شاركت الملكة “رانيا العبدالله” زوجة العاهل الأردني الملك “عبد الله الثاني” في مؤتمر”الاستثمار في المستقبل – حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” الذي ينظم للمرة الأولى في المنطقة، ويقام في إمارة الشارقة من الإمارات العربية المتحدة، تحت رعاية الشيخ “سلطان بن محمد القاسمي” عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
الملكة رانيا المعروفة في المحافل المحلية والدولية باهتمامها بالتعليم والمرأة والأعمال الخيرية، كان لها حضور بارز في المؤتمر بدعوة شخصية من قرينة حاكم الشارقة الشيخة “جواهر بنت محمد القاسمي” المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وألقت الملكة رانيا كلمة في افتتاح المؤتمر حثت فيها الجميع إلى الوقوف إلى جانب اللاجئين ومساعدتهم في ما وصفتها أعظم الكوارث الإنسانية، كما دعت إلى الاهتمام بالأطفال اللاجئين ورعايتهم متحدثة عن معاناتهم في مجال التعليم والرعاية الصحية.
وقالت الملكة رانيا في كلمتها “نعلم أن الجميع يحاولون مساعدة اللاجئين والوقوف إلى جانبهم في محنتهم. لكن الكوارث الإنسانية تحتاج إلى جهود كل الناس”، مضيفة أن “الاقتلاع من الوطن يخلق واقعاً جديداً فالدنيا صغيرة عندما ننظر إليها ونحن آمنين، لكنها موحشة وكبيرة وغريبة لمن لا يعيش في أمان، حين يخرج الإنسان من وطنه قسراً، ينتقل من كونه ملكاً في بيته، إلى كونه رقماً. بالرقم يأكل؛ وبالرقم يسكن؛ وبالرقم يعيش”.
وعن الأطفال والظروف التي يعيشون فيها قالت إن “ثلاثة أعوام انطوت وطفولة اللاجئين تمضي .. وللطفل ثلاثة أعوام هي عمر”، متساءلة عن “أية طفولة وأي مستقبل ينتظر الأطفال في أوطاننا العربية الممزقة؟ وهل سنرضى لهؤلاء الأطفال.. للملايين من هذا الجيل أن يكبروا وهم يعتقدون أننا رأينا حالهم والفراغ في مستقبلهم، ولم نفعل شيئاً؟”
وأكدت الملكة رانيا على أن إغاثتهم وتمكينهم من العيش مسؤولية كل شخص خارج تلك الدوامة، لا عطفاً بل واجباً إنسانياً.
وإنطلاقاً من الواجب الإنساني الذي ذكرته الملكة رانيا، يبدو أن زوجها العاهل الأردني “عبد الله الثاني”، صاحب أعلى سلطة في البلاد مقصرٌ بعض الشيء في هذا “الواجب الإنساني”، حسب وصف زوجته.
إذ يُمنع السوريون -الذين لا يحملون إقامات خليجية أو أوروبية – من دخول الأردن، بل إن الأردن أصدر تعميماً على جميع شركات الطيران يمنع بموجبه شركات الطيران من السماح لأي سوريّ لا تنطبق عليه الشروط من الوصول إلى مطار الملكة علياء الدولي في عمان، وفي حال وصوله تتحمل شركات الطيران كلفة إعادة هذا الشخص “المخالف”، على حد وصف السلطات الأردنية.
العديد من السوريون تحدثوا عن قصص المعاناة في مطاري اسطنبول في تركيا، وبيروت في لبنان، هذين المطارين تحديداً حيث أن معظم القادمين منه إلى عمان يحملون إما إذن الإقامة اللبنانية أو التركية التي تعطى للسوريين دون شروط أو تعقيدات، الأمر الذي يجعل الأردن لا يقبل بهذه الإقامات كإذن لدخول الأردن، على خلاف الإقامات الخليجية أو الأوروبية.
في ما عدا ذلك، فإن على السوري الراغب بالتوجه إلى الأردن في زيارة، أو استخراج تأشيرة من إحدى السفارات أو تسيير معاملة هناك، فإن عليه التقديم على “موافقة” في وزارة الداخلية في العاصمة عمان، فمن هم خارج الأردن يقوم بذلك من ينوب عنهم مع تقديم قائمة بالعديد من الوثائق المطلوبة، أما السوريون في داخل الأردن الراغبين بالخروج والعودة فعليهم التقدم بإذن للخروج والعودة، والذي يأخذ مدة من أسبوعين إلى الشهر لإصداره.
ليس الحال أفضل بكثير على من هم داخل الأردن، ممن هم خارجه من السوريين، فسبل العمل شبه مغلقة، مع رفض السلطات الأردنية منح إذن عمل للسوريين، والذي يحتاج لموافقة أمنية من المخابرات يطلق عليها (شهادة حسن سيرة وسلوك)، إذ تعد هذه الشهادة المحطة الأخيرة التي تتساقط عندها أحلام السوريون بالعمل لقاء أجر بسيط لا يتعدى 500 دولار في أحسن أحواله.
حتى أن شهادة قيادة السيارة، تتطلب على السوريّ استخراج شهادة (حسن سيرة وسلوك)، مما يعني حرمان السوريين منها كذلك، في ظل التشديد على القيادة بالرخصة السورية، كذلك مع التضييق المتواصل على السيارات التي تحمل لوحات سورية.
وتحدث شهود عيان على أن السلطات الأردنية شنّت العديد من الحملات على أرباب العمل الذي يقومون بتوظيف السوريين لقاء أجور قليلة دون إذن عمّل، مرحلّة اللاجئين إلى مخيم الزعتري، وحظرهم من الخروج منه.
وحول وضع السوريين المتدفقين عبر الحدود الممتدة شمال الأردن مع سوريا، كشف ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في الأردن “أندرو هاربر” في أواخر الـ 29 من سبتمبر الماضي عن عدم “عبور لاجئين سوريين إلى الأردن منذ ثلاثة أيام”، رغم أن المفوضية “تعلم أن هناك مئتين على الأقل منهم ينتظرون الدخول”.
وأوضح هاربر أن “المفوضية تناقش قضايا اللاجئين وحمايتهم مع الحكومة الأردنية، وتتمنى ألا يكون هناك تأخير في وصول اللاجئين الفارين من العنف في بلادهم ومن يريدون الدخول إلى الأردن، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني الذي نتفهمه وندركه”.
إلا أن وزير شؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة “محمد المومني” رد بأنه “لا تغيير على سياسة الحكومة بشأن الحدود واللاجئين”، إلا أنه أكد أن أعداد القادمين وطالبي العودة من اللاجئين السوريين تخضع “للاعتبارات الأمنية على الحدود التي تقدرها قوات حرس الحدود في الميدان” . وبخصوص ما ذكره هاربر بشأن وجود لاجئين بانتظار الدخول للمنطقة الحدودية، أكد المومني أن “اتصالات الحكومة مع منظمات الإغاثة والتعاون معها مستمر لاتخاذ الإجراءات الأنسب بخصوص اللاجئين”.
كلام رانيا العبدالله الجميل الذي يعبر عن مشاعر نبيلة تجاه اللاجئين السوريين في الأردن وغيرها من الدول، يبدو وكأنه لا يتسق أبداً مع السياسات الأردنية الممنهجة تجاه السوريين القادمين إلى الأردن، إذ يقابله معاملة مغايرة تماماً لما يحدث على بعد كيلومترات قليلة من بيت الملكة، فهل تعلم ما يحدث؟