ترجمة وتحرير نون بوست
سلّطت الهجمات الشرسة التي شنتها الشرطة الإسرائيلية والمستوطنون على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس الضوء على التواجد الملحوظ للنساء الفلسطينيات في المدينة ومشاركتهن في المظاهرات المنددة بالاعتداءات الإسرائيلية. كما حملت هؤلاء النسوة الرباط، قانون الدفاع عن المقدسات الإسلامية، في المسجد الأقصى وتداولن وسم “أنقذوا_حي_الشيخ_جراح“ على مواقع التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على التطورات التي تشهدها المنطقة.
إن مشاركة المرأة المقدسية يمثل امتدادا للدور التاريخي الذي لعبته منذ الانتداب البريطاني لفلسطين، حيث ظهر أول تحرك مؤثر للنساء في سنة 1925 عندما شاركن في الاحتجاج لإدانة زيارة وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور إلى القدس وتخطيطه لزيارة المسجد الأقصى.
منذ ذلك الحين، شهد النشاط السياسي النسائي المنظم نقلة نوعية. في أعقاب ثورة البراق سنة 1929، قامت مجموعة من النساء المقدسيات بتأسيس الحركة النسائية الفلسطينية بالقدس التي ترأستها زليخة الشهابي. عُلّق نشاط الحركة لفترة إثر سنة 1948، قبل إعادة تسجيلها في سنة 1957.
في منتصف سنة 2019، بلغ عدد سكان القدس الشرقية حوالي 451584 نسمة، أي ما يعادل 9.1 بالمئة من مجموع السكان في فلسطين و15.1 بالمئة من إجمالي السكان في الضفة الغربية. وقد بلغت نسبة الجنس في سنة 2018 حوالي 107.6 ذكر لكل 100 أنثى، وفقا للكتاب الإحصائي السنوي للقدس 2020.
أخبرت عبير زياد، مديرة المركز النسوي الثوري في حي سلوان الذي يقع جنوب المسجد الأقصى، موقع “المونيتور” بأن المرأة المقدسية لعبت دورًا بارزًا في التطورات الأخيرة، وهذا أمر طبيعي لمواصلة نضالهن نحو منح الأولوية لحماية المسجد الأقصى وأحياء القدس الشرقية. وقالت إنهن تمكن من لعب هذا الدور على الرغم من المسؤوليات المنوطة بعهدتهن والأدوار المتعددة التي يتولينها في المنزل والعمل.
يبدو أن طريقة انخراط الجيل الجديد من النساء المقدسيات في النضال السياسي ضد “إسرائيل” وهجمات المستوطنين اتخذت شكلا غير تقليدي
تعليقًا على أبرز التحديات التي تواجهها المرأة الفلسطينية في القدس، قالت عبير زياد إن المرأة المقدسية تتعرض لضغوطات شديدة لا سيما اللواتي بقين قيد الإقامة الجبرية مع أطفالهن، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر عليهن عاطفيا وعلى أطفالهن ويمنعهن من الذهاب إلى العمل أو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وحسب عبير زياد، فإن النساء اللواتي هدمت إسرائيل منازلهن منذ احتلال القدس في سنة 1967 يواجهن كارثة مضاعفة، حيث يتعين عليهن تولي العديد من الأدوار، بما في ذلك رعاية أطفالهن والحفاظ على سلامتهن وأمانهن، رغم التشريد والحرمان من منازلهن.
إن أبرز التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية في القدس تتمثل في السياسات التي تفرضها “إسرائيل” ضد المقدسيين، وتحديدًا إفقارهن وإجبارهن على ترك مقاعد الدراسة. دائما ما تستهدف “إسرائيل” النساء، وبالأخص المرابطات المدافعات عن المقدسات الإسلامية، وتقوم بإجراء اعتقالات عشوائية من بينهنّ، وتقوض حقهن في لم شملهن مع عائلاتهن.
تشكّل مرابطات المسجد الأقصى مجموعة من الناشطات اللواتي يحمين المسجد من اعتداءات شرطة الاحتلال والمستوطنين. لقد اشتهرن خلال السنوات الماضية بنشاطهن في الدفاع عن المسجد وأصبحن بمثابة رمز للمقاومة. ومن أبرز المرابطات خديجة خويص وهنادي الحلواني.
في حديثها مع موقع “المونيتور”، قالت عايدة الصيداوي، وهي عضوة في مرابطات المسجد الأقصى، إن حياتها تتمحور حول الأقصى وحماية المسجد من خلال نشاط المجموعة. تؤدي الصلوات الخمس هناك وتشارك في ليالي الاعتكاف التي تقام في المسجد خلال شهر رمضان لمنع اقتحام المستوطنين للمسجد.
يبدو أن طريقة انخراط الجيل الجديد من النساء المقدسيات في النضال السياسي ضد “إسرائيل” وهجمات المستوطنين اتخذت شكلا غير تقليدي؛ إنهنّ يستخدمن منصات التواصل الاجتماعي لإيصال معاناة الفلسطينيين في القدس الشرقية، وهي أداة ثبُت نجاحها الباهر حيث تفاعل معهن العديد من المشاهير العالميين.
على كل فرد أن يلعب دورا في دعم المجتمع المقدسي كل من منبره، وبالتالي المرأة المقدسية
أفادت الناشطة المقدسية التي اشتهرت بابتسامتها لعدسة الكاميرا أثناء اعتقالها من قبل الشرطة الإسرائيلية، مريم عفيفي، بأنها شاركت في الاحتجاجات ضد خطط الإخلاء في حي الشيخ جراح لأنها – كفرد وامرأة – ترفض أن تشهد إعادة سرد لعمليات التهجير نفسها التي حدثت في سنة 1948 في حي الشيخ جراح. وقد أشارت إلى أن الشباب الفلسطيني لجأ إلى منصات التواصل الاجتماعي خلال التصعيدات الأخيرة بسبب التعتيم الإعلامي الذي خيّم على إجلاء المواطنين من الحي سابقًا في سنة 2009. وقالت عفيفي إن الناس أحرار في التعبير عن آرائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي التي لا تخضع للسياسة، مضيفةً أنها أداة إعلامية حقيقية ساعدت المقدسيين على إيصال رسالتهم إلى العالم.
نقل “المونيتور” عن الصحافية المقدسية هنادي القواسمي أنه اندلعت ثلاث جولات من المعارك في القدس منذ مطلع شهر رمضان: معركة الدفاع عن حق التواجد عند باب العامود، ومعركة الدفاع عن حق الشعب في الحفاظ على بيوتهم في حي الشيخ جراح، وأخيرا معركة الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته من المستوطنين.
وأشارت القواسمي إلى أن القاسم المشترك في المعارك الثلاث يكمن في الدفاع عن وجود العرب الفلسطينيين في مدينة القدس وحقهم في أن تظل القضية الفلسطينية محورية في حياتهم جميعًا. وتعليقا على كيفية دعم صمود المرأة المقدسية، قالت القواسمي إنه على كل فرد أن يلعب دورا في دعم المجتمع المقدسي كل من منبره، وبالتالي المرأة المقدسية.
المصدر: المونيتور