يزور رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، العاصمة الأمريكية واشنطن، هذا الأسبوع، للقاء مسؤولي المخابرات الأمريكية وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بحسب وسائل إعلام أمريكية، وسط تساؤلات عن دوافع الزيارة وما تحمله من دلالات.
تأتي الزيارة تتويجًا لكسر حالة الجمود والفتور في العلاقات بين البلدين منذ تولي الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن مقاليد الحكم، يناير/كانون الثاني الماضي، وهو تحول لافت للنظر في موقف الإدارة الجديدة حيال نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان محل انتقاد بايدن، وهو ما تعكسه تصريحاته السابقة خلال حملته الانتخابية، وما تلاها من تبريد للعلاقات حتى اشتعال الموقف في القدس والقطاع.
توقيت الزيارة التي تأتي بعد أيام قليلة من الحكم البات بإعدام 12 قياديًا من رموز المعارضة المصرية والمؤبد لـ31 آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”اعتصام رابعة” أثار الكثير من التكهنات عما تحمله من دلالات، فهل ذهب كامل لمواصلة حصد المكاسب السياسية والمادية التي جنتها القاهرة – ولا تزال – ثمنًا لدورها المحوري في وقف الحرب في القطاع وتثبيت وقف إطلاق النار من خلال مبادرتها المقدمة التي لاقت ترحيبًا إقليمًا ودوليًا؟ وهل يكون ذلك على حساب الملف الحقوقي رغم الموقف السابق منه؟
تغير في الموقف الأمريكي
فرض وصول بايدن للرئاسة الأمريكية حالة من القلق على النظام المصري في ضوء التلميحات السلبية المتكررة للرئيس الديمقراطي بشأن إحداث تغيير جذري في علاقات بلاده مع القاهرة، فقد وصف بايدن الرئيس المصري بأنه “ديكتاتور ترامب المفضل”، قائلًا إنه لن يُسمح بإعطائه مزيدًا من الشيكات على بياض.
كان الملف الحقوقي الركيزة الأساسية التي استند إليها الرئيس الديمقراطي في موقفه من نظام السيسي، إذ استنكر اعتقال ونفي وتعذيب نشطاء مثل سارة حجازي ومحمد سلطان وترهيب عائلاتهم، مرحبًا بعودة الناشط الأمريكي من أصول مصرية محمد عماشة إلى بيته في يوليو/تموز 2020 .
وعلى غير العادة، اتسمت العلاقات بين واشنطن والقاهرة خلال الأشهر الأربع الأولى بالجمود والفتور، فلم يهاتف الرئيس الأمريكي نظيره المصري كالمعتاد، في الوقت الذي هاتف فيه الكثير من قادة العالم، مكتفيًا برسائل متبادلة بين وزيري خارجية البلدين، وهو المؤشر الذي أقلق السيسي كثيرًا.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور مع العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والدور الذي لعبته مصر لتهدئة الأوضاع، فقد وجد بايدن نفسه مضطرًا للتواصل مع السيسي، وبالفعل أجرى اتصالين هاتفيين به في غضون 4 أيام، الأول ارتبط بالتصعيد في فلسطين، بينما الاتصال الثاني توسع ليشمل التباحث بشأن علاقات التعاون الثنائي، والمخاوف المصرية من سد النهضة.
وتماشيًا مع هذا التغير، وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن القاهرة، في 26 من مايو/أيار الماضي، والتقى السيسي ووزير خارجيته، في مهمة دبلوماسية، استهدفت تعزيز وقف إطلاق النار الذي أنهى عدوانًا إسرائيليًا على قطاع غزة استمر قرابة 11 يومًا أسفر عن سقوط مئات الضحايا.
وفي الإطار ذاته حل قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، الجنرال كينيث ماكنزي، ضيفًا على إحدى القنوات الفضائية المصرية المحلية، مستعرضًا الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة وطبيعة الشراكة المستقبلية التي ستجمع مصر بأمريكا خلال المرحلة المقبلة، كما أشاد بالدور الذي لعبته القاهرة في العديد من الملفات، على رأسها الملف الفلسطيني والليبي.
الزيارة بين قراءتين
يرى البعض أن القاهرة أجبرت واشنطن على إعادة النظر في العلاقات معها في ظل الدور الذي لعبته في المنطقة خلال الآونة الأخيرة، وعليه جاءت الزيارة لترتيب الأوراق بشأن الملفات المشتركة في الشرق الأوسط التي تمثل صداعًا في رأس النظام الأمريكي خلال السنوات الماضية.
أما القراءة الثانية فربطت بين موعد الزيارة وأحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات الإخوان المسلمين هذا الأسبوع من جانب، ومطالب أعضاء الشيوخ بمساءلة القاهرة عن تورطها في قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ويأمل أنصار تلك القراءة أنفسهم بأن تكون هناك محاسبة ومساءلة للنظام المصري عبر رئيس جهاز مخابراته بشأن الانتهاكات التي تمارسها السلطات المصرية بحق المعارضين، ودعمها للأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، للضغط من أجل إعادة النظر في تلك الممارسات الإجرامية والعدول عنها.
الصقور الأمريكية والجهات السيادية في البيت الأبيض يعلمون جيدًا أن أمن واستقرار “إسرائيل”، حليفهم الأقرب، لن يكون إلا عبر البوابة المصرية، التي يمكن استخدامها بين الحين والآخر لتخفيف الضغط على تل أبيب، إما بتضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية وإما التدخل سياسيًا للحيلولة دون أي تحركات من شأنها أن تهدد أمنهم وسلامتهم
لغة التواصل العملية
فرضت القاهرة نفسها كمفتاح رئيسي لخفض التوتر في منطقة الشرق الأوسط، حيث مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وعليه جاء هذا التحول البرغماتي، هكذا علق وزير الخارجية السابق محمد العرابي على التغير الذي شاب الموقف الأمريكي حيال نظام السيسي.
وأضاف الدبلوماسي المصري “قضايا سد النهضة وغزة وليبيا والعراق، التي ناقشتها مكالمة بايدن والسيسي، جميعها ملفات تتعلق باستقرار المنطقة وخفض التوتر الناشئ عن استمرار هذه المشكلات” بحسب تصريحاته التي أدلى بها لصحيفة “الأهرام” المصرية.
الرأي ذاته اتفق معه فيه أستاذ علم الاجتماع السياسي سعد الدين إبراهيم، الذي أكد “أن المصالح المشتركة وأزمات المنطقة تذيب فتور بايدن تجاه السيسي”، لافتًا إلى أن المصالح بوصلة الدول وليست التوجهات العامة الأولية، منوهًا أن “بايدن من الواضح أنه اكتشف، بعد فترة من البرود، أن لديه مصالح مشتركة مع مصر، منها تهدئة الأمور في الشرق الأوسط، ومحاولة تأكيد استقرار مبني على التفاهم وعلى التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وعن احتمالية أن يكون لـ”إسرائيل” دخل في هذا التقارب المفاجئ، استبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري تلك الفرضية، مبررًا ذلك بأن “إسرائيل لم تلق في المواجهة الأخيرة تأييدًا أعمى من الولايات المتحدة والغرب، كما كانت تستعرض بالقوة وتحظى بتأييد مطلق في السابق”، في إشارة إلى إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
زيارة جني المكاسب
بجانب المكاسب الدبلوماسية التي حصلت عليها مصر مؤخرًا بشأن مستوى الخطاب المتبادل بين واشنطن والقاهرة، وكسر البرود السياسي بين البلدين، فهناك مكاسب من نوع آخر قد يحصل عليها رئيس المخابرات المصرية خلال تلك الزيارة.
صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها أمس 22 من يونيو/حزيران، كشفت اقتراحًا تقدمت به الإدارة الأمريكية بشأن حزمة مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار، تدرج في ميزانيتها الدفاعية القادمة (كمكافأة على الدور المصري الأخير في الملف الفلسطيني)، دون الالتفات إلى الضوابط الخاصة بالوضع الحقوقي في مصر، وهو الملف الذي كان مثار جدل وبسببه طالب الكثير من النواب بوقف المساعدات المقدمة للقاهرة.
الدلالات التي تحملها تلك الخطوة تنسف بشكل قاطع مزاعم إدارة بايدن بشأن أهمية الشأن الحقوقي في بلورة خريطة تحالفات بلاده الخارجية، بما يتماشى مع الخطاب القيمي والأخلاقي الذي روج له الرئيس الديمقراطي خلال حملته الانتخابية، وهو ما وصفته الصحيفة الأمريكية بأنه “شيك على بياض” جديد يمنحه بايدن للسيسي كما فعل ذلك سلفه ترامب.
وأضافت الصحيفة أن واشنطن “يجب أن تخجل من توقيت الزيارة، فبينما تقول الإدارة إن الدفاع عن حقوق الإنسان أمر أساسي لسياستها الخارجية، تأتي الزيارة بعد أسبوع فقط من تصديق محكمة في القاهرة على أحكام الإعدام بحق 12 سجينًا سياسيًا، ومعظم المدانين شخصيات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، التي فازت بالعديد من الانتخابات الديمقراطية في مصر بعد عام 2011 قبل إطاحة حكومتها بانقلاب عسكري عام 2013 بقيادة السيسي”، وتابعت “يجب أن يسأل كبار المسؤولين الأمريكيين وأعضاء الكونغرس، عباس كامل عما إذا كان رئيسه ينوي شنق عشرات المعارضين السياسيين الذين كانت جريمتهم دعم الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا التي أطاحها”.
الزيارة تعكس اعترافًا أمريكيًا واضحًا بالدور المصري في المنطقة، على اعتبار أنها الدولة الأكبر نفوذًا في الملف الفلسطيني يليه الليبي، وأن أي اتفاق – سياسي كان أو عسكري – بشأن تلك الملفات لا بد أن يمر عبر بوابة القاهرة، وهو الهدف الذي كان يخطط له السيسي لتثبيت أركان نظامه في الشرق الأوسط بما يعزز شرعيته التي سعى جاهدًا لترسيخها بعد سنوات من التشكيك فيها.
وتعاني القاهرة من موقف متأزم حيال ملف سد النهضة في ظل التعنت الإثيوبي، خاصة بعد الضعف الذي أحل بهذا الموقف بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ 2015، وعليه يجد كامل في هذه الزيارة فرصة للحصول على الدعم الأمريكي في هذا الملف الذي تحول إلى مسألة أمن قومي لملايين المصريين.
أما فيما يتعلق بالجانب الأمريكي، فإن كسب التأييد المصري يضمن بقاء المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط في مأمن إلى حد ما، لا سيما فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب والملفات التي تتشابك فيها مصالح البلدين، خاصة في ظل صراع النفوذ بين واشنطن من جانب وبكين وموسكو من جانب آخر.
النفوذ الذي حققته روسيا والصين في الشرق الأوسط خلال سنوات حكم ترامب ساهم بشكل كبير في تهديد مصالح أمريكا، وقوض سلطاتها في تلك المنطقة التي كانت تحت سيطرتها لعقود طويلة، وسحب البساط من تحت أقدام واشنطن فيما يتعلق بخريطة الحلفاء، البداية كانت من تركيا ثم مصر، حيث التقارب الواضح للمعسكر الشرقي على حساب الغربي في السنوات الأخيرة، وعليه تسعى الإدارة الأمريكية لكسب الموقف المصري ومحاولة إبعاده قدر الإمكان عن هذا المعسكر.
الملف الحقوقي كان حاضرًا في المكالمتين، لكن اللهجة ومستوى الحماسة هو ما تغير، فقد هدأت نبرة التشديد على التمسك وتراجعت درجة حرارة الانتقادات
الصقور الأمريكية والجهات السيادية في البيت الأبيض يعلمون جيدًا أن أمن واستقرار “إسرائيل”، حليفهم الأقرب، لن يكون إلا عبر البوابة المصرية، التي يمكن استخدامها بين الحين والآخر لتخفيف الضغط على تل أبيب، إما بتضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية وإما التدخل سياسيًا للحيلولة دون أي تحركات من شأنها أن تهدد أمنهم وسلامتهم.
وفي هذا السياق يرى الكاتب الصحفي يحيى غانم أن مصر في وجهة النظر الإسرائيلية ليست سوى “ضامن وضابط لأمن الحدود، مع الحفاظ على طبيعة الحكم في مصر بشكله الشمولي القائم منذ خمسينيات القرن الماضي، لأن هذا النوع في العلاقات أسهل في التوجيه والسيطرة والتأثير”، وعليه كانت القاهرة هي الأقدر في التعامل مع الأزمة التي نشبت بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، “مقارنة بأي طرف إقليمي آخر حاول أن يلعب دورًا بديلًا عن دور مصر وتحديدًا الإمارات”.
وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية قد نشرت تقريرًا مطولًا تحت عنوان “هل تخطط مصر لاستعادة السيطرة على قطاع غزة؟”، طرحت فيه تساؤلات عن نوايا مصر بشأن “إعادة حكمها” على قطاع غزة، بعد انتشار الجرافات والمعدات الخاصة بإعادة إعمار القطاع جراء القصف الإسرائيلي الأخير، وما أثير بشأن تخطيط مصري أمريكي لفرض الرقابة على تحركات المقاومة في غزة بما يخدم الاحتلال.
الصحيفة نقلت عن مصادر فلسطينية تخوفاتها بشأن دوافع الوجود المصري في القطاع، فقد ذهب البعض إلى أن “وجود فرق البناء المصرية في قطاع غزة يعني أن حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى لن تتمكن من استئناف الهجمات الصاروخية على إسرائيل”، كما نقلت عن صحفي فلسطيني قوله: “هناك شائعات كثيرة عن أن المصريين يخططون للعودة إلى قطاع غزة، الكثير من الناس هنا مقتنعون بأن أعمال إعادة الإعمار التي ترعاها مصر هي جزء من خطة لتمهيد الطريق لوجود أمني مصري دائم في القطاع”.
ماذا عن الملف الحقوقي؟
البرغماتية البايدنية في التعامل مع مصر لا يمكنها أن تتجاهل بالكلية الملف الحقوقي، لما قد يترتب على ذلك من تشويه الصورة المضيئة التي يحاول بايدن أن يصدرها عن بلاده، سواء لأنصاره في الداخل أم المجتمع الدولي، وهو ما يمكن قراءته في الاتصالين الذي أجراهما مع السيسي خلال أزمة غزة.
الملف الحقوقي كان حاضرًا في المكالمتين، لكن اللهجة ومستوى الحماسة هو ما تغير، فقد هدأت نبرة التشديد على التمسك وتراجعت درجة حرارة الانتقادات، إذ اكتفى بايدن بالتشديد على “أهمية الحوار البناء عن حقوق الإنسان في مصر” وربطها بيان البيت الأبيض بـ”التأكيد على التزامهما بشراكة قوية ومثمرة”.
تواجه إدارة بايدن ضغوطًا داخليةً شديدةً حيال الانتهاكات الحقوقية في مصر، والمطالبة باتخاذ موقف حازم تجاه النظام في القاهرة، وآخر تلك الضغوط ما نشره موقع “ياهو نيوز” بشأن إعداد بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي لاستجواب رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، خلال زيارته لواشنطن هذا الأسبوع، بخصوص اتهامات بمشاركة الجهاز باغتيال خاشقجي، عبر تزويد فريق الاغتيال بمواد مخدرة.
الصمت الأمريكي الراهن حيال الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها السلطات المصرية ربما يعطي الضوء الأخضر لها لارتكاب المزيد من تلك الجرائم
التقرير الذي نشره الموقع في 14 من يونيو/حزيران الحاليّ كشف أن الطائرة السعودية التي أقلت الفريق السعودي الذي قتل خاشقجي، هبطت في مطار القاهرة للحصول على مواد مخدرة لاستخدامها في عملية القتل، فيما أشارت المديرة التنفيذية لمنظمة “الديمقراطية في العالم العربي الآن” (DAWN)، سارة ليا ويتسن أن “التقارير التي ظهرت عن قيام السلطات المصرية بتقديم الأدوية القاتلة التي استخدمت في إعدام جمال خاشقجي صادمة”، و”يجب أن يكون هناك تحقيق في الكونغرس” بهذا الشأن.
فتح المجال أمام مساءلة رئيس المخابرات المصرية عن اغتيال خاشقجي – إن تم بالفعل – ربما يمتص غضب النشطاء الحقوقيين وأعضاء الكونغرس المنتقدين للانتهاكات الحقوقية المصرية، ويحسن صورة بايدن بشأن منظومته القيمية والأخلاقية التي يتشدق بها بين الحين والآخر.
فريق يرى أن الهدف الرئيسي من تلك المساءلة – الصورية – توظيف هذا الملف للضغط على القاهرة، والتأثير على القرار السياسي مستقبلًا حيال بعض الملفات، وهو ما ألمح إليه بصورة غير مباشرة النائب توم مالينوفسكي، نائب وزير الخارجية السابق لحقوق الإنسان، الذي قال لموقع ياهو نيوز: “أود أن يعرفوا (في إشارة للمصريين) أننا نعلم أنهم ساعدوا السعوديين في قتل صحفي مقيم في الولايات المتحدة”.
روزنامة الملفات والمصالح المشتركة التي تجمع بين واشنطن والقاهرة في هذه الظرفية التاريخية والسياسية الاستثنائية ربما تجبر إدارة بايدن على تنحية الملف الحقوقي جانبًا، وهو ما تترجمه العديد من المؤشرات على رأسها عدم صدور أي بيان إدانة أو تحفظ رسمي على أحكام الإعدام الصادرة هذا الأسبوع، مقارنة بما كان عليه في السابق.
الصمت الأمريكي الراهن حيال الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها السلطات المصرية ربما يعطي الضوء الأخضر لها لارتكاب المزيد من تلك الجرائم، في ظل تغليب المصالح على شعارات القيم والأخلاق، لكن على أي حال لا يمكن تنحية الملف الحقوقي نهائيًا، غير أنه سيظل من القضايا الجدلية المتوقع أن تبقى جانبية في سياق العلاقات، بغض النظر عن تطور العلاقة الإستراتيجية بين البلدين.