تأسست الشرطة العراقية إبان الاحتلال البريطاني للعراق وذلك في 9 من يناير/كانون الثاني 1922، وتعد قوات الشرطة النظامية مسؤولة عن إنفاذ القانون المدني داخل البلاد وضبط الأمن الداخلي والحدود والأحوال المدنية والجوازات وإقامة الأجانب.
وفي هذا التقرير الجديد ضمن ملف “سلاح العراق”، نستعرض حجم وطبيعة وأقسام الشرطة والوحدات الأمنية في العراق وتسليحها.
أقسام الشرطة العراقية
تضم وزارة الداخلية العراقية العديد من الوكالات الأمنية والأجهزة الشرطية، ومن أبرزها قوات الشرطة المحلية التي تتبع كل محافظة وتتكون من أبناء تلك المحافظة، إضافة إلى قوات الشرطة الاتحادية وإدارة قوات الحدود وشرطة حماية المنشآت ومغاوير الشرطة الخاصة وشرطة حماية الآثار والتراث ومديرية مكافحة الإرهاب وأخرى تعني بمكافحة المخدرات والنجدة والرد السريع والدفاع المدني.
كما تضم كل من هذه الوكالات والأجهزة الشرطية وحدات تعنى بالاستخبارات وتضم أفواج طوارئ وقوات خاصة داخل هذه الوكالات، فضلًا عن الأدلة الجنائية المرتبطة بشرطة المحافظات، وتشرف عليها المديرية العامة للأدلة الجنائية في الوزارة.
مسؤولية الوزارة
تتبع جميع قوات الشرطة هذه بوكالاتها لوزارة الداخلية الاتحادية، ويرأسها حاليًّا الوزير عثمان الغانمي الذي يعد الوزير الحادي عشر لوزارة الداخلية منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003.
شهدت وزارة الداخلية العراقية توسعًا هائلًا في أعداد منتسبيها بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، ففي الوقت الذي لم يكن يتجاوز عدد المنتسبين للوزارة 40 ألف منتسب بحسب إحصاءات ما قبل الغزو، أشار المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية عبد الكريم خلف إلى أن أعداد المنتسبين للوزارة عام 2018 وصل إلى 650 ألف منتسب، إذ يشمل ذلك المتطوعين في الوزارة العسكريين منهم والمدنيين.
يقول الخبير الأمني حسن العبيدي إن وزارة الداخلية تعد أكبر وزارة أمنية في العراق، فعدد منتسبيها يقارب النصف مليون شخص وهي تتفوق بذلك على وزارة الدفاع العراقية، لافتًا إلى أن وزارة الداخلية باتت بعد الغزو شبيهة بالجيش، نظرًا لما أوكل لها من مهمات تتعلق بمكافحة الإرهاب والمسلحين، وهو ما انعكس على الخسائر التي منيت بها هذه الوزارة خلال السنوات الـ18 الماضية، فمشاركة وزارة الداخلية في محاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المقاتلين التابعين لهذه الوزارة.
ويتابع العبيدي في حديثه لـ”نون بوست” أن وزارة الداخلية ورغم أنها أسست على مبدأ طائفي عقب الغزو عام 2003، فإنها وفي السنوات الأخيرة شهدت تطورًا كبيرًا في مجال الضبط الشرطي وضبط منتسبيها وذلك بعد أن أشرفت حكومة حيدر العبادي على إجراء العديد من التعديلات داخل الهيكل القيادي للوزارة بعد انهيار الأجهزة الأمنية عام 2014 إثر سيطرة مقاتلي تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البلاد.
تسليح الشرطة
يتنوع تسليح الشرطة العراقية بحسب الوكالات الأمنية والمهام المناطة بها، يقول الخبير الأمني العراقي سرمد البياتي في حديثه لـ”نون بوست” إن الشرطة الاتحادية تعد أكبر وأضخم جهاز شرطي داخل وزارة الداخلية، إذ يقترب عدد أفرادها من عدد منتسبي الجيش العراقي بما يقدر بنحو 300 ألف شرطي.
ويتابع البياتي أن الشرطة العراقية موكلة بحماية البلاد من الجرائم الجنائية والمخدرات ومن الإرهاب، كما أن الوزارة تضم العديد من وحدات الاستخبارات التي أثبتت فاعليتها في مواجهة الخلايا النائمة لتنظيم داعش، فضلًا عن اختراق أجهزة الاستخبارات وخاصة خلية الصقور الاستخبارية لصفوف التنظيم والإيقاع بالكثير من قادته.
تسليح نوعي
تختلف أنواع الأسلحة التي تستخدمها مختلف الوكالات والأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وفي هذا الصدد يقول الخبير الأمني رياض الزبيدي في حديثه لـ”نون بوست”: “الأسلحة المستخدمة في وزارة الداخلية تختلف بحسب الوكالات”، مشيرًا إلى أن الشرطة الاتحادية تعد أحد أكبر الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية من حيث العدد والتسليح.
ويتابع الزبيدي “الشرطة الاتحادية في تشكيلها وتدريبها شبيهة بالجيش، إذ تمتلك عددًا كبيرًا من عربات الهامفي الأمريكية المدرعة والمضادة للرصاص، فضلًا عن آلاف قطع المركبات العسكرية الرباعية الدفع وناقلات الجنود المدرعة ذات المناشئ الأوكرانية والروسية وحتى الأمريكية.
الشرطة الاتحادية تمتلك مختلف أنواع قاذفات القنابل والصواريخ كالتي يمتلكها الجيش العراقي
أما عن نوع الأسلحة، فيشير إلى الأسلحة الرشاشة من طراز AK-47 المعروفة محليًا بـ”كلاشنكوف” ونظيراتها من التي تصنع في الدول الاشتراكية، فضلًا عن رشاشات M-16 وM-4 والأسلحة الرشاشة الثقيلة الروسية، إضافة إلى المسدسات من المناشئ النمساوية والأمريكية والروسية والبنادق الأوكرانية.
ويتابع الزبيدي أنه خلال معركة استعادة الموصل من سيطرة مقاتلي تنظيم داعش زودت الشرطة الاتحادية بدبابات من طراز T-72 وعربات مدرعة أوكرانية من BTR-94 التي تمتاز بالكفاءة العالية والدرع المضاد للهجمات الصاروخية والرشاشة.
ويكشف الزبيدي في حديثه لـ”نون بوست” أن لدى الشرطة الاتحادية مختلف أنواع قاذفات القنابل والصواريخ كالتي يمتلكها الجيش العراقي، مشيرًا إلى أن بقية وكالات وزارة الداخلية تمتلك أسلحة أقل جودة مما تمتلكه الاتحادية باستثناء قوات الرد السريع التي تعد ثاني قوة في وزارة الداخلية بعد الاتحادية.
التبعية والولاء
من حيث القانون، تتبع جميع الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية لسلطة الوزير، إلا أن تأسيس بعض هذه الأجهزة تم على أساس طائفي من خلال دمج العديد من مقاتلي الفصائل والميليشيات ضمن تشكيلات وزارة الداخلية، وهو ما حدث بالدرجة الأولى مع الشرطة الاتحادية التي تأسست عام 2004.
ويشير مصدر في وزارة الداخلية عمل ضابطًا في الوزارة حتى تقاعده قبل سنوات قليلة، أن نواة الشرطة الاتحادية العراقية تأسست بناء على دمج الآلاف من مقاتلي فصيل “فيلق بدر” الذي يتبع السياسي هادي العامري بما يشمله ذلك من ضباط ومراتب وجنود.
ويتابع المصدر أن مفاصل الوزارة الرئيسية تأسست وفق ذات السياق باستثناء الشرطة المحلية في كل محافظة وأفواج النجدة والدفاع المدني والأدلة الجنائية التي اتبعت وزارة الداخلية في تشكيلها آلية تقضي بأن تكون هذه الأجهزة الأخيرة مكونة من أبناء المحافظات التي تعمل فيها حصرًا.
ويضيف المصدر أن السنوات الأخيرة التي أعقبت استعادة العراق لأراضيه من سيطرة تنظيم داعش شهدت تغييرات مفصلية في هيكلية إدارة الشرطة الاتحادية وانتشارها وقادتها، إذ اتبع رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي آلية بإعادة هيكلتها وتعيين قادة جدد لها، وهو ما استمر في ظل حكومة مصطفى الكاظمي الحاليّة.
العاصمة بغداد التي يزيد عدد سكانها على 8 ملايين نسمة تفتقر للطائرات المروحية
أما عن بقية مفاصل وزارة الداخلية، يؤكد الخبير الأمني رياض الزبيدي أن خلية الصقور الاستخبارية – تعد أقوى جهاز استخباري في وزارة الداخلية من حيث الكفاءة والقوة بسبب تدريبه من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) – كان هو الآخر يتبع في ولائه لفصائل مسلحة معينة تُتهم بقربها وولائها لإيران.
ويتابع الزبيدي أن رئيس الوزراء العراقي الحاليّ مصطفى الكاظمي استطاع في يناير/كانون الثاني 2021 إقالة مدير عام استخبارات ومكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل حسين البصري المكنى بـ”أبو علي البصري” الذي يحمل الجنسية السويدية ويدين بالولاء لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي.
ويختتم الزبيدي حديثه لـ”نون بوست” بأن إقالة الكاظمي للبصري كانت الحلقة الأهم في سيطرة الحكومة العراقية على مفاصل وزارة الداخلية، فمقربون من الكاظمي أفصحوا عن أن البصري كان يمتنع عن تزويد وزير الداخلية عثمان الغانمي وقيادة العمليات المشتركة بالتقارير الأمنية المهمة التي كان يفضل الاحتفاظ بها دون مشاركة بقية الأجهزة الأمنية بها.
وعلى الرغم من الموارد البشرية الكبيرة التي تزخر بها وزارة الداخلية إضافة إلى التسليح الجيد، فإنها لم تستحدث حتى الآن مديرية الشرطة الجوية المعمول بها في مختلف دول العالم، فالعاصمة بغداد التي يزيد عدد سكانها على 8 ملايين نسمة بحسب آخر إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، تفتقر للطائرات المروحية التابعة لوزارة الداخلية التي لها دور كبير في مختلف الأجهزة الشرطية حول العالم.