات، واستمر الأمر كذلك مدة خمس سنوات، إلى أن تم إعفاؤه من ولاية العهد سنة 2004.
تم تجريده من اللقب عبر رسالة من الملك عبد الله الثاني بن الحسين لأنه رأى أن هذا المنصب شرفي ويقيده ويحد من إمكانية تكليفه ببعض المهام ويحول بينه وبين تحمل بعض المسؤوليات، وسُمي الأمير حسين، نجل الملك عبد الله، وليًا للعهد لتضيع على الأمير حمزة فرصة الوصول إلى عرش المملكة.
شعبية كبيرة بين القبائل
الأمير حمزة شخصية مشهورة في الأردن خاصة بين القبائل والأردنيين في المنطقة الشرقية، يُنظر إليه على أنه متدين ومتواضع، على اتصال بالعامة ويشبه والده الملك الحسين، وغالبًا ما يتم تصويره وهو يلتقي بشخصيات قبلية معروفة.
في الفترة الأخيرة، تواصل الأمير حمزة كثيرًا مع القبائل الأردنية التي تهيمن على قوات الأمن حجر الأساس لدعم النظام الملكي الهاشمي في المملكة ودائمًا ما يُستقبل بهتافات مؤيدة له، ويُنظر لزيارات الأمير لشيوخ القبائل بناءً على دعوتهم على أنها طريقته لإظهار علاقته وقربه من الناس.
هذه الزيارات المتكررة للعشائر جعلته محبوبًا بينهم وله كلمته المسموعة هناك، وهو ما أقلق الملك على ما يبدو.
تعتبر العشائر الأردنية المكون الرئيس للمجتمع الأردني حتى قبل تأسيس إمارة شرقي الأردن عام 1921 ثم قيام المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، فلولا دعم زعماء القبائل للأسرة الهاشمية التي تحالفت مع الشريف الحسين بن علي في الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، لما كان للدولة الأردنية الوليدة أن تقوم.
ويوجد في الأردن العديد من العشائر والقبائل من أهمها عشائر بني حسن التي تقطن محافظات الزرقاء والمفرق وجرش وسط وشمالي شرقي الأردن، وعشائر بني صخر التي يمتد نفوذها من جنوب العاصمة عمان حتى حدود محافظتي مأدبا والكرك جنوبًا ومحافظة المفرق شمالًا والحدود السعودية شرقًا، وعشائر الحويطات يمتد نفوذها في المناطق الجنوبية المحاذية لمحافظة معان ووادي رم إلى العقبة أقصى جنوب المملكة.
معارض لفساد الحكومة
إلى جانب قربه من الشارع الأردني، يُعرف الأمير حمزة بمعارضته لـ”فساد الحكومة”، ففي كثير من الأحيان يتحدث حمزة ضد سياسات الحكومة، وانتقد في لقاءات شعبية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية كيفية التعامل مع أبرز القضايا في بلاده، وعلى رأسها محاربة الفساد.
خلال زياراته المتكررة للعديد من محافظات البلاد، عبر الأمير حمزة عن انتقاداته لسير الأوضاع في المملكة، كما دعا إلى محاربة الفساد وتصحيح النهج، ويرى الأمير أن “النظام الحاكم قرر أن مصالحه الشخصية ومصالحه المالية وأن فساده أهم من حياة وكرامة ومستقبل 10 ملايين شخص يعيشون في الأردن”.
لا يُنظر إلى الأمير حمزة على أنه تهديد كبير للنظام الملكي الأردني، خاصة أنه قد تم تهميشه منذ سنوات
قبل سنتين ونصف، نشر الأمير الأردني تغريدة في حسابه على موقع “تويتر”، يتنقد فيها قرار الحكومة الأردنية إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، وقال الأمير: “ربما يجب أن تكون البداية بتصحيح نهج الإدارة الفاشلة للقطاع العام، وإجراء جدي لمكافحة الفساد المتفشي ومحاسبة جادة للفاسدين، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وليس بالعودة لجيب المواطن مرارًا وتكرارًا لتصحيح الأخطاء المتراكمة، إلا إذا كان القصد دفع الوطن نحو الهاوية”.
ربما البداية يجب أن تكون بتصحيح نهج الإدارة الفاشلة للقطاع العام، وإجراء جدي لمكافحة الفساد المتفشي، ومحاسبة جادة للفاسدين، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وليس بالعودة لجيب المواطن مراراً وتكراراً لتصحيح الأخطاء المتراكمة، إلا إذا كان القصد دفع الوطن نحو الهاوية
— Hamzah bin AlHussein (@HamzahHKJ) September 25, 2018
وفي مقطع فيديو، نقله إلى بي بي سي عن محامي الأمير حمزة عقب وضعه قيد الإقامة الجبرية في إطار حملة ضد من ينتقدون الأوضاع في البلاد، اتهم الأمير النظام بالفساد وعدم الكفاءة، وقال: “أنا لست الشخص المسؤول عن انهيار الحوكمة والفساد وعدم الكفاءة التي كانت سائدة في هيكلنا الحاكم منذ 15 إلى 20 عامًا وتزداد سوءًا.. ولست مسؤولًا عن قلة ثقة الناس بمؤسساتهم”.
هل يُخشى على الملك من الأمير حمزة؟
قالت السلطات الأردنية إن الأجهزة الأمنية رصدت تحركات للأمير حمزة بن الحسين وآخرين كانوا يخططون للمساس بأمن الأردن، مؤكدة أنه تمت السيطرة على الوضع وأن التحقيقات ما زالت جارية، لكن هل يُخشى حقًا من الأمير؟
طيلة سنوات، ابتعد الأمير حمزة عن الأضواء والعمل السياسي، حيث لم يُظهر عبد الله وحمزة أي منافسة مفتوحة على مر السنين، فحتى بعد عزله من منصب ولاية العهد ومنحها لابن الملك عبد الله لم يبد الأمير حمزة أي اعتراض وبدا متقبلًا الأمر.
وفق عديد من الأردنيين، لا يُنظر إلى الأمير حمزة على أنه تهديد كبير للنظام الملكي الأردني، خاصة أنه قد تم تهميشه منذ سنوات، فحتى انتقاداته كانت دائمًا توجه للحكومة وليس لأخيه غير الشقيق الملك عبد الله الثاني.
مع ذلك، تحركت ضده السلطات الأردنية، ويمثل التحرك ضده أول حادث من نوعه يتعلق بأحد أفراد العائلة المالكة منذ تولي الملك عبد الله العرش سنة 1999، ويرى البعض أن هذا التحرك الهدف منه إبقاء المملكة في دائرة الضوء وتقديم المساعدة لها لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها، فليس من مصلحة حلفاء الأردن أن يتزعزع استقرار المملكة لأي سبب كان.