ترجمة وتحرير نون بوست
تفصل بين حي الشيخ جراح وبلدة سلوان مسافة 4 كيلومترات تقريبا، ويقعان على جانبين مختلفين من أسوار مدينة القدس القديمة، ولكن سكانهما يتقاسمون نضالا مشتركا.
اكتسبت الاحتجاجات ضد قرار الإخلاء الوشيك ضد 6 عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية زخما عالميا الشهر الماضي، وقد واجهت السلطات الإسرائيلية الاحتجاجات الفلسطينية بحملات قمع وحشية.
أسفرت الاحتجاجات عن تصعيد خطير في أعمال العنف، وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 250 فلسطينيا في غزة، بينهم 66 طفلا. كما قُتل 29 آخرون في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. في المقابل، قتلت صواريخ أُطلقت من غزة 12 شخصا في إسرائيل.
في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار في 21 أيار/ مايو، تعهد النشطاء بمواصلة رفع مستوى الوعي حول الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك محنة سكان حي الشيخ جراح. وفي الوقت الراهن، تواجه العائلات في قرية سلوان، وهي بلدة تاريخية أخرى تقع جنوب مدينة القدس القديمة، تهديد الإخلاء القسري أيضا.
وقال الشاب قتيبة عودة، أحد السكان الذين صدرت أوامر بهدم منازلهم، لموقع “ميدل إيست آي” الشهر الماضي، إن “مجموعات المستوطنين الإسرائيليين التي تقف وراء قضايا الإخلاء في الشيخ جراح هي نفسها التي تلاحق هذه المنازل في قرية سلوان”. وأضاف أنه “نفس النضال المشترك، ضد نفس الاحتلال. بالأمس قلنا أنقذوا حي الشيخ جراح، واليوم نقول أنقذوا حي سلوان”.
انطلاقا من روح النضال المشترك، شارك الفلسطينيون في سباق لرفع الوعي حول قضية حي الشيخ جراح وقرية سلوان قبل أسبوعين، والذي قوبل بموجة قمع شديدة من قبل الشرطة الإسرائيلية. في هذا الصدد، يُسلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على تاريخ قرية سلوان، وكيف يتم استغلال الدين والآثار من قبل المستوطنين الإسرائيليين والسلطات لتهجير سكانها الفلسطينيين.
تاريخ قرية سلوان عبر العصور
ظلت سلوان مأهولة بالسكان منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ولها تاريخ ثقافي وديني متنوع على مر السنين. خلال العصر الحديدي قبل أكثر من 2700 سنة، يُعتقد أن مقبرة سلوان كانت مدفنا لكبار المسؤولين في مملكة يهوذا.
كما يُعتقد أن بركة سلوام (الإسم اليوناني لسلوان)، وهي بركة صخرية تقع في قرية وادي الحلو الفلسطينية، بُنيت في الحقبة ذاتها، وأعيد بناؤها مرة أخرى خلال فترة الهيكل الثاني (بداية من القرن السادس وصولا إلى القرن الأول قبل الميلاد). كما يُعتقد أن النبي عيسى صنع معجزة في البركة من خلال مساعدة رجل أعمى على استعادة بصره، وذلك وفقا لـ”العهد الجديد”.
في الواقع، يعود تاريخ حي سلوان الفلسطيني الحديث إلى القرن السابع، عندما كان تحت حكم المسلمين بعد أن استحوذت الخلافة الراشدة على القدس من الإمبراطورية البيزنطية.
تم إنشاء قرية سلوان كقرية زراعية، وقد سمح ثاني الخلفاء الراشدين، عمر بن الخطاب، لليهود بالعيش هناك – من بين أجزاء أخرى من القدس – لأول مرة بعد خمسة قرون من الاضطهاد من قبل الرومان.
رجال من قرية سلوان بعدسة المصور الفرنسي فيليكس بونفيس، حوالي سنة 1890.
ينظر المسلمون إلى نبع سلوان، المعروف باسم عين سلوان، باعتباره مصدر مياه مقدس، بناءً على الأحاديث النبوية. وقد كانت القدس والمناطق المحيطة بها تحت سيطرة عدة حكام – معظمهم من المسلمين – على امتداد القرون التالية، أبرزهم المماليك والعثمانيون.
وفي نهاية حكم العثمانيين سنة 1882، هاجرت مجموعة من اليهود اليمنيين إلى سلوان وسط دعوات من الحركة الصهيونية لليهود من جميع أنحاء العالم للانتقال إلى فلسطين. ووفقا لمنظمة مدى سلوان التعليمية غير الحكومية، لم يُرحب اليهود الغربيون باليهود الشرقيين للعيش بينهم، ولكن سكان سلوان العرب استقبلوهم بشكل جيد.
خلال فترة الانتداب البريطاني، كشف إحصاء أُجري سنة 1931 أن عدد سكان سلوان يبلغ 2968 نسمة، وكانت القرية تضم حوالي 2553 مسلم، و124 يهوديا و91 مسيحيا.
نسخة طبق الأصل من صورة التقطت سنة 1914 لحي سلوان في القدس الشرقية.
غادر اليهود اليمنيون حي سلوان بحلول سنة 1938، في أعقاب الاضطرابات التي حدثت خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني، وقد أرسلوا رسائل إلى أهالي سلوان يعبرون فيها عن امتنانهم على السنوات التي عاشوا فيها معا.
سنة 1948، أصبحت المدينة خاضعة لإدارة المملكة الهاشمية الأردنية، في أعقاب النكبة التي طُرد فيها 750 ألف فلسطيني قسرا من البلدات والمدن التي أصبحت تشكل دولة “إسرائيل”. سيطرت “إسرائيل” بشكل كامل على الحي سنة 1967، عندما استولت على القدس الشرقية واحتلتها في أعقاب الحرب ضد الدول العربية.
منذ ذلك الحين، عملت “إسرائيل” من خلال النشاط الاستيطاني على تغيير التركيبة السكانية في حي سلوان، وتهجير السكان الفلسطينيين قسرا لصالح المستوطنين اليهود.
إخلاء حي بطن الهوى
في الوقت الراهن، يعد حي بطن الهوى الفلسطيني من بين العديد من المناطق في سلوان التي تتعرض لتهديد وشيك بالإخلاء. في الشهر الماضي، مثلما حدث قبل ذلك بأيام في حي الشيخ جراح، أجّلت محكمة إسرائيلية قرار استئناف ضد التهجير القسري لسبع عائلات فلسطينية من حي بطن الهوى.
من بين العائلات المهددة بالتهجير، عائلتا ناصر الرجبي وعبد الفتاح الرجبي، وعدد أفرادهما 44 فردا. تواجه حوالي 84 عائلة دعاوى إخلاء، مما يعرض 700 فلسطيني لخطر الطرد الجماعي من الحي. تمرّ جميع العائلات التي يتم تهجيرها قسرا بمراحل مختلفة من إجراءات الاستئناف. في قضايا عائلات دويك وشويقي وعودة، وصل الأمر إلى المحكمة العليا، وتقدّمت العائلات بالتماس للمدعي العام الإسرائيلي.
يعتقد الكثيرون أن تأجيل أحكام الاستئناف في قضايا الشيخ جراح وسلوان هو نتيجة مباشرة لضغط التغطية الإعلامية، لذلك يصرّ النشطاء على الاستمرار في تدويل القضية وحشد التأييد. رُفعت الدعوى القضائية في بطن الهوى من قبل حركة “عطيرت كوهانيم”، وهي واحدة من مجموعات المستوطنين الإسرائيليين التي تعمل بدعم من الحكومة الإسرائيلية لإخراج الفلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية بشكل غير قانوني.
تقاضي الحركة سكان بطن الهوى منذ ما يقارب 20 سنة، أي منذ أن استحوذت على “صندوق بنفينستي” اليهودي، المسجل على أنه مالك الأرض. تستند الدعاوى القضائية إلى أن جزءا من الحي كان مملوكا لليهود اليمنيين قبل سنة 1938. وقد أصبح هذا الإجراء ممكنا بموجب قانون الشؤون القانونية والإدارية لسنة 1970، الذي يمنح اليهود الحق الحصري في استعادة أراضي القدس الشرقية التي فقدوها خلال النكبة سنة 1948.
وينص قانون أملاك الغائبين لسنة 1950 على أن الفلسطينيين الذين طردوا قسرا خلال النكبة، والبالغ عددهم 750 ألف شخص، لا يمكنهم استعادة منازلهم. وتشير منظمة إير أميم الإسرائيلية غير الحكومية إلى أن اليهود الذين فقدوا منازلهم في القدس الشرقية سنة 1948 تم تعويضهم بممتلكات في القدس الغربية، ثم تم تعويضهم مرة أخرى بموجب قانون 1970.
هناك العديد من البؤر الاستيطانية التي بنيت في حي بطن الهوى، والتي كانت في البداية تتعارض مع القانون الإسرائيلي، كما أن القانون الدولي لا يميز بين البؤر الاستيطانية والمستوطنات الأخرى، حيث يعتبر جميع المستوطنات في الأراضي المحتلة غير شرعية.
إحدى تلك البؤر الاستيطانية هي عبارة عن مبنى من سبعة طوابق يسمى بيت جوناتان، تم بناؤه بدون ترخيص سنة 2004. سُمّي المبنى على اسم جوناثان بولارد، الجاسوس الذي أُطلق سراحه مؤخرا، والذي سُجن لمدة 30 سنة في الولايات المتحدة بسبب تسريب أسرار مخابراتية أمريكية إلى إسرائيل.
جعل المستوطنون حياة الفلسطينيين الذين عاشوا في حي بطن الهوى لمدة 60 سنة، أكثر صعوبة من سنة إلى أخرى. يقول كايد الرجبي، أحد الذين يواجهون الإخلاء، لموقع ميدل إيست آي السنة الماضية: “حياتنا إلى جانبهم صعبة للغاية. بيتي يقع بالضبط تحت إحدى البؤر الاستيطانية. أحيانا تتسرب مياه الصرف الصحي إلى منزلي أو يلقي أطفالهم النفايات، وخاصة الحفاضات المتسخة”. ويضيف: “لقد ألقوا الحجارة على أطفالي وهم يلعبون على سطح المنزل. كل هذه المضايقات جعلتني أكثر ارتباطا بهذا المكان”.
مشروع مدينة داود
على مدى عقود، استخدم المستوطنون الإسرائيليون علم الآثار والسياحة كجزء من مخططاتهم لتبرير تهجير الفلسطينيين من سلوان. تأسست جمعية “عير دافيد” الاستيطانية، المعروفة باسم إلعاد، سنة 1986 بهدف استخدام القوانين الإسرائيلية لطرد الفلسطينيين من القدس الشرقية و “تهويد” المدينة. وقد رسخت جمعية “إلعاد”، التي كان السياسيون الإسرائيليون يعتبرونها ذات يوم منظمة متطرفة، نفسها بقوة في قلب معادلة التهجير القسري اعتمادا على استراتيجية ربط المستوطنات في سلوان بـ”المدينة القديمة المفقودة”.
منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، تقوم الحكومة الإسرائيلية بأعمال الحفر في حي وادي حلوة الفلسطيني في سلوان، بحثا عن “مدينة داود” التي يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف سنة. إنه مقر السلطة المفترض للملك داود، الأب المؤسس للأمة اليهودية في الكتاب المقدس.
تُشرف على عمليات الحفر هيئة الآثار الإسرائيلية، وبتمويل من إلعاد التي تملك أيضا حديقة مدينة داوود الوطنية، والتي سيطرت عليها بعد إبرام اتفاق مع هيئة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية سنة 2002. تجري الكثير من عمليات التنقيب بحثا عن الآثار اليهودية تحت منازل الفلسطينيين، وقدّ زعزعت الأسس التي يعيش فوقها سكان الحي.
رجل يلتقط صورة أثناء فتح نفق في موقع “مدينة داود” الأثري والسياحي في بلدة سلوان الفلسطينية.
أكد سكان وادي حلوة موقع “ميدل إيست آي” أن منازلهم تتداعى نتيجة أعمال الحفر، وأن العديد من الجيران غادروا بسبب انهيار منازلهم. تواجه عائلة سمرين، التي تعيش في سلوان منذ أربعينيات القرن الماضي، خطر الإخلاء القسري منذ ثلاثة عقود، وتدعي منظمة إلعاد أن منزلهم يقع فوق المدينة الأثرية التي يبلغ عمرها ثلاثة آلاف سنة.
من جهة أخرى، تحولت الحديقة الوطنية للمدينة القديمة إلى منطقة جذب سياحي رئيسية، حيث يزورها مئات الآلاف سنويا.
واتهمت منظمة “عيمق شفيه” الإسرائيلية غير الحكومية، والتي تعمل ضد تسييس علم الآثار، منظمة إلعاد بخدمة أجندة أيديولوجية. وقالت “عيمق شفيه” إن المرشدين السياحيين الإسرائيليين يركزون بالكامل على مملكة يهودا، ويتجاهلون تاريخ القدس الثقافي والديني الطويل والمتنوع.
أثار عدد من العلماء شكوكًا حول ما إذا كانت أي من الآثار التي عُثر عليها في الموقع تعود فعلا إلى عهد الملك داوود. في هذا السياق، أوضح مرشد سياحي رفض الكشف عن هويته، يعمل في موقع مدينة داوود، لموقع “ميدل إيست آي” سنة 2018 أن “أعمال الحفر لم تعثر على قطعة أثرية واحدة تعود إلى فترة 3000 سنة”. وأضاف المرشد، وهو أيضا عالم آثار، أن “العناصر المكتشفة تعود إلى إمبراطوريات انقرضت مؤخرًا، معظمها آثار من الحضارة العربية الإسلامية، التي سيطرت على القدس منذ قرون”.
كما انتقدت منظمة “عيمق شفيه” طريقة الحفر التي تقوم بها حفارات تموّلها جمعية إلعاد. بدلاً من حفر الأنفاق عموديًا، تقوم هيئة الآثار الإسرائيلية بالحفر أفقيًا، وهو ما يعد مخالفا لقواعد الحفريات الأثرية. وأكد خبراء أن المعلومات التي يتم التوصل إليها من خلال اتباع هذه الطريقة في الحفر “عديمة الفائدة”.
رومان أبراموفيتش يموّل عملية التهجير
بينما تشكل السياحة وعلم الآثار جزءًا لا يتجزأ من مخطط جمعية إلعاد، لا تخفي المنظمة حقيقة أن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية هي محور استراتيجيتها. في هذا الصدد، أوضح مؤسس إلعاد ومديرها، ديفيد بئيري، في شهادة أمام المحكمة السنة الماضية، خلال الإجراءات القانونية لإجلاء رجل فلسطيني يبلغ من العمر 82 عامًا، بشكل قسري من سلوان: “نحن مؤسسة هدفها إيواء عائلات يهودية في مدينة داود”. وأضاف أن “هذه هي الأهداف المعلنة والرئيسية للمؤسسة، والتي من أجل تحقيقها تتلقى تبرعات من جهات مختلفة”.
بقيت مصادر تمويل منظمة إلعاد سرية لفترة طويلة، حيث رفضت المنظمة لسنوات تقديم قائمة كاملة بالمانحين. ويُلزم القانون الإسرائيلي المؤسسات غير الربحية بالإعلان عن أسماء المتبرعين بأكثر من 20 ألف شيكل، لكن إلعاد تتفادى ذلك من خلال إدراج أسماء الشركات الوهمية والشركات الواجهة.
كشف تحقيق أجرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية سنة 2016 عن تفاصيل حول بعض المتبرعين لمنظمة إلعاد، والتي تضمنت أفرادًا من عائلة فاليك في فلوريدا، والتي أكبر متاجر التجزئة المعفاة من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن جمعية أصدقاء إلعاد، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها، ساهمت بمبلغ 122 مليون شيكل (37 مليون دولار) على مدار ثماني سنوات. بصفتها مؤسسة خيرية أمريكية مسجلة بشكل قانوني، حصل المتبرعون لجمعية أصدقاء إلعاد على إعفاءات ضريبية بسبب مساهماتهم في تمويل منظمة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين. تتضمن قائمة المانحين أيضا رجل الأعمال الأمريكي روجر هيرتوغ، والمليونير الراحل إيرفينغ موسكوفيتز، وقطب النفط الروسي الأمريكي يوجين شفيدلر.
خلال السنة الماضية، كشف تحقيق أجرته “بي بي سي عربي” أن أكبر مانح لجمعية إلعاد هو الملياردير الروسي ومالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش.
يستحوذ رومان أبراموفيتش على أربع شركات تتخذ من جزر فيرجن البريطانية مقرا لها -تم تسجيلها جميعًا في نفس اليوم سنة 2003-، وقد تبرعت بمبلغ 100 مليون دولار لمنظمة إلعاد على مدار 15 سنة.
حصل أبراموفيتش على الجنسية الإسرائيلية سنة 2018، وفي السنوات الأخيرة اشترى العديد من العقارات الفاخرة في “إسرائيل”. وبين سنتي 2005 و2018، جاءت نصف التبرعات لجمعية إلعاد من شركات تابعة لرجل الأعمال الروسي. في هذا الإطار، يشير تقرير بي بي سي عربي إلى أنه “في نهاية تلك الفترة، تراجعت تبرعات أبراموفيتش لجمعية إلعاد، لكن تمكنت الجمعية من تخطي هذا النقص في التبرعات من خلال الأموال التي قدمتها جمعية أصدقاء إلعاد ومبيعات التذاكر من موقع مدينة داوود السياحي.
“تهويد” القدس الشرقية
بالإضافة إلى حي وادي حلوة، تُستخدم الآثار والسياحة أيضًا لتهجير الفلسطينيين من حي البستان في بلدة سلوان. تواصل السلطات الإسرائيلية تنفيذ خططها لهدم 100 عقار، يقطنها أكثر من 1500 فلسطيني، من أجل بناء حديقة أثرية “توراتية” أخرى.
ويُزعم أن “جان هامليخ” (حديقة الملك) في حي البستان كانت حديقة ملكية استخدمها حكام إسرائيل القدماء، وستصبح قريبًا نقطة جذب سياحي جديدة.
وبرّرت إسرائيل عمليات هدم منازل الفلسطينيين في حي البستان بعدم حصول السكان على تصاريح بناء. في الوقت ذاته، تعرقل الحكومة الإسرائيلية جهود الفلسطينيين للحصول على تلك التصاريح، في حين تواصل بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية. إلى جانب الحديقة المقترحة، أعلنت السلطات الإسرائيلية في تشرين الثاني/ نوفمبر عن خطط لأعمال حفر في سلوان للتحضير لبناء تلفريك (قطار سريع) يمتد من باب المغاربة في المدينة القديمة (أو بوابة سلوان) إلى القدس الغربية.
من المتوقع أن يغيّر المشروع المثير للجدل بشكل كبير معالم المدينة القديمة التاريخية ويوسع الوجود الإسرائيلي في الأحياء ذات الأغلبية الفلسطينية. وقد اعتبرها الكثيرون خطة “عنصرية” من شأنها أن تُفسد الشكل التاريخي للقدس.
شباب فلسطينيون يمرّون أمام الكنيسة الرومانية الكاثوليكية خلال مسيرة احتجاجية من الشيخ جراح إلى سلوان.
في أماكن أخرى من سلوان، واجه سكان حي وادي الربابة مضايقات وهجمات متواصلة من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين. في مطلع 2018، حفرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أساسات جسر معلق، من المتوقع أن يبلغ طوله 240 مترا وارتفاعه 30 مترا، ويمتد من حي الثوري مرورا بأراضي تعود ملكيتها للفلسطينيين في وادي الربابة، ويصل إلى منطقة وقف عائلة الدجاني.
كان الجسر جزءًا من مشروع “تهويد” بتمويل من هيئة الأراضي الإسرائيلية وصندوق المساحات المفتوحة، وتقدر تكلفته بستة ملايين شيكل (1.9 مليون دولار). كما يشمل المشروع إنشاء حدائق تلمودية ومنتزهات سياحية إسرائيلية تربط البلدة القديمة بوادي الربابة.
اُطلق على استراتيجية “إسرائيل” لبناء وحدات استيطانية وسلسلة من الحدائق تحمل أسماء أماكن وشخصيات يهودية حول البلدة القديمة في القدس اسم “الحوض المقدس”. وتتواصل هذه الجهود المنسقة والمدروسة لـ”تهويد” القدس الشرقية على حساب الفلسطينيين، على الرغم من انتهاكها الواضح للقانون الدولي.
لهذا السبب، سيكون الوقت وحده كفيلا بأن يكشف لنا ما إذا كان التوقف المؤقت لإجراءات تهجير العائلات من الشيخ جراح وسلوان نتيجة الضغوط الدولية الأخيرة، سيستمر على المدى الطويل أم لا.
المصدر: ميدل إيست آي