ترجمة: حفصة جودة
يبدو موقف الفلسطينيين الآن أكثر ألمًا من أي وقت مضى، لقد تحدث البرلمانيون حول العالم لعقود عن القضية وطالبوا بتسوية تاريخية لمعالجة تلك الأوجاع المستمرة، ما يكشف بكل وحشية المعايير المزدوجة لليبرالية الغربية تجاه العالم العربي والإسلامي.
ومع ذلك، فاليوم يبدو حل الدولتين غير معقول وسط تزايد المستوطنات غير القانونية بشكل سريع، ومعارضة بعض الإسرائيليين للتسوية، ما يترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة حقارة وجود نظام الفصل العنصري.
يبدو كذلك أن نظامهم السياسي ممزق، فهؤلاء الذين لم يفروا إلى الشتات العالمي يعتمدون على الدعم الإنساني الدولي، بينما أصبح العديدون أكثر عرضةً للجوء إلى العنف كحل وحيد للحكم القمعي والعيش في بيئة أصبح الحصول فيها على مياه نظيفة بشكل كاف صراعًا مستمرًا.
إنهم يواجهون مستقبلًا غير واضح من انعدام الجنسية، أما بالنسبة للأشخاص مثلي ممن يرون أن ذلك غير عادل في قلب هذا الاضطراب الإقليمي، فقد حان الوقت لتجربة شيء مختلف، وبينما لم ينجح العنف، فإن الطريق السياسي والدبلوماسي يبدو جامدًا، لذا يجب علينا أن ننتقل إلى السلطة الأخلاقية والقانونية للقضية الفلسطينية الحاليّة والتاريخية.
ما زالت المعاناة المستمرة للفلسطينيين الأبرياء مصحوبةً بسرقة حلمهم لإقامة دولتهم المصدر الرئيسي لتعرية القوة الأخلاقية للقيم الليبرالية الغربية
لم تفشل الحملة البرلمانية من أجل العدالة بسبب قلة المحاولات، لكن العملية والمواقف التي قادتنا إلى ما نحن فيه اليوم طال طريق الوصول إليها، ربما إلى حد ما نتيجة الاستشراق والتصورات غير الدقيقة أو الخاطئة عن الشرق الأوسط كما وصفها إدوارد سعيد في عمله الكلاسيكي.
فقدان السلطة الأخلاقية
لقد شكلتنا الأحداث التي وقعت منذ 1967، لكن الفترة التي أعتقد فيها بعض الإسرائيليين أن مشروعهم الأخلاقي العظيم لتوفير وطن للأشخاص الذين عانوا كثيرًا من قبل قد بدأ في فقدان سلطته الأخلاقية والقانونية، تُوجت بالأمل والتفاؤل بسبب عملية السلام في أوسلو، لكنها كانت سرابًا قبيحًا، ومع ضربات العنف المتطرفة من الجانبين كانت الضربة الأخيرة لأوسلو اغتيال إسحاق رابين – رئيس الوزراء الأسبق ومهندس السلام الإسرائيلي – على يد رافض يهودي.
ما زالت المعاناة المستمرة للفلسطينيين الأبرياء مصحوبةً بسرقة حلمهم لإقامة دولتهم المصدر الرئيسي لتعرية القوة الأخلاقية للقيم الليبرالية الغربية التي تستند إليها حقوق الإنسان الفردية الأساسية لدينا.
عند انتخابي للبرلمان عام 1997، أصبحت مسؤولًا في مجلس محافظي الشرق الأوسط “CMEC” الذي تأسس عام 1980 لتنظيم دعم المحافظين البرلماني لإعلان “فينيس” الذي يدعم إقامة دولة فلسطينية، وكان من المفترض أن يعمل كثقل لموازنة اللوبي الفعال القوي لأصدقاء “إسرائيل” المحافظين “CFI“.
ومع ذلك فرغم جهود المجلس، بدأت القضية الفلسطينية في التراجع لمؤخرة قائمة الأولويات، فقد تحول الانتباه الغربي للعراق وأفغانستان، حتى عند اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.
كرئيس للمجلس منذ عام 2003 وحتى 2008، حاولت أن ابتعد بالمجلس عن المنافسة غير المجدية مع “أصدقاء إسرائيل المحافظين”، فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية الإسرائيلية فهناك وجهتا نظر، وأعتقد أن واجبنا كأعضاء في البرلمان أن نفهم كلتاهما، لكنها لم تكن منافسة متساوية أبدًا.
بشكل عام يتجنب البرلمانيون المخاطر خاصة في القضايا التي تتعرض فيها أي أخطاء كلامية للضبط الفوري، وهم يتجنبون مجال انتقاد “إسرائيل” خوفًا من تفسيرها كمعاداة للسامية.
في 2014 عندما صوّت مجلس العموم لصالح الدولة الفلسطينية بدا كأن القضية عادت بشكل مؤكد لأجندة العمل، ومع ذلك فمثل العديد من القرارات السابقة، كان التصويت لا معنى له، فكان تيار الرأي في الاتجاه الآخر، ولهذا السبب كان التكتل البرلماني لفلسطين غير فعال للأسف في المملكة المتحدة، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم الغربي.
رسالة قوية
بعد 24 عامًا من الحملات في الجبهة البرلمانية، قررت الانضام مع الآخرين لتأسيس المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين (ICJP) لأضع خبرتي ومعرفتي بهذه القضية تجاه دعم القوانين التي قدمناها، سنركز على تحقيق العدالة بإخضاع الخروقات القانونية للمساءلة والعمل على تنسيق الجهود التي يبذلها العديدون من مختلف السلطات القضائية.
نأمل في الوقت الحاليّ أن نحقق بعض المساعدة اللائقة نحو ضمان اختفاء ضرورة وجودنا تمامًا
إن المحاسبة على انتهاك القوانين يبعث رسالة قوية مفادها أنه سيكون هناك عواقب دائمة لانتهاكات حقوق الإنسان، بهذا المعنى سيكون التهديد بإقامة دعاوى قضائية بنفس قوة الدعاوى نفسها، كما أنه سيشكل سابقة قوية سيكون من الصعب إسقاطها.
يجب أن يملك هذا النوع من العمل ميزة الوضوح، ستكون الأحكام مفتوحة، وبالإضافة إلى ذلك فالآثار الملموسة للقضايا والتحقيق الواضح للعدالة – حتى لو كانت هامشية مقارنة بمقدار الظلم الأكبر – ستمنح الشعب الفلسطيني بعض الكرامة والأمل في عملية سلام قانونية يستحقونها.
لقد اكتفيت من الإعراب الأجوف عن القلق واستعداد العديد من الدول لأن تقدم للفلسطينيين – بعيدًا عن تخفيف حدة الفقر – كل أنواع المساعدة الكلامية دون أي مساعدة فعلية لمعالجة انتهاكات القانون الدولي، بلهجة لم تتغير لربع قرن منذ أن كنت مستشارًا في وزارة الخارجية البريطانية.
سيعمل مركز “ICJP” على دعم عمل المحامين في تعزيز وحماية حقوق الفلسطينيين في “إسرائيل” وغزة والضفة المحتلة، وسوف نحقق مع الجماعات والمنظمات التي تسيئ استخدام وضعها الخيري لتعزيز انتهاك القانون الدولي في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية المحتلة، سوف نتابع القضايا من المحكمة الجنائية الدولية وحتى مراقبة فيسبوك.
لن نكون مدينين لأحد إلا ملاحقة العدالة وفق القانون أينما نجدها، ونأمل أن يكون تعاطفنا مع القضية مساعدًا لنا في توسيع قدراتنا حتى نصل إلى تحقيق التوازن في القيام بالعمل الذي ينبغي القيام به، نأمل في الوقت الحاليّ أن نحقق بعض المساعدة اللائقة نحو ضمان اختفاء ضرورة وجودنا تمامًا.
المصدر: ميدل إيست آي