ترجمة: حفصة جودة
مع انتشار لقاح فيروس كورونا واتجاه العديد من الدول لحصول معظم مواطنيها عليه، يتساءل البعض، ماذا لو كنت أصبت بالفعل بالفيروس، هل ما زلت بحاجة إلى اللقاح؟
رغم أن التعرض الطبيعي للفيروس يحفز الجهاز المناعي، فإننا لا نعلم كم من الوقت تدوم هذه المناعة، كما أن الناس يختلفون في قدرتهم على تكوين استجابة مناعية وقائية، لذا حتى لو أصبت بفيروس كورونا، ينبغي عليك أن تحصل على اللقاح، فاللقاح سيوفر لك مناعة مستمرة وموثوقة مقارنة بالعدوى السابقة، وعلى الأقل سيمنحك طبقة إضافية من الحماية المطلوبة.
إليكم كيف تستجيب مناعتنا بعد العدوى الطبيعية في مقابل الحصول على اللقاح.
من الخلايا اللمفية البائية إلى الأجسام المضادة المحايدة
بعد إصابتك بفيروس SARS-CoV-2 بفترة قصيرة، تنشط الخلايا المناعية (الخلايا البائية والخلايا التائية)، وتنتج الخلايا البائية النشطة ما يُسمى بالأجسام المضادة المحايدة، هذه الأجسام المضادة تفرز خلايا تدافع عن أجسادنا ضد العدوى وذلك من خلال صنع أجسام مضادة ترتبط مع الشوكات البروتينية الموجودة على سطح الفيروس وتمنع الفيروس من دخول خلايا الجسم.

تنتشر هذه الأجسام المضادة المحايدة في مجرى الدم وتتنقل في أنحاء الجسم للتخلص من الفيروس، بعد الشفاء من العدوى تهدأ هذه الخلايا البائية النشطة وتتحول إلى حالة الخمول، ثم تنتقل من الدم إلى العقد الليمفاوية والعظام، تُسمى هذه الخلايا حينها خلايا الذاكرة بي وتعيش لعقود في الجسم بمساعدة خلايا الذاكرة تي، هذه الخلايا تحتاج إلى تنشيط كل فترة لضمان استعدادها للعمل إذا تعرضنا للعدوى.
الخلايا المناعية تعتمد على الذاكرة
عندما نتعرض مرة أخرى للفيروس أو نحصل على لقاح معزز، تستيقظ خلايا الذاكرة تلك وتصبح نشطة وتنتج كمية كبيرة من الأجسام المضادة بشكل أسرع، هذه الذاكرة المناعية تقلل من خطر الإصابة بفيروس “SARS-CoV-2″، لكن إذا أصبنا به فإنها تتمكن من شفاء الجسم بشكل سريع من كوفيد-19.
تشير مستويات الأجسام المناعية المحايدة المستمرة إلى درجة جيدة من الحماية ضد فيروس “SARS-CoV-2″، وتتغير المدة التي تستمر فيها المناعة الطبيعية بعد الإصابة بالعدوى وتتوقف على عدة عوامل فيروسية وبشرية وبيئية، فعلى سبيل المثال، يمكن للمتغير الفيروسي أن يحدث فرقًا بالإضافة إلى جيناتنا الوراثية وحالتنا الصحية وأعمارنا.
هذه العوامل يمكنها أن تؤثر على مستويات الأجسام المضادة المحايدة التي يمكن أن تتناقص بمرور الوقت لتنخفض إلى مستوى ما دون الحماية.
ولأن فيروس كورونا حديث العهد، فمن الصعب أن نعلم إلى أي مدى يمكن أن تستمر المناعة الطبيعية بشكل عام، ومع ذلك يبدو أن الأجسام المضادة والذاكرة المناعية تدوم على الأقل لمدة شهرين.
من الممكن استهداف العوامل المتغيرة باستخدام لقاحات كورونا بطريقة لا يمكن التحكم بها في حالة العدوى الطبيعية
بالنسبة للمرضى المتعافين من “سارس” (أحد الفيروسات التاجية) أظهرت الأبحاث أنهم حافظوا على الأجسام المضادة لمدة تصل إلى عامين أو ثلاثة بعد الإصابة.
الاستجابة المناعية للقاح
مرة أخرى ولأن الإطار الزمني قصير فإننا نمتلك بيانات محدودة عن استجابة الأجسام المضادة المستمرة بعد اللقاح، لكن يبدو أن المناعة تظل قوية لمدة 3 أشهر بعد لقاح أكسفورد وأسترازينكا.
من الممكن استهداف العوامل المتغيرة باستخدام لقاحات كورونا بطريقة لا يمكن التحكم بها في حالة العدوى الطبيعية، فعلى سبيل المثال يتم تحديد حجم الجرعة والفترة بين الجرعات لمنح المناعة المثلى.
ومع مواصلة مراقبة الأشخاص الذين تلقوا لقاح كورونا، يمكننا تطوير فهم أفضل للمناعة الوقائية ومدى استمراريتها.
السيطرة على المتغيرات
ربما تحمينا المناعة الطبيعية الناتجة عن العدوى من المتغيرات الأخرى بدرجة ما، لكن اللقاح يلعب دورًا حاسمًا مع استمرار الفيروس في التحور، وربما يصبح ضروريًا الحصول على محفزات منتظمة للقاح كورونا حتى تصبح الجائحة تحت السيطرة، هذا الأمر سيمنحنا حماية ضد المتغيرات التي لا يمكن لأجسامنا المضادة الموجودة من قبل تحييدها.
تعزز هذه المحفزات مناعتنا الواسعة لأجزاء من الشوكات البروتينية المشتركة مع متغيرات لفيروسات أخرى، تستطيع الأجسام المضادة المُنتَجة لتلك المناطق المشتركة تحييد الفيروس ووقف العدوى.

لقد رأينا ذلك بشكل محدود في أشخاص أصيبوا بعدوى نزلات البرد مع فيروسات تاجية أخرى قبل كوفيد-19.
جرعة واحدة فقط؟ اللقاحات كعلاج لفيروس كورونا طويل المدى
هناك بعض الأبحاث التي تقول إن المصابين بفيروس كورونا يمكنهم الحصول على جرعة واحدة فقط من اللقاح للحصول على الحماية اللازمة، فالبنسبة لهم يمكن أن تعمل الجرعة الواحدة على تعزيز أجسامهم المضادة لتصل إلى مستوى الحماية.
يرجع ذلك إلى أنهم سيبدأون من نقطة أقوى فيما يتعلق بمستوى الأجسام المضادة والذاكرة المناعية مقارنة بالأشخاص الذين لم يُصابوا بالفيروس من قبل، ومع ذلك فهناك خبراء يعتقدون أنه من الأفضل الحصول على الجرعتين بغض النظر عن إصابتك السابقة.
في الوقت نفسه تشير التقارير إلى الأشخاص الذين يعانون من كوفيد طويل المدى يمكنهم الاستفادة من اللقاح، لا نعلم جيدًا كيف يحدث ذلك، لكن الأعراض قد تتحسن عند إزالة أي حاضنات خفية للفيروس من الجسم، ما زالت الأبحاث مستمرة لفهم تلك الظاهرة.
وفي النهاية، إذا كان متاحًا لك الحصول على اللقاح فمن الأفضل أن تحصل عليه حتى لو أصبت بالفيروس من قبل، فاللقاح يحميك من الفيروس ويحمي الآخرين أيضًا حتى نصل إلى مناعة القطيع.
المصدر: ذي كونفرسايشن