ترجمة حفصة جودة
كان هناك تحقيق متبجح للغاية لرئيس الورزاء البريطاني بوريس جونسون عن الإسلاموفوبيا البغيضة لحزب المحافظين، هل رآه أحد أو سمع به؟ لقد ذهب أدراج الريح، هل قتله أحد؟ هل اختطفه الفضائيون؟ هل اختفى في مثلث برمودا؟ يبدو أن لا أحد يعلم، لكن هناك أسبابًا تدفع للشك، فسكوتلاند يارد (دائرة شرطة لندن) لديها الكثير لتستمر في الأمر فيما يتعلق بالدافع.
يمتلئ حزب المحافظين بالمصابين بالإسلاموفوبيا الذين يرغبون بشدة في اختفاء التقرير، بدءًا من رئيس الوزراء نفسه الذي قارن المرأة المسلمة التي ترتدي برقع بصناديق البريد أو لصوص البنك، إليكم الحقائق كما نعرفها.
لقد اقتربنا من عامين منذ أن تعرض بوريس جونسون لكمين في حملة انتخابية لقيادة الحزب، فألزم نفسه على مضض بهذا التحقيق، وفي غضون أسابيع أضعف جونسون المراوغ التحقيق بحيث لا يتضمن الإسلاموفوبيا فقط بل كل أشكال التحيز الأخرى.
عندما طُلب من شامي شكرابارتي قيادة تحقيق حزب العمال بشأن معاداة السامية وأشكال العنصرية الأخرى في 29 من أبريل/نيسان 2016، نُشر التقرير في 30 من يونيو/حزيران 2016، أي بعدها بشهرين فقط
تعهد نائب جونسون مايكل غوف – الذي قال في تسجيل له إن الأقلية الكبيرة للمسلمين البريطانيين تحمل معظمها آراءً إسلاميةً رافضةً – باستكمال التحقيق بشأن الإسلاموفوبيا بنهاية عام 2019، لكن هذا التعهد لم يصل إلى شيء.
أين التقرير؟
في 17 من ديسمبر/كانون الأول 2019 أعلن حزب المحافظين أن سواران سينغ أستاذ الطب النفسي بجامعة وارويك سيقود التحقيق، لقد مر الآن 16 شهرًا، وبينما قالت صحيفة الإندبندنت الأسبوع الماضي إن التقرير انتهى فإن حزب المحافظين يقول عكس ذلك.
يقول تحقيق صحيفة دايلي تلغراف إن سعيدة وارثي الرئيس المشارك السابق لحزب المحافظين سلمت أسماء وتفاصيل التواصل مع عشرات الأشخاص الذين يرغبون في تقديم الأدلة عن تجربتهم، لكن التقرير أكد أن 8 أشخاص على الأقل لم يتم التواصل معهم بشأن التحقيق.
بينما اقتبست تلغراف من تصريح كايل بيدلي – نائب رئيس جمعية ستوربريدج للمحافظين السابق – الذي قال إن فشل اللجنة في الحصول على الأدلة منه يرمي إلى سطحية هذا التقرير.
وجدت تحريات ميدل إيست آي الخاصة أدلةً على أن تحقيق حزب المحافظين فشل بشكل منهجي في التحقيق بالأدلة المتعلقة بالإسلاموفوبيا، الأبرز من ذلك كله أننا اكتشفنا أن فريق سينغ للتحقيقات لم يتواصل مع حملة “Hope not Hate”، وهي حملة مناصرة ضخمة تحارب العنصرية وأصدرت العام الماضي تقريرًا وجد أن هنا شكوكًا واسعةً وتحيزًا وعدائيةً تجاه المسلمين بين أعضاء حزب المحافظين وإنكار شبه كامل لمعاناة الحزب من مشكلة الإسلاموفوبيا.
ربما يعتقد المرء أن أي تحقيق جاد بشأن الإسلاموفوبيا في حزب المحافظين سيعني التحمس لاستجواب “Hope Not Hate”، لكن هذه الحقيقة لا تعني بالطبع أن سينغ لم يجر تحقيقًا جادًا.
في الوقت نفسه، كان هناك تدفق ثابت لحوادث الإسلاموفوبيا الجديدة منذ ذلك الحين، كتب النائب مايكل فابريكانت تغريدة في نوفمبر – لم تعد موجودة الآن – يقول فيها إن انتقاد الحزب بشأن الإسلاموفوبيا يضر بالعلاقات الأنجلوإسلامية، وأشار إلى أن المسلمين منفصلون عن بقية المملكة المتحدة.
أظهر شون بيلي مرشح المحافظين لرئاسة البلدة علامات على رغبته في محاكاة حملة زاك جولدسميث الشهيرة المعادية للإسلام منذ 4 سنوات، وكان يقوم بحملته مع ناشط ينشر تعليقات معادية للإسلام، حتى إن شون بيلي بنفسه حذف تغريدة يشيد فيها بأنصار تومي روبنسون (ناشط يميني معادي للإسلام).
عندما طُلب من شامي شكرابارتي قيادة تحقيق حزب العمال بشأن معاداة السامية وأشكال العنصرية الأخرى في 29 من أبريل/نيسان 2016، نُشر التقرير في 30 من يونيو/حزيران 2016، أي بعدها بشهرين فقط.
منهجية فاشلة
لم يفشل التحقيق فقط في الوصول إلى الأشخاص الذين يمتلكون أدلة على الإسلاموفوبيا، بل إن تحقيق سينغ تواصل مع ماجد نواز مؤسس مركز أبحاث “Quilliam” لمناهضة التطرف المثير للجدل الذي يرفض استخدام مصطلح “الإسلاموفوبيا” نفسه.
في الوقت نفسه كشفت ميدل إيست آي الأسبوع الماضي أن حزب المحافظين عيّن عضوًا جديدًا في لجنة التحقيق يعتقد أن فكرة الإسلاموفوبيا يجب تجاهلها، كما أن الكاتب واثق واثق كتب عدة مقالات لمجلة “Spiked” يقول فيها إن الحكومة ليست معادية للإسلام.
تتزايد الأدلة التي تقول إن تحقيق حزب المحافظين بشأن الإسلاموفوبيا وأشكال العنصرية الأخرى غير جاد، فقادة الحزب يعلمون أنهم يستطيعون الإفلات من ذلك لأن وسائل الإعلام البريطانية متواطئة في ذلك
هناك نمط متكرر هنا، ففي بداية هذا العام عيّن بوريس جونسون ويليام شوكروس مراجعًا لإستراتيجية المنع (أحد عناصر إستراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب) المثيرة للجدل، كان شوكروس قد قال في أحد تصريحاته: “أوروبا والإسلام أحد أكبر مشاكلنا المستقبلية وأكثرها رعبًا على ما أعتقد، فجميع الدول الأوروبية لديها زيادة سكانية مسلمة كبيرة وسريعة، كما أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الشباب خاصة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا يتحولون إلى الإسلام الراديكالي”.
هذه التعيينات تشير إلى أن حكومة جونسون ترى أن مسلمي بريطانيا العدو الداخلي – ذلك المصطلح المروع الذي استخدمته مارغريت تاتشر لوصف إضراب عمال المناجم قبل 40 عامًا -.
والآن تتزايد الأدلة التي تقول إن تحقيق حزب المحافظين بشأن الإسلاموفوبيا وأشكال العنصرية الأخرى غير جاد، فقادة الحزب يعلمون أنهم يستطيعون الإفلات من ذلك لأن وسائل الإعلام البريطانية متواطئة في ذلك.
إفلات تام من العقاب
في مارس/آذار 2020 قدم المجلس الإسلامي البريطاني “MCB” ملفًا يضم 300 حالة إسلاموفوبيا بين أعضاء الحزب والمنتسبين له، إلى لجنة حقوق الإنسان والمساواة “EHRC”، من بينها دعوات إلى إلقاء المسلمين من فوق الجسور أو تعقيمهم إجباريًا، لكن صحف ديلي ميل وصن وتلغراف وإكسبريس وفاينانشيال تايمز فشلوا في نشر تلك القصص.
في الحقيقة لقد تواطأت الصحافة في نشر قصص مجازية وغير دقيقة عن المسلمين أنفسهم، لذا يمكن لبوريس جونسون أن يشعر بالثقة وأنه لن يدفع الثمن عندما ينتج البروفيسور سينغ ما سيكون مهزلة بالتأكيد مؤخرًا هذا العام.
عندما يأتي المحققون إلى مسرح الجريمة لن يجدوا صعوبة في العثور على الجاني، رئيس الوزراء البريطاني، لكن لا تتوقعوا إلصاق التهم به، فشركاء جونسون – الموجودون في الصحافة البريطانية الشهيرة بالإسلاموفوبيا – سيتأكدون من عدم حدوث ذلك.
المصدر: ميدل إيست آي