ترجمة وتحرير نون بوست
في سنة 2013، لجأت أكبر شركة فحم تابعة للقطاع الخاص في العالم “بيبودي إنرجي” إلى حيلة جديدة من حيل الشركات المتنامية باستمرار. أنشأت بيبودي شركة جديدة أطلقت عليها اسم “باتريوت كول” ونقلت أكثر من ملياريْ دولار من الالتزامات التقاعدية والبيئية إلى الشركة التابعة الجديدة. وبعد ذلك بوقت قصير، تقدمت “باتريوت كول” بطلب إعلان إفلاس، لتصبح بذلك بيبودي رائدة في قطاع الطاقة في هذا النوع الجديد من المخالفات. والآن، باتت مجموعة كبيرة من شركات النفط تلجأ إلى خدعة بيبودي مع إضفاء لمستها الخاصة: إعلان الإفلاس والتهرب من مسؤوليات التنظيف البيئي لآبارها المهجورة.
تعد شركة “فيلدوود إنرجي” المتخصص في الحفر في عرض البحر إحدى هذه الشركات. تواجه هذه الشركة معارضة شديدة من أمثال شركة شيفرون وبريتيش بتروليوم وماراثون أويل بعد أن أعلنت مؤخرًا الإفلاس حسب الفصل 11 واقترحت خطة إعادة الهيكلة التي ستشهد نقل الشركة جزءا من مسؤوليات تنظيف البيئة التي تزيد عن سبعة مليارات دولار إلى الشركات الثلاث السابقة التي اشترت منها أصولا نفطية. وبالنظر إلى الموجة المتزايدة من حالات الإفلاس في مجال النفط الصخري، فقد لا تكون هذه آخر مرة نسمع لها عن هذا الأمر.
وفقا لشركة المحاماة “هاينز أند بون” للطاقة وإعادة الهيكلة، قفز معدل إفلاس منتجي النفط في أمريكا الشمالية إلى أعلى مستوى في الربع الأول من هذا العام منذ سنة 2016، حيث تواصل شركات الطاقة الكفاح من أجل التعافي من تداعيات انهيار أسعار النفط في سنة 2020. وقد أبلغت شركة “هاينز أند بون” عن إفلاس ثمانية من منتجي النفط والغاز في أمريكا الشمالية في الربع الأول من سنة 2021، وهو ثاني أعلى رقم مسجل خلال الربع الأول منذ الإعلان عن 17 حالة إفلاس في الربع الأول من سنة 2016، وهي آخر مرة انخفضت فيها العقود الآجلة للخام الأمريكي إلى أقل من 30 دولارا للبرميل خلال العقد الماضي.
يكمن الاختلاف الكبير هذه المرة في أن المنتجين الأصغر هم الضحايا الرئيسيون، حيث بلغ إجمالي الديون 1.8 مليار دولار فقط للربع الأول، وهو ثاني أقل إجمالي مسجل خلال الربع الأول بعد 1.6 مليار دولار في الربع الأول من سنة 2019. وقد لجأت العديد من شركات النفط الصغيرة إلى إعلان الإفلاس في محاولة للتخلص من ديونها وإعادة تنظيم أصولها. وتستخدم شركات أخرى مثل “فيلدوود إنرجي” القيود والثغرات في قوانين الإفلاس الحالية للتملص من التزاماتها البيئية، وفي بعض الحالات، التزامات العمل.
الإفلاس من أجل الربح
تأسست شركة “فيلدوود إنرجي” في أواخر سنة 2012 في ذروة طفرة النفط الصخري من قبل شركة الأسهم الخاصة في نيويورك “ريفرستون هولدينغز”، حيث قامت بشراء أصول نفطية بقيمة 3.75 مليار دولار بما في ذلك الآبار والمنصات من شركة “أباتشي” في خليج المكسيك، وكذلك أصول “نوبل إنرجي” الخارجية بقيمة 710 مليون دولار. لكن الانهيار الأخير لأسعار النفط أجبر الشركة المثقلة بالديون على تقديم طلب إعلان الإفلاس للمرة الثانية منذ سنة 2018.
الأموال التي تخصصها شركات النفط للأغراض البيئية لا تقترب من الوفاء بالتزاماتها، حيث يبلغ متوسط تكلفة استصلاح بئر واحد 80 ألف دولار
في أحدث خطة إفلاس لها، اقترحت فيلدوود نقل أكثر من 380 بئرا ملزمة بخمسين عقد إيجار إلى شركة جديدة اسمها “نيوكو”، مع قول شركات النفط الثلاث الكبرى إن هذه هي أصول الشركة المدرة للدخل. واقترحت فيلدوود أيضا نقل جزء ثاني من الأصول “السيئة” إلى مجموعة منفصلة من الشركات التي وقع إنشاؤها حديثًا، وهو أمر اعترضت عليه شركات النفط الكبرى، مشيرة إلى أن الشركات الجديدة تفتقر إلى التمويل الكافي لضمان قدرتها على الوفاء بالتزاماتها البيئية.
أخيرًا، اقترحت فيلدوود التخلي عن 187 عقد إيجار إضافي أو إرجاعها إلى “الشركات السابقة” التي كانت تديرها، بما في ذلك 1170 بئرًا و280 خط أنابيب و270 منصة حفر. وقد اقترحت ذلك بغض النظر عن حقيقة أن هذا غير قانوني من الناحية الفنية بموجب عنصر قانون الإفلاس المعروف باسم “قانون النقل الاحتيالي”، الذي يعتبر تحويل الأموال إلى أطراف ثالثة أمرا غير قانوني حتى لا يتمكن الدائنون من الوصول إليه قبل الإفلاس أو أثناءه. فضلًا عن ذلك، لدى فيلدوود تاريخ طويل من المخالفات البيئية، حيث وقع إصدار ما يقرب من 1800 “حادثة إغلاق لعدم الامتثال”.
عارضت شركات النفط الكبرى بشدة الخطة بأكملها، مشيرة إلى أن “فيلدوود إنرجي” تحاول الاستفادة من الإفلاس. وقد وصفت شركة “شيفرون” خطة فيلدوود بأنها “معيبة في الأساس” و”لم يسبق لها مثيل فعلا” وأنها عبارة عن “تسييل لأصول المدينين على هيئة ‘إعادة تنظيم'”. وكانت النتيجة المفاجئة أن قانون الإفلاس يحتوي على ثغرات كبيرة يمكن لأمثال فيلدوود إنرجي استغلالها بسهولة.
في حالة فيلدوود، تعتزم الشركة التهرّب من المهمة الباهظة المتمثلة في تنظيف الآبار التي وصلت إلى نهاية حياتها الإنتاجية عن طريق تحويلها إلى كيانات منخفضة السيولة، وبالتالي من المحتمل أن تنهار قريبًا. أصبح هذا ممكنا بالنظر إلى حقيقة أن مخطط الأولوية التابع لقانون الإفلاس يضع الالتزامات البيئية في مرتبة متأخرة في قائمة المدفوعات، مما يعني أنه لا يقع الدفع للوكالات الحكومية إلا بعد الدائنين الآخرين. كما تستفيد شركات الوقود الأحفوري من بند في قانون الإفلاس يسمح للشركات بالتخلي عن الممتلكات “المرهقة” من خلال التخلص من الآبار منخفضة الإنتاج.
في الواقع، تُترك الجهات التنظيمية الحكومية والفدرالية، مثل وزارة الداخلية المكلفة بضمان قيام المشغلين بتنظيف البيئة عن طريق سد الآبار وإعادة الأرض أو قاع البحر إلى حالة ما قبل الحفر، مع القليل من النفوذ في محكمة الإفلاس لتأمين المال لعملية التنظيف. وفي حالات أخرى، فإن الأموال التي تخصصها شركات النفط للأغراض البيئية لا تقترب من الوفاء بالتزاماتها، حيث يبلغ متوسط تكلفة استصلاح بئر واحد 80 ألف دولار. في النهاية، يُترك دافع الضرائب لتحمل عبء دفع عشرات المليارات من الدولارات لتنظيف البيئة عندما تصبح شركات النفط والغاز معسرة.
المصدر: أويل برايس