تحت عنوان «قنبلة فى التشكيل الوزارى» فجر الزميل فاروق هاشم فى عموده بصحيفة «الأهرام» أول أمس مفاجأة من العيار الثقيل، أو قل هى صدمة من النوع العنيف، حين أشار إلى مأخذ خطير على تعيين السفير نبيل فهمي وزيرا للخارجية بعد انقلاب ٣٠ يونيو، بصرف النظر عن كفاءته من عدمها.
وروى واقعة منقولة من مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي بطل حرب أكتوبر رحمه الله تتعلق باستخدام الشاب نبيل فهمي فى ذلك الوقت نفوذ والده «الراحل إسماعيل فهمي وزير السياحة وقتها فى الهروب من أداء الخدمة العسكرية فى أثناء الإعداد لحرب أكتوبر فى وقت كان يتطوع فيه أبناء مصر للمشاركة فى هذا الشرف».
وبالعودة إلى مذكرات الفريق الشاذلي تجد تفصيلا للواقعة كما رواها أحد مفاخر العسكرية المصرية بالنص (ص 232) وفيها:
«…ولكن حيث أنى لم أكن أنتظر أية وساطة من أحد فقد كنت أرفض كل وساطة غير قانونية.. كنت أدرس كل موضوع على حدة وأتخذ فيه القرار الذى يرضى ضميرى، ويتماشى مع العدل وروح القانون، ونتيجة لذلك فقد رفضت الكثير من الوساطات مما أثار ضدى بعضا من الشخصيات القوية.
وكان من بين الحالات التى رفضتها (ابن اسماعيل فهمي).. الذى كان وقتئذ وزيرا للسياحة (عين بعد ذلك وزيرا للخارجية اعتبارا من نوفمبر 73 وظل يشغل هذا المنصب حتى نوفمبر 1978).
لقد كان ابن إسماعيل فهمي جنديا فى القوات المسلحة، وفى أحد الأيام عرضت على مذكرة من هيئة التنظيم والإدارة تقترح إنهاء خدمة الجندي المذكور حيث إنه مطلوب للعمل فى هيئة المخابرات العامة .. فرفضت .. فقيل لى إنه ابن اسماعيل فهمي.. فقلت لهم حتى لو كان ابن السادات فإنى لن أخالف القانون.
حاول رئيس هيئة التنظيم أن يقنعني بأن هذه الحالة فى حدود القانون اعتمادا على مادة فى قانون التجنيد تعطي وزير الحربية الحق فى إعفاء أى فرد أو مجموعة أفراد من الخدمة العسكرية الإجبارية إذا كان يقوم بعمل من الأعمال المهمة التى تساعد فى المجهود الحربى. وحيث إن المخابرات العامة تعتبر من الأجهزة المهمة فى الدولة التى تساعد فى المجهود الحربى فإن حالة هذا الجندى تعتبر فى حدود القانون.
لم أقتنع بهذا التفسير وقلت له إن هذا إسراف فى التفسير ولا يتماشى مع روح القانون.
ثم يستطرد الفريق الشاذلي فى ص 233 من مذكراته : «.. وقد علمت فيما بعد أن مذكرة أخرى بالموضوع عرضت على الوزير مباشرة دون أن تمر على. وأن أحمد إسماعيل ــ الذى كان يعلم بالقصة من أولها لآخرها ــ صدق على إنهاء خدمة الجندى ابن الوزير اسماعيل فهمي.. حيث إن بقاءه فى الخدمة وعدم نقله إلى المخابرات العامة سوف يؤثران على المجهود الحربى للدولة.
و«بعد فترة وجيزة من نقل ابن اسماعيل فهمي إلى المخابرات العامة قامت المخابرات العامة بإنهاء خدمته وتمكن والده من أن يجد له وظيفة فى نيويورك أكثر راحة وأوفر مالا! وهكذا بينما كان أبناء مصر يقتحمون قناة السويس فى أكتوبر 73 ويموتون وهم يهتفون (الله أكبر)، كان ابن إسماعيل فهمي وغيره من أبناء الطبقة المحظية فى مصر يتسكعون فى شوارع نيويورك وغيرها من المدن الأمريكية والأوروبية».
تلك هى القصة كما رواها الفريق الشاذلي نصا فى مذكراته.. ما رأيكم دام فضلكم؟
المصدر: جريدة الشروق