كان العراق من أوائل الدول التي تشكلت فيها الجيوش النظامية عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية، وبعد 100 عام على تشكيل النواة الأولى للقوات المسلحة العراقية، تشير الإحصاءات الدولية أن تعداد القوات العراقية بمختلف صنوفها العسكرية، وتشمل وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات والحشد الشعبي، يزيد عن مليون منتسب.
وبهذا يكون العراق قد خصص عنصرًا أمنيًّا لكل 40 عراقيًّا، بعد أن أعلنت وزارة التخطيط العراقية مؤخرًا أن التعداد السكاني العام للبلاد قد تجاوز 40 مليون نسمة في بداية 2021.
يفتح “نون بوست” ملف السلاح في العراق، ليناقش في تقارير متعددة تفاصيل القوات العراقية والوزارات الأمنية، مع تسليط الضوء على تسليحها وتبعيتها وإمكاناتها المادية والبشرية.
الجيش العراقي
يصادف هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي، إذ كانت النواة الأولى للجيش قد تأسست في 6 يناير/ كانون الثاني 1921، وبعد 100 عام على تأسيس الجيش، بات يضم في صنوفه 5 أفرع رئيسية، هي القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وطيران الجيش والدفاع الجوي.
ويعتمد المؤشر على عدة عوامل في التقييم العسكري، منها أعداد أفراد القوات العسكرية نسبة إلى عدد السكان، والتجهيزات والتسليح والدفاع الجوي وسلاح الجو والدبابات وناقلات الجند المدرعة وسلاح الهندسة.
وتخضع جميع أفرع القوات المسلحة العراقية لسلطة وزارة الدفاع العراقية منذ تأسيسها، إذ يرأس وزارة الدفاع حاليًّا جمعة عناد الجبوري.
التصنيف العالمي
وضع تصنيف “غلوبال فاير باور” لعام 2021 العراق في المرتبة السادسة من حيث القوة على مستوى الدول العربية، بينما حل في المرتبة 57 عالميًّا من مجموع 140 دولة شملها مسح المؤشر.
وبحسب ضابط رفيع المستوى، عمل في الجيش العراقي الحالي حتى وقت قريب (متقاعد حاليًّا)، فإن تعداد الجيش عام 2020 بلغ 310 آلاف منتسب مدني وعسكري، وأن الجيش يضم 14 فرقة عسكرية منتشرة في مختلف المحافظات، باستثناء إقليم كردستان.
ويتابع المصدر -فضّل عدم الكشف عن هويته- الذي كان قائدًا في الجيش قبل عام 2003، أن القوات البرية العراقية تحظى بالحصة الأكبر من معدات الجيش العراقي، وبعشرات آلاف القطع العسكرية.
وعن أعداد الدبابات التي يمتكلها الجيش العراقي، يشير المصدر إلى أن العراق يمتلك حاليًّا قرابة 90 دبابة من طراز تي-90 روسية الصنع، والتي كان العراق قد تعاقد بشأنها عام 2017 واستلم عددًا منها، إضافة إلى 272 دبابة من طراز تي-72 الروسية، ودبابات أميركية من طراز إم 1 أبرامز بعدد 142 دبابة أُعطب ودُمر بعضها في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ويتابع المصدر أن العراق يمتلك 74 دبابة أخرى من طرازات روسية قديمة ومتهالكة، فقد الكثير منها في الحرب على التنظيم، لافتًا إلى أن العراق بعد عام 2003 تراجع كثيرًا في عدد المعدات التي يمتلكها في سلاح الدبابات.
أما عن أعداد المركبات المدرعة، فيمتلك العراق زهاء ألف مركبة مدرعة من طرازَي بي إم بي 1 وبي إم بي 3، إضافة إلى 4500 ناقلة جنود مدرعة من مختلف المناشئ العالمية.
وعن أعداد آليات الجيش العراقي، امتنعت وزارة الدفاع العراقية الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بالجيش العراقي، مع ملاحظة أن الموقع الرسمي لوزارة الدفاع العراقية لا يوفر أي معلومات وإحصاءات عن إمكانات الجيش ومعداته.
أما عن الأسلحة المستخدمة في الجيش العراقي، فيرى الباحث في الشأن الأمني رياض العلي، أن القوات البرية العراقية تعد الأقوى بين صنوف الجيش العراقي، إذ تحظى هذه القوات باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة الأميركية والروسية والصينية والأوروبية.
ويتابع العلي أن القوات البرية العراقية اكتسبت مهارة عالية في القتال البري، نتيجة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ما جعلها مدرَّبة بشكل جيد على التخطيط والاقتحام والحصار.
كما لفت إلى أنه في العلوم العسكرية لا يمكن الاعتماد على القوة البرية وحدها في الحروب، إذ إن الجيوش تعد منظومة متكاملة ومترابطة، وبالتالي ومع أن العراق يحظى بقوات برية كبيرة، إلا أن ضعف بقية الصنوف العسكرية في سلاح الجو والمدفعية والدفاع الجوي، يقلل من فاعلية القوة البرية إلى حد ما.
القوة الجوية
وفقًا لموقع “غلوبال فاير باور” المختص بتصنيف القوات العسكرية حول العالم، حل العراق في المرتبة التاسعة عربيًّا بعدد طائرات يصل إلى 350 طائرة مقاتلة ومروحية وطائرة تدريب.
ومن بين هذه الطائرات، يمتلك العراق 15 طائرة أميركية من طراز إف-16، التي كان قد استملكها عام 2015، وتعمل في إسناد القوات البرية العراقية في عملياتها العسكرية.
وتفيد تقارير صحفية أن العراق لا يمتلك سوى 70 طائرة حربية نصفها غير صالح للاستخدام، فضلًا عن 190 طائرة مروحية ثلثها خارج الخدمة من الناحية الفنية.
يشير الخبير الأمني حسن العبيدي في حديثه لـ”نون بوست”، إلى أن العراق لا يزال متأخرًا جدًّا في قدراته الجوية مقارنة بجميع الدول المحيطة به، لافتًا إلى أن الأردن (المصنف عاشرًا عربيًّا بالقوة الجوية) يمتلك 261 طائرة، متأخر عن العراق في عدد الطائرات، لكنه متقدم عليه في النوع والحداثة والتكنولوجيا.
ويتابع العبيدي أنه ومن المنظور العسكري، فإن سلاح الجو العراقي لا يضم سوى 15 طائرة من طراز إف-16 الأميركية، أما عن بقية المقاتلات فهي من الحقبة السوفيتية من ستينيات القرن الماضي، لافتًا إلى أن الكوادر العراقية لا تزال بحاجة إلى التدريب من أجل صيانة سرب الطائرات الأميركية.
أما عن سلاح المروحيات، فيشير العبيدي إلى أن أحداث المروحيات العراقية روسية الصنع من طراز Mi، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة لم تستجب للمطالبات العراقية بتزويد البلاد بطائرات الأباتشي المتقدمة، ما يجعل سلاح الجو العراقي متأخرًا جدًّا، لافتًا إلى أن العراق لا يزال من أكثر الدول المتأخرة في سلاح الطيران المسيّر.
أما عن الدفاع الجوي العراقي، فيؤكد العبيدي في حديثه لـ”نون بوست” أن العراق لا يزال يعتمد بصورة كلية على الأنظمة الرادارية لقوات التحالف الدولي، وأن العراق لا يمتلك أي منظومة للدفاع الجوي حتى الآن باستثناء 13 منظومة رادارية محدودة الإمكانات، كانت الولايات المتحدة قد وهبتها للعراق قبيل انسحابها من البلاد عام 2011.
ويلفت العبيدي إلى أن ما حدث خلال الأشهر الماضية من اختراق طائرات مجهولة الهوية للأجواء العراقية، وتنفيذ العديد من الضربات، يعد دليلًا دامغًا على أن العراق لا يزال قاصرًا عن مراقبة أجوائه وحمايتها.
وكان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية يحيى رسول، قد أكد في مايو/ أيار الماضي صحة الأنباء المتداولة عن نية العراق شراء منظومة دفاع جوي متطورة، لافتًا إلى أن وزير الدفاع العراقي جمعة عناد زار أكثر من دولة للتباحث حول شراء منظومات متطورة.
ويسعى العراق للعودة مجددًا إلى التسليح، وبشكل خاص في سلاح الطيران ومنظومات الدفاع الجوي، لكن عقبات دولية وأميركية تحول دون ذلك، خاصة أن الولايات المتحدة كانت قد هددت العراق عام 2017 بالعقوبات، في حال أقدمت حكومة بغداد على التعاقد مع روسيا لشراء منظومة الدفاع الجوية الروسية من طراز إس-400.
أما فيما يتعلق بسلاح البحرية العراقية، يؤكد الخبير الأمني رياض العلي على أن العراق يمتلك قرابة 100 قطعة بحرية، لكنها محدودة القدرات، ولا تضم أي فرقاطات أو كاسحات ألغام، إذ يختصر التسليح البحري على الزوارق السريعة وبضع طرادات فقط.
وعلى الرغم من أن الجيش العراقي لا يزال هو المنظومة الأكثر شرعية، والممثل الحقيقي ضمن تشكيلات القوات العراقية المسلحة، إلا أنه يواجه مشكلة كبيرة متعلقة بالقوة والإمكانات والتسليح، التي ينافسه عليها عدد من التصنيفات العسكرية الرسمية وشبه الرسمية في الدولة العراقية، ما جعل تطويره ودفعه ليكون القوة الأساسية يواجه تحديات حقيقية، خاصة أن حقيبة وزير الدفاع اصبحت لسنّة العراق في المحاصصة التي سادت المشهد السياسي العراقي ما بعد عام 2003، فيما تذهب حقيبة وزارة الداخلية للشيعة في مشهد أضعف القوات العراقية بشكل عام، وجعلها جزءًا من دوامات الصراع الطائفي.