ترجمة: حفصة جودة
كان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة – الذي يواجه إخلاءً إسرائيليًا وشيكًا – بستانًا مبهجًا يقع على بعد أقل من كيلومتر شمال الأسوار القديمة للبلدة القديمة في القدس، في أوائل القرن العشرين انتقلت الأسر الفلسطينية الغنية لبناء منازل حديثة في المنطقة فرارًا من الشوارع الضيقة والصخب في منازلهم الضيقة بالبلدة القديمة.
يشير اسم الحي إلى اسم الطبيب الشخصي للقائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، الذي يُعتقد أنه عاش هنا عندما استولت الجيوش الإسلامية على المدينة من الصليبيين المسيحيين عام 1187.
لاجئو فلسطين 1948
عام 1956 استقرت 28 عائلةً فلسطينيةً في الحي، هذه العائلات كانت جزءًا من كثافة سكانية أكبر (نحو 750 ألف شخص) طردتهم المليشيات الصهيونية في أثناء حرب 1948 – المعروفة لدى الفلسطينيين بالنكبة – من المدن والقرى العربية التي أصبحت الآن “إسرائيل”.
كانت القدس الشرقية تحت إدارة المملكة الأردنية الهاشمية التي حكمت الضفة الغربية، بنى الأردن منازل لـ28 عائلة فلسطينية عام 1956 بموافقة وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
تعيش 38 عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح، 4 منهم يواجهون إجلاءً فوريًا، بينما تتوقع 3 عائلات الإجلاء في أول أغسطس/آب
في الستينيات اتفقت العائلات مع الحكومة الأردنية على صفقة تجعلهم ملاكًا لتلك الأرض والمنازل، والحصول على صكوك لملكية الأردن موقعة بأسمائهم بعد 3 سنوات، وفي المقابل سيتنازلون عن وضعهم كلاجئين.
على كل حال، انتهت الصفقة قبل أن تبدأ، فقد احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل غير قانوني عام 1967 في حرب الشرق الأوسط وفقد الأردن السيطرة على تلك الأراضي.
والآن تعيش 38 عائلة فلسطينية في الشيخ جراح، 4 منهم يواجهون إجلاءً فوريًا، بينما تتوقع 3 عائلات الإجلاء في أول أغسطس/آب، أما بقيتهم فما زالوا في مراحل مختلفة من قضايا المحاكم، يواجهون جماعات المستوطنين القوية في المحاكم الإسرائيلية.
الحوض المقدس في القدس
منذ استيلاء “إسرائيل” على القدس الشرقية في حرب 1967، ادعت منظمات المستوطنين الإسرائيليين ملكيتها لأرض الشيخ جراح ورفعت عدة قضايا ناجحة لإجلاء الفلسطينيين من الحي، رفعت مجموعتان من المستوطنين قضايا يقولون فيها إن يهود السفارديم امتلكوا الأرض عام 1885 في أثناء الحكم العثماني الذي انتهى عام 1917.
أقام الإسرائيليون دعاوى مماثلة بامتلاك أراضي الفلسطينيين التي تقع على بعد أقل من كيلومتر عن البلدة القديمة في القدس، تمتلك “إسرائيل” إستراتيجية استيطانية كبرى تسمى “الحوض المقدس” وهي عبارة عن عدة وحدات استيطانية وسلسلة من الحدائق تشبه أماكن وشخصيات توراتية حول البلدة القديمة في القدس، وتتطلب الخطة إزالة منازل الفلسطينيين من المنطقة.
في نوفمبر/تشرين الثاني وافقت محكمة إسرائيلية على إجلاء 87 فلسطينيًا من منطقة بطن الهوا بسلوان جنوب المسجد الأقصى لصالح مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين باسم “عطيرت كوهانيم”، هذه المجموعة التي تهدف إلى توسيع حضور المستوطنين داخل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية وحول وداخل البلدة القديمة، قامت بمقاضاة سكان بطن الهوا وادعت أن أرضهم كانت مملوكة ليهود اليمن في أثناء الحكم العثماني حتى 1938 عندما نقلهم الانتداب البريطاني بسبب التوترات السياسية.
يعمل القانون الإسرائيلي لصالح المستوطنين بالسماح لليهود فقط بالمطالبة بممتلكات يدعون امتلاكها قبل عام 1948، بينما يحرمون الفلسطينيين من الحق نفسه.
الملاك أصبحوا مستأجرين
في يوم الأحد أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا بإجلاء عائلات سكافي والكرد والجاعوني وقاسم من منازلهم بحلول 6 من مايو/أيار، تضم هذه العائلات 30 فردًا بالغًا و10 أطفال، هذه العائلات كانت تكافح في المحاكم لمدة 4 سنوات.
أما عائلات حماد والديجاني والداوودي التي تعيش في نفس المنطقة فقد منحتها المحكمة مهلة حتى 1 من أغسطس/آب، في عام 1982 طالبت مجموعات المستوطنين الإسرائيلية المحكمة بإجلاء 24 عائلة فلسطينية تعيش في الشيخ جراح.
في أبريل/نيسان سلم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الوثائق التي تثبت ملكية الفلسطينيين لأملاكهم في الشيخ جراح في محاولة لمنع إجلاء جماعي جديد
وفي عام 1991 واجهت العائلات حيلةً أخرى عندما اتهموا محاميهم الإسرائيلي وممثلهم القانوني بتزوير توقيعاتهم على وثائق عام 1991 تفيد بأن ملكية الأراضي تعود للمستوطنين، ومنذ ذلك الحين يُعامل السكان الفلسطينيون في الشيخ جراح بصفتهم مستأجرين أمام المحاكم الإسرائيلية ويواجهون أوامر إجلاء لإفساح الطريق أمام المستوطنين للاستيلاء على منازلهم.
في 2005 رفضت المحكمة الإسرائيلية الوثائق العثمانية التي قدمها سليمان درويش حجازي أحد سكان الشيخ جراح كدليل على ملكيته للأرض، وفي عام 2002، تم إجلاء 43 فلسطينيًا من المنطقة واستولى المستوطنون الإسرائيليون على ممتلكاتهم.
أما في 2008 تم إجلاء عائلة الكرد وفي 2009 تم إجلاء عائلات الحنون الغاوي، وفي 2017 طرد المستوطنون الإسرائيليون عائلة الشماسنة من منزلهم أيضًا.
طالب الفلسطينيون الأردن بنشر الأوراق الرسمية والوثائق التي تثبت ملكيتهم، في أبريل/نيسان سلم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الوثائق التي تثبت ملكية الفلسطينيين لأملاكهم في الشيخ جراح في محاولة لمنع إجلاء جماعي جديد.
وفي الأسبوع الماضي صادقت الحكومة الأردنية على 14 اتفاقًا من الستينيات مع العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح لتعزيز موقفهم في المحاكم الإسرائيلية، منذ بداية 2020 أمرت المحاكم الإسرائيلية بإجلاء 13 عائلة فلسطينية في الشيخ جراح.
أصبحت المنطقة نقطةً مركزيةً للاحتجاج وأنشطة التضامن والاعتصام، ومنطقة جذب للفلسطينيين والإسرائيليين المناهضين للاحتلال والنشطاء الدوليين.
المصدر: ميدل إيست آي