ترجمة وتحرير: نون بوست
حذّر الملياردير الأمريكي ستانلي دراكينميلر، الذي يدير صندوق تحوط، في وقت سابق من هذا الشهر من أن الدولار قد يخسر في غضون 15 عاما مكانته كعملة احتياطية مهيمنة على الصعيد العالمي. ويقول الرئيس التنفيذي لمكتب عائلة دوكسين: “لا أذكر أن السياسة النقدية والمالية كانت إلى هذه الدرجة من عدم الاتساق مع الظروف الاقتصادية، في أي فترة تاريخيّة”.
لا يعتبر دراكينميلر المستثمر الأمريكي الوحيد الذي أعرب عن مخاوفه من زيادة الطلب في الولايات المتحدة، ووجود بيئة مواتية لارتفاع معدل التضخم وما يصاحب ذلك من تراجع لقيمة الدولار. وقد مثّلت هذه المخاوف عاملًا ساهم في مزيد اضطراب أسواق الأسهم خلال الأسبوعين الماضيين.
لقد تمكن الدولار طيلة أربعة عقود على الأقل من الصمود رغم التنبؤات التي توقّعت زواله. ومع ذلك، لا ينبغي تجاهل وجهة نظر دراكينميلر: فهو الذي تسبب رفقة جورج سوروس في “تحطيم” بنك إنجلترا، عندما قدّم رهانا مربحًا للغاية في سنة 1992 داعمًا خروج الجنيه الإسترليني من آلية سعر الصرف الأوروبية.
يأتي تحذير دراكينميلر على خلفية التراجع طويل الأمد الذي شهدته مكانة الدولار في الوقت الذي يشهد فيه العالم توجهًا تدريجيًا نحو نظام الاحتياطي متعدد العملات. وحتى قبل انتشار جائحة كورونا والظروف الاقتصادية الاستثنائيّة التي تسببت فيها، كانت دلائل تراجع هيمنة الدولار واضحةً فعلًا.
أظهر أحدث مسح أجراه صندوق النقد الدولي لاحتياطيات النقد الأجنبي الرسمية أن حصة الدولار الأمريكي من الاحتياطيات الخاصة بالبنوك المركزية قد انخفضت إلى 59 بالمئة خلال الربع الرابع من سنة 2020، وهو أدنى مستوى مسجّل منذ 25 سنة، مقارنةً بنسبة 71 بالمئة في سنة 1999 عندما تم إطلاق اليورو.
يعد هذا التوجه طويل الأمد منطقيا. جادل باري أيتشنغرين من جامعة كاليفورنيا (بيركلي) منذ فترة طويلة بأن الولايات المتحدة كانت مسؤولة عن غالبية الإنتاج الصناعي للدول التي لا تنتمي للاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، كان من المنطقي في تلك الفترة أن يمثّل الدولار العملة الرئيسية التي يعتمدها المصدرون والمستوردون في فواتيرهم ومبادلاتهم التجارية، والمعتمدة أيضًا في منح القروض الدولية وتسيير احتياطات البنوك المركزية.
اليوم، مع استئثار الولايات المتحدة بأقل من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، باتت مكانة الدولار مشكوكا فيها وتضع الحكومة الأمريكية في موضع اتهام سبق أن وجهه لها وزير المالية الفرنسي في الستينيات جيسكار ديستان بسبب وجود “امتياز باهظ” تستطيع بموجبه الاقتراض بسعر أرخص بفضل زيادة الطلب على سندات الدين والأهميّة التي تحظى بها العملة الاحتياطية. والجانب الآخر لهذا ‘الامتياز الباهظ’ هو أن الاحتياطي الفدرالي، الذي تحرك قراراته الظروف المحلية البحتة، يضع سياسة نقدية للعالم بأسره قد لا تكون مناسبة بالنسبة للعديد من البلدان.
تؤكد أحدث بيانات صندوق النقد الدولي أن هذا الامتياز يتضاءل في ظلّ سعي البلدان التي تقترض من دول منطقة اليورو وأغلب تجارتها معها – بشكل متزايد – للاحتفاظ باحتياطيات اليورو. هذا ما يحدث الآن مع الصين وعملة الرنمينبي. لكن ذلك يحدث بصفة تدريجية وبنسق بطيء. ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن للدولار في ظروف معينة أن يفقد هيمنته العالمية مقابل تفوق عملة أخرى؟
مصداقية سياسة مكافحة التضخم على المحك
عندما يتعلق الأمر بمكانة الدولار كعملة احتياطية، فإن ذلك يكسبه مزايا كثيرة لتعدد مجالات هيمنته جزئيا بسبب حالة الجمود ولكن أيضًا بسبب تأثيرات الشبكة. فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يستخدمون الدولار، زادت الفائدة للجميع. ويرى داريو بيركنز، المتخصص في الاقتصاد الكلي العالمي من شركة “تي آس لومبارد”، أن القيادة التي تسيّر الاقتصاد العالمي لا تتغير كثيرًا، ومعظم تغيرات الأنظمة السابقة، سواء في البندقية خلال القرن الخامس عشر أو أمستردام في أواخر القرن الثامن عشر أو المملكة المتحدة في الأربعينيات، كانت نتيجة للاضطرابات السياسية التي عادة ما تنطوي على صراعات عسكرية مدمرة.
بناء على ذلك، فإن الإقرار العام يفيد بأن أكبر تهديد فردي في زمن السلم بالنسبة لمكانة العملة الاحتياطية هو سوء الإدارة الاقتصادية والمالية. ومع تخلي مجلس الاحتياطي الفدرالي عن التزامه طويل الأمد بتشديد السياسة النقدية لتفادي التضخم، و”تطلّعات” الرئيس جو بايدن فيما يتعلّق بالسياسة المالية، يتزايد الخوف من إمكانيّة إضعاف التضخم للدولار، على الأقل في بعض الدوائر.
عبّر وزير الخزانة السابق والديموقراطي لاري سمرز عن هذه المخاوف قائلا إن إدارة بايدن تواصل انتهاج “سياسة الاقتصاد الكلي المالية التي أثبتت أنها الأقل مسؤولية على مدار الأربعين سنة الماضية”. وفي مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” خلال الشهر الماضي، قال سمرز: “عندما وضّحوا أن الاحتياطي الفيدرالي لديه نموذج جديد تمامًا… كان من الصعب إلى حد ما فهم السبب الذي يجعلهم يظنون أن التوقعات قد تظل ثابتة”. وأضاف: “نشهد حلقة أعتقد أنها تختلف كمًا ونوعًا عن أي شيء شهدناه منذ أيام بول فولكر في الاحتياطي الفيدرالي، ومن المنطقي أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في التوقعات”.
بعبارة أخرى، قد تكون المصداقية التي يحظى بها الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم بهذه التكلفة العالية على مدى الأربعين عاما الماضية موضع شك اليوم، مما يثير قلق المستثمرين الأجانب من أن تعمد الولايات المتحدة إلى تضخيم قيمة ممتلكاتهم من سندات الخزانة.
من بين أهم المتطلبات الأساسية للعملة الاحتياطية هو أن تكون مدعومة من قبل دولة يمكنها توفير أصول آمنة للمستثمرين العالميين، وقد نجحت الولايات المتحدة في تحقيق ذلك على امتداد أكثر من 100 سنة، حيث تقدم سوق الخزانة الأمريكية الملاذ الأكثر أمانا في العالم في أوقات الأزمات والأوراق المالية الأكثر سيولة، أي الأسهل في التداول.
مع ذلك، في حال اتبعت الدولة سياسات غير مسؤولة، فإن هذه الأصول تصبح أقل أمانا، حيث يشير سامرز إلى أن أكبر تهديد محتمل هو التضخم، الذي يقلص القيمة الرأسمالية الحقيقية لاستثمارات الفائدة الثابتة.
تراجع الأمان
لا تمثّل المخاوف بشأن التضخم المحتمل السبب الوحيد الذي يدفع بعض المستثمرين إلى طرح أسئلة جديدة حول دور الدولار في النظام المالي الدولي. لقد أثار الاضطراب الناجم عن الوباء في سوق الخزانة في آذار/ مارس 2020 أسئلة مهمة حول سيولة السوق.
وفي أوائل شهر آذار/ مارس، أثار الخوف من فيروس كوفيد-19 تحوّلا نموذجيا ومنظما ساهم في أخذ سندات الخزانة الأمريكية إلى بر الأمان. ولكن منذ التاسع آذار/ مارس، حدث انتقال غير منظم من سندات الضمان إلى النقد. وقد أظهر التحليل الذي أجراه بنك التسويات الدولية، الذي يقع مقره في بازل، أن الإقبال على السيولة نتج بشكل كبير عن البيع القسري من قبل صناديق التحوط التي اقترضت بكثافة لتحقيق الأرباح من الفروق الصغيرة في العائد بين سندات الخزانة النقدية وعقود الخزانة الآجلة الموازية لها.
مع تدهور السوق، باتت قدرة هذه الصناديق عالية الاستدانة على الوفاء بالتزاماتها الماليّة مهددة، حيث طالب مقرضوها باستعادة قروضهم مما أجبر صناديق التحوط على البيع. نتج عن ذلك حلقة مفرغة، حيث تسبب عدم قدرة التجار على استيعاب المبيعات إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار، وبالتالي تزايد المبيعات ومزيد انخفاض الأسعار. في المقابل، استجاب التجار لهذا الوضع من خلال توسيع هوامش العرض والطلب التي قدموها لعملائهم 13 مرّة خلال الأسابيع الأولى من شهر آذار/ مارس. وفي الواقع، لا ينبغي أن يحدث ذلك فيما يُطلق عليه عادة بسوق السندات الحكومية الأكبر والأكثر سيولة في العالم.
تُظهر بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن هذا الاضطراب كان مدفوعا بعوامل عالمية، حيث عكس إجمالي مشتريات المستثمرين العالميين من سندات الخزانة الأمريكية وأوراقها المالية، توجها كلاسيكيا نحو تحقيق الجودة، وقفزت المشتريات من 1.79 تريليون دولار في شباط/ فبراير 2020، إلى 2.67 تريليون دولار في آذار/ مارس. ومع ذلك، فقد تم تدارك ذلك من خلال المبيعات الأجنبية، التي قفزت من 1.79 تريليون دولار إلى 2.98 تريليون دولار، أي حوالي تريليون دولار أعلى من الذروة السابقة على مدى العقد الماضي.
كان هذا التراجع بمثابة انعكاس للتغييرات الهيكلية في سوق سندات الخزانة الأمريكية. ويشير داريل دوفي، أستاذ المالية في كلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة ستانفورد، إلى أنه في الوقت الذي تسبب فيه العجز الفدرالي المتزايد منذ الأزمة المالية لسنة 2008 في نمو مخزون سندات الخزانة القابلة للتسويق بشكل كبير، لم تحافظ الميزانيات العمومية للبنوك الكبرى التي تتحكم في المستثمرين الكبار على نفس النسق، ويرجع ذلك جزئيا إلى لوائح رأس المال الصارمة التي اعتمدت بعد الأزمة المالية. لكن بنوك الظل تمكنت من سد هذه الفجوة، على غرار صناديق التحوط التي عادة ما تكون قدرتها واستعدادها لتوفير السيولة في الأزمات محدودة.
في هذه الحالة، أنقذ بنك الاحتياطي الفدرالي سوق سندات الخزانة من الوقوع في أزمة خانقة عن طريق إغراقه بالسيولة وتخفيف قواعد رأس المال المصرفي. ومع ذلك، لا يزال هناك خطر يتمثل في أن تدخلات الاحتياطي الفدرالي ستؤدي إلى تفاقم أزمة السيولة، نظرا للنسبة المرتفعة والمتنامية للديون الفدرالية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي والمخزون المتضخم لأوراق الخزانة ضمن الميزانيات العمومية.
علاوة على ذلك، تمثل السياسات غير الفعالة تهديدا إضافيا لدور الدولار كعملة احتياطية، حيث كشفت سياسات دونالد ترامب عن نقاط ضعف غير متوقعة في ضوابط وتوازنات النظام المالي الأمريكي. ومع تشكك الكثيرين داخل الحزب الجمهوري في نتيجة الانتخابات الماضية وتحريض الرئيس السابق على التمرد في مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/ يناير، أصبحت الديمقراطية الأمريكية على المحك.
ورغم إصرار بايدن على إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع الحلفاء التقليديين والعودة إلى مبدأ التعاون الدولي، إلا أنه لم يتراجع عن السياسات الحمائية التي انتهجها ترامب. في الحقيقة، لن تعود هذه السياسة بالنفع على احتياطي العملة، لكن إدارة بايدن تتطلع إلى تحفيز النمو من خلال سعيها لاتباع سياسة مالية أكثر صرامة من تلك التي اعتمدتها الولايات المتحدة بعد الأزمة المالية، مما يجعل السياسات المحلية أقل ضررا ويهيئ الظروف لاستقرار للدولار.
في الوقت نفسه، يبدو أن رأس المال الدولي يدفع بايدن لإعادة النظر في السياسة التي يعتمدها، بالنظر إلى تمسك كبار المستحوذين على احتياطيات الدولار، على غرار الصين واليابان وكوريا الجنوبية، بالنظام القائم على الدولار الأمريكي، فمن غير المرجح حاليا أن يفكروا في التخلي عن العملة الأمريكية.
بالنسبة للصين، تظهر بيانات الخزانة الأمريكية أنه في الفترة الممتدة من آب/ أغسطس 2017 إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2020، انخفضت احتياطيات بكين من سندات الخزانة الأمريكية من 1.2 تريليون دولار إلى 1.05 تريليون دولار. بعد فوز بايدن، ارتفعت إلى 1.1 تريليون دولار – على الرغم من استمرار الإدارة الجديدة في تبني نهج ترامب العدائي تجاه الصين.
مكاسب بديلة
إذا احتفظ الدولار بدوره المهيمن حتى الآن، فذلك بسبب معيار احتياطي العملة الذي يقدم مزايا نسبية وليست مطلقة. لكن ماهي البدائل؟ من حيث القوة الاقتصادية، فإن المنافسين المباشرين هما اليورو والرنمينبي. كلاهما يحرز تقدما، لكن ببطء.
لطالما كان العائق الرئيسي بالنسبة اليورو هو الافتقار إلى سوق السندات الحكومية القادر على توفير أصول آمنة على نطاق مماثل لما توفره الولايات المتحدة للدولار. وقد دفعت أزمة كورونا دول الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف إلى اتخاذ خطوات لإنشاء صندوق للتعافي يتم تمويله من خلال ديون الاتحاد الأوروبي.
لا تزال هذه التحركات مؤقتة، لكنها تشير إلى أن اليورو، الذي يشكل حاليًا 20 بالمائة من الاحتياطيات العالمية، قد يلعب دورا محوريا في المستقبل.
في حالة الرنمينبي، تسعى بكين بجدية لتحدي الدولار وتشجع على استخدام عملتها في المعاملات التجارية الثنائية. وتوفر مبادرة الحزام والطريق فرص تمويل جديدة للرنمينبي الرقمي، وهي قيد التطوير حاليا.
تتمتع بكين بميزة التعافي السريع من أزمة كوفيد-19 مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى. كما يتدفق رأس المال الأجنبي على البلاد، حيث فتحت الصين أسواقها المالية بشكل تدريجي.
يقول ديفيد مارش، رئيس منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، وهو مركز أبحاث يربط البنوك المركزية بالقطاع الخاص، إن “بنك الشعب الصيني أدرك أن الرنمينبي سوف يساعد في السيطرة على التضخم وتعزيز التركيز على الطلب المحلي. وبالتالي فإن قوة الرنمينبي ستساعد في تدويل العملة لأنه سيتم مكافأة المستثمرين الأجانب. ومع ذلك، يتعين على المستثمرين أخذ التدخل الحكومي الصيني في أنشطتهم بعين الاعتبار”.
في الواقع، يدور النقاش في المسألة أساسا حول العملات الرقمية. تفتقر عملة البتكوين، التي ترتفع قيمتها بتغريدة واحدة من إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى المصداقية كعملة بديلة للدولار. لكن مارك كارني، أكد في 2019، عندما كان محافظا لبنك إنجلترا، أن التكنولوجيا لديها القدرة على زعزعة النظام المالي غير المرتبط بالشبكة، وتغيير القواعد التي كانت تحمي الدولار من المنافسة.
وتكهن كارني آنذاك بإمكانية توفير عملة مهيمنة جديدة من خلال شبكة من العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية. هذا الأمر من شأنه أن يجعل الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصدمات الاقتصادية في الولايات المتحدة أقل تأثيرا في بقية مناطق العالم، وبالتالي تراجع تأثير الدولار عالميا.
في المقابل، تعتقد غيتا غوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، أن التكنولوجيا لديها الكثير لتقدمه من خلال توفير مدفوعات أرخص وأسرع عبر الحدود وتحسين المبادلات المالية العالمية.
لكن وجهة نظرها بشأن تطوير نظام مالي عالمي تركز أكثر على تنمية المؤسسات باعتماد الأساليب الكلاسيكية لتحسين بنية منطقة اليورو ومرونتها، وتقوية المؤسسات المحلية والمزيد من تحرير الأسواق في الصين.
في السابق، استغرق الدولار 10 سنوات فقط حتى يتمكن من إزالة الجنيه الاسترليني من صدارة العملات المهيمنة عالميا. وقد كان ذلك نتيجة لحالة الدمار التي لحقت بالقوة الاقتصادية والمالية البريطانية بسبب الحرب العالمية الأولى.
ورغم الاستجابة المالية والنقدية الاستثنائية لأزمة كورونا، لا يبدو أن تبعات الوباء ستكون مماثلة لما حدث بعد الحرب العالمية الأولى، لكن التهديد الأبرز للدولار يتمثل في الإسراف المالي والتراجع النقدي في الولايات المتحدة.
المصدر: فايننشال تايمز