نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن “إسرائيل” تتكبد ما يقرب من 37 مليون دولار من الخسائر الاقتصادية المباشرة كل يوم تقصفها غزة.
وذكرت وكالة الأناضول أن “إسرائيل” تكبدت خلال الأيام الثماني الأولى من حملة القصف على غزة، خسائر مساوية لتلك التي تكبدتها خلال حربها التي استمرت 51 يومًا على قطاع غزة المحاصر عام 2014. كما أفادت الأناضول الثلاثاء، أن المعارك اليومية مع الفلسطينيين في قطاع غزة تقدر تكلفتها بنحو 37 مليون دولار أمريكي على “إسرائيل”.
بدورها، صرحت الصحفية العبرية المختصة بالاقتصاد ميراف كريستال أن الوضع الأمني ضرب مراكز التسوق والمجمعات التجارية التي أصبحت شبه مشلولة بسبب تصعيد التوتر وإطلاق الصواريخ، حيث سجل تراجعًا بالحجم اليومي للمشتريات البالغ 300 مليون دولار، بنسبة 14%، وكذلك لوحظ تراجع بعمل المطاعم وغياب الحياة الليلية عن تل أبيب ومنطقة مركز البلاد التي سبق أن رأت النور بعد أزمة كورونا.
انخفاض العملة الإسرائيلية (الشيكل)
تسببت الهجمات الصاروخية – التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية على مدينة تل أبيب ومركز البلاد – بانخفاض وتراجع غير مسبوق للمعاملات التجارية والاقتصادية في سوق المال والبورصة والمصارف الإسرائيلية، فيما سجلت العملة الإسرائيلية (شيكل) انخفاضًا قبالة الدولار بنسبة 1.4%.
وتعود أسباب التراجع في المعاملات التجارية والمصرفية وانخفاض سعر صرف العملة الإسرائيلية قبالة الدولار إلى التخوف من استمرار الحملة العسكرية والتصعيد على جبهة غزة وفقًا لمحللين وباحثين بالاقتصاد السياسي.
وفي ظل المستجدات الاقتصادية والتطورات الميدانية على جبهة غزة، أجرى جميع رؤساء الأقسام في وزارة المالية – الأربعاء الموافق 2021/5/12- جلسة مناقشات مع وزير المالية يسرائيل كاتس، بغرض صياغة تقدير أولي لتكلفة العملية العسكرية “حارس الأسوار” أو “سيف القدس” – كما أسمتها المقاومة الفلسطينية – على ميزانية الدولة وعلى الاقتصاد والأضرار التي ستكبدها الصواريخ لسوق العمل وأصحاب المصالح التجارية ورجال الأعمال.
وأظهر إحصاء أولي لسلطة الضريبة في وزارة الداخلية أنه منذ بداية العملية العسكرية حتى مساء الأربعاء 2021/5/12، تضرر أكثر من 2500 مبنى وشقة سكنية وسيارة، وبحال استمر إطلاق الصواريخ ستتضاعف الخسائر اليومية بالممتلكات، بينما بلغت تكلفة النشاط العسكري حتى الآن 200 مليون دولار.
قطاع الطيران
بلغ إجمالي عدد الرحلات المجدوَلة الإثنين، للوصول إلى “إسرائيل” عبر مطار بن غوريون الدولي، 83 رحلة، ألغيت منها 70 رحلة على الأقل، بينما الرحلات الأخرى كانت في غالبيتها محلية.
بينما يوم الأحد الموافق 2021/5/16، أظهر مسح لوكالة “الأناضول” إلغاء مطار اللد (بن غوريون الدولي) 40 رحلة قادمة من مدن حول العالم، كان مقررًا وصولها الإثنين إلى “إسرائيل”، من إجمالي 47 رحلة.
ووصفت صحيفة “كالكاليست”، السبت، قرار شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها، بأنه “خطوة تركت إسرائيل وشركات طيرانها المحلية، وحيدة في الساحة”.
وعلى وقع التصعيد، قررت شركات الطيران الأمريكية “يونايتد إيرلاينز” (United Airlines) و”دلتا إيرلاينز” (Delta Air Lines) و”أميركان إيرلاينز” (American Airlines) إلغاء الرحلات المباشرة المخطط لها بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، ويأتي هذا القرار بعد ساعات قليلة من إطلاق الصواريخ على منطقة مطار “بن غوريون” في اللد.
كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن الخطوط النمساوية ولوفتهانزا الألمانية أجلتا رحلاتهما الجوية من “إسرائيل” وإليها حتى يوم أمس الجمعة، كما ذكرت الخطوط الجوية البريطانية أنها ألغت الرحلات يوم الخميس من وإلى تل أبيب.
قطاع السياحة
أعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية في 13 من أبريل/نيسان الماضي، عودة رحلات السياحة الأجنبية اعتبارًا من 23 من مايو/أيار 2021، بعد فتح كل المرافق، عقب عمليات تطعيم واسعة ضد فيروس كورونا.
لكن تظهر تقارير إسرائيلية، أن شركات الطيران رفضت طلبًا من هيئة الطيران المدني بتحويل الرحلات القادمة إلى مطار “رامون” جنوب البلاد بدلًا من “بن غوريون”، ما يعني أن لا مطارات آمنة في “إسرائيل”.
حتى مع فرضية وصول رحلات سياحية، فإن المدن المختلطة الإسرائيلية (داخل الخط الأخضر) لم تشهد منذ عقود حالة العصيان والاشتباكات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين كما هي عليه الآن.
السياحة المحلية والوافدة سريعة التأثر سلبًا بأي توترات أمنية، إذ تقع مدن القدس وتل أبيب، وصولًا إلى مشارف إيلات (جنوب)، في مرمى صواريخ الفصائل الفلسطينية.
قطاع الطاقة
تحت تهديد صواريخ المقاومة التي طالت منشآت ومواقع إستراتيجية ومشاريع بنى تحتية، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس – الأربعاء الموافق 2021/5/12 – تعليق العمل في حقل الغاز “تمار”، قبالة عسقلان، وذلك بعد أن أعلنت فصائل المقاومة استهداف منصات الغاز الإسرائيلية بالبحر برشقات صاروخية، وهو ما يعتبر مساسًا بسوق الطاقة الإسرائيلي.
إذ تملك “إسرائيل” أكثر من 8 حقول للغاز الطبيعي في مياه المتوسط، إلى جانب آبار تخزين وقود في موانئ أشدود وعسقلان وحيفا، تعرض بعضها لهجوم بالصواريخ.
تسبب سقوط صاروخ من قطاع غزة بوقوع أضرار ضخمة في خط أنابيب نفطي تابع لـ”إسرائيل” الواصل من عسقلان-إيلات، الثلاثاء، وفق”ا لـ”قناة 12″ المحلية.
وأظهر مقطع فيديو، ألسنة اللهب تتصاعد مما يبدو أنه خزان وقود كبير بالقرب من مدينة عسقلان الإسرائيلية الواقعة على البحر المتوسط جنوب تل أبيب.
قطاع التأمين وصندوق التعويضات
في الأيام الثلاث الأولى من التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، وبالتحديد من الثلاثاء حتى الخميس، تم إدخال 1744 مطالبة في أنظمة التعويضات من جانب إسرائيليين قالوا إن ممتلكاتهم تضررت بفعل صواريخ المقاومة.
وفي تقرير نشرته، الجمعة الموافق 2021/5/14، صحيفة “كالكاليست” المختصة في الاقتصاد الإسرائيلي، فإن عدد المطالبات المسجلة في الأيام الثلاث الأولى تشكل 40% من مجمل المطالبات المقدمة في حرب 2014 التي استمرت 51 يومًا.
وحتى الخميس الموافق 2021/5/13، تم إجلاء 76 عائلة من منازلهم؛ في وقت قالت مصلحة الضرائب في “إسرائيل” إن هناك مئات الحالات الأخرى التي تم التعامل معها، ولم يتم إدخالها بعد في أنظمة التعويضات.
وتتوزع التعويضات المدخلة بين 1000 مطالبة من مستوطنات غلاف قطاع غزة، والباقي من بقية أنحاء “إسرائيل”، حيث سجلت تل أبيب، بما في ذلك اللد والرملة 150 مطالبة تعويض أضرار لحقت بالمركبات، وأكثر من 450 مطالبة عن أضرار لحقت بالمباني.
وفي المنطقة الشمالية، بما في ذلك عكا، تم تقديم 10 مطالبات تتعلق بأضرار في المركبات و30 مطالبة بأضرار في المباني؛ وفي القدس، قُدمت 17 مطالبة بالتعويض عن أضرار في المركبات و24 مطالبة بالتعويض عن الأضرار الهيكلية.
وبحسب مصلحة الضرائب الإسرائيلية، يمتلك صندوق التعويضات حاليًا، سيولة مالية بأكثر من 13 مليار شيكل (3.95 مليار دولار).
والصندوق الحكومي للتعويض، وجد لتعويض أضرار الحرب التي تلحق بممتلكات الأصول بسبب أعمال الحرب من الجيوش النظامية، أو بسبب “أعمال عدائية” ضد “إسرائيل”، بحسب مصلحة الضرائب.
بورصة تل أبيب للأوراق المالية
وفقًا لما ذكرته صحيفة “هآرتس” في أعقاب التوتر في القطاع انخفضت المؤشرات الرئيسية لبورصة تل أبيب، كما تراجعت السندات الحكومية لـ”إسرائيل”.
وانخفض المؤشر Tel Aviv-35 الثلاثاء بنسبة 0.08% ليغلق عند مستوى 1658.85 نقطة، فيما تراجع المؤشر Tel Aviv-125 بنسبة 0.13% لينهي التعاملات عند 1569.13 نقطة.
وفي ظل الأحداث أوعزت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية لجميع الشركات غير الضرورية في تل أبيب بالبقاء مغلقة، كما أن العديد من المتداولين لم يحضروا إلى البورصة ليتراجع بذلك حجم التداولات بنحو 285 مليون دولار.
تكاليف اعتراض القبة الحديدية لكل صاروخ
يقول الكاتب زيف ستاب في تقريره الذي نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، إنه من الجانب العسكري، تم إطلاق آلاف الصواريخ من القبة الحديدية على صواريخ المقاومة، حيث تبلغ تكلفة كل من صواريخ القبة ما بين 50 إلى 100 ألف دولار، وفقًا لتقديرات مختلفة.
كما كشف اتحاد المصنعين الإسرائيليين، عن رقم صادم لخسائر اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي جراء القصف المكثف والمتواصل لصواريخ المقاومة الفلسطينية باتجاه المدن المحتلة، يصل إلى 540 مليون شيكل، ما يقارب الـ160 مليون دولار، خلال الأيام الثلاث الأولى.
فقد بلغ استعمال الصواريخ الاعتراضية خلال 48 ساعة أكثر من 50 مليون دولار، بينما تقدر تكلفة غارة واحدة فقط لسلاح الجو الإسرائيلي بعشرات الآلاف من الدولارات، وقد تم بالفعل تنفيذ مئات الغارات.
في حديثه إلى صحيفة جيروزاليم بوست، قدر خبير الصواريخ عوزي روبين تكلفة صواريخ القسام قصيرة المدى التي أطلقتها حماس بما يتراوح بين 300 و800 دولار لكل صاروخ.
وأشار روبين، مهندس دفاع إسرائيلي، إلى أن أفضل صواريخ حماس “بسيطة نسبيًا وغير مكلفة”.
في غضون ذلك، قدر تال إنبار، الرئيس السابق لمركز أبحاث الفضاء التابع لمعهد فيشر، تكلفة نظام الدفاع الإسرائيلي، صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية، بما يتراوح بين 50000 و100000 دولار لكل منهما.
وأضاف أن صواريخ حماس طويلة المدى أغلى مرتين إلى ثلاث مرات فقط من صواريخها الأقصر مدى، وتكلفتها تصل إلى بضعة آلاف من الدولارات لكل منها.
أحد أسباب إعلان الهدنة وتوقف الغارات الاسرائيلية هو تصريح المحاسبة العامة لوزارة المالية الاسرائيلية شيرا غرينبرغ أنه – من حيث الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الإسرائيلي – لن يتم الشعور كثيرًا بعملية عسكرية تستغرق بضعة أيام.
ولكن إذا دخلت “إسرائيل” في حملة عسكرية ومواجهة شاملة تصل إلى شهر، فإن الخسائر ستكون مضاعفة في كل المجالات وقد تصل المبالغ إلى عدة مليارات من الدولارات.