ترجمة وتحرير نون بوست
أثار بعض الناشطين والجماعات الحقوقية مخاوف من إسكات منصات التواصل الاجتماعي على غرار إنستغرام وفيسبوك وتويتر الأصوات الفلسطينية، بعد حذف نشرها عددا من المنشورات حول التوترات المتزايدة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية وتعليق الحسابات.
شارك مئات الأشخاص لقطات شاشة لحساباتهم المعلقة وشاشات فارغة بعد أن شاركوا منشورات تتعلق بالإخلاء القسري للعائلات الفلسطينية في الشيخ جراح، وهي منطقة سكنية تبعد أقل من كيلومتر واحد عن جدران القدس القديمة. خلال هذا الأسبوع، تأججت المظاهرات بعد أن أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية عائلات الإسكافي والأكراد والجاعوني والقاسم، المكونة من 30 بالغا و10 أطفال، بإخلاء منازلهم بحلول يوم الخميس. من جهتها، رفضت العائلات الفلسطينية مرارا وتكرارا أيّة صفقة مع المستوطنين الإسرائيليين تدعي ملكيتهم للعقارات، رافضة الاعتراف بصحة مطالبهم.
في جميع أنحاء العالم، استخدم مئات الأشخاص وسم “أنقذو حي الشيخ جراح” على مواقع التواصل الاجتماعي للفت الانتباه إلى عمليات الإخلاء. في هذا الصدد، قالت منى شطايا، مديرة الدعوة المحلية في مؤسسة “حملة”، وهي منظمة تركز على النهوض بالحقوق الرقمية الفلسطينية وحمايتها، إن حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي سيكون له تداعيات كبيرة، لا سيما بالنسبة للناشطين الذين يستخدمون هذه المواقع لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
تابعت شطايا حديثها لموقع ميدل إيست آي قائلة: “لقد وقع حذف العديد من المحتويات، عبر منصات مختلفة… لقد راقبنا ووثّقنا عمليّة حذف الصور على إنستغرام”. وزعمت شطايا أن إزالة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي كانت بمثابة محاولة منهجية لمتابعة وحذف المحتوى الفلسطيني، بهدف إسكات أصوات الفلسطينيين.
معظم المحتوى المحذوف كان عبارة عن توثيق لهجمات المستوطنين الإسرائيليين وقمع السياسات ضد المتظاهرين.
وفقا لبيان أصدرته إنستغرام يوم الخميس، كان حذف ميزة قصص إنستغرام والهايلايتس بسبب مشكلة فنية أثرت على عمل المنصة. وأفاد البيان: “نحن نعلم أن بعض الأشخاص يواجهون مشاكل في تحميل القصص وعرضها، وهو ما يُعدّ مشكلة فنية عالمية واسعة الانتشار ولا تتعلق بأي موضوع معين ونحن نعمل على حلها الآن… نأسف لجميع المتضرّرين، خاصة أولئك الذين ينشرون الوعي لأسباب مهمة على الصعيد العالمي”.
ما زال العديد من الناشطين غير مقتنعين برد المنصة، مشيرين إلى أن المشكلة مازالت مستمرة، إذ قال بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إن منشوراتهم حُذفت بسبب “خطاب الكراهية”. ووفقا لشطايا، وقع حذف منشورات بعض النشطاء بعد تلقيهم إشعارا يفيد بأنهم “انتهكوا معايير المجتمع”، وأضافت شطايا قائلة: “يعدّ هذا الأمر غير منطقي، فهم يوثقون ما يحصل على الأراضي والانتهاكات… لذلك، لا يُعتبر هذا السبب مقنعا أو صحيحا، بل هو مجرّد عذر”.
علاوة على ذلك، ذكرت شطايا أنها لاحظت نزعة مستمرة في حذف منشورات مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بفلسطين وإسكاتها على مر السنوات، مضيفة: “هذه ليست المرة الأولى التي نراقب فيها هذه الحالات. وهناك عشرات الآلاف من الطلبات التي ترسلها الوحدة الإسرائيلية للمسائل الإلكترونية لشركات التواصل الاجتماعي في محاولة لإسكات الفلسطينيين، ويتزايد عدد هذه الطلبات سنويا. وفي سنة 2019، قَدَّمَت “إسرائيل” 19606 طلبا لحذف المحتوى لشركات التواصل الاجتماعي عن طريق الوحدة الإسرائيليّة”.
تواصل موقع ميدل إيست آي مع إنستغرام، الذي أكد أن المحتوى المتعلّق بحي الشيخ جراح الذي وقع حذفه كان بسبب مشكلة تقنية واسعة النطاق، وأن المتحدثين باللغة العربية في فريقهم يراجعون المحتوى العربي بشكل متكرر للتأكد من مراعاة جميع العوامل. من جانبها، صرحت مروة فطافطة، مديرة سياسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظّمة أكساس ناو، وهي منظمة حقوقية رقمية، لموقع ميدل إيست أي بأن معظم المحتوى المحذوف كان عبارة عن توثيق لهجمات المستوطنين الإسرائيليين وقمع السياسات ضد المتظاهرين.
أضافت فطافطة أنه “لم يقع إعطاء المستخدمين أي مبرّر لحذف المحتوى الخاص بهم… غرّد إنستغرام بالأمس أنهم يواجهون ‘مشكلة فنية’ على نطاق عالمي… لكن النطاق والطبيعة المحددة لعمليات الحذف تلقي بظلالها على التصريح الذي قدّمته إنستغرام، لا سيما وأن هذا النوع من الرقابة على الشركات لا يُعدّ بالأمر الجديد على المستخدمين الفلسطينيين”.
منذ أن استولت “إسرائيل” على القدس الشرقية في حرب سنة 1967، ادعت منظمات المستوطنين الإسرائيليين ملكيتها لبعض الأراضي في الشيخ جراح
علاوة على ذلك، ذكرت فطافطة أن شركة فيسبوك “متواطئة بشكل منهجي في فرض الرقابة على الخطاب الفلسطيني”. وأضافت فطافطة أن “سياسات تعديل المحتوى الخاصة بهم تمييزية وغير شفافة، ناهيك عن امتثالهم الكبير لوحدة الإنترنت الإسرائيلية التي ترسل بنشاط طلبات لمنصات التواصل الاجتماعي لدفعهم لحذف المحتوى الفلسطيني”.
غرد يوم الخميس معهد تفاهم الشرق الأوسط، وهو منظمة غير حكومية تقدم معلومات عن فلسطين، قائلا إن لديهم العشرات من الرسائل من أشخاص لديهم منشورات وقصص تتعلق بالشيخ جراح وفلسطين كانت قد حُذِفَت دون تفسير. في وقت سابق من هذا الأسبوع، حاولت الشرطة الإسرائيلية، التي كان بعض أفرادها يمتطون الخيول، صدّ المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية و”مياء الظربان”، وذلك وفقا لما أفاد به مراسل ميدل إيست آي الذي كان متواجدا في مكان الحادث.
تأتي عمليات الإخلاء الأخيرة في الوقت الذي شهدت فيه القدس توترات متصاعدة في الأسابيع الأخيرة، حيث نظم الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون مسيرات للمطالبة “بموت العرب” وسط جهود طويلة الأمد تبذلها السلطات الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات في القدس الشرقيّة، التي تعتبر على نطاق واسع غير قانونية بموجب القانون الدولي.
منذ أن استولت “إسرائيل” على القدس الشرقية في حرب سنة 1967، ادعت منظمات المستوطنين الإسرائيليين ملكيتها لبعض الأراضي في الشيخ جراح ورفعت عدة دعاوى قضائية ناجحة منذ سنة 1972 لطرد الفلسطينيين من الحي. ومنذ بداية السنة الماضية، أمرت المحاكم الإسرائيلية بإخلاء 13 عائلة فلسطينية في الشيخ جراح.
المصدر: ميدل إيست أي