فشلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في فرض سياسة الأمر الواقع وتفريغ المسجد الأقصى من المعتكفين والمصلين لإفساح المجال للمتطرفين الصهاينة لاقتحامه اليوم الاثنين بهدوء، بمناسبة ما يسمى يوم “توحيد القدس”.
جاء هذا الفشل نتيجة تصدي المصلين لعمليات اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى التي بدأت منذ ساعات الصباح انطلاقًا من باب المغاربة ودامت 4 ساعات، رغم الاعتداءات التي مورست في ساحات المسجد المختلفة وأبوابه المتعددة.
وبدأ جنود الاحتلال التقدم من باب المغاربة في الجانب الغربي للمسجد، ثم وصلوا مدخل المصلى القبلي المسقوف، وتقدموا من هناك إلى سطح المصلى المرواني في الجانب الشرقي للمسجد، ومن ثم تقدمت مجموعة من الجنود، التي استخدمت في كل تحركاتها كمية كبيرة من الذخيرة، باتجاه صحن قبة الصخرة المشرفة، ولاحقًا عبر المنطقة الشرقية للمسجد حتى الأبواب الشمالية.
شاهد: الدمار والخراب الذي خلفته قوات الاحتلال أثناء اعتدائها الهمجي على المعتكفين بالمصلى القبلي#المسجد_الاقصى#القدس_تنتفض
#انقذوا_حي_الشيخ_جراح
#SaveSheikhJarrah pic.twitter.com/2050Sc5ypB
— مجلة ميم (@MeemMagazine) May 10, 2021
واعتدى جنود الاحتلال على المعتكفين، إذ خلفوا عددًا كبيرًا من الإصابات وفق ما أعلنه الهلال الأحمر الفلسطيني، وأطلقت قوات الاحتلال وابلًا من قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي عند المسجد القبلي وقبة الصخرة والمصلى المرواني، وحاصرت المعتكفين داخل المسجد القبلي الذي تركزت عنده الاعتداءات.
جاء اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى على الرغم من إعلان الشرطة الإسرائيلية صباح اليوم في بيان صحفي أنها قررت عدم السماح للمستوطنين الإسرائيليين بالوصول إلى الأقصى بعدما قامت بتقييم الوضع، وامتدت الاعتداءات ضد الفلسطينيين إلى خارج منطقة المسجد الأقصى، ووصلت إلى مقبرة باب الرحمة على الجانب الشرقي من أسوار الأقصى، وإلى داخل البلدة القديمة.
صورة النصر من المسجد الاقصى ??✌??❤️ pic.twitter.com/5m3ROWGTID
— #القدس_ينتفض ?? (@MyPalestine0) May 10, 2021
بدوره، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم أن 305 فلسطينيًّا أصيبوا في المواجهات بالمسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة بالقدس، من بينها إصابات مباشرة في الرأس بالرصاص المعدني، كما أكد إصابة عدد من المسعفين، وعدد من طواقم الهلال الأحمر العاملة في محيط المسجد الأقصى، دون ذكر تفاصيل عن أعدادهم أو إصاباتهم.
ومنعت قوات الاحتلال الإسرائيلي طواقم الهلال الأحمر من الوصول إلى المصابين لتقديم الإسعافات لهم ونقلهم إلى المستشفيات، خاصة عند باب الأسباط، وتم طرد المسعفين إلى خارج أسوار البلدة القديمة، كما لاحقت القوات المصلين في كل ساحات المسجد، وخاصة في منطقتي المسجد القبلي المسقوف وصحن قبة الصخرة.
بعد اندحار قوات الاحتلال هكذا كانت هتافات أبطال المسجد الأقصى.
“لن تركع أمة قائدها محمد”..
— #القدس_ينتفض ?? (@MyPalestine0) May 10, 2021
وجاءت هذه الأحداث بعد ليلة ساخنة من الاعتداءات في القدس المحتلة شملت عدة مناطق، ما أسفر عن إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين، واستمرت الاعتداءات الليلية على مدى ساعات في باب العامود وباب الساهرة وحي الشيخ جراح، وذلك على خلفية مخطط إسرائيلي لتهجير عائلات فلسطينية مقدسية من الحي.
تهيئة الأجواء لاقتحام القدس
هذه الاعتداءات ضد المسجد الأقصى والمصليين داخله، تأتي في ظل خطة إسرائيلية محكمة لتهيئة الأجواء لمسيرات المستوطنين المتوقعة في القدس بعد ظهر اليوم، إذ حشدت قوات الاحتلال لهذا الاقتحام قواتًا كبيرة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وعززت الشرطة الإسرائيلية قواتها في القدس المحتلة وفي محيط المسجد الأقصى بنحو 3 آلاف عنصر ونصبت الحواجز الحديدية، كما دفعت بـ 3 كتائب جديدة أخرى إلى نطاق التماس مع الضفة الغربية المحتلة، كما أعلنت أنها تدرس تغيير اتجاه مسيرة “رقصة الأعلام” التي من المتوقع أن يشارك فيها 30 ألف مستوطن بمناسبة ما يسمى يوم “توحيد القدس”، بالتزامن مع إعلانها إغلاق باب العامود حتى الساعة السابعة والنصف مساء أمام العرب بحجة منع الاحتكاك.
سجد المرابطون لله شكرا، وهتفوا: “لن تركع أمة قائدها محمد”.
هكذا كان المشهد بعد اندحار قوات الاحتلال من ساحات #المسجد_الأقصى المبارك بعد صمود بطولي للشبان أمام القمع الشديد والوحشية الإسرائيلية.
لقد نجحت هذه الثلة المؤمنة في إفشال اقتحام المستوطنين حتى اللحظة.. #القدس_تنتفض pic.twitter.com/XOKgcydJ1h
— رضوان الأخرس (@rdooan) May 10, 2021
من المنتظر أن تنطلق المسيرة عصر اليوم من أمام مقبرة مأمن الله غرب البلدة القديمة، بتجمع المشاركين هناك والسير باتجاه باب العامود، ويعتبر الإسرائيليون يوم “توحيد القدس” عيدًا وطنيًّا لإحياء ذكرى استكمال سيطرة الاحتلال على مدينة القدس المحتلة، واحتلال الجزء الشرقي منها، وعلى وجه الخصوص البلدة القديمة، خلال حرب سنة 1967.
وعادة ما يتخلل مسيرة “رقصة الأعلام” ترديد شعارات معادية للإسلام والعرب، بالإضافة إلى القيام بأعمال العربدة والاستفزاز لسكان وتجار البلدة القديمة، الذين تسلمهم الشرطة الإسرائيلية كل عام أمرًا بإغلاق محلاتهم التجارية لإخلاء مسؤوليتها عن أي أضرار.
#شاهد: المرابطة خديجة خويص تتحدث عن الانتصار الذي حققه المرابطون في باحات المسجد الأقصى وتطالب المرابطين بالثبات حتى المساء حتى لايتسنى للمستوطنين اقتحام المسجد الأقصى . pic.twitter.com/0Oud6to0t2
— صوت الأقصى – عاجل (@Alaqsavoice_Brk) May 10, 2021
ويرى المتطرفون الصهاينة أن الاحتفال بيوم “توحيد القدس” هذه السنة فرصة لا تعوض بالنسبة إليهم لإثبات قوتهم، خاصة مع وصول هذه الجماعات في الانتخابات الأخيرة للكنيست إلى 7 مقاعد، إضافة إلى وجود 10 مقاعد أخرى للمؤيدين لها من الأحزاب الأخرى.
ويأمل هؤلاء في اقتحام المسجد الأقصى المبارك لفرض الأمر الواقع من خلال فرض حق الصلاة العلنية الجماعية لليهود، فهم يريدون تثبيت معادلة جديدة في الأقصى عنوانها تفوُّق الاعتبار اليهودي على الإسلامي في مسألة الحقوق الدينية والحضور في الأقصى، بهدف السيطرة الكاملة على المسجد.
تحركات دبلوماسية
في غضون ذلك، من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة للتداول بشأن التصعيد الخطير، وممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصًا في مدينة القدس المحتلة، وانتهاكاته لحرمة المسجد الأقصى، بناء على طلب تقدّمت به تونس التي تشغل منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن.
وفي رسالة وزعتها، قالت البعثة الصينية لدى الأمم المتحدة، التي تتولى رئاسة أعمال مجلس الأمن للشهر الحالي، إن جلسة طارئة حول التطورات في القدس ستعقد الساعة العاشرة صباحًا بتوقيت نيويورك (15:00 بتوقيت غرينتش).
المصلين يؤدون ركعتي شكر ونصر في المسجد الأقصى عقب إفشال مخططات الاحتلال في اقتحامه pic.twitter.com/9DV616FDkQ
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) May 10, 2021
قال دبلوماسيون غربيون في الأمم المتحدة إن الجلسة دعت إليها 9 دول من أعضاء المجلس (من أصل 15)، وهي: تونس (العضو العربي الوحيد في المجلس)، أيرلندا، الصين، إستونيا، فرنسا، النرويج، النيجر، سانت فنسنت والغرينادين وفيتنام.
كما أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية غدًا الثلاثاء بناء على طلب من دولة فلسطين أيدته عدة دول عربية، ومن المنتظر أن يكون الاجتماع افتراضيًّا برئاسة دولة قطر الرئيس الحالي لمجلس الجامعة، على أن يبحث الوزراء الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة والمقدسات الإسلامية والمسيحية، والمخططات للاستيلاء على منازل المواطنين المقدسيين.
وأشار الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي إلى أن قرار رفع مستوى الاجتماع إلى المستوى الوزاري بدلًا من مستوى المندوبين الدائمين، جاء تناسبًا مع خطورة الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى وعلى سكان حي الشيخ جراح.