شهد ديسمبر/كانون الأول 2020 الإعلان التاريخي المرتقب لأول لقاح مرخص للاستخدام ضد جائحة كورونا، إعلان حصول فايزر- بايونتك على ترخيص الاستخدام في حالات الطوارئ (EUA) من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA الذي بدوره نقل معركة البشرية ضد جائحة كورونا إلى مرحلة جديدة.
اليوم بعد مضي ستة أشهر على حصول ستة لقاحات (فايزر- بايونتك وموديرنا وجانسن وأكسفورد-أسترازينيكا وساينوفاك وساينوفارم) على ترخيص فريق الخبراء الاستشاري الإستراتيجي (SAGE) لمنظمة الصحة العالمية الـWHO، وتلقي أكثر من 21% من سكان العالم جرعة واحدة من اللقاح على الأقل (تم إعطاء 2.5 مليار جرعة على مستوى العالم بمعدل يقارب 33.9 مليون جرعة يوميًا) بدأت تساؤلات عديدة تطرح بشأن أنواع اللقاحات المتوافرة، وهل نمتلك رفاهية اختيار لقاح دون آخر؟ هل هناك لقاح أفضل من البقية؟ بعد مضي ستة أشهر هل ما زال مستوى فاعلية اللقاح التي أعلنها المصنعون بنفس المستوى؟ وهل هناك لقاحات مفضلة لفئة معينة من المتلقين؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، لا بد من المقارنة بين اللقاحات الست:
1- فايزر- بايونتك Pfizer-BioNTech
– نوع اللقاح: لقاح مرسال الحمض النووي الريبي mRNA.
– الفعالية: 95%.
– الجرعة: جرعتان بفاصل 21 يومًا.
– يوصى به لأي شخص يبلغ 12 عامًا أو أكبر.
– الآثار الجانبية الشائعة: قشعريرة وصداع وألم وإرهاق واحمرار وتورم في موقع الحقن، وكلها تختفي بشكل عام في غضون يوم أو يومين.
– لا يحتوي على بيض أو لاتكس أو مواد حافظة.
– محاسن اللقاح: فعالية عالية في الوقاية من COVID-19 في أولئك الذين ليس لديهم إصابة سابقة، وأكثر من 89% فعالية للحالات الصحية الخاصة مثل مرض السكري، وفعالية متساوية باختلاف المتغيرات (العمرو الجنس والعرق والـBMI).
وأهم ما يميز هذا اللقاح قدرته على الوقاية بنسبة 100% من الإصابة بالأعراض الشديدة لكوفيد-19، بالإضافة إلى أن اللقاح فعال ويعمل بشكل جيد على الطفرات الفيروسية.
– مساوئ اللقاح: المشاكل تتعلق بكيفية تخزين اللقاح والحاجة إلى دعم لوجستي يشمل برادات خاصة بدرجات حرارة منخفضة جدًا للحفاظ عليه.
2- موديرنا Moderna
– نوع اللقاح: لقاح مرسال الحمض النووي الريبي mRNA.
– فعالية اللقاح: 94.1%.
– يوصى به للبالغين 18 عامًا وأكبر.
– الجرعة: جرعتان بفارق 28 يومًا.
– لا يحتوي على بيض أو لاتكس أو مواد حافظة.
– الآثار الجانبية الشائعة: قشعريرة وصداع وألم وإرهاق واحمرار أو تورم في موقع الحقن، وكلها تزول بشكل عام في غضون يوم أو يومين.
– محاسن اللقاح: فعالية أكثر من 90% في منع إصابة الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية خاصة مثل مرض السكري أو السمنة، كما يمكن شحنه وحفظه في درجات حرارة التجميد القياسية، وتخزينه لمدة تصل إلى 30 يومًا باستخدام التبريد العادي.
– مساوئ اللقاح: أقل فاعلية في الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر.
3- جونسون آند جونسون Johnson & Johnson
– نوع اللقاح: لقاح ناقل الفيروس virus vector.
– الفعالية: 72%.
-الجرعة: جرعة واحدة.
– يوصى به للبالغين 18 عامًا وأكبر.
– الآثار الجانبية الشائعة: التعب والحمى والصداع وألم في موقع الحقن أو ألم عضلي، كلها تختفي عمومًا في غضون يوم أو يومين.
وبصورة عامة فإن الأعراض الجانبية للقاح جونسون آند جونسون أقل بشكل ملحوظ من لقاحي فايزر وموديرنا.
– مساوئ اللقاح: في أوائل أبريل/نيسان أصدر مركز السيطرة على الأمراض وإدارة الغذاء والدواء توصية مشتركة لوقف استخدام لقاح جونسون آند جونسون بدافع الحذر الشديد بعد ظهور مشاكل تخثر نادرة لكنها خطيرة بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و48 عامًا، ثم تلى ذلك إعادة ترخيص اللقاح أواخر أبريل/نيسان وأنهت إدارة الغذاء والدواء (FDA) التوقف المؤقت الموصى به على اللقاح.
– محاسن اللقاح: سهولة استخدامه كونه يتطلب جرعةً واحدةً، بالإضافة إلى سهولة تخزينه وتوزيعه بالمقارنة بلقاحي فايزر وموديرنا.
4- أكسفورد – أسترازينيكا Oxford-AstraZeneca
– نوع اللقاح: لقاح ناقل الفيروس virus vector.
– الفعالية: 76%.
– يوصى به للبالغين 18 عامًا وأكبر.
– الجرعة: جرعتان بفارق أربعة إلى 12 أسبوعًا.
– الآثار الجانبية الشائعة: وجع وألم واحمرار وحكة وتورم وكدمات في موقع الحقن، تزول بشكل عام في غضون يوم أو يومين.
– محاسن اللقاح: يعمل بشكل جيد على طفرات الفيروس (وبالأخص ضد متغير ألفا)، بالإضافة إلى التكلفة المنخفضة كما يمكن تخزينه ونقله والتعامل معه في التبريد العادي لستة أشهر على الأقل.
– مساوئ اللقاح: في شهر مارس/آذار تم إيقاف استخدامه بعد أن أصيب عدد صغير من المتلقين بجلطات دموية، في أبريل/نيسان، خلصت لجنة السلامة التابعة لوكالة الأدوية الأوروبية (EMA) إلى أن “جلطات الدم غير المعتادة مع انخفاض عدد الصفائح الدموية يجب أن تدرج على أنها آثار جانبية نادرة جدًا” يمكن أن تحدث في غضون أسبوعين من تلقي اللقاح.
5- سينوفاك Sinovac
نوع اللقاح: لقاح الفيروس المضعف inactivated virus.
– الفعالية: 56.5%.
– الجرعة: جرعتان بفاصل 21 يومًا.
– يوصى به للأشخاص 18 عامًا فما فوق.
– الآثار الجانبية الشائعة: ألم موضع الحقن والتعب والإسهال وآلام العضلات، معظم هذه الآثار الجانبية خفيفة واستمرت لمدة يومين فقط، كما لوحظ أن معدلات ارتفاع الحرارة كانت أقل من لقاحي فايزر وموديرنا.
– محاسن اللقاح: هذا اللقاح يفضل استخدامه للأشخاص الذين يعانون من أمراض مصاحبة مثل الذين يعانون من نقص المناعة أو أولئك الذين سبق أن أصيبوا بـCOVID-19، كما لا يحتاج اللقاح إلى التجميد ويمكن نقله بدرجة حرارة 2-8 درجات مئوية.
– مساوئ اللقاح: الفعالية المنخفضة بالمقارنة مع بقية اللقاحات والتساؤلات المثارة بشأن تكتم الصين عن نتائج الدراسات.
6- لقاح سينوفارم Sinopharm
– نوع اللقاح: لقاح الفيروس المضعف inactivated virus.
– الفعالية: 79%.
– الفئة العمرية: 18 عامًا فما فوق.
– الجرعة: جرعتان بفاصل 3-4 أسابيع.
– الآثار الجانبية: غير متوافرة المعلومات بشكل واضح، لكن غالبا تتمثل بألم وحرارة في مكان الحقن وصداع وإعياء.
– محاسن اللقاح: لا يحتاج اللقاح إلى التجميد ويمكن نقله بدرجة حرارة 2-8 درجات مئوية.
مساوئ اللقاح: المخاوف المتعلقة بالشفافية وغياب الدراسات المتعلقة باللقاح.
بعد هذه المقارنة السريعة، نقف أمام السؤال الأصعب والأكثر شيوعًا، أي لقاح هو الأفضل؟ وهل هناك لقاح يتوجب علينا أخذه دون الآخر؟
في الواقع الجواب ليس بهذه السهولة، وربما تكمن الاجابة الصحيحة بكلمة “بحسب”، بحسب الفئة العمرية وبحسب الحالة الصحية وبحسب البلد الذي نقيم فيه.
الفئة العمرية الأكثر إثارة للجدل هي فئة كبار السن (الأعمار التي تزيد على 65 سنة)، كما هو معلوم فإن الاستجابة المناعية والفعالية تتراجع مع زيادة العمر وبذلك شكلت هذه الفئة تحديًا واضحًا للشركات المصنعة للقاح، وأثير الكثير من اللغط حول لقاح أسترازينيكا ومدى فاعليته في كبار السن، فقد منعت بعض بلدان أوروبا تلقيح كبار السن بلقاح أسترازينيكا، لكن الدراسات التي ما زالت تجريها المملكة المتحدة تعطي نتائج مطمئنة عن فعالية اللقاح في كبار السن.
ورغم التوصيات التي أطلقها مركز السيطرة على الأمراض (CDC) بأن يحصل كل شخص يبلغ من العمر 12 عامًا أو أكثر على لقاح كوفيد-19، فإن اللقاح الوحيد المتاح لهذه الفئة العمرية هو لقاح فايزر، ما يعطيه الأفضلية في ذلك.
ماذا عن مدة استمرار المناعة بعد التطعيم؟
يحتاج الجسم في الغالب فترة أسبوعين للوصول إلى استجابة مناعية بغض النظر عن نوع اللقاح المستخدم، لكن ماذا عن المدة التي تستمر فيها هذه المناعة؟
في الحقيقة حتى اليوم لا يمكن الإجابة عن هذا التساؤل لأن اللقاحات المستخدمة حاليًّا لم تخضع إلى تجارب طويلة والمشاهدات التي يتم تسجيلها لا تتجاوز الأشهر، لكن يأمل الباحثون أن تزيد المناعة عن الستة أشهر أو قد تصل ربما إلى سنة، لكن لا يزال الحديث عن الحاجة إلى لقاح كوفيد-19 بشكل سنوي سابق لأوانه.
هل هناك لقاحات نافعة ضد السلالات الجديدة؟
بعد ظهور سلالات جديدة من الفيروس، بدأ الباحثون بالتقصي عن جدوى اللقاحات المطروحة وفاعليتها على السلالات الجديدة، ويبدو أن لقاح Pfizer وModerna فعالان للغاية ضد السلالة البريطانية، لكنهما لا يحميان تمامًا من النوع الجنوب إفريقي، ما يعطيهم أفضلية على غيرهم، في حين أظهر لقاح أسترازينيكا فاعلية ضد السلالة البرازيلية.
ماذا عن فئة الحوامل؟
الأدلة حتى الآن محدودة بشأن سلامة التطعيمات في أثناء الحمل، لكن يعتقد الخبراء أنه من غير المحتمل أن تشكل خطرًا على النساء الحوامل.
النتائج الأولية لدراسة أجريت في أمريكا على فئة الحوامل اللواتي تلقين لقاحي فايزر وموديرنا لم تظهر مؤشرات خطورة لكن لا تزال سلامة اللقاح في الحمل موضع دراسة.
تبقى النصيحة الذهبية في هذا الوقت الراهن “أفضل لقاح هو اللقاح الذي يمكنك الحصول عليه الآن”
محاذير خاصة
رغم أفضلية لقاحي فايزر وموديرنا، فإنهما يحتويان على البولي إيثيلين جلايكول (PEG)، وهو من مجموعة من مسببات الحساسية المعروفة التي توجد عادة في الأدوية وكذلك في السلع المنزلية ومستحضرات التجميل.
الحساسية تجاه PEG نادرة للغاية، لكن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحساسية يجب ألا يتلقوا لقاح Pfizer BioNTech أو Moderna.
في إيطاليا مثلًا، تشير بعض التقارير إلى رفض الناس لقاح أسترازينيكا اعتقادًا منهم بأن لقاحات فايزر وموديرنا أكثر فعالية.
لقاح أسترازينيكا المرتبط بتجلط الدم ومتلازمة نقص الصفائح (TTS) وهو اضطراب غير عادي في تخثر الدم مما يزيد مخاوف استخدامه، لذلك فإن الأفراد الذين لديهم تاريخ مرضي سابق من قلة الصفائح والتخثر الناجم عن الهيبارين يجب ألا يتلقوا لقاح أسترازينكا AstraZeneca.
على الرغم من ميل الكثير من الأطباء من دون أن يذكروا ذلك إلى لقاح فايزر دون غيره من اللقاحات، فإن الهدف الحقيقي من اللقاح بحسب الدكتور أنتوني فوسي، رئيس قسم الاستجابة الأمريكية: “أهم شيء هو إبقاء الناس خارج المستشفى وتجنب إصابتهم بأمراض خطيرة” وتبقى النصيحة الذهبية في هذا الوقت الراهن “أفضل لقاح هو اللقاح الذي يمكنك الحصول عليه الآن”.