بدأ في الساعة السابعة من مساء البارحة وقف إطلاق النار بين الجيش اللبناني ومسلحين في مدينة طرابلس (شمال البلاد)، وذلك بعد يومين من الاشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى من الطرفين.
الشيخ “أحمد العمري” عضو هيئة علماء المسلمين في لبنان ورئيسها السابق قال إن الهيئة توصلت مع المعنيين إلى وقف إطلاق النار بين الجيش اللبناني والمسلحين في مدينة طرابلس بعد يومين من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، وأضاف الشيخ العمري أن هيئة علماء المسلمين في لبنان توصلت بعد اتصالات عديدة مع فعاليات طرابلس ومفتي المدينة الشيخ “مالك الشعار” إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش اللبناني والمسلحين.
في الوقت ذاته دخلت فرق الإسعاف مناطق الاشتباكات في طرابلس بعد وقف إطلاق النار وأجلت العشرات من الجرحى والمدنيين من نساء وأطفال وشيوخ.
وكان مصدر أمني لبناني، قال في وقت سابق إن 4 جنود لبنانيين قتلوا وجرح آخرون في مدينة طرابلس شمالي البلاد، مضيفًا أن الجنود الأربعة قتلوا خلال “تصديهم للمجموعات المسلحة في محلة دوار المطحنة في بحنين – المنية في طرابلس”، ليرتفع بذلك عدد قتلى الجيش خلال هذه الاشتباكات الدائرة في الأيام الثلاثة الأخيرة إلى 11 والجرحى إلى أكثر من 15.
هيئة علماء المسلمين في لبنان بدورها كانت قد دعت البارحة كافة الأطراف المتقاتلة في مدينة طرابلس إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لـ “درء الفتنة”، معتبرة أن الصدام مع الجيش “خسارة لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن”.
هذه الاشتباكات في الشمال ليست ببعيدة عما حدث في عرسال عندما تسلل عناصر من “جبهة النصرة” و”داعش” إليها من سوريا واشتبكوا مع قوى من الجيش اللبناني وحزب الله؛ الأمر الذي أدى لقتل عناصر من الطرفين وأسر آخرين، إضافة إلى ما قام به الجيش اللبناني وحزب الله بقصف وحرق لخيام اللاجئين في المخيمات في تلك المنطقة.
هذا الأمر أدى إلى تعاطف كبير مع المقاتلين المنتمين لذات التوجه في الشمال اللبناني، مما أدى إلى اشتباكات بين تلك العناصر والجيش اللبناني متهمينه بالتواطؤ مع حزب الله في قتل “إخوانهم المجاهدين” والتنكيل باللاجئين، علاوة على دعمه لنظام بشار الأسد وإرسال عناصر الحزب للقتال في سوريا.
لذلك، كانت جبهة النصرة قد أعلنت أنها ستقوم بإعدام أحد العسكريين اللبنانيين الأربعة المأسورين لديها إن لم تستجب قوات الجيش اللبناني وتنسحب من طرابلس ومحيطها شمال البلاد، قبل أن تؤجل الإعدام.
الجبهة قالت إن توقيت الإعدام الذي كان في تمام الـ 10 من صباح البارحة الأحد بالتوقيت المحلي للبنان تأجل “نزولاً عند طلب إخواننا المجاهدين هيئة العلماء”، مشيرين إلى أن التأجيل قد يمتد أو يلغى “حسب استجابة الجيش اللبناني العميل لحزب الله لمتداعيات المنطقة”.
وقال التنظيم، في بيان إنه “نزولاً منّا عند طلب إخواننا المجاهدين ومن يمثلون هيئة العلماء والحاضنة السنية في لبنان؛ سنؤجل عملية إعدام الجنود الأسرى لدينا حتى يتم إصلاح الوضع في طرابلس في الساعات القادمة، وتأمين المجاهدين والأهالي المحاصرين وإيقاف كافة أعمال العنف ضدهم”.
وتابع البيان “قررنا تأجيل عملية الإعدام إلى الثانية بعد الظهر، وقد يمتد التأجيل أو يلغى حسب استجابة ميليشيات الجيش اللبناني العميلة للحزب الإيرانى لمتداعيات المنطقة، ونذكركم مرة أخرى بأن دماء أهل السنة ليست ماءً”، معتبرًا أن ما أَوصل الساحة اللبنانية إلى ما وصلت إليه “هو انتهاك حزب اللات (حزب الله) لحرمات المسلمين في سوريا”.
هجمات الجيش اللبناني على طرابلس جاءت متزامنة مع خطاب للأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” قبل البارحة السبت قال فيه في إشارة إلى الأحداث التي تشهدها طرابلس “هناك مشروع فتنة خطير وكبير كان يحضر له في طرابلس والشمال”.
وتقول المعلومات إن جبهة النصرة تحتجز 18 عسكريًا لبنانيًا مقابل 7 لدى داعش منذ معارك بلدة عرسال الحدودية مع الجيش في أوائل أغسطس الماضي.
ومن الجدير ذكره بأن لبنان ما زال بلا رئيس منذ مايو الماضي، إذ عرقلت الخلافات السياسية محاولات البرلمانيين انتخاب رئيس جديد بسبب التوتر المستمر منذ مدة طويلة على خلفية الحرب السورية.