كيف تفاعل الأتراك مع قضية الشيخ جراح؟

E02ZGeQXoAMnW-c

“المسجد الأقصى خط أحمر بالنسبة لنا”.. “إن مقاومة الشباب في المسجد الأقصى ستنقذنا وتنقذكم”.. بهذه العبارات هتف بولنت يلدريم المدير العام لهيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات بآلاف الشباب المحتشدين أمام القنصلية الإسرائيلية في اسطنبول، دعمًا لصمود المقدسيين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وتضامنًا معهم. 

وعلى الرغم من الإغلاق الكامل الذي تشهده تركيا منذ أكثر من عشرة أيام، إلا أن محيط قنصلية الاحتلال في إسطنبول شهد وقفة احتجاجية فجر اليوم السبت، عقب دعوة وجهها بولنت عبر وسائل التواصل للأتراك لحماية المسجد الأقصى، وقد أشار نشطاء حضروا الوقفة إلى أن الشرطة تغاضت عنهم بشأن كسر حظر التجول والإغلاق المفروض في عموم المدن التركية وسهلت وصولهم للقنصلية. 

هذا وتفاعل آلاف الأتراك مع هاشتاج المسجد الأقصى MescidiAksa# عبر تويتر الذي أطلق تضامنًا مع المصلين في المسجد الأقصى بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمهاجمة المصلين وإطلاق الرصاص عليهم ما أدى لإصابة المئات، ويأتي هذا التصعيد الاسرائيلي في أثناء حشد المستوطنين اليهود لاقتحام المسجد يوم 28 من رمضان على الرغم من أن الشرطة الإسرائيلية كانت قد أعلنت قبل أربعة أيام إغلاق الأقصى أمام الاقتحامات لما تبقى من العشر الأواخر من رمضان، لكنها -في الوقت ذاته- طَمأنَت جماعات المعبد المتطرفة أن اقتحام 28 رمضان قائم، وهي بدورها تواصل تعبئة جمهورها بكل إمكاناتها، وذلك حسب الناشطة المقدسية هنادي الحلواني.

ن

رغم حظر التجول.. مئات الأتراك يتظاهرون أمام القنصلية الإسرائيلية فجر السبت تضامنًا مع المقدسيين

وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي التركية تضامنًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا مع قضية حي الشيخ جراح المقدسي التي عادت للواجهة بعد أن تلقت 12 عائلة فلسطينية بالحي قرارات بالإخلاء، صدرت عن محكمتي الصلح و”المركزية” الإسرائيليتين. حيث تصدر وسم المسجد الأقصى #MescidiAksa  الترند في تركيا بأكثر من 700 ألف تغريدة.

وقطعت معظم القنوات الفضائية التركية برامجها، وخرجت بتغطية مباشرة من القدس، وعنون التلفزيون الرسمي الأحداث بـ”الإرهاب الإسرائيلي في القدس”، كما أصيب 3 من طواقم وكالة الأناضول أثناء تغطيتهم الاعتداءات الإسرائيلية داخل المسجد والتي نقلت الأحداث للعالم عبر بثها بـ 15 لغة، حسب ما رصد الصحفي الفلسطيني التركي إسماعيل كايا.

وبالتزامن مع الحراك المجتمعي في الشارع التركي، عبرت المؤسسات الرسمية والشعبية وعشرات نواب في البرلمان ورؤساء بلديات وقادة المعارضة على اختلاف توجهاتهم عن رفضهم لممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد المصلين في المسجد الأقصى ومحاولات تهجير الفلسطينين من منازلهم في حي الشيخ جراح.

حيث قال فخر الدين ألتون رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية إن تزايد الاعتداءات الإسرائيلية في شهر رمضان قبل ليلة القدر، تثبت أنها استفزازات متعمدة، وتابع في اتصال هاتفي مع قناة TRT: “إن مهاجمة الأبرياء الذين يتعبدون هو إرهاب صارخ ويحدث على مرأى من العالم كله منذ عام 1948، هناك احتلال يتقدم خطوة بخطوة. واليوم، للأسف، تتعرض جميع أماكن إخوتنا الفلسطينيين المعيشية ومساحاتهم الاجتماعية للهجوم بطريقة مخططة، وتتعرض ممتلكاتهم لتهديد شديد.”

من الوقفة الاحتجاجية

وكان ألتون أدان في تغريدة سابقة سياسة الترحيل القسري في القدس الشرقية، متسائلًا عن موقف الدول الغربية من الممارسات غير القانونية التي تمارسها دولة الاحتلال، وقال “نحن نسأل متى سيكون إخواننا الفلسطينيين، الذين قتلتهم إسرائيل، على جدول أعمال العالم”.

كما دعت وزارة الخارجية التركية الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء موقفها الاستفزازي والعدواني في أسرع وقت ممكن، وشدد بيان أصدرته الوزارة على أن “إسرائيل استهدفت حرية العبادة للشعب الفلسطيني ومكانة الحرم الشريف بالمسجد الأقصى طيلة شهر رمضان” ودعت الحكومة الإسرائيلية للتخلي فورا عن موقفها العدواني والاستفزازي الذي تسبب في إصابة كثير من المدنيين الفلسطينيين، وأضاف أن “تركيا ستواصل دعمها للقضية العادلة التي يتبناها الشعب الفلسطيني”.

 وأكد تشاويش أوغلو وقوف تركيا “الدائم مع قضية شعب فلسطين العادلة، وتمنى الشفاء العاجل للإخوة المصابين”.

وكان وزير الخارجية قد صرح عقب لقاءه مع وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي أن على “إسرائيل” إنهاء احتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية والسماح بإجراء انتخابات، كما أدان الاعتداءات على الحرم الشريف وعمليات الإخلاء القسري في حي الشيخ جراح.

بدوره قال رئيس البرلمان التركي إن من يزرع العنف لا يمكن أن يحصد السلام، في إشارة لممارسات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى. فيما غرد رئيس الشؤون الدينية البروفيسور علي أرباش مستنكرًا الهجوم الإسرائيلي على قبلة المسلمين الأولى، وقال إن سياسات الاحتلال وعقليته الخاوية من احترام الإنسانية والمقدسات، وافتقارها إلى القانون والأخلاق، يجب أن تنتهي في أسرع وقت ممكن.

 

الصحفي إبراهيم كاراغول، قال إن المقاومة في القدس هي واجب كل من يقول “أنا مسلم” واجب كل واحد فينا.

وفي صباح اليوم السبت تظاهر العشرات من الأتراك أمام السفارة الإسرائيلية في أنقرة، محتجين على عدوانية “إسرائيل” ضد الفلسطينيين في الأقصى، وقال علي يالشن المدير العام لمنظمة مامورسان المنظمة للوقفة الاحتجاجية إن “إسرائيل” أخطر من كورونا ونحن متيقظون لكل ما تقوم به.

 كما عبر آخرون عن دعمهم ونصرتهم معنويًا وماديًا بالدعوة للتبرع بإفطار وسحور حراس المسجد الأقصى عن طريق الجمعيات العاملة في أكناف بيت المقدس مثل جمعية بوراك، التي قال رئيسها آدم ينيهايات إنه على الرغم من كل أنواع الصعوبات في القدس، فإن الشعب المسلم لم يترك القدس للاحتلال اليهودي ودافع عن شرف العالم الإسلامي، واعتبر في البيان الصادر عن الجمعية إن العيش في القدس يعتبر كفاحًا مهمًا، “لأنه من أجل منع تهويد القدس، يجب على سكان القدس المسلمين عدم مغادرة المنطقة. لكن العيش في القدس ليس سهلًا على الإطلاق. من ناحية انتشار الوباء العالمي، ومن ناحية الاحتلال والقمع، يجب ألا نترك سكان القدس بلا دعم، ونحن نستهدف من هذه الحملة أن نجعل رمضان أكثر راحة لإخوتنا وأخواتنا المقدسيين الذين يعانون من صعوبات اقتصادية.”

ودعا النشطاء لتوحيد جهود الأمة الإسلامية لحماية القدس من المخططات الإسرائيلية مع تزايد الاستفزازات والتهديدات الإسرائيلية مؤخرًا، وقال الكاتب شوقي كارابكرأوغلو: أن إسرائيل تقوم بحرب نفسية كل عام، حيث تضرب المسلمين في أكثر الأيام أهمية لهم وأكثر الأماكن قدسية لديهم.

يعتبر الأتراك القضية الفلسطينية جزءًا من عقيدتهم وهويتهم، ورابطًا يربطهم بإرثهم الحضاري والديني، وتحضر فلسطين ورمزياتها في كثير من النشاطات والفعاليات التي ينظمها الشباب هنا في تركيا، كما يرتبط غالبية الشعب التركي ارتباطًا روحانيًا وعاطفيًا بالمسجد الأقصى، حيث يسافر الكثيرون كل عام نحو الأراضي المحتلة لزيارة القدس وقبلة المسلمين الأولى.