تعتبر الروايات والأفلام والمسلسلات من بين المراجع التي يمكن الاعتماد عليها لمعرفة تاريخ بلد أو منطقة ما، لكن أبرز المراجع التي يُنصح بها هي الكتب التاريخية، فالكثير منا يسعى لمعرفة تاريخ تونس ولم تسنح له الفرصة، لذلك اخترنا في هذا التقرير أن نتحدث عن بعض الكتب التي يمكن الاستئناس بها لمعرفة تاريخ هذا البلد الكبير.
كتب تاريخ تونس
كتاب “تاريخ تونس” لمحمد الهادي الشريف
صدر هذا الكتاب سنة 1980 في البداية باللغة الفرنسية، قبل أن يتم تعريبه تحت عنوان: “ماذا يجب أن تعرف عن تاريخ تونس: من عصور ما قبل التاريخ إلى الاستقلال” (ترجمة: محمد الشاوش ومحمد عجينة، 1982).
يقول الشريف في توطئة كتابه: “لم نقصد من خلال هذا العمل الرواية المفصلة ولا الوصف المدقق، فغيرنا من المؤرخين قد قام بذلك على أحسن وجه، فاكتفينا بالتذكير في إيجاز بأهم الأحداث التي عرفتها البلاد التونسية وذلك أولًا خلال النص ثم الجدول العام في نهاية الكتاب”.
اضطلع صاحب “خُلاصَة تاريخ تونس” بدور مهم في صناعة هُوية ثقافية لتونس، تقطع مع الإرث الاستعماري
يعتبر هذا الكتاب المرجع الأول لتاريخ تونس، إذ يلخص أهم الأحداث التي مرت بها تونس من العصر البرونزي ثم العصر القرطاجي إلى عصر الحديث التاريخ المعاصر، وصولًا إلى استقلال تونس، ويقدم دراسة تحليلية لتلك الأحداث مع إبراز نقاط قوة وضعف كل عصر.
كتب هذا المرجع المؤرخ التونسي محمد الهادي الشريف (1932 – 2021)، الذي درس في المدرسة الصادقية في تونس العاصمة، ثم انتقل إلى فرنسا حيث حصل سنة 1958 على شهادة الدراسات العليا في التاريخ المعاصر، بأطروحة بعنوان “تنظيم الحماية في تونس بعد المقيم العام بول كمبون”. كتب الشريف العديد من الكتب التاريخية لكنه في العموم انشغل بالتدريس وتأطير الوظائف الإدارية الجامعية على حساب التأليف.
خلاصة تاريخ تونس
كتب هذا المرجع المؤرخ التونسي حسن حسني عبد الوهاب (1884- 9 من نوفمبر/تشرين الثاني 1968)، وظل هذا الكتاب لوقت طويل المرجع الأبرز لمن يريد أن يتعرف على تاريخ تونس ويُمسك بأهم التحولات التي عرفتها البلاد منذ العصور القديمة.
صدر هذا الكتاب أول مرة سنة 1914، ثم عرف تطويرات كبرى في مراحل متفرقة، حتى أضحى عبارةً عن مختصر مدرسي يشمل ذكر حوادث البلاد التونسية من أقدم العصور إلى الزمان الحاضر والمعاصر.
اضطلع صاحب “خُلاصَة تاريخ تونس” بدور مهم في صناعة هُوية ثقافية لتونس، تقطع مع الإرث الاستعماري، فقد استفاد حسني عبد الوهاب من تعليم مُزدوج (عربي – فرنسي) أثراه بتجربة في دواليب الإدارة ومفاصل الدولة.
إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان
يعرف اختصارًا بـ”الإتحاف“، ويعتبر أهم مصدر في تاريخ تونس الحديث، وهو من تأليف المؤرخ التونسي أحمد ابن أبي الضياف، تناول هذا المرجع تاريخ تونس منذ الفتح الإسلامي إلى حدود عصر الكاتب وهو القرن التاسع عشر للميلاد مع التركيز على العهد العثماني بتونس، خاصة فترات حكم البايات الحسينيين، ويعتبر الإتحاف من أهم مصادر تاريخ تونس الحديث.
شرع المفكر التونسي ابن أبي الضياف ( 1802-1803، أكتوبر/تشرين الأول 1874) في تحرير الكتابة بداية سنة 1862 وانتهى منه سنة 1872، صدر في 8 أجزاء، وركز خصوصًا على فترة حكم 5 بايات عثمانيين وهم حمودة باشا وعثمان باي ومحمود باي وحسين باشا باي ومصطفى باي، وقد استقى ابن أبي الضياف معلوماته من أبيه الحاج بالضياف، كما اعتمد على شهود عيان آخرين مثل شيخيه إسماعيل التميمي وأحمد الأبي، بالإضافة إلى اعتماده على وثائق أصلية، كما تحدث عن احتلال الجزائر عام 1830 وأصداء ذلك في تونس.
اعتمد القاضي المالكي ابن أبي دينار في كتابه على المؤرخين والإخباريين السابقين من بينهم ابن الشماع والزركشي وابن ناجي وعلى مصادر شفوية معاصرة له
يعتبر هذا الكتاب مرجعًا مهمًا ومصدرًا شاملًا، من خلاله يمكن لكل قارئ التعرف على طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والأدبية والعمرانية في الإيالة التونسية خلال الفترة التي شملها الكتاب.
عُرف منذ صغره بقوة ملاحظته وفطنته، إذ حفظ القرآن صغيرًا وتردد على جامع يوسف صاحب الطابع ومدرسته وكذلك جامع الزيتونة، فأخذ عن أبرز مشايخ زمانه مثل الشيخ إسماعيل التميمي ومحمد بيرم الثالث وإبراهيم الرياحي ومحمد بن الخوجة والشيخ المناعي.
أيضًا اعتمد على معايشته لأحداث عديدة بحكم مباشرته العديد من المهام السامية في مواقع مختلفة، فدون انطباعاته وسجل الأحداث بكل اهتمام، فكان بمثابة الشاهد على العصر وكان كتابه وثيقة حية وفريدة لفهم فترة مهمة من تاريخ تونس.
المؤنس في أخبار إفريقية وتونس
يُعرف اختصارًا بـ”المؤنس”، لصاحبه أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعيني القيرواني المعروف بابن أبي دينار الذي عاش في العهد المرادي (ولد في بداية القرن السابع عشر في القيروان وتوفي نحو عام 1690)، ويعد هذا الكتاب أحد أهم المصادر لتاريخ تونس في العصر الحديث، وخاصة منه القرن السابع عشر.
كتب هذا المرجع سنة 1869، ليكون بذلك من أوائل الكتب التي طبعت بالبلاد التونسية، ثم أعيد طبعه بمطبعة النهضة سنة 1931 دون أن يذكر الجهة التي تولت عملية النشر، ثم طبعته للمرة الثالثة المكتبة العتيقة بتونس سنة 1967.
اعتمد القاضي المالكي ابن أبي دينار في كتابه على المؤرخين والإخباريين السابقين من بينهم ابن الشماع والزركشي وابن ناجي وعلى مصادر شفوية معاصرة له، وقد تحدث عن مدينة تونس وإفريقية وفتح إفريقية وصولًا إلى أمراء الدولة الأغلبية والدولة العبيدية والدولة الصنهاجية والدولة الحفصية.
أما الباب الأهم في الكتاب فهو الباب السابع الذي خصصه للأتراك العثمانيين منذ وصول سنان باشا إلى تونس على رأس الحملة التي انتهت بتخليصها من أيدي الإسبان، متدرجًا في ذكر الأحداث إلى أن وصل إلى الحكام المراديين المعاصرين له وآخرهم علي باي.
رحلة التجاني
يعد هذا الكتاب أحد أبرز المصادر التي يمكن من خلالها التعرف على تاريخ تونس، ألفه أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد التجاني في القرن الثامن الهجري، تاركًا وراءه أثرًا كبيرًا من حيث الوجاهة والغاية والتحقيق والتحرير.
يعتبر هذا المرجع الوحيد من نوعه في وصف البلاد الإفريقية والتعريف بعمرانها في أوائل القرن الثامن للهجرة، أحد العصور غامضة الأنباء في تاريخ تونس الاجتماعي والسياسي لندرة النصوص الواصلة إلينا عنه، وفق المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب.
تحدث بن عاشور عن صدمة الاحتلال الفرنسي والجمعية الخلدونية وقدماء المدرسة الصادقية وحرية الصحافة والإذاعة التونسية وحركة الشباب
في كتابه نقل لنا التجاني رحلته عام 1306 رفقة أحد الأمراء الحفصيين متوجهًا نحو المشرق لأداء فريضة الحج، وقد اصطحبه إلى طرابلس ومنها عاد إلى تونس ليكتب رحلته، وقد انطلق التجاني من العاصمة وزار الساحل التونسي، ومر بمدينة صفاقس ثم اتجه جنوبًا إلى قابس وجزيرة جربة، ثم مطماطة فواحات نفزاوة والجريد ثم عاد ليواصل طريقه نحو طرابلس، ويعود إلى الحاضرة.
وصف مؤلف الكتاب في مؤلفه كل ما يمر به من مدن وقرى، موردًا ما مضى من أحداثها ومعرفًا بالنابغين من أبنائها من فقهاء وقادة وأدباء قدامى ومعاصرين له، حتى النباتات الخاصة بكل جهة تعرض لها بطريقة قلما اجتمعت في كتاب واحد.
“الحركة الأدبية والفكرية في تونس” لبن عاشور
هذا الكتاب عبارة عن جملة من الدروس الأكاديمية المتعلقة بالنهضة الفكرية والثقافية في تونس بالعصر الحديث، أرخ فيه صاحبه الشيخ محمد الفاضل بن عاشور للتاريخ الثقافي والأدبي التونسي المعاصر، لذلك يعتبر مصدرًا مهمًا للمؤرخين والباحثين المهتمين بالحياة الثقافية والفكرية والأدبية التونسية منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1881 وخاصة في النصف الأول من القرن العشرين إلى زمن كتابة الكتاب.
مطلع الخمسينيات، دُعي بن عاشور للقاهرة بدعوة من معهد الدراسات العربية العالية، أين ألقى ثماني محاضرات تتعلق بالتاريخ الثقافي والأدبي لتونس، ثم جمعت تلك المحاضرات لتصدر بالقاهرة في كتاب سنة 1955، وقد أعيد طبعه في تونس عام 1972 إذ صدر عن الدار التونسية للنشر.
تحدث بن عاشور عن صدمة الاحتلال الفرنسي والجمعية الخلدونية وقدماء المدرسة الصادقية وحرية الصحافة والإذاعة التونسية وحركة الشباب، فضلًا عن الإصلاح الزيتوني، وفي كل زاوية يعرض الكاتب جوانب التحرير الوصفي والعلمي والسياسي والنثر الفني والخطابة والشعر.
يعتبر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (1909/ 1970) أحد أبرز علماء الدين الذين عرفتهم تونس في القرن العشرين، ترأس عمادة كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة إلى وفاته، كما شغل مناصب قضائية من بينها ترؤس المحكمة الشرعية العليا، وتولى أيضًا منصب مفتي الجمهورية التونسية.
تاريخ إفريقيا الشمالية
هذا الكتاب لم يكتبه تونسي، بل من تأليف المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان، وقد اهتم فيه بتاريخ كل من تونس والجزائر والمغرب منذ ما قبل التاريخ إلى الاحتلال الفرنسي، وقد صدر لأول مرة باللغة الفرنسية سنة 1931، وعربه كل من محمد مزالي والبشير بن سلامة.
جاء الكتاب في جزأين: خصص الأول للحديث عن تاريخ شمال إفريقيا منذ البداية إلى الفتح الإسلامي سنة 647 ميلاديًا، وذكر فيه تاريخ البربر وممالكهم وعصور ما قبل التاريخ وقرطاج والحروب البونية وإفريقيا الرومانية، فضلًا عن الزحف الوندالي والغزو البيزنطي.
أما الجزء الثاني من الكتاب فيغطي الفترة التي امتدت من الفتح الإسلامي إلى سنة احتلال الجزائر 1830، وفيه تحدث شارل أندري جوليان عن الفتح الإسلامي وممالك الخوارج والأدارسة والأغالبة والفاطميين والصنهاجيين والمرابطين والموحدين والحفصيين، كما تطرق للحرب الصليبية الإسبانية والعهد العثماني.
الحلل السندسية في الأخبار التونسية
يعد هذا الكتاب أحد مصادر التاريخ التونسي، وهو من تأليف المؤرخ الوزير السراج الذي عاش بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، وقد تم كتابة هذا المرجع الذي يتكون في الأصل من أربعة مجلدات بطلب من حسين بن علي مؤسس الدولة الحسينية.
يهتم الكتاب بتاريخ تونس منذ الفتح الإسلامي، وقسمه صاحبه إلى ثمانية أبواب، تغطي الخمسة الأولى منها التاريخ بصفة عامة وتاريخ المغرب العربي وإفريقية ومدينة تونس، بينما الأبواب الموالية فهي تغطي تاريخ العائلات الحاكمة بإفريقية منذ الأغالبة وصولًا إلى الخاتمة التي فصل فيها المؤلف أعمال وفضائل مؤسس الدولة الحسينية حسين بن علي وتحدث عن أدق تفاصيله.
اعتمد الوزير السراج في كتابه على رحلة التجاني والمؤنس في أخبار إفريقية وتونس لابن أبي دينار والمختصر في تاريخ البشر لأبي الفداء ووفيات الأعيان لابن خلكان والوافي بالوفيات للصفدي وقلائد العقيان للفتح بن خاقان، وعلى ذيل بشائر أهل الإيمان بفتوحات آل عثمان وأيضًا على مصادر شفوية.