قالت الخارجية المصرية في بيان لها إن جولة المفاوضات الجديدة بشأن سد النهضة التي جرت في العاصمة الكونغولية، كينشاسا، على مدار الأيام الماضية، بمشاركة الأطراف الثلاث (مصر – السودان – إثيوبيا) قد فشلت بعدما انتهت الاجتماعات دون أن تفضي إلى اتفاق بشأن إعادة إطلاق المفاوضات.
البيان ذكر أن الوفد المصري “شارك بنية استئناف المفاوضات؛ لكن إثيوبيا تعنتت ورفضت العودة، ما يثبت غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وسعيها للتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية”، مضيفًا أن أديس أبابا رفضت كل المقترحات والبدائل التي طرحتها القاهرة والخرطوم لدفع التفاوض، هذا بخلاف رفض مقترح تشكيل لجنة رباعية للوساطة.
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد قال في وقت سابق إن جولة كينشاسا تعتبر “فرصة أخيرة” يجب أن تقتنصها الدول الثلاثة من أجل التوصل لاتفاق مرضٍ لجميع الأطراف، حال توافرت الإرادة السياسية والنوايا الحسنة، الأمر الذي فرض حالة من التشاؤم عقب إعلان فشل جلسة المباحثات الأخيرة.
وشهدت الساعات الماضية موجات احتقان وغضب شعبي على منصات التواصل الاجتماعي إزاء الموقف الإثيوبي المتعنت، فيما طالب سياسيون وخبراء ونشطاء بضرورة تحرك الدولة المصرية للحفاظ على حقوقها المائية دون تفريط، وبات الرد العسكري على رأس الخيارات المطروحة بعدما ضيقت أديس أبابا الخناق على القاهرة وحاصرتها في سيناريوهات محدودة.
عشر سنوات من المفاوضات غير البناءة و7 سنوات من التطمينات المستمرة من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، باءت جميعها بالفشل، في الوقت الذي نجحت إثيوبيا في الاستمرار ببناء السد وكسب المزيد من الشرعية القانونية التي عبدت الطريق أمام التمويل الدولي لعملية البناء.
الحديث عن الخيار العسكري لا يعدو كونه ردة فعل عاطفية تفرض نفسها بعدما خيم اليأس على الجميع في أعقاب ما وصلت إليه المفاوضات الحاليّة، هذا بينما يؤكد الجانب الإثيوبي على الملء الثاني للسد في موعده المحدد سلفًا في يوليو/تموز القادم، وفي هذا التقرير نستعرض عددًا من التساؤلات والإجابة عنها، التي تجعل الرد العسكري أمرًا مستبعدًا وبعيدًا عن طاولة المباحثات المصرية عكس ما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي.
السؤال الأول: من يمول السد؟
قبل الذهاب إلى دراسة نسب احتمالية قيام الجانب المصري بتوجيه ضربة عسكرية يستهدف بها السد الإثيوبي لا بد من الإشارة إلى الجهات التي تمول هذا المشروع الضخم، وضخت به عشرات المليارات من الدولارات، ولديها أجندات ومشروعات استثمارية باهظة التكاليف، تجعل من استهدافه ضررًا يستوجب إما الاستعداء وإما التعويض على أقل تقدير.
البداية مع الصين، التي تعد أحد أبرز الشركاء في هذا المشروع، فقد منحت الجانب الإثيوبي قرضًا في 2013 بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل خطوط الكهرباء والبنية التحتية المقرر أن تنقل الكهرباء المولدة من السد إلى البلدات والمدن الرئيسية، هذا بخلاف قرض آخر في أبريل/نيسان 2019 بقيمة 1.8 مليار دولار، لاستكمال أعمال الإنشاءات وشراء التوربينات اللازمة لتشغيل السد، على هامش زيارة رئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد، لبكين.
العديد من الشركات الصينية أبرمت عشرات العقود مع الحكومة الإثيوبية بشأن مشروعات يتم العمل عليها في السد، منها تعاقد مجموعة “جيزوبا” الصينية مع شركة الكهرباء الإثيوبية، للمشاركة في أعمال الإنشاءات الخاصة بالسد مقابل 40.1 مليون دولار، بخلاف تعاقد الحكومة مع الفرع الصيني لشركة “فويث هيدرو الألمانية” للطاقة الكهرومائية المحدودة لتوريد التوربينات الثلاث الأخيرة للسد مقابل 112 مليون دولار.
يذكر أن تمويل السدود الإفريقية عمومًا بات أداةً صينيةً للتوغل داخل إفريقيا، فقد مولت في العقد الأخير فقط سدودًا وجسورًا في أكثر من 22 دولة إفريقية، أما على الجانب الإثيوبي فمولت سد تكيزي بقيمة 224 مليون دولار عبر “كونسورتيوم” من الشركات الصينية، وذلك عام 2002، وبعد ذلك بعشر سنوات قررت استثمار 500 مليون دولار أمريكي في سد “جايب 3” المثير للجدل على نهر أومو.
العديد من الدول الأوروبية حاضرة بقوة في عملية بناء السد، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، وذلك عن طريق الشركات المملوكة في معظمها لحكومات تلك الدول، على رأسها عملاق الإنشاءات الإيطالي “وي بيلد” التي تتولى أعمال الإنشاءات الرئيسية لسد النهضة، وسبق لها أن تولت إنشاء سد “جايب 3” الإثيوبي كذلك، بجانب عقود بينها وبين الحكومة الإثيوبية للمشاركة في أعمال سدود أخرى.
كثيرًا ما يلقي الرئيس المصري، خلال أكثر من لقاء له، بالكرة في ملعب ثورة يناير، محملًا إياها مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع بشأن ملف السد
هذا بخلاف شركة “فويث هيدرو” الألمانية الشهيرة، التي من المفترض أن تتولى عملية تجهيز التوربينات والمحركات الهيدروليكية، وذلك بالشراكة مع شركتي “ألستوم” الفرنسية و”جنرال إلكتريك” الأمريكية، بجانب بعض الشركات الروسية والتركية الأخرى المعنية بأعمال الإنشاء.
اللافت للنظر في خريطة المشاركين في بناء السد الإثيوبي أن حلفاء نظام السيسي كانوا في المقدمة، أبرزهم دولة الاحتلال، التي تشارك فنيًا واستثماريًا في عملية البناء منذ الوهلة الأولى، ويعزو البعض ذلك إلى أهداف سياسية واقتصادية وحياتية تسعى “إسرائيل” لتحقيقها من وراء ذلك، وليس شرطًا أن يكون خنق مصر والضغط عليها عبر شريانها الحيوي هو السبب الرئيسي أو الوحيد.
هذا بخلاف حلفاء الخليج، السعودية والإمارات، إذ تبلغ استثماراتهما في إثيوبيا تقريبًا 7 مليارات دولار، فيما كانت أبو ظبي تحديدًا الداعم الأكبر والحاضنة السياسية والاقتصادية الأقوى لحكومة آبي أحمد، فكانت الراعي الأبرز – بجانب الرياض- لاتفاق المصالحة التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا، وهو الاتفاق الذي أهل آبي أحمد للفوز بجائزة نوبل للسلام، وعزز من موقف بلاده عالميًا، هذا بخلاف إنقاذه من الغضب الشعبي المتصاعد والأزمات الداخلية مع التيغراي عبر الدعم العسكري والمالي الذي قوى وضعيته الداخلية بعدما تعرضت لشروخ كبيرة.
السؤال الثاني: ماذا عن الموقف الأمريكي؟
كثيرًا ما عولت القاهرة على واشنطن لتخفيف الصلف الإثيوبي ومحاولة التوصل إلى نقاط تفاوضية مشتركة، وحاولت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، القيام بدور الوساطة في هذا الملف الشائك، غير أن تعنت أديس أبابا أفسد وأفشل كل تلك المحاولات التي تعاطت معها مصر والسودان بشكل إيجابي.
الإدارة الأمريكية السابقة رغم إعلانها الوساطة، فإنها لم تمارس الضغوط الضرورية القاسية لإثناء أديس أبابا عن التراجع قليلًا عن موقفها، مكتفية ببعض إجراءات حفظ ماء الوجه للحليف المصري، لكن الأمر ربما تغير نسبيًا مع قدوم الإدارة الجديدة بقيادة جو بايدن.
ففي مارس/آذار، العام الماضي، كشفت واشنطن استعدادها الاستثمار في إثيوبيا بقيمة 5 مليارات دولار، وذلك من خلال مؤسسة حديثة النشأة تحت اسم “مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC)” وهي المؤسسة التي يرجح خبراء أنها ستكون البديل للمؤسسة الأمريكية للتمويل الخاص الخارجي (OPIC) التي تستهدف خدمة المصالح الأمريكية ومناهضة النفوذ الصيني في إفريقيا تحديدًا.
الولايات المتحدة تسعى خلال الآونة الأخيرة لتقوية العلاقات مع الدول ذات الثقل في القارة الإفريقية في محاولة لاستعادة النفوذ المفقود لصالح القوى المنافسة لها، فحرصت على مغازلة تلك الدول كما هو الحال مع إثيوبيا، حين منحت الضوء الأخضر لصندوق النقد الدولي نهاية العام الماضي (2019) لتقديم قرض بقيمة 2.9 مليار دولار إلى إثيوبيا، وهو القرض الذي كان ينتظره الإثيوبيون بفارغ الصبر لإعادة التوزان لميزان المدفوعات الخاص بهم.
البعض ربما يشير إلى أن تلك المنح والقروض والتسهيلات لا علاقة لها بسد النهضة، لكن يجب مراعاة أن هذه الأموال هي من أعطت قبلة الحياة للحلم الإثيوبي في بناء السد، فلولا حالة التوازن التي فرضتها الأموال القادمة من الخارج، سواء عن طريق أمريكا أم الإمارات أم الصين، ما كان يمكن للحكومة الإثيوبية أن تخصص ميزانيات مفتوحة لعملية البناء.
وفي الجهة الأخرى فإن حزمة القروض والمنح المقدمة تجعل خريطة العلاقات الإثيوبية الدولية متشابكة بصورة معقدة، وتجعل من تهديد تلك العلاقة المبنية في الأساس على استثمارات بالمليارات، مغامرة غير محسوبة العواقب، لا سيما في ظل ما تتمتع به أديس أبابا من حضور إقليمي ودولي فعال خلال السنوات الأخيرة.
السؤال الثالث: أين موقع القاهرة وأديس أبابا؟
قبل عشرين عامًا تقريبًا كانت تهيمن القاهرة على المشهد السياسي في إفريقيا، لما كانت تتمتع به وقتها من ثقل ونفوذ سياسي واقتصادي، فرض حضوره على المجتمع الدولي من جانب، وعلى القارة التي كانت تعاني معظم دولها من أزمات داخلية طاحنة من جانب آخر.
النفوذ السياسي المصري انسحب تلقائيًا على منطقة حوض النيل، حيث فرضت مصر سيطرتها بشكل شبه كامل في ظل منظومة قوية من العلاقات الإقليمية والدولية، وعليه كان من دروب الخيال لأي دولة من دول الحوض أن تنفذ أي مشروع على النيل بمعزل عن القاهرة، خاصة أن الاتفاقيات التاريخية والقانونية كانت في صالح الجانب المصري.
لكن الأوضاع سرعان ما تغيرت ملامحها خلال الـ15 عامًا الأخيرة، بعدما تخلى المصريون تدريجيًا عن عمقهم القاري لصالح التقارب مع الخليج والغرب، وهو ما ساعد على استنهاض قوى أخرى استطاعت سحب البساط من تحت أقدام القاهرة، وكان في مقدمة تلك القوى إثيوبيا.
وبعدما كان التمويل والشرعية الدولية معضلة الأحباش الرئيسية أمام تنفيذ حلمهم القومي في بناء سدود عملاقة على النيل، تغيرت المعادلة، واستطاعوا من خلال دبلوماسيتهم، الناعمة والخشنة على حد سواء، كسب ثقة المجتمع الدولي ومنظمات المال والتمويل العالمية.
وتجلى هذا التغير الواضح في خريطة النفوذ القاري في عملية بناء سد النهضة، فتوافد رؤوس الأموال الدولية وعروض مؤسسات التمويل التي طالما أعطت ظهرها لأرض الأحباش لفترة طويلة، تشير إلى إعادة ترتيب الأوراق مرة أخرى، خاصة أنه لم تكن هناك أي دولة – حتى كتابة هذه السطور – لديها نية ممارسة الضغوط على أديس أبابا لتقديم تنازلات في هذا الملف، رغم العلاقات القوية التي تجمع بين تلك الدول والقاهرة.
منح القاهرة للجانب الإثيوبي الشرعية القانونية المطلقة في بناء السدود، يجعل من الإقدام على أي عمل عسكري خارجي بمثابة اعتداء رسمي على دولة أجنبية
السؤال الرابع: من المسؤول عن ضعف الموقف المصري؟
كثيرًا ما يلقي الرئيس المصري، خلال أكثر من لقاء له، بالكرة في ملعب ثورة يناير، محملًا إياها مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع بشأن ملف السد، فيما تعزف الآلة الإعلامية المدعومة من النظام واللجان الإلكترونية على الوتر ذاته، وهو ما يراه البعض تضليلًا ينافي الواقع ويهدف لتخفيف حجم الانتقادات الموجهة للنظام والهروب من تحمل المسؤولية.
المتابعون لملف السد عن كثب يقسمون مسار المفاوضات خلال السنوات العشرة الماضية إلى مرحلتين، ما قبل 2015 وما بعدها، فما قبلها لم يكن لدى أديس أبابا القدرة على جلب دولار واحد تمويل خارجي لدعم عملية البناء، فيما كان موقفها القانوني ضعيفًا لدرجة أنها فشلت في إقناع شركائها بدعمها ولو سياسيًا فقط.
وكان الرد التلقائي “لا بد من موافقة دول المصب حتى يمكن المشاركة في عملية البناء” وبالفعل استطاعت أديس أبابا عبر دبلوماسيتها الناعمة إقناع الجانب المصري بالتخلي عن اتفاقياته القديمة التي تمنع بناء أي سدود فوق مجرى النهر، ليتم التوقيع على اتفاق جديد، يحمل اسم “إعلان المبادئ” الذي تم توقيعه في الخرطوم في 23 من مارس/آذار 2015.
وبتلك الاتفاقية حصلت إثيوبيا على الضوء الأخضر الذي يسمح لها بالحصول على تمويلات أجنبية، وهو ما حدث، وفي الوقت ذاته باتت عملية البناء مستندة إلى الشرعية الدولية والأطر القانونية بعد موافقة دول المصب على المشروع، الأمر الذي تستند إليه أديس أبابا في ردودها على التحفظات المصرية.
بيان الخارجية الإثيوبية الصادر تعليقًا على مباحثات كينشاسا، أكد أن عملية الملء الثاني للسد تأتي وفقًا لإعلان المبادئ (DoP)، فيما أعلنت الحكومة أنها “لن تدخل في اتفاق من شأنه أن يحرمها من حقوقها المشروعة الحاليّة والمستقبلية في استخدام نهر النيل”، وإن أعربت عن “استعدادها لتسهيل تبادل البيانات والمعلومات بشأن ملء السد مع مصر والسودان”.
السؤال الخامس: ماذا عن الخيار العسكري؟
التساؤلات الأربع السابقة تذهب في مجملها إلى أن اللجوء للخيار العسكري أمر مستبعد بصورة كبيرة، فالأمر لا يتعلق بضرب سد في دولة إفريقية فحسب، بل يحمل تهديدًا صريحًا لمصالح دول كبرى وقوى عظمى مشاركة في هذا المشروع، وهذا ربما يكون محل دراسة من الجانب المصري قبل الإقدام على أي خيارات تصعيدية.
كما أن منح القاهرة للجانب الإثيوبي الشرعية القانونية المطلقة في بناء السدود من خلال إعلان المبادئ الموقع عليه الرئيس المصري بشخصه، يجعل الإقدام على أي عمل عسكري خارجي بمثابة اعتداء رسمي على دولة أجنبية، وهو ما يترتب عليه عقوبات دولية ربما لا تتحملها مصر في الوقت الراهن، خاصة أن حلفاءها الذي طالما كانوا عضدها خلال السنوات الماضية يميلون أكثر للجانب المضاد بحكم البرغماتية الشديدة التي يتشبثون بها.
وعليه فإن المرجح وبحسب الخبراء هو اللجوء للضغوط الدبلوماسية والدولية، مثل الاحتكام لمجلس الأمن الدولي استنادًا إلى المادة 33 المعنية بتسوية النازعات السياسية بين الدول من خلال عدة وسائل تفاوضية مثل المساعي الحميدة ولجان التحقيق والوساطة والتوفيق.
توظيف مصر لنفوذها السياسي، الإقليمي والدولي، في الضغط على الدول المتورطة في بناء السد واستغلال نقاط الضعف في الموقف الإثيوبي، ربما يكون أداة قوية حال نجاحها
وهنا سؤال آخر: ماذا لو رفضت إثيوبيا التحرك المصري السوداني الدولي؟ وهنا من حق البلدين المتضررين من السد “طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لأن النزاع وصل مرحلة شديدة الخطورة تنطبق عليه صفة النزاع المهدد للسلم والأمن والاستقرار الدولي والإقليمي ويطلبان من المجلس النهوض بدوره باعتباره الجهة الوحيدة المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، على أن يؤكدا بالإثباتات القانونية والفنية أن التصرفات الأحادية الأثيوبية تجعل من أديس أبابا دولة مهددة للسلم والأمن الدوليين”، كما أشار أستاذ القانون الدولي، مساعد عبد العاطي، في تصريحات صحفية له.
رغم حالة القلق التي تسيطر على الشارع المصري خوفًا على مستقبلهم المائي، بعد عشر سنوات من المفاوضات لم تفض إلى شيء، هذا في الوقت الذي ما زال الرئيس المصري يحمّل ثورة يناير مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع وهو ما يثير قلق المصريين أكثر وأكثر، إلا أن هناك متسعًا من الوقت للتوصل إلى اتفاق مرضٍ للجميع، فالملء الثاني لا يضر مصر مباشرة في ظل ما لديها من مخزون، لكن الخطورة الفعلية ربما تكمن فيما بعد هذه الخطوة، وحال أصبح السد أمرًا واقعًا لا يمكن بأي حال من الأحوال هدمه.
توظيف مصر لنفوذها السياسي، الإقليمي والدولي، في الضغط على الدول المتورطة في بناء السد، واستغلال نقاط الضعف في الموقف الإثيوبي، ربما يكون أداةً قويةً حال نجاحها، وهو ما قد يمثل ضغطًا كبيرًا على أديس أبابا، لكن يبقى السؤال: هل تنجح القاهرة في مهمتها الدبلوماسية الصعبة في ظل تخلي كثير من حلفائها عنها؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة، بعيدًا عن غبار الحرب الذي يفوح من مواقع التواصل الاجتماعي.