24 مايو/ أيار: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، بحضور رئيس المخابرات العامة، عباس كامل.
28 مايو/ أيار: يكشف الإعلامي عمرو أديب عن تفاصيل لقاء السيسي وآل الشيخ، لافتًا إلى تعاون مصري سعودي لإنتاج عشرات الأعمال الدرامية والفنية.
30 مايو/ أيار: شركة المتحدة للخدمات الإعلامية (التابعة للمخابرات المصرية) توقّع مع مجموعة “إم بي سي”السعودية عدد من مذكرات التفاهم والشراكة لتعزيز التعاون الفني والإعلامي، وذلك في إطار توسيع “المتحدة” شراكاتها الإقليمية.
3 أحداث في أقل من أسبوع أعادت اسم الكفيل السعودي (كما يلقبه المصريون) إلى ساحة الأضواء مرة أخرى، بعد انزواء دام طويلًا خلف منصات التواصل الاجتماعي، التي كانت نافذته الوحيدة للبقاء على قيد الاهتمام لدى الشارع المصري تحديدًا.
ارتبط اسم تركي لدى المصريين بالقطاع الكروي، فهو الرئيس الشرفي لقطبَي الكرة المصرية سابقًا، الأهلي والزمالك، والمالك قبل الأخير لنادي بيراميدز، وأحد من أحدثوا سيولة غير مسبوقة في بحيرة الرياضة المستقرة منذ عقود، لكن العودة هذه المرة لن تكون عبر بوابة الساحرة المستديرة.. فهل تكون الدراما هي جسر مستشار ولي العهد السعودي للتغلغل داخل الذاكرة المصرية مرة أخرى؟
تعاون فني.. مصري سعودي
في حلقته المذاعة مساء الـ 28 من الشهر الجاري، من برنامجه “الحكاية” المذاع على قناة إم بي سي مصر، كشف عمرو أديب، وهو الإعلامي المقرب من آل الشيخ، كواليس لقاء السيسي مع مستشار الديوان الملكي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، قائلًا: “يوم الأحد المقبل سيجري عقد مؤتمر للكشف عن تعاون مصري سعودي فى المجال الدرامي والثقافي والإعلامي، وهناك ما يقرب من إنتاج 60 مسلسلًا، وسيتم إنتاج 15 مسرحية غير الحفلات الموسيقية وتعاون كبير فى السوق المصري، وقناة إم بي سي سيكون لها دور كبير فى هذا التعاون، وعدد كبير من الأعمال مع شخصيات مصرية كبيرة، وسيكون هناك تنسيق واجتماعات”.
أكد أديب أن تركي وعدد من المسؤولين “تحدثوا فى المجال للتنسيق ونحن على أعتاب طفرة فى المجال الدرامى فى مصر والخارج.. وتحدث تركي عن أن الرئيس لديه قناعة قوية، ومصر ستكون فى مكان آخر بعد 5 سنوات والتطور فى مصر كبير ورهيب، ومصر عندها إرادة للتعاون الكبير والإمكانات الفنية والقدرات موجودة فى السعودية ومصر، والتعاون والتنسيق سينتج أعمالًا عظيمة”.
كما أضاف: “تركي قال لي نريد عمل حدث عظيم.. ونريد انتقاء أصوات فى مصر لأجلب لهم أحسن المؤلفين العالميين، وهناك طفرة كبيرة فى المجال الفترة المقبلة”.
ظل هذا الكلام في إطار التكهنات حتى أعلنت شركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهي الشركة المملوكة لجهاز المخابرات، بحسب وسائل إعلام مصرية، وتحتكر قطاع الدراما والإعلام في مصر خلال السنوات الماضية، عن تعاونها الفني والإعلامي مع إم بي سي السعودية.
أثارت هذه الخطوة مخاوف المصريين من عودة تركي مرة أخرى إلى المشهد المصري، لا سيما بعد استقبال السيسي للمسؤول السعودي بحضور مدير المخابرات، وهو اللقاء الذي أثار الكثير من التساؤلات حول هوية ومكانة تركي حتى يستقبله رئيس الدولة هذا الاستقبال الحافل، مع الوضع في الاعتبار ما يعكسه هذا اللقاء من دلالات ورسائل بشأن التغيرات الطارئة على خارطة السياسة الخارجية لكلا البلدين مؤخرًا، في ظل المستجدات الإقليمية والدولية.
تركي ينفي.. ولكن
رد الفعل السلبي حيال ما أثاره أديب بشأن دخول تركي مجال الدراما، دفع المستشار السعودي للتبرؤ من تلك التصريحات، قائلًا إنه “لا علاقه له من قريب أو بعيد بالدراما المصرية”، وأضاف في تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي: “توضيح مهم.. نظرًا لما تم تناقله على لساني في برنامج الأخ عمرو أديب.. يبدو أن هناك سوء فهم.. أنا لا علاقه لي لا من قريب أو بعيد في الدراما المصرية وليس لي أي علاقه في المسلسلات ولذلك وجب التنويه.. لا يصرح بلساني إلا أنا”.
لم يقنع نفي آل الشيخ الكثير من المصريين، لا سيما أن هناك الكثير من الشواهد التي تؤكد تلك التسريبات، لعل أبرزها حزمة اللقاءات المكثفة التي عقدها رئيس هيئة الترفيه السعودية مع عشرات الفنانين وصنّاع الدراما في مصر في إبريل/ نيسان الماضي.
وقد نشر تركي عبر صفحته العديد من الصور التي جمعته مع فناني مصر، خلال استقبالهم له أثناء زيارته لمصر مؤخرًا، فيما علق على إحدى تلك الصور قائلًا: “سعدت اليوم بمقابلة المخرج المبدع مروان حامد وأخي الفنان الكبير كريم عبد العزيز وأخي المنتج مدحت العدل والفنانة القديرة يسرا وأخي المنتج جمال العدل.. لقاء جميل امتد لساعات وأتمنى أن نرى نتائجه قريبًا”.
وكانت هيئة الترفيه السعودية قد وقّعت عام 2019 عقودًا مع منتجين وفنانين مصريين لإنتاج وعرض عشرات الأعمال في المملكة في موسم الترفيه السنوي، حيث أبرمت عقدًا لتقديم 6 عروض لمسرحية “الملك لير” من بطولة الفنانَين القديرَين يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي، كذلك مع الفنان محمد هنيدى لتقديم 6 عروض لمسرحية “3 أيام في الساحل” في مناطق مختلفة من المملكة، الأمر ذاته مع الفنان أشرف عبد الباقي لتقديم 4 عروض مسرحية لمسرحيات مسرح مصر.
هذا بخلاف توقيع آل الشيخ مذكرات تفاهم مع عدد من المطربين لإقامة حفلات فنية في الرياض وجدة، أبرزهم هاني شاكر وعمرو دياب ومحمد حماقي، هذا بخلاف العقد المبرم مع شركة ستارز للإنتاج والتوزيع الفني والإعلامي، والذي يسمح للهيئة العامة للترفيه بإنتاج مسرحيات فنية باستخدام الحقوق الخاصة بالمصنفات الفنية لعمالقة الغناء المصري، أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.
بعد الفشل الرياضي.. الدراما بديل
قبل مارس/ آذار 2018 لم يكن اسم تركي آل الشيخ مطروحًا على خريطة الإعلام المصري، لكن وبسرعة الصاروخ، بات الرجل حديث الفضائيات والمواقع والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، وهذا الحضور المثير للجدل أتى بعد أن هبط بـ”الباراشوت” على الساحة الكروية المصرية.
مئات الملايين ضخها آل الشيخ في المجال الكروي المصري في محاولة للبحث عن موطئ قدم، يستطيع من خلاله أن يكون رقمًا مؤثرًا في المشهد، إيمانًا منه بمكانة الكرة كإحدى أبرز أدوات القوة الناعمة في مصر، تلك الرياضة التي تسيطر على اهتمام الملايين من المصريين.
ولكن بعد أشهر معدودة من العبث في المنظومة الرياضية، تحول الشخص الأبرز حضورًا في المشهد إلى “معول هدم” يجب التخلص منه، قبل أن يتسبب بفتنة بين أنصار قطبَي الكرة، الأهلي والزمالك، حيث تلاعب بمجلسَي إدارة الناديين، مستغلًّا نفوذه المالي الذي وصفه خبراء بأنه “أفسد الكرة المصرية، أندية ومنتخبات”.
وبعد مناوشات وسجال بين مستشار ولي العهد السعودي وممثلي الكرة المصرية، مجالس إدارات وإعلاميين وشارع رياضي، اضطر الرجل إلى الانسحاب بعدما استقر في يقينه أن تواجده بات أمرًا غير مرغوب فيه، وبينما كان يتوقع البعض الإطاحة به من قبل السلطات السعودية، بعدما كاد أن يفسد العلاقة بين البلدين، إذ بالأمور تسير عكس الاتجاه المتوقع.. نعم أُطيح به في المجال الرياضي، لكنه تبوأ مكانة أكبر في مجال أكثر انتشارًا: الترفيه، وأعطيت له كافة الصلاحيات.
ويعد تركي رأس حربة قوى بن سلمان الناعمة في المنطقة، وصاحب اليد الطولى في تنفيذ مساعي الرياض لتعزيز نفوذها وتأثيرها على دوائر صناعة القرار في بقية العواصم العربية، مخصصة لذلك ميزانية مفتوحة من المال والنفوذ لاختراق الثالوث الأكثر حضورًا عربيًّا: الرياضة – الإعلام – الفن.
وبعد قرابة عام من الغياب عن الساحة الرياضية، ها هو آل الشيخ يعود للأجواء المصرية مرة أخرى، لكن عن طريق الدراما، وكأن الذاكرة السمكية المصرية قد محتها تلك الحملة المكثفة التي تبنتها وسائل الإعلام، الداعمة للرجل والمدعومة منه، لتحسين صورته مرة أخرى ومحاولة تمهيد الطريق لدخول المجال مجددًا.