ترجمة وتحرير: نون بوست
تقع قرية بيت إكسا الفلسطينية على بعد تسعة كيلومترات (5.5 ميل) شمال غرب القدس، وترتفع 670 مترًا (2200 قدما) فوق مستوى سطح البحر. تربط مدينة رام الله بالقدس، وتحدها خمس قرى فلسطينية – وهي بدو وبيت سوريك والنبي صموئيل ولفتا وقالونيا – وتبعد 200 متر فقط (656 قدما) عن الأراضي التي احتلتها “إسرائيل” في سنة 1948، وهي الآن داخل الخط الأخضر. ولكن سكانها يشعرون بأنهم محاصرون في سجن كبير محاط بالمستوطنات الإسرائيلية.
وفقا لمقال نشرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية في سنة 2009، قررت الحكومة الإسرائيلية في سنة 2006 إبقاء قرية بيت إكسا على الجانب الفلسطيني من الجدار الفاصل، مع أنه استنادا لمسار الجدار الأصلي، من المفترض أن تكون القرية في الجانب الإسرائيلي.
وصرّح مراد الكسواني، عضو في المجلس القروي في بيت إكسا، لموقع “المونيتور” بأن “قرية بيت إكسا تمتدّ على مساحة 14.500 دونم (3.583 فدان) ويقطنها 1800 متساكن يُسمح لهم فقط ببناء منازل على مساحة 650 دونم (161 فدان) في كل مرة، وقد صادرت قوات الاحتلال 13.850 دونم (3.422 فدانا).
أشار الكسواني إلى أن “القرية تحولت منذ احتلالها في سنة 1967 إلى سجن كبير معزول عن القدس ومدن الضفة الغربية وتحيط به مستوطنات “راموت ألون” و”مافي سرت” و”نتسفي تفوح” و”هار صموئيل” و”عطروت”. ومنذ ذلك الحين، بدأ سكانها يهاجرون إلى المناطق المجاورة، حيث بلغ عدد المهاجرين 35 ألف شخص”.
وأضاف الكسواني أن “الاحتلال الإسرائيلي يتحكم في تحركات السكان الذين يدخلون القرية ويغادرونها عبر حاجز تفتيش إسرائيلي موجود عند المدخل الوحيد للقرية، حيث يتم تفتيش السكان بدقة وفحص بطاقات هوياتهم. ثم يغلق حاجز التفتيش أبوابه على الساعة العاشرة مساءً”. وفي حال دخول سكان من مناطق أخرى في الضفة الغربية إلى القرية، فإنه يتعين عليهم أولا تنسيق هذا الدخول مع مجلس القرية. كما أن الزائرين مطالبون بترك هوياتهم عند حاجز التفتيش إلى حين مغادرتهم.
ومن جهته، أكد عضو مجلس القرية أن “القيود الإسرائيلية لا تقتصر على السكان، بل تنطبق أيضا على النشاط التجاري. بعبارة أخرى، يُمنع التجار من دخول القرية، ويسمح الكيان الصهيوني بإدخال 40 قارورة غاز في الأسبوع للاستخدام المنزلي. ولا يوجد سوى مركز صحي واحد في القرية يعمل حتى الساعة الثانية ظهرا، لذلك في حال احتاج أحد السكان إلى العلاج في المساء، فعليه الانتظار عند حاجز التفتيش الإسرائيلي للحصول على إذن للذهاب لتلقي العلاج خارج القرية. كما توجد مدرستان في القرية، واحدة للطلاب الذكور وأخرى للإناث”.
وحسب الكسواني “تشتهر القرية بزراعة البقوليات والفواكه والعنب والزيتون بفضل خصوبة أراضيها، حيث يعمل معظم سكانها في سلك الزراعة. لكن الإجراءات الإسرائيلية العنصرية دفعت العديد من المزارعين إلى مغادرة أراضيهم لأن 700 دونم (173 فدان) تقع في المنطقة ب من الضفة الغربية وأكثر من سبعة آلاف دونم (1730 فدان) تقع في المنطقة ج، والتي تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية الكاملة”.
ليس لدى السلطة الفلسطينية أي برنامج أو رؤية سياسية لدعم مدينة القدس. منذ توقيع اتفاقية أوسلو في 1993
أورد الكسواني أن “الاحتلال الإسرائيلي أقام نقطة تفتيش عسكرية دائمة على مدخل القرية في سنة 2010، مما يجبر السكان على الالتفاف إلى رام الله ثم المرور عبر نقطة تفتيش قلنديا، للوصول إلى القدس في رحلة تستغرق ساعتين إلى مدينة لا تبعد سوى 10 دقائق عن قريتهم”.
وأضاف الكسواني: “يتعمّد المستوطنون وقوات الاحتلال منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، ويقتلعون المئات من أشجار الزيتون، ويواصلون مصادرة أراضي القرية لتوسيع مساحة المستوطنات المحيطة بها ولإجبار السكان على ترك هذه الأراضي. كما يترك المستوطنون المزارعين للانتظار لساعات طويلة عند نقطة التفتيش الإسرائيلية الوحيدة في القرية للوصول إلى أراضيهم. يجبر الجيش المزارعين على الوقوف على بعد 20 مترًا (65 قدمًا) من موقع نقطة التفتيش لحين السماح لهم بالمرور”.
كما أكد أن “الإجراءات الإسرائيلية تمس جميع جوانب الحياة في القرية من التجارة إلى الصحة وصولا إلى التعليم، حيث تمنع المعلمين المقيمين خارج القرية من الدخول، وفي كثير من الحالات تؤخر وصولهم إلى المدارس. وتهدف هذه الإجراءات العنصرية في المقام الأول إلى تهجير من تبقى من سكان القرية”.
وفقًا لاتفاقية أوسلو المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” في سنة 1993، جرى تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج). تخضع المنطقة (أ) للسيطرة الفلسطينية الكاملة، بينما تخضع المنطقة (ب) للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، أما المنطقة (ج) – والتي تمثل ما نسبته 61 بالمئة من الضفة الغربية – فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وفي حديثه مع موقع “المونيتور”، قال السكرتير العام للهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير ناصر الهدمي إنه “بالنسبة للاحتلال، تكمن الأهمية الاستراتيجية لبيت إكسا في كونها تقع بالقرب من حدود بلدية القدس، ومحاطة بالعديد من المستوطنات الإسرائيلية، مما يسهل الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضيها الخالية”.
وتابع قائلا: “لقد تسبب [الجدار الفاصل] في حجب قرية بيت إكسا عن القدس وجميع المدن الأخرى في الضفة الغربية، وانطوى عن ذلك معاناة سكانها من أوضاع اقتصادية وإنسانية مزرية وسط تقييد الحركة من وإلى القرية. بل وتم تحويل عدد من المناطق الزراعية إلى بؤر استيطانية”.
أشار الهدمي إلى أن “الاحتلال يستغل ما يسمى بـ “قانون أملاك الغائبين” للسيطرة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية المهجورة بعد أحداث 1967، وهو قانون سهّل على سلطات الاحتلال الاستحواذ على هذه الأراضي والممتلكات بحجة حمايتها والمحافظة عليها حتى عودة أصحابها. لكن الاحتلال لم يردّ أي أرض لأصحابها، بل استولى على هذه الأراضي ونقلها إلى أيدي منظمات استيطانية”. وأضاف أن “المستوطنين الإسرائيليين لا يكتفون بالاستيلاء على قرية أو مدينة فلسطينية معينة. فقد سيطر الجيش الإسرائيلي على مساحات شاسعة في قرية العيسوية في القدس، بينما يكافح سكانها للحصول على تصاريح بناء لتشييد منازل جديدة”.
وأورد الهدمي أنه “ليس لدى السلطة الفلسطينية أي برنامج أو رؤية سياسية لدعم مدينة القدس. منذ توقيع اتفاقية أوسلو في 1993، لم تعد مدينة القدس ضمن قائمة أولويات ومصالح السلطة الفلسطينية، ولم يقدم لها سوى بضع مساعدات رمزية لا ترقى إلى مستوى المدينة وأهميتها بالنسبة لدولة فلسطين”.
المصدر: المونيتور