في سوق العشية بمدينة بنغازي الليبية، تعرض وتباع كل أنواع الأسلحة، من مسدسات ورشاشات كلاشينكوف وقنابل يدوية وحتى مدافع الآر بي جي والرشاشات الآلية الثقيلة التي بإمكانها إطلاق آلاف الطلقات في الدقيقة الواحدة، وبأسعار تنافسية بين الباعة الذين يعمل بعضهم لحسابهم الخاص ويعمل البعض الآخر لحساب مجموعات مسلحة.
وتبدو مواقف المواطنين في بنغازي من سوق السلاح هذا غريبة فأحمد مثلا وهو أحد المقيمين بالقرب من السوق لايعطي أهمية كبيرة لسوق السلاح الذير أنه محدود جدا ولا يسبب مشاكل كبيرة”، رغم علمه بأن “منطقة السوق ليس بها أي شرطي أو جندي واحد” في حين يعطي أهمية أكبر لبعض باعة الخمور والمخدرات ويرى أنهم هم السبب الحقيقي للمشاكل في هذا السوق.
ورغم أن القانون الليبي يسمح منذ ما قبل الثورة بامتلاك السلاح على شرط أن يكون مرخصا من قبل السلطات المختصة، ورغم أن هذا القانون لازال جاري المفعول إلى الآن، فإن الدولة عاجزة على تطبيق القانون كما أن المواطنين يرفضون الانصياع له ويفضلون الحصول على السلاح الذي يريدونه مباشرة من سوق العشية ودون العودة إلى السلطات.. ولهم تبريرات عدة.
أهم هذه التبريرات هي أن عملية الحصول على السلاح من عند الدولة معقدة وتأخذ فترة من الوقت، كما أن الأسلحة التي يمكن اقتناؤها من المحلات المرخصة من قبل الدولة خفيفة جدا ولا تشمل الكلاشينكوف والأسلحة الأكثر فاعلية، بالإضافة إلى الانفلات الأمني الذي تعيشه ليبيا وانتشار الأفراد والمجموعات المسلحة في كل مكان ما يجعل المواطنين الليبيين وخاصة منهم الشباب يحتاجون الأسلحة بكل أنواعها لحماية أنفسهم وللدفاع على ممتلكاتهم أو ربما لاستردادها.
وأما عن موقف الشرطة والجيش الليبي من سوق العشية فيقول عماد سالم بكار وهو مقيم بالقرب من منظقة الفندق حيث يقام سوق العشية أن مواجهات شرسة دارت خلال السنتين الماضيتين انتهى بعضها بسيطرة قوات الأمن على السوق وبعضها الآخر بانسحاب قوات الأمن، ولكن في الحالتين كانت النتيجة واحدة وهي عودة السوق إلى نشاطه الطبيعي بعد أيام قليلة، الأمر الذي جعل قوات الأمن تنسحب من المكان بالكامل منذ فترة ما يفسره عمار بأنها هدنة لها نهاية.
فحسب عماد تعمل قوات الأمن الليبية في هذه الفترة على إعادة بناء هيكلتها وعلى تدريب أفرادها ليكونوا في مستوى التحدي الذي تعيشه البلاد والذي ستعيشه في المستقبل عندما ستكون مجبرة على التعامل مع مجموعات مجهزة بأسلحة ثقيلة ومتواجدة في أماكن حساسة في البلاد، ليس في سوق العشية فقط، بل حتى في مداخل المطارات وفي الموانئ البحرية وفي عدد من النقاط الحيوية للدولة الليبية.
ويضيف عماد أن سوق العشية ورغم وقوعه في منطقة مركزية بمدينة بنغازي فإنه لا يشكل خطرا أمنيا، فيقول: “بنغازي صغيرة بالنسبة لطرابلس، اذا أقدم أحدهم على ارتكاب جريمة هنا فسيتم تتبعه والقاء القبض عليه بسهولة” ويزيد أحمد من تقليله من خطورة الوضع الأمني فيقول:”في كل يوم تفرض قوات الأمن سيطرتها على مناطق جديدة في البلاد، ولكن حتى في حال عدم وجود الشرطة والجيش بالكامل، الحكومة طلبت من كبار العشائر أن تساهم في حفظ الأمن، وهم يساهمون في معاقبة كل من يرتكب جريمة”.
ويذكر أن مشكلة تجارة وانتشار السلاح في ليبيا لا تتوقف عند بنغازي أو عند مناطق محددة من ليبيا، فرغم حظر الأمم المتحدة لنقل الأسلحة من أو إلى ليبيا فإن تقاريرا لخبراء تابعين للأمم المتحدة تشير إلى أن كميات من الأسلحة يتم نقلها من ليبيا إلى دول أخرى مثل مصر ومالي وكذلك إلى غزة، بالإضافة إلى تقارير تتحدث عن شحنات كبيرة من الأسلحة نقلت من ليبيا إلى سوريا عبرميناء مصراطة وطرابلس في ظل اتهامات لمسؤولين في السلطات الليبية بالتواطئ أو ربما بالمشاركة في عمليات نقل السلاح هذه.
المصادر: Vice