بلغ عدد المقاعد التي حصل عليها حزب نداء تونس في الانتخابات التشريعية إلى حد الآن حوالي 83 مقعدًا، في مقابل 69 لحزب حركة النهضة، حسب الإحصاءات الخاصة بوكالة الأناضول للأنباء، في حين أكدت إحصاءات داخلية لحزب حركة النهضة، حصلت عليها نون بوست من مصادرها الخاصة، أن عملية الفرز والإحصاء المستمرة حتى الآن أدت إلى تغييرات مهمة في النتائج.
استعراض نون بوست للنتئاج الأولية التي نشرتها الأناضول عبر هذا الرابط.
ومع عدم إعلان الهيئة المنظمة للانتخابات عن النتائج النهائية، ومع عدم وجود أرقام دقيقة قادرة على الحسم في النتائج، تبقى النتائج التي يمكن أن نبني عليها أي تحليل لما أسفرت عنه الانتخابات التونسية هي حصول نداء تونس على 82 أو 83 مقعدًا، وحصول النهضة على ما يتراوح بين 69 و76 مقعدًا، أي بفارق بين الحزبين يتراوح بين 6 و14 مقعدًا، أي بنسبة مئوية لنداء تونس تقدر بحوالي 38% ونسبة للنهضة تترواح بين 31 و35%.
ومهما تغيرت النتائج لن يكون بإمكان حزب نداء تونس أن يشكل حكومة بشكل منفرد، حيث سيحتاج للتحالف مع أكثر من حزب حتى ينجح في الحصول على نسبة 51% لتزكية حكومته من البرلمان، ولجمع هذه النسبة، سيحتاج النداء للتحالف مع أكثر من حزبين، حيث حصل أقرب الأحزاب للنداء من حيث التوجه، حزب آفاق تونس، على حوالي 9 مقاعد، وحصلت “الجبهة الشعبية” المقربة من النداء على حوالي 12 مقعدًا، أي أن الأحزاب الثلاثة مجتمعة لم تحصل على مجموع “النصف زائد واحد” المقدر بـ 109 مقعدًا، وحصلت في أحسن تقدير على 104 مقاعد.
هل فاز النداء؟
رغم فوزه بالصدارة لن يتمكن حزب نداء تونس من تشكيل الحكومة التونسية المقبلة بمفرده، وسيحتاج إلى التحالف مع أكثر من حزبين من الأحزاب المشاركة في البرلمان الجديد، إذ إن عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب لا تحقق نصاب51% من إجمال مقاعد البرلمان، وحتى عند التحالف مع الحزبين الأقرب إليه لن يتمكن حزب نداء تونس من تحقيق هذا النصاب، وسيحتاج حينها لاسترضاء الأحزاب الصغيرة والقوائم المستقلة؛ وهو ما سيجعل حكومته هشة أمام معارضة شرسة تتصدرها النهضة وباقي الأحزاب الثورية التي تنظر لنداء تونس على أنه امتداد لنظام زين العابدين بن علي.
ولتجنب هذا الموقف، سيحتاج نداء تونس إلى الجلوس على طاولة الحوار مع حركة النهضة وباقي الأحزاب، وسيحتاج إلى الوصول إلى صيغة تفاهم قد تكون في شكل حكومة تحالف حزبي، أو ربما حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل الأحزاب.
خيبة الأمل:
رغم أن حركة النهضة لم تكن تتوقع الحصول على نسبة أعلى بكثير من النسبة التي ظهرت في النتائج الأولية، جاءت نتائج الانتخابات قاسية جدًا على أنصارها الذين لم يتوقعوا أن يحل حزب النداء تونس في المرتبة الأولى، كما توقعوا أن تحل النهضة بنسبة الثلث في المرتبة الأولى، وأن تتوزع بقية الأصوات بين الأحزاب المنافسة الأخرى.
وذلك بالإضافة إلى المشهد الانتخابي الذي لم يكن ليوحي بوجود قوة سياسية أخرى مضاهية لحركة النهضة، حيث نظمت الحركات عشرات المهرجانات الانتخابية الضخمة والناجحة في كل أنحاء الجمهورية، وأبهرت كل متابعي الحملات الانتخابية في تونس، في حين اكتفت الأحزاب الأخرى، بما في ذلك حزب نداء تونس، بتنظيم عدد قليل من المهرجانات وكانت دائمًا أقل شعبية من تلك التي نظمتها حركة النهضة.
تقرير حول نجاح الحملة الانتخابية لحركة النهضة عبر هذا الرابط.
تغطية حصرية لنون بوست للحملات الانتخابية عماما عبر هذا الرابط.
احتفالات النهضة:
رغم اعترافها السريع بعدم فوزها بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية، ومبادرة زعيمها راشد الغنوشي إلى تهنئة رئيس حزب نداء تونس بفوزه بالمركز الأول، أقامت حركة النهضة مساء الإثنين احتفالات في عدد من المدن التونسية، من أهمها احتفال أمام مقرها المركزي في العاصمة تحدث خلالها أبرز قيادات الحركة عن فخرهم بنجاح الحركة في الوصول بالبلاد إلى آخر محطات العملية الانتقالية بسلام، وعن فخرهم بنجاحها في الحصول على ثلث أصوات التونسيين دون أية تجاوزات قانونية، وعن استعدادهم للدخول في “مرحلة سياسية جديدة لن يستطيع خلالها أحد حكم تونس بدون النهضة”.
بعض مشاهد الاحتفال:
https://www.youtube.com/watch?v=7n7FbOqBb_U
ماذا لو فازت النهضة؟
رأى كثير من المحللين أن النتيجة التي حققتها النهضة هي الأنسب لمصلحة الحزب الذي أنهكته تجربة الحكم المفاجئة بعد الثورة، حيث يرى كثيرون أن النهضة وبعد فوزها بانتخابات 23 أكتوبر 2011 ورغم حصولها على نسبة تفوق الأربعين بالمائة، لم تتمكن من الحكم، وإنما تحكم فيها، فكانت تقف في صدارة المشهد وتتصدى للغضب الشعبي، وترضخ لابتزازات المعارضة وإملاءات شركائها في الحكم، دون أن تستطيع تمرير مشروعها الخاص،
وبفوز حزب نداء تونس، يكون الحزب قد وقع في نفس الفخ الذي وقعت فيه النهضة قبل ثلاث سنوات، وهو فخ الصعود للحكم بعد الثورة وفي ظل ظروف سياسية ومجتمعية واقتصادية معقدة وعصية عن الحل في الوقت الراهن.