تتوالى الاتهامات الموجهة للرئيس التونسي قيس سعيد بتلقيه أموالًا أجنبيةً خلال حملته الانتخابية السابقة، ووقوف دولة أجنبية وراء وصوله إلى سدة الحكم في قرطاج، اتهامات جاءت من أطراف مختلفة منها من كان يعمل معه خلال الحملة، فمتى تتحرك النيابة العمومية في تونس لبيان صحتها من عدمها؟
أموال أمريكية
آخر الاتهامات صدرت عن النائب المستقل في البرلمان التونسي راشد الخياري، إذ اتهم في فيديو مباشر على الفيسبوك نشره ليلة أمس الإثنين، الرئيس قيس سعيد بتلقي تمويلات من ضابط مخابرات أمريكية يعمل بسفارة بلاده بباريس خلال الحملة الانتخابية الرئاسية بمبلغ يناهز الـ5 ملايين دولار.
وقال النائب، إنه يملك وثائق وأدلة بالفيديو والصوت – من بينها أرقام الحوالات – تثبت تلقي قيس سعيد هذه الأموال الطائلة من جهات أمريكية رسمية، وادعى أن مدير حملة سعيد تلقى هذا المبلغ عبر حوالات بريدية، وزعم الخياري أن شقيق الرئيس نوفل سعيد تلقى تطمينات من نفس الشخصية الأمريكية بفوز شقيقه في الانتخابات ودعمه.
تحدى النائب الخياري الرئيس سعيد بالتخلي عن الحصانة، ودعا النيابة العمومية للتعهد بالملف
ذكر راشد الخياري أن مساندة الأمريكيين للرئيس قيس سعيد جاءت مقابل وعود قطعها لهم بخدمة مصالح واشنطن، وأضاف مخاطبًا سعيد: “أنت خديعة، وتعاملت مع الإدارة الأمريكية لخدمة الصهيونية في تونس”.
وكثيرًا ما يتهم الرئيس قيس سعيد أطرافًا سياسية لم يسمها بالخيانة والعمالة إلى الخارج وبيع ضمائرهم وتلقي أموال أجنبية خلسة، حتى إنه يقول إنه يعرفهم جيدًا ولديه كل الأدلة والتفاصيل عن تجاوزاتهم، لكنه إلى الآن لم يقدم أي قضية عدلية في الغرض.
الوصول للحكم والتوجه نحو فرنسا
أوضح الخياري في ذات الفيديو أن “هذه الجهات الأمريكية الداعمة تخلت عن قيس سعيد بعد أن غدر بها، واستبدل بها فرنسا عن طريق مديرة ديوانه نادية عكاشة”، مضيفًا “لذلك قرر الأمريكان فضحه”، وذكر أن نفس الجهة التي مولت الحملة (جهات أمريكية) سربت له الوثائق بعد أن غير رئيس الجمهورية – حسب زعمه – ولاءه من الأمريكيين إلى الفرنسيين.
وتحدى النائب الخياري الرئيس سعيد بالتخلي عن الحصانة، ودعا النيابة العمومية للتعهد بالملف والهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات إلى إبطال فوز الرئيس سعيد بالانتخابات الرئاسية، كاشفًا أنه سلم في وقت سابق ملف الحوالات إلى محكمة المحاسبات.
كما دعا أيضًا قيس سعيد إلى الاستقالة، مشددًا على أنه مستعد للتخلي عن الحصانة البرلمانية وحتى الاستقالة من مجلس نواب الشعب، للتأكيد أنه لا يحتمي وراء حصانته البرلمانية في هذه المسألة الخطيرة التي تمس الأمن القومي للبلاد.
يذكر أن قيس سعيد فاز برئاسة تونس بحصوله في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، على 72.71% من أصوات الناخبين مقابل 27.29% لمنافسه رجل الأعمال نبيل القروي، وصوت 2.7 مليون ناخب لسعيد بينما صوت 1.04 مليون ناخب للقروي.
حينها حصلت تعبئة واسعة لصالح قيس سعيد في صفوف الشباب والعديد من الأحزاب على غرار حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة، كون سعيد مرشح الثورة الذي سيتصدى للفساد والثورة المضادة.
يمكن للنيابة العامة التعهد من تلقاء نفسها بهذه القضايا، ويمكن أيضًا لأي شخص أو جهة تقديم شكاية بناء على الأدلة والمعطيات التي يملكها
مؤخرًا أظهرت تسريبات نشرها النائب في البرلمان التونسي راشد الخياري خضوع الرئيس قيس سعيد لضغوط خارجية كان مصدرها السفير الفرنسي، هذه التسريبات عبارة عن مكالمات للمحامية التونسية مايا القصوري وتتحدث فيها مع مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة.
شاهدوا الفضيحة “بعد شقيقه نكشف ابنه”
ولي عهد قيس سعيد “عمر سعيد” يوجه شبكة من المدونين ضد خصوم والده و يسخر من البرلمان و من المحكمة الدستورية
كما وعدناكم نواصل حصون الخونة و فضح العائلة الحاكمة الفاسدة
نواصل إشعال الأضواء داخل الغرف المظلمة
تسريب رقم1
نائب الشعب راشد الخياري
— نايلة بن محمد (@NaylaBenMohamed) April 19, 2021
وقالت القصوري في التسريبات إنها التقت السفير الفرنسي السابق، أوليفيه بوافر في جلسة قهوة من أجل الحديث عن تعيين خليفة جديد لرئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، مضيفة أنها رفضت اقتراح السفير الفرنسي تعيين خيام التركي من حزب التكتل وطلبت منه اختيار شخصية أخرى.
وجب التنويه أن منصة “نون بوست” الإلكترونية، لم تتمكن من التحقق من مصدر وصحة الفيديوهات والتسجيلات التي تحدث عنها ونشرها النائب التونسي راشد الخياري في علاقة بالرئيس قيس سعيد من مصدر مستقل.
أين النيابة العمومية؟
أمام هذه الاتهامات الخطيرة الموجهة لرئيس البلاد طالب العديد من التونسيين ضرورة تدخل النيابة العمومية بشكل عاجل للتحقيق في الأمر وبيان مدى صحة الاتهامات من عدمها، خاصة أنها صادرة عن نائب في البرلمان وتمس أمن واستقرار البلاد.
كما أن هذه الاتهامات ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن قال المدير التنفيذي لحزب ”الشعب يريد” نجد الخلفاوي، في تصريح لوسائل إعلام تونسية، إن دولة أجنبية مؤثرة دعمت حملة قيس سعيد في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الماضية.
وأكد الخلفاوي ”لولا هذا الدعم لما كان قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية”، مؤكدًا أن حزبه يملك جميع الأدلة على هذه الاتهامات، وأضاف أن أحد أفراد حملة قيس سعيد اتصل بممثل تلك الدولة وتم تنظيم لقاء بينه وبين قيس سعيد في 19 من أغسطس/آب 2019 بتونس وكان هذا اللقاء موثقًا، يُشار إلى أن هذا اللقاء نفسه ما تحدث عنه النائب راشد الخياري.
لا حجة لكم اليوم يا أنصار #التعيس..
كل شيء بالأدلة:
– تسريباب صوتية..
و
– وثائق من “البنك المركزي” التونسي و “السفارة الأمريكية” بتونس و “إتصالات تونس”.
والنائب المستقل #راشد_الخياري قال: مستعد لمواجهة التعيس امام القضاء والشعب التونسي.
(جاء الحق وزهق الباطل ولو كره المجرمون)
— Amel Zarouk (@Amel_Zarouk) April 19, 2021
أشار الخلفاوي، إلى أن اتصالات عديدة جمعت ممثل هذه الدولة بقيس سعيد والعديد من الأشخاص من الدائرة الضيقة للرئيس، وفق قوله، وأعلنت الهيئة التأسيسية للحزب فيما بعد أن هيئة قانونية تابعة لها قدمت تقريرًا مفصلًا لمحكمة المحاسبات (المحكمة المكلفة بمراقبة حسن التصرف في المال العام) في هذا الشأن.
ويعتبر القانون الانتخابي التونسي تلقي أو البحث عن دعم أجنبي جريمة انتخابية يعاقب عليها القانون، ويجبر الأحزاب والجمعيات على كشف حساباتها المالية ومصادر تمويلها، ويمكن لهيئة الانتخابات في حال ثبوت التهمة إسقاط المرشح المُدان لخرقه القانون الانتخابي.
في القانون التونسي لا يمكن لمحكمة المحاسبات أن تتعهد بالتتبعات الجزائية، لكن النيابة العمومية بمحكمة المحاسبات ملزمة بنص القانون بإحاطة النيابة العمومية في محاكم الحق العام بالأخطاء التي يمكن أن ترتقي إلى جرائم.
بعد ما قاله راشد الخياري لا بد للنيابة أن تفتح تحقيقا سواء صح الخبر أو لم يصح
فضوها تحت المحكمة سااحبي
و التاريخ لن يرحم
— Omar ?? محمد عمر (@MedOmarTUN) April 20, 2021
كما يمكن للنيابة العامة، التعهد من تلقاء نفسها بهذه القضايا، ويمكن أيضًا لأي شخص أو جهة تقديم شكاية بناءً على الأدلة والمعطيات التي يملكها ضد أحد المرشحين للانتخابات للنظر في مدى احترامه للقانون.
ينتظر التونسيون تحرك النيابة العمومية لمعرفة صحة الادعاءات الموجهة ضد رئيس بلادهم، خاصة أن السكوت عنها سيفتح الباب لكل من أراد تشويه طرف ما باتهامه بالعمالة لجهات أجنبية في ظل تواصل سياسة الإفلات من العقاب.