عادت المقاطعة الاقتصادية للاحتلال للواجهة من جديد عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي خلف 453 شهيدًا وآلاف الجرحى.
وتعد المقاطعة أحد الأساليب التي توظفها حركة مقاطعة “إسرائيل” BDS بهدف الضغط على دولة الاحتلال للانصياع للقانون الدولي واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك عن طريق التأثير على الشركات الخاصة لإنهاء تورطها في جرائم دولة الاحتلال.
وبحسب الموقع الإلكتروني لحركة BDS فإن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على التجارة والاستثمار الدوليين بشكل كبير، ما يجعل “إسرائيل” عرضةً للمزيد من الضغط عبر المقاطعة الاقتصادية الدولية.
ماذا نقاطع؟
تعمل حملات المقاطعة على تحقيق هدفين رئيسيين: الأول مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، والثاني مقاطعة الشركات العالمية التي تساهم في دعم الاحتلال.
وتعتقد حملة المقاطعة أن سحب الاستثمارات من الشركات الداعمة للاحتلال يزيد من الضغط عليها لإنهاء تورطها في الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وحسب وجهة نظر حركة BDS فإن المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عبارة عن إستراتيجيات لدعم نضال الشعب الفلسطيني بشكل ناجع وفعّال.
ولكي تحقق حركة المقاطعة تأثيرًا حقيقيًا وملموسًا يجب أن تستمر في توجيه حملات المقاطعة الفردية “المستهلك” بشكل واضح نحو أهداف محددة وضد عدد معين من الشركات المتورطة بعمق في جرائم دولة الاحتلال، لا أن تحاول استهداف كل الشركات المتواطئة دفعة واحدة.
وخلال البحث عبر الموقع الإلكتروني لحركة BDS التي تدير دفة المقاطعة الاقتصادية لـ”إسرائيل”، فإنها ترى أن الفواكه والخضراوات من الصادرات الإسرائيلية الرئيسية وتتم زراعتها على أراضٍ فلسطينية مسلوبة، وتشمل الصادرات الرئيسية التمور والأفوكادو والكاكا والفلفل الملون.
وتنوه حركة المقاطعة إلى ضرورة أن يستفسر المستهلك عن بلد المنشأ، فهناك قوانين تلزم كل التجار والمستوردين بوضع ملصق بلد المنشأ على البضائع، وذلك لعدم الوقوع في فخ إعادة تصدير المنتجات الإسرائيلية إلى الدول العربية من خلال بلد وسيط.
وتلعب الشركات الإسرائيلية لتصدير المنتجات الزراعية مثل” ميهادرين” و”هاديكلايم”، دورًا في الاستيلاء على الأراضي والموارد الفلسطينية، وعليه يساهم شراء منتجاتها في تمويل التهجير القسري الإسرائيلي للفلسطينيين.
شركات متورطة
تتورط عدد من الشركات العالمية في دعم الاحتلال الذي يستخدم منتجاتها في قتل الفلسطينيين وتهجيرهم، وتركز حملات المقاطعة هجومها على تلك الشركات بهدف الضغط عليها للعدول عن دعم الاحتلال.
ورصد “نون بوست” من خلال موقع المقاطعة أبرز تلك الشركات وهي:
كاتربيلار Caterpillar
تستخدم قوات الاحتلال جرافات كاتربيلار CAT في هدم منازل الفلسطينيين وتجريف مزارعهم، كما استخدمتها في المجازر الإسرائيلية في غزة، وصممت الشركة جرافة محصنة خصيصًا للجيش الإسرائيلي.
إيتش بي HP
تساعد شركة HP في إدارة أنظمة الهوية التي تستخدمها السلطات الإسرائيلية في تقييد حركة الفلسطينيين، كما تعتبر من أكبر مزودي تكنولوجيا المعلومات لجيش الاحتلال والمستعمرات.
أهافا Ahava
تعتمد أهافا Ahava لمستحضرات التجميل على الموارد الطبيعية المستخرجة بشكل غير قانوني من شواطئ البحر الميت في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهي من أكثر الشركات الإسرائيلية المصدرة المعروفة عالميًا، فمنتجاتها لا تباع فقط في المتاجر وإنما تسوَّق أيضًا عن طريق الإنترنت، وتوفر خدمة التوصيل إلى كل الدول العربية من خلال مقرها في بريطانيا.
هيونداي Hyundai
تستخدم السلطات الإسرائيلية جرافات شركة هيونداي للصناعات الثقيلة، Hyundai Heavy Industries، في بناء المستعمرات وتعمل تحديدًا في منطقة باركان الصناعية، كما توظف معدات الشركة في هدم منازل الفلسطينيين، خاصة في القدس والنقب، وكذلك في هدم البيوت بالجولان السوري المحتل.
مياه عدن Eden Springs
تبيع شركة إيدن سبرينغز Eden Springs المياه المعدنية في العديد من دول العالم، وتدير مصنع تعبئة في هضبة الجولان السورية المحتلة.
“جي فور إس” G4S
تستثمر في أكاديمية الشرطة الإسرائيلية Policity بالقدس المحتلة، وهو مركز التدريب الأبرز لعناصر الشرطة الإسرائيلية المسؤولة عن قمع الفلسطينيين وتنفيذ القبض والاعتقالات والإعدامات الميدانية وهدم المنازل وكذلك اقتحام الأقصى.
“تنوفا الإسرائيلية”
تستفيد شركات منتجات الألبان والحليب الإسرائيلية من الاحتلال الإسرائيلي وتعزز وجوده من خلال تحريك عجلة الاقتصاد والدعم المباشر لجيش الاحتلال.
كما تستفيد شركات الألبان الإسرائيلية من حظائر موجودة في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية ومرتفعات الجولان مثل مستعمرات غوش عتصيون وبيت بتير ووكرمل وشدموت محولا وتومر وونوف وغيرها.
وتحرص شركة تنوفا، كبرى شركات الألبان الإسرائيلية على دعم جيش الاحتلال مثل باقي الشركات الإسرائيلية، ففي عام 1985 بنت شركة تنوفا مركز تدريب وتطوع لتنفيذ دورات لصالح جيش الاحتلال، ومنذ عام 1995 تكفلت تنوفا بوحدتي ياعيل وأجوز العسكريتين وزودتهما بالمواد الغذائية بانتظام.
وفي عام 2009، تكفلت بوحدتي شييطيت 3 ووحدة بارجات الصواريخ البحرية.
المقاطعة سلاح والشباب ملااااح #مقاطعة_المنتجات_الصهيونية #قاطع_عدوك pic.twitter.com/4WZWbGWLDK
— عُمر (@Omarabujaber6) May 28, 2021
شركة بوما الرياضية
تدعم شركة بوما الاستيطان، فقد أطلقت الشركة حملتها الترويجية تحت عنوان “هي تُحرّكنا” (She Moves Us) في يوم المرأة العالمي، وذلك للاحتفاء بالنساء اللواتي لطالما أسهمن في دفع الثقافة والرياضة إلى الأمام.
تقول الشركة “هي تُحرّكنا” لكنها في ذات الوقت تدعم الاستيطان الإسرائيلي الذي يحرم الفلسطينيات وعوائلهن من أرضهن وبيوتهن.
ويقول موقع BDS إن “بوما” تدعم الاحتلال العسكري الذي يمنع الرياضيات الفلسطينيات من الحركة والسفر للمشاركة في المباريات.
في يوم المرأة العالمي، رياضيات من حول العالم قرّرن دعم زميلاتهن الرياضيات الفلسطينيات للمطالبة في مقاطعة “بوما”، شريكة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي في قمع الفلسطينيين، خاصة النساء.
شاركونا عاصفة التغريد اليوم الإثنين، الساعة 7 مساء بتوقيت القدس #هي_تقاطع #قاطعوا_بوما @PUMA pic.twitter.com/uj48KLdBB7
— حركة مقاطعة اسرائيل (@BDS_Arabic) March 8, 2021
معلومات مغلوطة
رغم أن الكثيرين يجتهدون في مقاطعة البضائع الإسرائيلية، فإن بعض المعلومات التي يعتمد عليها الجمهور المستهلك مغلوطة.
وفي إطار البحث والتحري فإن هناك الكثير من المعلومات المتوافرة على الإنترنت التي تدعي أن هذه الشركة العالمية أو تلك تدعم “إسرائيل” ماليًا، واتضح أن بعض هذه المعلومات غير صحيحة، فعلى سبيل المثال، يدعو بعض منظمي الحملات إلى مقاطعة ستاربكس، لكن لا يوجد أي مقهى ستاربكس في دولة الاحتلال ولا يوجد أي دليل جازم بأن ستاربكس كمؤسسة تقدم الدعم المالي لـ”إسرائيل”.
ومع أنه غالبًا تكون الشيفرة الرقمية “الباركود” التي تبدأ بالرقم 729 خاصة بمنتجات إسرائيلية، لكن ذلك لا يكون دقيقًا أحيانًا، لذا يعتبر البحث عن ملصق المنشأ الذي ينص على أنه من إنتاج “إسرائيل” أو سؤال البائع إذا كان متأكدًا بأن المنتج ليس إسرائيليًا من أفضل الطرق لتحري ما إذا كانت البضائع إسرائيلية.
طحينة جبل البركة، بتاخد ترميز المنتجات الإسرائيلية 729 و لكنها مش من ضمن المقاطعة لإنها تنتج بجبل جرزيم بنابلس و أصحاب الشركة سامريين فلسطينيين. pic.twitter.com/3QheLoXG32
— Alma Irshaid, ANutr (@Almabits) May 26, 2021
وتسود معلومات مغلوطة بأن المنتجات الإسرائيلية أكثر جودةً بالمطلق من المنتجات الفلسطينية وغيرها، لكن الحقيقة غير ذلك، فحسب دراسة أعدّها معهد ماس، تسمح التعليمات الفنية الإسرائيلية بإضافة 18 مادّةً مضافةً بشكلٍ غير محدود أو نسب عالية بينما تمنع التعليمات الفنية الفلسطينية إضافتها تمامًا، لأن هذه المواد الملونة والحافظة والمثبتة ورافعات القوام ومضادات الأكسدة تمنح المنتجات الإسرائيلية مدّة صلاحية أطول وملمسًا ورائحة محببة أكثر مما يزيد من جاذبيتها للمستهلك، لكن كل هذا على حساب صحة المستهلك، إذ تسبب المواد المضافة مشاكل صحية كثيرة، كما أنها “تخفي التلوث الميكروبي”.
إضافةً إلى ذلك، تتطلب التعليمات الفنية الإسرائيلية إضافة تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، فيما تلزم التعليمات الفلسطينية بإضافة تاريخ الإنتاج والانتهاء، ما يعني أن المستهلك الفلسطيني لا يمكنه معرفة تاريخ إنتاج المنتج الإسرائيلي.
بضائع المستوطنات
تدعو حركة مقاطعة “إسرائيل” إلى مقاطعة شاملة لنظام الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي وكل المؤسسات والشركات المتواطئة في انتهاكاته لحقوق الإنسان.
لكن تستهدف بعض حملاتها العالمية الشركات التي تعمل في المستعمرات الإسرائيلية (وجميعها غير قانوني) المقامة في الضفة الغربية وذلك لأن استهداف هذه الشركات، في هذه المرحلة، أكثر قدرة على كسب الدعم والنجاح.
تسبب الاستيطان المتواصل وفق جمعيات مناهضة الاستيطان في تقليص مساحة فلسطين التاريخية، فلم يبق للفلسطينيين إلا نحو 15% فقط من مساحة فلسطين التاريخية المقدرة بنحو 27 ألف كيلومتر مربع، إذ تستغل “إسرائيل” أكثر من 85% من المساحة الفعلية.
وتضم المستوطنات خلف أسوارها العديد من المصانع والمنشآت التي حظيت بدعم ورعاية خاصة من حكومات الاحتلال المتعاقبة، وذلك من خلال رصد الموازنات لإنشاء البنى التحتية وتقديم التسهيلات، لا سيما الإعفاءات الضريبية والحوافز المالية وفتح المجال واسعًا أمامها لاستغلال موارد الشعب الفلسطيني ونهب ثرواته.
وتشير التقديرات التي ينشرها مركز الإحصاء الفلسطيني إلى وجود نحو 250 مصنعًا في شتى مجالات الإنتاج، فضلًا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى، من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة.
وتنتج المستوطنات أكثر من 146 علامةً تجاريةً في كل القطاعات الإنتاجية، منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو 56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.
وتقدر الجهات الرسمية الفلسطينية أن حجم المبيعات السنوية لبضائع المستوطنات في الضفة الغربية يتجاوز نصف مليار دولار أمريكي، وأن قرابة 50% من الدخل السنوي للمستوطنات الإسرائيلية، يساهم به الفلسطينيون، من خلال شرائهم المنتجات المصنعة في المستوطنات.