ترجمة حفصة جودة
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 6 من أبريل/نيسان، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على رجل فلسطيني وزوجته، ما تسبب في قتل الرجل وإصابة زوجته بجروح، كان الزوجان في طريقهما إلى المنزل في قريتهما بدّو شمال غرب القدس بالضفة الغربية المحتلة.
كان أسامة منصور – 42 عامًا – وزوجته سمية – 35 عامًا – في طريقهما إلى المنزل نحو الساعة الثانية والنصف صباحًا عندما استوقفهما حاجز تفتيش عشوائي خارج قرية الجيب المجاورة، حيث كان الجنود الإسرائيليون يجرون عمليات بحث واعتقال.
في لقاء مع قناة تليفزيون فلسطين الإخبارية، قالت سمية إن الجنود الإسرائيليين استوقفوا سيارتهما عند حاجز التفتيش وطلبوا منهما إيقاف السيارة، وهو ما فعلاه.
تواصل سمية حديثها من سريرها في المستشفى بمدينة رام الله في الضفة الغربية قائلة: “بعد ذلك طلبوا منا تشغيل السيارة مرة أخرى والمغادرة ففعلنا ذلك، حينها بدأوا في إطلاق الرصاص علينا”.
وفقًا لشهادة بعض أفراد العائلة، فقبل أن يطلبوا منهما المغادرة، طلب الجنود التحقق من الهويات الشخصية، فسلمها أسامة منصور إليهم ثم فتشوا السيارة، يقول عمران منصور – 57 عامًا – ابن عم أسامة وجاره: “بعد أن تحقق الجنود من بطاقات هويتهما ومن أسمائهما على النظام وفتشوا السيارة بأكملها، اعتبروا أنهما لا يشكلان تهديدًا وطلبوا منهما تشغيل السيارة والعبور”.
لم يقدم الجنود الإسرائيليون أي مساعد أولية أو رعاية طبية للزوجين بعد أن توقفت السيارة على مسافة قصيرة من الحاجز العشوائي
يضيف عمران وفقًا لما سمعه من سمية والشهود العيان: “كانا قد تحركا عدة أمتار قليلة فقط عندما بدأ الجنود في إطلاق النار عليهما من كل الجهات”، أدانت السلطة الفلسطينية تلك الجريمة الوحشية قائلة إنها جريمة واحدة ضمن سلسلة من عمليات الإعدام المستمرة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية خارج نطاق القانون.
قال الجيش الإسرائيلي في بيان له إن سيارة منصور كانت تسير مسرعة نحو مجموعة من الجنود بشكل يهدد حياتهم، والجنود أطلقوا عليها النار تصديًا لهذا التهديد.
يقول عمران: “هذا الكلام سخيف تمامًا، لماذا قد يحاول أب لخمسة أطفال مع زوجته في السيارة ارتكاب هجوم بينما كانا عائدين إلى أطفالهما في المنزل، لو كان أسامة يحاول حقًا الهجوم على الجنود، لم يكن ليتبع أوامرهم بالتوقف وإطفاء السيارة ولم يكن ليمنحهم بطاقة هويته أو يسمح لهم بتفتيش السيارة”.
وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” فقد قال شهود عيان إن الجنود الإسرائيليين ألقوا قنبلة صوتية في اتجاه السيارة، ما دفع أسامة منصور إلى القيادة بشكل أسرع.
لكن عمران قال إنه لا يستطيع تأكيد إذا ما كانت قنبلة الصوت هي ما دفعت ابن عمه للإسراع بالسيارة، فحسب ما أخبره شهود العيان أن الاشتباكات كانت تدور في المنطقة بسبب حملات الاعتقال التي يجريها الجنود في قريبة الجيب، وأن إطلاق قنابل الصوت والغاز كان في المنطقة بأكملها.
لا رعاية طبية
وفقًا للشهادة التي أدلت بها سمية لتليفزيون فلسطين، فبعد لحظات من إطلاق الجنود النيران على السيارة نادت على زوجها الذي سألها إذا كانت مصابة، بعدها بعدة ثوان سقط في حضنها وبدأت السيارة في الانحراف”.
تقول سمية: “كانت السيارة تتأرجح يمينًا ويسارًا، لذا بدأت في توجيهها حتى وجدت مجموعة من الشباب أمامي فتوقفت ليتمكنوا من مساعدتنا”.
حسب ما قاله عمران فقد وضع الشباب الزوجين في سيارتهم الخاصة وذهبوا بهما إلى عيادة محلية في بدّو، بعدها نقلوا إلى مستشفى بمدينة رام الله حيث أعلنوا وفاة أسامة.
أصيب أسامة برصاصتين في رأسه، بينما أصيبت سمية بجروح من شظايا الرصاص وحالتها مستقرة، حتى إنها طلبت الخروج من المستشفى بعد ظهر هذا اليوم لتعود إلى بيتها، ووفقًا لعمران منصور فلم يقدم الجنود الإسرائيليون أي مساعدة أولية أو رعاية طبية للزوجين بعد أن توقفت السيارة على مسافة قصيرة من الحاجز العشوائي، لقد وقفوا هناك يشاهدونهما بينما يحاول الشباب مساعدتهما دون أن يحركوا ساكنًا.
قتل بدم بارد
جاءت وفاة أسامة صدمة لعائلة منصور التي علمت بالحادث من العيادة الصحية المحلية في بدّو، يقول عمران: “هذه الأشياء تحدث للفلسطينيين كل يوم، لكنك تتمنى دومًا ألا تحدث لك أو لأحد أفراد عائلتك، إن وفاة أسامة وحقيقة أن الجنود الذين قتلوه يزعمون أنه هاجمهم تثير ذكريات مألوفة ومؤلمة للعائلة”.
أسامة ليس الأول ولن يكون آخر فلسطيني يُقتل بدم بارد على يد الإسرائيليين دون أي سبب
يضيف عمران: “هذه ليست المرة الأولى في عائلتنا، ففي 2016 قتلت سوسن منصور – 19 عامًا – بإطلاق النار عليها عند نقطة تفتيش إسرائيلية شمال القدس، زعم الجنود أنها كان تحاول طعنهم، لكن لم يُصب أي من الجنود وأطلقوا عليها الرصاص بدم بارد مثلما فعلوا مع أسامة، وقال شهود عيان إنهم تركوها تنزف لعدة ساعات دون أن يقدموا لها أي رعاية طبية”.
يقول عمران: “هذه الجريمة تحدث دائمًا ضد الشعب الفلسطيني عندما نخرج في سياراتنا أو نمر بحاجز تفتيش، إننا كفلسطينيين نشعر بخوف دائم وننتظر أن تحدث لنا تلك الكارثة”.
“لقد كان أسامة رجلًا بسيطًا يعيش حياته لتوفير ما تحتاجه زوجته وأطفاله الخمس وأصغرهم بنتان توأمان في السابعة من العمر، لقد قتل بدم بارد والجنود الذين قتلوه لن يخضعوا للمساءلة على جريمتهم أبدًا، فالمحاكم الإسرائيلية تحمي جنودها بأي ثمن”.
تشير الجماعات الحقوقية دائمًا إلى أن الجنود وضباط الشرطة نادرًا ما يخضعون للمساءلة من نظام العدالة الإسرائيلي لقتلهم فلسطينيين، معززين بذلك بما وصفوه ثقافة الإفلات من العقاب.
يقول عمران: “إذا قُتل فلسطيني دون سبب، فكل ما على الجنود أن يفعلوه ادعاء أنه دفاع عن النفس، وسيُتركون لحال سبيلهم دون أدنى عقاب، وهذا ما يحاولون فعله مع أسامة الآن، أسامة ليس الأول ولن يكون آخر فلسطيني يُقتل بدم بارد على يد الإسرائيليين دون أي سبب”.
المصدر: ميدل إيست آي