التنمية البشرية بين المهاجمين والمدافعين حقائق يجب أن توضح

fdzq

في بداية المقال لنتفق جميعًا على تعريف جامع وبسيط للتنمية البشرية حتى نضع أقوال فريق المدافعين والمهاجمين على ميزان واضح ونرجح الأقوال وفق قبان واضح ومستقيم لا ريب في عدالته. 

دعونا نبدأ بمعنى التنمية البشرية: التنمية وفق غالبية الذين فهموها هي “زيادة قدرة العنصر البشري في المجال المراد التنمية فيه”. 

ولو نظرنا لهذا التعريف لوجدنا أن تعليم الآباء أبنائهم منذ آلاف السنين حرفة معينة أو ركوب الخيل أو الصيد هو تنمية بشرية وهذه حقيقة، ولكن نحن نبحث عن تعريف حديث يغطي مفهوم التنمية البشرية الحالي وليس التاريخي. 

لنسأل سؤال .. نحن ماذا نريد مما يسمى بالتنمية البشرية في الوقت الحالي؟ 

لعل أهم ماتقوم به التنمية البشرية هو التأهيل، والتأهيل يعني رفع قدرة شخص لتأهيله للقيام بعمل ما، وهذا تنمية بشرية بحتة. 

لذلك سنعرف التنمية البشرية من جديد:

التنمية البشرية هي إدخال فرد في تدريب لتأهيله للقيام بعمل ما أو زيادة قدرته للوصول إلى مستوى معين في عمل ما.

جيد سيخرج شخص ليقول: لكن كثير من دورات التنمية البشرية وضعت لتغير سلوك أو معتقدات أو لوضع خطط ومادخلها بالتأهيل لعمل؟! 

سوف أقول لكم باختصار عندما نعطي دورة في وضع الخطط تغير أفكار أو دورة لتغير معتقد هل تعرفون أنها طريقة تأهيل لكنها غير مباشرة، ستسألون كيف هذا؟ سوف أقول لكم كيف، عندما أعطي أحد الأفراد دورة في تصنيع العطور فأنا أهلته ليكون مصنع للعطور هل هذا صحيح؟ سيجاوب الكثيرون بنعم، لكني أردف القول لكنه حزين وغير متفائل وخائف ولا يستطيع إدارة وقته ولن تنفعه الدورة الأولى على الرغم من أنها تنمية بشرية بحتة؛ لذلك سوف أعطيه دورة في التفكير الإيجابي ليتخلص من خوفه من الإقدام والإنتاج، سأعطيه دورة في التخطيط الشخصي ليخطط لما سيفعله بالمهارة التي عنده في صناعة العطور، ثم أعطيه دورة في إدارة وقته ليتعلم كيف ينظم وقته وينتج، ثم سوف يبدأ بالإنتاج لتواجهه مشكلة جديدة وهي بيع المنتج عندها سوف أعطيه دورة في التسويق ليستطيع بيع ما عنده، عند ذلك يمكنك أن تحكم على التنمية البشرية أنها غيرت أم لم تستطع أن تغير.  

إن هذا الفهم الواسع للتنمية البشرية لا يدركه بعض مدربين التنمية البشرية رغم أن لهم القدرة على التدريب وإعطاء المقابل مهارات، لكن هذه المهارات لا تُستثمر بسبب ما ذكرته سابقًا؛ لذلك عندما يهاجم شخص التنمية البشرية فهو صادق فيما يقول لأن مدربه لم يعطه ذلك الفهم الواسع لمفهوم التنمية البشرية.  

ثم نعود مرة أخرى إلى أكبر مشاكل التنمية البشرية في الوقت الحالي وهي “عدم الرقابه وحالات الغش وبيع الشهادات” وهذه مشكلة كبيرة جدًا لعل أهم مايجب أن يقال فيها هو أن أفضل طريقة لمعرفة الاحتيال هي حجم المادة العلمية الذي يُعطى في الدورات وخاصة ماتسمى “بالأون لاين” التي تمنح شهادات كبيرة جدًا بالتسميات مثل المستشار وكبير المدربين والماستر وتجدها مجموعة من المحاضرات الشكلية التي هي فارغة من أي محتوى علمي فقط لغرض بيع الشهادات وتجميع الأموال وهذه كثيرة للأسف؛ لذلك هناك بعض النصائح أهمها إذا كنت تبحث عن تغير حقيقي في حياتك يجب أن تبحث عن مدرب حقيقي، ستقول لي كيف أجد مدرب تنمية حقيقي في ظل هذا النصب الكبير على شبكات التواصل والإنترنت وغيره، سوف أقول لك بكل اختصار: أي دورة تحمل عنوان كبير جدًا وبسعر زهيد وساعات قليلة جدًا أو تعليم عن بُعد فتذكر هذا المقال وابتعد عنها لأن الشهادة الجدارية لن تغير من حياتك إنما المهارة المكتسبة، ولمعرفة ذلك إذا وجدت إعلان لماجستير تأخذه بأسبوع لا يغريك العنوان وتأكد أنه ليس أكثر من ورقة مطبوعة لن تقدم لك أي فائدة. 

كل هذا لا يعني أن التنمية البشرية هي عبارة عن احتيال وشهادات بأسماء كبيرة وعناوين ضخمة ومحتوى فارغ، لكن الأمر يعتمد عليك أنت .. نعم، أنت أيها المتدرب من ستختار،

وليس ذنب المدرب المحترم أنك اخترت مجموعة من النصابين ليعطوك شهادة بدون علم مقابل مبلغ من المال، فالذنب ذنبك وليس ذنب المدرب. 
كل هذا يجعلنا نحكم فنقول إن “التنمية البشرية الحقيقية – ونضع خطين تحت كملة حقيقية – مهمة جدًا وفعالة لتغير الفرد والمجتمع، مع احترامنا لمن يجدها غير ذلك لعلمي أنه حكم عليها من زاوية غير التي وجدناها”. 

مختصر ماتقدم أن الحكم على الأشياء نسبي ولا يمكن القول بحتمية صحة الأشياء، ولكن يجب تحري الحقيقة وعدم الحكم على الأشياء من تجربتنا الشخصية فقط، وتبقى التنمية البشرية رسالة سامية لمن أراد أن تكون كذلك، وأداة احتيال لمن أراد ذلك، والخيار يعود إليك أنت .. نعم، أنت الذي ستختار.