سوريا لم تعد موجودة – أعني بالصورة التي نعرفها من قبل – وأعتقد أن الدولة السوريّة لن يُعاد بناؤها أبدًا على حدودها القديمة. بطريقة أخرى؛ بعض الترتيبات السياسية الحالية لسوريا – برأيي – تشير إلى أنها بدرجة كبيرةٍ لن تكون دولةً موحدة.
لكني أرى أنّ الوضع مختلفٌ بالنسبة للعراق؛ حيث إنه ما يزال موجودًا، ولم تتلاشى الآمال في بقائه متماسكًا بدون تفكك. ولذا؛ فإن هناك اختلافٌ كبيرٌ بين سلامة الدولة العراقية وسلامة نظيرتها السورية، وأعتقد أن استراتيجيتنا – بالفعل – تضع ذلك في الحسبان.
تنظيم “الدولة الإسلامية” يمثّلُ تهديدًا جوهريًا للعراق الموحّد، وكلما امتدت سيطرة التنظيم – المسلح والمدرب على أعلى مستوى – على رقعة من الأقاليم العراقية، كلما كان من الصعب استعادة دولة العراق سيطرتها على تلك المناطق، ناهيك عن إعادة الحكم الرشيد إليها. دعنا نفترض أن الحملة ضد “الدولة الإسلامية” ستنجح في استعادة كل المناطق التي بحوزة التنظيم الآن، وستنجح في أن تعيد هؤلاء المسلحين إلى مجرد مجموعة إرهابية تعمل في الخفاء.
عندما ينقشع الغبار بعد هذه النتيجة فإن العمل الأصعب سيكون في إعادة دمج كافة المناطق العراقية والمجتمعات في دولة يقوم كل مكونٍ بوظيفته؛ ليس فقط مناطق الأغلبية السنّية التي تسيطر عليها “الدولة الإسلامية”، لكن العراق ككل بما فيه الجنوب وكردستان العراق.
شيءٌ واحدٌ سيجعل الأمر أكثر صعوبة وهو أن إعادة الاندماج طويل الأمد سيكون بمثابة تكاثرٍ للمسلحين الذين تمّ استغلالهم في محاربة “الدولة الإسلامية” على المدى القريب.
الكثير من القادة العراقيين يرون – كما رأوا في السابق – أنه بمجرد تحييد تهديد “الدولة الإسلامية” فإن المسلحين الذين وقفوا ضدهم سينفضّون تلقائيًا؛ لأن علة وجودهم تلاشت وما عاد لبقائهم فائدة. لكني أرى أنّ وجهة النظر تلك ستثبت خطأها تمامًا كما حدث عام 2007، فعندما تقهقر تنظيم “القاعدة” في العراق، رفضت الميليشات وضع سلاحها، وبدلاً من ذلك؛ بدأوا حربًا جديدة ضد الدولة العراقية وانتهت لشيء لا يختلف عما عليه الأحداث الآن. آملُ أن يتعلم القادة العراقيون اليوم من هذا الدرس ولا يكرروا نفس الخطأ.
المصدر: فورين بوليسي / ترجمة: الخليج الجديد