ترجمة وتحرير: نون بوست
نشر ملايين الفلسطينيين وأنصار القضية الفلسطينية مقاطع فيديو تحت هاشتاغ #فلسطين_حرّة على تطبيق تيك توك الذي يُستخدم عادة للترفيه. أظهر عدد كبير من المشاهير دعمهم للقضية الفلسطينية عبر الإنترنت، بينما عمل الفلسطينيون على حشد التعاطف الدولي من خلال بثّ حي للأحداث حتى يراها العالم بأسره.
لعب تطبيق تيك توك الصيني دورا كبيرا في نشر الأخبار عن قضيّة الشيخ جراح وبقية الأحياء العربية في القدس في ظل القيود المسلطة على المحتوى الفلسطيني في المنصات الأخرى مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام. تصاعد الصراع الافتراضي على منصات التواصل قبل اندلاع العنف فعليا في غزة، حيث انتشر هاشتاغات #أنقذوا حي الشيخ جراّح و#غزّة تحت القصف بين ملايين المستخدمين.
في 19 أيار/ مايو، أشار مراسل صحيفة “إسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، إلى أن هناك “فجوة هائلة ومقلقة” بين هاشتاغي #غزّة تحت القصف و#إسرائيل تحت القصف على مواقع التواصل الاجتماعي. وقبل ذلك بيومين، أكد الكاتب الإسرائيلي ميكي ليفي لموقع “والا” العبري بأن المواجهة العسكرية بين حماس و”إسرائيل” خلّفت نتائج عكسية، حيث حصدت مقاطع الفيديو التي تُظهر أشخاصا يلوحون بالعلم الفلسطيني مئات الآلاف من المشاهدات في جميع أنحاء العالم. كذلك انتشرت مقاطع فيديو توثق الاحتجاجات في المدن المختلطة داخل “إسرائيل”.
وأوضح ليفي أن تطبيق تيك توك كان المنصة الأكثر نشرا للمحتوى المتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، ومنها مقاطع الفيديو التي تحتوي على وسوم فلسطينية أو إسرائيلية.
وفي هذا الشأن، يقول الباحث في وسائل التواصل الاجتماعي بشبكة قدس الإخبارية، عز الدين الأخرس، لموقع “المونيتور”، إن الفلسطينيين -وخاصة الشباب- كانوا يستخدمون تيك توك قبل المواجهة الأخيرة لغايات ترفيهيّة، لكنهم سرعان ما استغلوا التطبيق لدعم قضية القدس وأهالي الشيخ جراح وحشد التأييد والتعاطف العربي والدولي.
ويضيف الأخرس أن “الفلسطينيين كانوا ينشرون مقاطع فيديو باللغة العبرية توثّق ما يحدث في القدس، فيردّ عليهم الإسرائيليون، وهو ما خلق جدلا على المنصة. وعندما اندلعت الحرب في غزة في وقت لاحق، استمروا في توثيق ما يحصل على أرض الواقع وحشد التعاطف والدعم الدولي”. وأوضح الأخرس أن “خوارزمية تيك توك تسمح بنشر المعلومات بسهولة أكبر، والوصول إلى عدد كبير من الأشخاص، بما في ذلك جماهير متنوعة للغاية”.
الفلسطينيين استخدموا تيك توك لنقل ما يحدث لحظة بلحظة
كما أشار إلى أن أهم ميزة في تيك توك هي قدرته على اقتراح المحتوى لجميع المستخدمين الموجودين في نفس المنطقة الجغرافية، موضحا أن خوارزميات تيك توك تتعلم بسرعة كيفيّة التعرف على المحتوى ذي الصلة وتقديمه إلى جماهير متنوعة، وقد كان “التصعيد الحالي وأحداث الشيخ جراح أول استخدام فعال لتطبيق تيك توك من أجل دعم القضية الفلسطينية”. ويؤكد الأخرس أن الفلسطينيين تمكنوا من استقطاب عدّة شخصيات عالمية مثل غريتا تونبرغ وناعومي كلاين وبيلا حديد وروجر ووترز، الذين عبّروا علنا عن دعمهم للقضية الفلسطينية.
وتابع الأخرس أن الفلسطينيين استخدموا تيك توك لنقل ما يحدث لحظة بلحظة، حيث قام الناشطون في مدينتي الرملة واللد بتغطية الاشتباكات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، كما أنهم لجأوا إلى تيك توك بعد أن حجبت منصات التواصل الاجتماعي الأخرى محتواهم، لأن تيك توك يتدخل بشكل أقل في المحتوى.
ويقول الأخرس في هذا السياق: “لا يمكن إنكار حقيقة أن المحتوى الفلسطيني قد يكون مقيّدا أحيانا أو يُحذف تماما، خاصة عند نشر صور التفجيرات والدمار والضحايا، لكن تطبيق تيك توك لم يمارس الحجب إلا في حالات نادرة مقارنة بالمنصات الأخرى”. وأضاف أن “فلسطين انتصرت بالتأكيد في الحرب من خلال تطبيق تيك توك لأن الفلسطينيين يدعمون قضية عادلة ويقدمون محتوى مباشرا، مما يؤدي إلى تضامن الملايين من الناس معهم”.
وفي تصريح لـ”المونيتور”، يقول مدير منظمة حقوقية رقمية يُطلق عليها مركز صدى سوشال، إياد الرفاعي: “لقد ظهرت وسيلة جديدة لدعم القضية الفلسطينية تستخدم محتوى يركز على إضفاء الطابع الإنساني على القضيّة من خلال نشر مقاطع فيديو قصيرة ومؤثرة لجذب تعاطف عالمي كبير”. ويضيف: “التقى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مؤخّرا بعدد من المسؤولين في فيسبوك وتيك توك لحثهم على اتخاذ إجراءات سريعة لمكافحة المحتوى الفلسطيني وإزالة أي محتوى يحرض على العنف ضد إسرائيل”.
وأوضح الرفاعي أنه “على إثر هذا الاجتماع، تم حظر حساب تيك توك الخاص بشبكة قدس الإخبارية. لعلّ تيك توك مناسب أكثر من فيسبوك وتويتر للفلسطينيين، لكن لا توجد منصة بريئة تماما من محاولات التدخل في المحتوى الفلسطيني”.
تيك توك هي أفضل منصة تواصل اجتماعي لنشر المحتوى الفلسطيني، وهو ما ظهر بوضوح خلال التصعيد الأخير في غزة
وأضاف الرفاعي أن “إسرائيل” منزعجة للغاية من اهتمام العالم بغزة بسبب ما يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الفلسطينيين تمكّنوا من حشد الزخم الرقمي وتجنيد المؤثرين لدعم القضية. وقد بلغ عدد التغريدات التي تستخدم الوسوم الفلسطينية -في وقت من الأوقات خلال الأحداث الأخيرة- 8 ملايين تغريدة في غضون ساعة واحدة.
وينسب الرفاعي هذا النجاح إلى التجارب السابقة التي تعلم من خلالها الفلسطينيون كيفية إدارة المحتوى على هذه المنصات وجمع المتطوعين للمساعدة في إنشاء محتوى مناسب لا ينتهك سياسات النشر على هذه المواقع، حتى لا يتم حظر أو إزالة أي حسابات أو منشورات.
ويقول محمد عبد الوهاب، أحد مستخدمي تيك توك من غزة، لموقع “المونيتور”، إنه نشر مجموعة من مقاطع الفيديو التي توثّق القصف والتدمير في غزة، لكن تم حذف هذه المقاطع لخرقها سياسة تيك توك.
وأضاف عبد الوهاب أنه أصبح ينشر اليوم مقاطع فيديو قصيرة تتحدّث عن القضيّة دون إظهار العنف بشكل مباشر، واعتبر أن تيك توك هي أفضل منصة تواصل اجتماعي لنشر المحتوى الفلسطيني، وهو ما ظهر بوضوح خلال التصعيد الأخير في غزة.
المصدر: المونيتور