ترجمة وتحرير: نون بوست
في العاشر من حزيران/ يونيو، أقرّ وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، تنفيذ مشروع لتركيب مصعد كهربائي وبناء جسر جديد لتسهيل وصول المستوطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل الواقع جنوبيّ الضفة الغربية، حيث يترتب على المشروع مصادرة الأراضي المحيطة بالمسجد.
وفقا لصحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية، وجّه غانتس تعليمات للمنسق الإسرائيلي للأنشطة الحكومية في الأراضي المحتلة بإصدار ترخيص بناء للمشروع وإبرام عقد مع مقاول للشروع بالعمل واستكمال الإجراءات ذات الصلة. جاء قرار غانتس بعد رفض المحكمة العليا الإسرائيلية في 21 نيسان/ أبريل التماسا قدّمته بلدية الخليل لتجميد قرار الترخيص وبناء مصعد كهربائي داخل الحرم الإبراهيمي. أعطت المحكمة الضوء الأخضر للمجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية الإسرائيلية للمضي قدما في المشروع، كما وافقت المحكمة المركزية الإسرائيلية على مدّهم بالترخيص.
في الثالث من أيار/ مايو سنة 2020، صادق وزير الدفاع آنذاك ورئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت على أمر نزع ملكية يهدف للاستيلاء على بعض المناطق المجاورة للحرم الإبراهيمي في الخليل لتركيب المصعد الكهربائي. وبحسب الفلسطينيين، سيعزّز المشروع الجديد السيطرة الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي، الذي يُعتقد أنه أقيم على قبر النبي إبراهيم. ويرى الفلسطينيون أن المشروع الإسرائيلي سيغير من السمات المعمارية والتاريخية للموقع.
يبدو أن قرار المضي قدمًا في المشروع ينتهك بروتوكول الخليل، الذي وقعته السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” في سنة 1997، الذي منح سلطة التخطيط في المدينة للسلطة الفلسطينية. علاوة على ذلك، تمّ التوقيع على “بروتوكول الخليل” بعد مرور ثلاث سنوات من تنفيذ مستوطن لمجزرة بإطلاق النار على موقع الحرم الإبراهيمي في سنة 1994. وينصّ البروتوكول على تقسيم الخليل إلى قسمين؛ منطقة الخليل 1 التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية ومنطقة الخليل 2، حيث يقع المسجد الإبراهيمي، التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية. جاء في نص البروتوكول أن سلطة منح تراخيص البناء في جميع أنحاء الخليل بغض النظر عن المنطقة تعدّ من صلاحيات بلدية الخليل.
مع ذلك، استغلّت “إسرائيل” مذبحة سنة 1994، التي قتل فيها المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين 29 فلسطينيًا، لتقسيم الحرم القديم بشكل كامل، حيث أعطت حق الوصول الحصري إلى 66 بالمئة من إجمالي مساحته للمستوطنين الإسرائيليين والزوار اليهود. علاوة على ذلك، أقامت إسرائيل حواجز عسكرية على مداخل المسجد، وسيطرت على جميع بواباته وساحاته الخارجية.
هدم المستوطنون الإسرائيليون رفقة الجيش الإسرائيلي حيّا تاريخيّا فلسطينيّا تبلغ مساحته 400 مترا مربعا، يُعرف محليًا باسم حوش قفيشة وشريف، بالقرب من المسجد الإبراهيمي
في حديثه مع موقع “المونيتور”، قال رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، إن “مطامع إسرائيل بالمسجد الإبراهيمي تجلّت منذ اليوم الأول لاحتلال الخليل، حيث واصلت إقامة مشاريعها التهويدية في المسجد الذي يعتبر ذو قيمة وأهمية كبيرة للفلسطينيين منذ ذلك الحين. وفي الوقت الراهن، تحاول إسرائيل تغيير معالم الحرم الإبراهيمي بذريعة الشواغل الإنسانية من خلال بناء مصعد وجسر لمساعدة المستوطنين من ذوي الإعاقات”.
تابع أبو سنينة حديثه مشيرا إلى أن الموافقة على هذا المشروع من شأنها أن تقوّض صلاحيات بلدية الخليل باعتبارها الهيئة الوحيدة التي تتمتع بسلطة منح ترخيص لأي منشأة أو مبنى في المدينة، بموجب بروتوكول الخليل المبرم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وأضاف أبو سنينة أن “البلدية قدمت العديد من الاعتراضات إلى المحاكم الإسرائيلية ضد المشروع، إذ قُوبلت كلها بالرفض”.
في السابع من حزيران/ يونيو الحالي، وفي إطار عمليات التهويد الإسرائيلية، هدم المستوطنون الإسرائيليون رفقة الجيش الإسرائيلي حيّا تاريخيّا فلسطينيّا تبلغ مساحته 400 مترا مربعا، يُعرف محليًا باسم حوش قفيشة وشريف، بالقرب من المسجد الإبراهيمي.
في هذا الشأن، قال مدير المسجد الشيخ حفظي أبو سنينة لموقع “المونيتور” إن “الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي مستمرة. في الآونة الأخيرة، وافقت إسرائيل على تركيب مصعد وجسر عند مدخل المسجد بالإضافة إلى الاعتداءات اليومية التي تشمل منع رفع الأذان ومنع الكادر الفني من إصلاح الخلل في أسلاك مكبرات الصوت على سطح المسجد”.
نوّه أبو سنينة بالمشروع الجديد الذي يهدف إلى بسط النفوذ والسيطرة على مرافق المسجد الإبراهيمي وساحاته، مضيفا أن “إسرائيل ابتزت الأوقاف الإسلامية مؤخرًا. كما سمحت للفلسطينيين بإصلاح الخلل في أسلاك السماعات مقابل السيطرة على مقبرة اليوسفية داخل الحرم الإبراهيمي التي تضم مقام النبي يوسف”.
تجدر الإشارة إلى أن خطة “إسرائيل” للاستيلاء الكامل على الحرم الإبراهيمي تتعارض مع القوانين الدولية. وفي تموز/ يوليو سنة 2017، أدرجت اليونسكو المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل في قائمة مواقع التراث العالمي. لقد استفز المشروع الجديد الفلسطينيين، ما من شأنه أن يؤجج الأوضاع المحتدمة على أرض الخليل، حيث ظهرت تحركات شعبية ضد المشروع بالفعل. وفي 16 حزيران/ يونيو، أصدرت القوى السياسية والنشطاء الوطنيون في محافظة الخليل نداءً لمواجهة الهجمات الإسرائيلية وحماية الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة.
دعت هذه القوى في بيانها إلى تواجد يومي داخل الحرم الإبراهيمي والقيام بزيارات دائمة واسعة ومكثفة له في جميع الأوقات. فضلا عن ذلك، طالبت هذه القوى بمواصلة الأنشطة الشعبية المختلفة ضد “إسرائيل” والمستوطنين، وتنظيم احتجاجات في مواقع مختلفة، لا سيما عند مداخل المستوطنات في محافظة الخليل ومحيط البؤر الاستيطانية في قلب مدينة الخليل.
المشروع الجديد سيؤدي إلى ارتفاع في عدد غارات المستوطنين نظرا لأنه “سيسمح بالمزيد من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والدينية التي يقيمها المستوطنون في ساحات المسجد
من جهته، أكّد منسق لجنة الدفاع عن الخليل، هشام الشرباتي، على ضرورة الحفاظ على هوية وبنية الحرم الإبراهيمي المصنف ضمن التراث العالمي. وصرّح الشرباتي لموقع “المونيتور” قائلا إن “المشروع الإسرائيلي الجديد سيُحدث تغييرات في الهيكل والشكل المعماري لهذا المعلم الأثري، وسيعزّز، بالتالي، سيطرة المستوطنين عليه”.
في شأن ذي صلة، أشار الشرباتي إلى أن المشروع الجديد سيؤدي إلى ارتفاع في عدد غارات المستوطنين نظرا لأنه “سيسمح بالمزيد من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والدينية التي يقيمها المستوطنون في ساحات المسجد التي تسيطر عليها إسرائيل. في المقابل، ينبغي على الفلسطينيين الذين يريدون الوصول إلى الحرم الإبراهيمي المرور بما لا يقل عن نقطتي تفتيش عسكريتين”. وختم الشرباتي حديثه قائلا: “يعيش حوالي 1000 مستوطن في البلدة القديمة في الخليل، بالإضافة إلى المئات الذين يعيشون في منازل ومباني احتلوها حول البلدة القديمة، مقابل حوالي ستة آلاف فلسطيني”.
المصدر: المونيتور