ترجمة وتحرير: نون بوست
في الآونة الأخيرة، اتصلت بي صديقة طفولتي سلمى زهر، التي كانت تزور والديها في فيلادلفيا، وأرادت أن نتقابل في لم شمل صغير مع مجموعة أصدقائنا القدامى. تفتقد سلمى “الأيام الخوالي” مثلي، عندما كان مجتمعنا الأمريكي الفلسطيني المقيم في فيلادلفيا يجتمع في النزهات والمسيرات المؤيدة للفلسطينيين ورقصات الدبكة وحفلات العشاء غير رسمي.
خطرت فكرة لم الشمل الصغير على بال سلمى عندما شاهدت صور أصدقائنا على الفيسبوك خلال مشاركتهم في مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في أيار/مايو، على إثر عمليات الإخلاء القسري التي استهدفت سكان الشيخ جراح والتي نفّذها الجيش الإسرائيلي. كنا نحضر تجمعات مثل هذه بانتظام عندما كنا أطفالا ومراهقين واليوم، أصبح الكثير منهم يشارك في هذه التجمعات مع أطفالهم.
لقد نشأنا جميعا على صلتنا بفلسطين، حيث كان آباؤنا من المهاجرين يحاولون خلق إحساسهم الخاص بالوطن من خلال التواصل مع بعضهم البعض في الشتات. على الرغم من عملهم في مجالات مختلفة وانحدارهم من مناطق مختلفة من فلسطين، إلا أنهم يتقاسمون مهمة مشتركة، وهي التأكد من أننا قد نشأنا مرتبطين بأصولنا الفلسطينية.
يحاول كل مجتمع مهاجر الموازنة بين استيعاب الثقافة الجديدة والحفاظ على الصلات التي تربطه بثقافة وطنه. لكن الوضع أكثر إلحاحا بالنسبة للفلسطينيين، لأننا نعلم أن “إسرائيل” تحاول جاهدة محو وجودنا. قال دافيد بن غوريون سنة 1949: “يجب أن نفعل كل شيء لضمان عدم عودة الفلسطينيين […] سيموت كبار السن وسينسى الشباب موطنهم”. لكنّنا لم ننس.
يتحوّل الحفاظ على وجودك وأصولك وثقافتك في مواجهة عمليّة المحو إلى صراع، قد يتطلب تمريره لأطفالك استراتيجية نشطة. بحثت أنا وابنتي عن بعض الأفكار وتواصلنا مع عديد العائلات لاستخلاص تجاربهم، لكن قبل أن نشارك استراتيجيات الآباء الفلسطينيين الآخرين، اسمحوا لي أولا أن أقول إن الشتات هنا يعيشون واقعا قاسيا للغاية، فنحن نحاول بناء صلة مع أرض قد لا تكون موجودة في معظم خرائط العالم.
بالنسبة للكثيرين منا، تتواجد فلسطين في ذكريات يتشاركها الآباء أو الأجداد، وفي كلمة “السلام عليكم” وقبلة على الخد، وفي صينية بقلاوة من صنع الجدة، وفي وسادة مطرزة على الأريكة. كيف يمكن نقل هذه التفاصيل الصغيرة والعابرة إلى جيل آخر أكثر بعدا عن الجذور؟ هل نعتبر نحن، أبناء المهاجرين، أفضل مروّجين للثقافة الفلسطينية؟ في الواقع، يختلف كفاحنا عن كفاح آبائنا الذين أمضوا فترة تكوينهم في فلسطين.
نظرا لأنني مؤلفة كتب للأطفال، تحدثت إلى العديد من الآباء الفلسطينيين الأمريكيين حول هذه القضية بالذات، وقد سألتني إحداهن بصراحة: “لم أزر فلسطين قط، ولست متزوجة من فلسطيني، كما أنني لا أتحدث العربية بشكل جيد. فهل يمكنني تربية أطفال فلسطينيين أمريكيين؟” طبعا بإمكانك ذلك.
درّس أطفالك التاريخ
قد تكون هذه الخطوة صعبة بالنسبة لبعض الفلسطينيين في الشتات من الجيلين الثاني والثالث، لأنك قد لا تكون على دراية كافية بفلسطين وتاريخ الاحتلال. تعلم بعضنا حقائق تاريخية متفرقة من آبائنا وأجدادنا، بينما أصيب بعض الشيوخ بصدمة شديدة بسبب ترحيلهم من أرضهم لدرجة أنهم لم يتحدثوا عنها على الإطلاق. ونظرا لأنه قد تم قمع القضيّة الفلسطينية لعقود، عليك البحث عن معلومات مستنيرة من خلال المنح الدراسية.
تجدر الإشارة إلى أن عناوين الأخبارغالبا ما تكتب بطريقة تُصوّر النضال الفلسطيني من أجل التحرير على أنه حرب بين عدوين متساويين في التسلح، أو معركة تشنّها “إسرائيل” للحفاظ على الديمقراطية في الشرق الأوسط. قد تربكك هذه الاستعارات، في حال لم تكن على دراية بالمشكلة، على الرغم من اطلاعك على التاريخ. كذلك، تذكّر دائما أنه حتى أصدقاؤك الليبراليين والتقدميين قد يكونوا جاهلين بالمواضيع التي تتعلق بفلسطين، وينبغي ألا يفاجئك هذا أو يربكك.
اقرأ كتب رشيد خالدي ونورا عريقات ونعوم تشومسكي وإدوارد سعيد وغيرهم من العلماء. تنتج مجموعات مثل معهد تفاهم الشرق الأوسط بانتظام مقاطع فيديو ومقالات للأشخاص الذين ليسوا على دراية بهذا الموضوع، كما يحتوي موقعهم الإلكتروني على قسم مفيد للغاية يدعى فلسطين 101. وما إن تستنتج أنك صرت على إطلاع كاف بالأمر، شارك ما تعلمته مع أطفالك، حتى إذا كانوا صغار السنّ. يحتاج الأطفال إلى الشعور بالإنتماء وعليهم أن يفهموا أنهم أعضاء في المجتمع الفلسطيني الذي يعيش في الشتات المنتشر في جميع أنحاء العالم نتيجة نكبة عام 1948.
حاول الاستماع إلى الأخبار التي تتحدّث عن فلسطين رفقة أطفالك، ولا تخف من الحديث معهم عن تاريخ الاحتلال. وبالطبع، افعل ما تراه صالحا في هذا الشأن. تقول سلمى زهر متحدثة عن كيفية شرحها للاحتلال لابنتها البالغة من العمر خمس سنوات: “أدركت كيف أن بعض مقاطع الفيديو أو الصور يمكن أن تخيفها وتجعلها تشعر بأنها ضحية لأنها طفل فليسطينيّة.”
حاول أن تكون دائما متقدّما خطوة إلى الأمام فيما يتعلّق بمعلوماتك: انضم إلى الجهود الشعبية المحلية والجهود الوطنية لدعم فلسطين، وتبرع للجمعيات الخيرية الفلسطينية التي تحدث فرقا في حياة الفلسطينيين، يجب التكاتف معا كأسرة لجمع التبرعات لفلسطين، وشارك في المسيرات والمظاهرات لدعم فلسطين واحضر أطفالك معك.
عندما كنت طفلة، كانت إحدى أقرب الذكريات إلى قلبي التي ما زلت خالدة في ذهني هي مساعدتي لوالدتي، أليس معدي، التي كانت إحدى المشرفين في منظمتنا الشعبية المحلية، وهي جمعية المعونة الفلسطينية. لقد اشترت ملصقات وأقلام تخطيط وساعدتني على صنع لافتات لأحملها معي في مظاهرات فيلادلفيا وتحمل عناوين: “حرروا فلسطين” و “أنهوا الاحتلال”. إن القيام بهذا العمل المهم مع أطفالك يمنحهم القوّة، إذ يجب أن يعلم الأطفال أنه حين يوجد الظلم، يمكنهم فعل شيء حياله.
أحط أطفالك بالثقافة
تقول نجود فاهوم ميرانسي وهي رئيسة قسم التخطيط لمهمات استكشاف الفضاء في وكالة ناسا، وأم لطفلين: “بصفتي فلسطينية ثنائية العرق، فأنا دائما أكثر ارتباطا بالأكلات الفلسطينية. لقد تعلمت أمي الأمريكية الوصفات من عمتي، لذلك نشأنا على اطلاع بالنكهات والأطباق داخل عائلتنا المختلطة”.
بذلت ميرانسي جهدا لمشاركة الطعام الفلسطيني مع أطفالها، قائلة: “عندما بدأت الطبخ، تعلمت المزيد من الوصفات والتقنيات الفلسطينية، وأنا أنقل بالفعل هذه الوصفات لأولادي”. لقد نُشرت عديد كتب الطبخ الفلسطينية الممتازة خلال السنوات الأخيرة، في حال لم يكن لديك فرد من العائلة يمكنه تعليمك.
اعمل على تزيين منزلك بالأعمال الفنية الفلسطينية، مثل الوسائد الملونة والمطرّزة يدويا والمفروشات والديكورات الأخرى. والأفضل من ذلك، اجعل هذه التغييرات بمثابة مشروع عائلي لتتعلمها بنفسك. تقدم منظمات مثل مبادرة تطريز وشاي، التي تديرها وفاء غنيم، دروسا (بما في ذلك عبر الإنترنت) وأطقم تطريز للمبتدئين. غنيم هي مدرّبة وباحثة في تاريخ التطريز، وهي أيضا فنانة تطريز موهوبة تعلمت هذه المهارة من والدتها فريال عباسي غنيم، التي اشتهرت بمهاراتها في التطريز وكثيرا ما كانت تتحدث عن تاريخ العمل الفني.
في خطاب وعرض قدّمته عام 2009 أمام مجلس الشؤون العالمية في ولاية أوريغون وجامعة ولاية بورتلاند، قالت عباسي غنيم: “التطريز لغة غير مكتوبة، يتم تداولها من امرأة لامرأة في صمت. لقد علمتني والدتي التطريز، وأنا أدرس بناتي اليوم، وستنقله بناتي للجيل القادم”.
ماذا يقرأ أطفالك؟
لقد ألهمتني ابنتي مريم، قبل خمس سنوات، لأقوم بتأليف سلسلة كتب ذات طابع فلسطيني أمريكي. انفطر قلبي لرؤية ابنتي، التي كانت في سنّ العاشرة آنذاك، وهي قارئة نهمة، لكنّها لم تجد الكثير من الكتب التي تعكس تجربتها الخاصة. كنت مصممة على تغيير ذلك لأجلها ولأجلنا. قرأت مريم منذ ذلك الحين كل مسودة كتب فرح روكس قبل أن أسلمها إلى ناشري. لا يمكن المبالغة في تقدير أهمية رؤية الأطفال لحياتهم المنعكسة من خلال الكتب.
في السنوات الأخيرة، وقع نشر المزيد من الكتب للأطفال من جميع الأعمار من قبل مؤلفين فلسطينيين. تقول دلال دويك، وهي أم لطفلين في كاليفورنيا: “أحاول فقط أن أحتفل بجذورنا الفلسطينية. لقد كان والدي الفرد الوحيد من عائلته الذي جاء إلى الولايات المتحدة، بينما أمي أميركية. لقد تزوجتُ من أميركي وكنت الوحيدة من بين شقيقاتي التي احتفظتُ باسم عائلتي، لأنني لم أكن أريد أن أفقد هذا الارتباط بـ ‘الوطن'”.
تتمثل إحدى استراتيجيات دويك في الحفاظ على الهوية الفلسطينية لأطفالها في شراء كتب تتحدّث عن فلسطين: “أعتقد أن كتابنا الأول الذي اقتنيناه كان بعنوان ف من أجل فلسطين، ومن الصعب وصف مدى ما يعنيه سماع ابنتي الصغيرة في ذلك الوقت وهي تقرأ كلمة ‘فلسطين’ المذكورة في الكتاب لي”. يمكن أن تساعدك مجموعة أراب كيدليت ناو في العثور على كتب باللغة العربية ومترجمة، بحيث يقرأ أطفالك الكتب المنشورة ليس فقط في أمريكا الشمالية وأوروبا ولكن في الدول العربية مثل فلسطين
بالإضافة إلى إحاطتهم بالثقافة الفلسطينية، قم بتشجيع وتعزيز شعورهم بالفخر لكونهم فلسطينيين من خلال الهوايات والاهتمامات التي لديهم بالفعل. يقول جويل فاران، أب ومهني في التعليم العالي في شيكاغو: “اعثر على شيء يحبه أطفالك واجعله فلسطينيا بشكل فريد”. يحب ابنه جمع قمصان لاعبي كرة القدم، لذلك قام بتخصيص قميص من نادي بالستينو الرياضي، وهو نادي كرة قدم تشيلي أسسه فلسطينيون، باسم ابنه.
قم بإضفاء الطابع الشخصي على بعض العناصر اليومية مثل القمصان والأوشحة وسلاسل المفاتيح وحقائب الظهر لتذكرهم بهويتهم الفلسطينية. أحد المتاجر المفضلة لدي على الإنترنت هو وطن، الذي يحتوي على مجموعة رائعة من الإكسسوارات ذات الذوق الفلسطيني الفريد. كذلك، يوجد لدى العديد من الفنانين الفلسطينيين متاجر إتسي، حيث يمكنك إيجاد طرق فريدة لتخصيص الأشياء لأطفالك ومنزلك.
أحضر فلسطين إلى مدارس أطفالك
احرص على إدخال التاريخ والثقافة الفلسطينية ليس فقط في حياة أطفالك، ولكن أيضا في حياة الأطفال الآخرين. كن نشيطا في نظام مدرستك المحلي وتأكد من أن الأطفال الآخرين يرون ويسمعون ويقرأون عن فلسطين. معظم المدارس لديها نوع من “المهرجان الدولي” أو “يوم الثقافات العالمي”، حيث يقع تمثيل كل دولة على طاولة، ويمكن للضيوف التجول حولها وتذوق الطعام من بوليفيا أو العزف على الآلات الموسيقية من الصين.
تطوع لتحضير طاولة عن فلسطين ولا تسمح للمدرسة أو رئيس رابطة الآباء والمعلمين أو أي شخص آخر بتسميتها طاولة “الشرق الأوسط” أو “الدول العربية”. استمتعت مريم بالتحضير لهذا النشاط من خلال صنع الحمص وعرض العلم الفلسطيني على الوجه الأمامي للطاولة وتوزيع ملصقات عليها العلم الفلسطيني. في السنوات الماضية، قمنا أيضا بأنشطة مثل كتابة أسماء الأطفال باللغة العربية، والتي لطالما حققت نجاحا. هذا النوع من التمثيل مهم، ليس فقط للحاضرين، ولكن لطفلك الذي سيشعر بأن هويته مؤكدة مثل هويات زملائه في الفصل.
تواصل من خلال اللغة
يعد تعلم اللغة العربية جزءا مهما من تربية الأطفال الفلسطينيين، لأنهم في مرحلة ما سيرغبون في التواصل بأقوى الطرق، أي بلغة فلسطين. مع تقدمهم في السن، سيريدون “المشاركة” فيما يقوله أجدادهم أو عماتهم وأعمامهم.
إذا كنت تتحدث العربية، فتحدث إليهم بها؛ قد يجيبونك باللغة الإنجليزية الآن، لكن في مرحلة ما سوف يتوقون إلى التحدث بها. حتى لو لم تكن تتحدث اللغة بطلاقة، أو لا تعرف سوى بعض العبارات والكلمات، فاستخدمها! دع أطفالك يسمعونها. لا تشعر بالسوء لأنك لا تتحدث العربية بشكل جيد، أو على الإطلاق؛ تذكر أن هذا وضع شائع للفلسطينيين في الشتات.
تقول ربى مرشود، ابنة مهاجرين فلسطينيين وأم لطفلين: “بصفتي أم، أحاول التحدث باللغة العربية بقدر ما أستطيع، وأشعر بالأسف لأنه مع تقدمهم في السنوات الابتدائية، بدأت ألاحظ محدودية قدراتي اللغوية. لقد شعرت بسعادة غامرة عندما وجدت برنامجا عربيا للأطفال في عطلات نهاية الأسبوع. هذه السنة، أصبحت الدروس افتراضية ولديهم الآن دروس فردية. إن أطفالي لا يحبون دائما الحصول على ‘دروس مدرسية في عطلات نهاية الأسبوع’. لكن هذه المرة، طلبوا ذلك!”
في الواقع، سوف يتوق أطفالك إلى تعلم التحدث باللغة العربية في مرحلة ما. إحدى صديقات مريم تتحدث الكورية مع والديها، وأخرى تتحدث اللغة الصينية؛ ومراقبتهما جعلت مريم تعتقد أن هذه مهارة رائعة حقا وحفزت اهتمامها بتعلم اللغة العربية. إذا عبّر طفلك عن هذه الحاجة، فتأكد من تلبيتها، خاصة عندما يكون الأطفال أصغر سنا.
لحسن الحظ، مهما كانت أعمار أطفالك، هناك الكثير من الموارد، مثل فيديوهات موقع “ليتل بيم” للأطفال الصغار، بالإضافة إلى برامج مثل دولينغو. في حين أن التكنولوجيا رائعة، يمكن أن يكون التعليم الشخصي أكثر فعالية بكثير: انظر إلى الكنائس المحلية والمساجد، التي قد تقدم دروسا، وكذلك الكليات المجتمعية. استعن بمدرس. اطلب من الجد أو المسن في المجتمع قضاء ساعة في الأسبوع مع أطفالك.
تزوّد بالكتب والموارد الأخرى. بالنسبة للأطفال الصغار جدا، أوصي بكتب ليلى التاجي، مؤسسة موقع “أرابيش واي“. تصف التاجي نفسها بأنها “أم أمريكية من أصل عربي، كافحت لإيجاد طرق لربط أطفالها الأمريكيين بثقافة أسرتهم”. تهدف كتبها إلى جعل تعلم اللغة العربية جزءا طبيعيا وممتعا من الحياة اليومية لعائلة مشغولة.
لدى خلود الطرابلسي، مؤسسة موقع “أ كرافتي أراب”، أنشطة ممتعة على موقعها الإلكتروني للمساعدة في تعزيز تعلم اللغة العربية، بالإضافة إلى موارد مثل المواد المطبوعة المجانية. كما صممت كتاب تلوين للأبجدية العربية ممتعا وملصقات جدارية يمكن شراؤها عبر موقعها على الإنترنت.
تأكد من أن أطفالك يتعلمون اللغة العربية الشامية، وليس فقط المعيار الحديث الرسمي، حتى يتمكنوا بالفعل من إجراء محادثات مع أشخاص يعرفونهم، مثل أفراد الأسرة. أرادت الصحفية التي تحولت إلى ناشرة، ريم مخوّل، أن تقرأ ابنتها كتبا تستخدم اللغة العربية العامية، لكنها لم تجد سوى الكتب التي تستخدم العربية الفصحى الحديثة، لذلك كتبت بعض الكتب بنفسها. هي الآن صاحبة موقع “قصص ـ ستوريز”، الذي يختص في نشر كتب باللغة العربية العامية.
الخطوة الكبيرة: زيارة فلسطين
إذا أمكن، حاول السفر إلى فلسطين. كان سفري إلى الضفة الغربية خلال طفولتي، ولاحقا حين صرت طالبة جامعية، تجربة أثرت فيّ بعمق. استطعت أن أرى بأم عيني الأماكن التي أخبرني عنها والداي.
قبل ذلك وبالنسبة لي، كانت هويتي الفلسطينية بمثابة الحلم. لكن السير على الطرق في قرية عائلتنا وزيارة الأماكن المقدسة في بيت لحم والقدس والجلوس في المقاهي مع أبناء عمومتي وأصدقائي وزيارة أقاربي، كلها عوامل ساعدت على جعل الحلم حقيقة.
ابنة عمي، نجاة جابر مقبل، هي أم لثلاثة أطفال، وقد أعجبت دائما بأسلوبها في التربية لأنها كانت ثابتة في تعليم أطفالها على فلسطين. على سبيل المثال، علمتهم الدبكة وساعدتهم على تشكيل فرقة دبكة في كنيستهم المحلية، وهي عضوة نشطة في المجتمع الفلسطيني. وتقول نجاة: “بالنسبة لي، كان من أولوياتي أن يعرف أطفالي مكان جذورهم، وأن يكون لديهم صلة بأسرهم في فلسطين”.
أضافت نجاة: “أتذكر زيارتي الوحيدة للوطن عندما كنت طفلة، في سن السابعة، والتقيت بجميع أبناء عمومتي وعائلتي الممتدة. ساعدت تلك الذكريات على ترسيخ ما كان بالفعل متأصلا في داخلي بفضل والديّ وعائلتي في الولايات المتحدة: أنا فلسطينية أولا. خصصنا أنا وزوجي ميزانية لأخذ أطفالنا إلى قرية الطيبة الفلسطينية كل سنتين أو ثلاث سنوات. أردت أن يكون لأولادي هذا العاطفة تجاه فلسطين، [لكي] تنمو بشكل طبيعي داخلهم، كما نمت بداخلي”.
ادعم الحركات الأخرى
اسع جاهدا للعمل على دعم قضايا العدالة الاجتماعية الأخرى. تذكر أن الفلسطينيين يتمتعون بدعم المظلومين، لذلك علينا أن نكون حلفاء جيدين أيضا. في الآونة الأخيرة، غردت حركة “حياة السود مهمة“: “إن حياة السود مهمة تقف متضامنة مع الفلسطينيين. نحن حركة ملتزمة بإنهاء الاستعمار الاستيطاني بجميع أشكاله وسنواصل الدعوة إلى التحرير الفلسطيني”.
تقول دلال دويك: “تتداخل الكثير من أعمال العدالة الاجتماعية مع النضال الفلسطيني. على سبيل المثال، انظممنا كعائلة إلى احتجاج ضد تفكيك الأسر والاحتجاز مع لافتة كتب عليها ‘من فلسطين إلى تورنيو، العائلات تنتمي إلى بعضها البعض!’، لأنني أعتقد حقا أننا نتحرر حين يتحرر الجميع”.
تعلّم ربى مرشود، أم لطفلين دون العاشرة، صغيريْها تاريخ فلسطين مع أمثلة أخرى للاستعمار: “قرأنا أيضا عن احتلال الولايات المتحدة والتوسع باتجاه الغرب (لأن ابني يحب القطارات) ومحنة الأمريكيين الأصليين ومأساة العبودية. إنهم مرتبطون بقصص المظلومين وبوصلتهم الأخلاقية قوية. إنهم يعرفون من هم”.
لقد نظمت سلمى نزهة لم الشمل – حيث اجتمعنا جميعا في حديقتها، مع أطفالنا وبعد تلقي التلقيح، وتناولنا الطعام العربي واستمعنا إلى الموسيقى العربية وتركنا أطفالنا يلعبون. كانت نزهة مجددة للطاقة ورائعة، وعبارة عن فترة راحة من رعب الأخبار من غزة. لعب الأطفال في قلعة مطاطية ورسمت مريم وابنة عمها المراهقة القلوب وأقواس قزح، وكذلك الأعلام الفلسطينية على وجوه الأطفال الصغار.
إن نشأتك وتربية أطفالك في الشتات هو عمل شاق. لكنك لست في وضع سيء إذا كنت لا تتحدث العربية أو إذا لم تكبر وأنت تستمع إلى الموسيقى العربية أو حتى إذا كنت لا تعرف الكثير من العرب في مجتمعك. لن تكون في وضع غير موات إذا كنت تربي أطفالك مع شريك ليس فلسطينيا (في الواقع، يحصل شريكك على نقاط فلسطينية إضافية، وحمص إضافي، عند المساعدة في غرس حب فلسطين في طفلهم).
مثلما حمل آباؤنا فلسطين في قلوبهم وذكرياتهم، يمكننا أيضا أن نحملها. اشرح لأطفالك أنه من الطبيعي تماما أن يشعر الشخص بالانجذاب نحو ثقافات مختلفة. ليس عليك أن تكون “إما هذا / أو ذاك” – يمكنك أن تكون كلاهما. كتب الكاتب العربي الأمريكي أمين الريحاني ذات مرة: “نحن لسنا من الشرق أو الغرب. لا حدود موجودة في صدورنا. نحن أحرار”.
المصدر: ميدل إيست آي